الهوِيَّة أَسَاسُ الوَلاَء وَالإِنتمَاء لِلوَطَن

الهوِيَّة أَسَاسُ الوَلاَء وَالإِنتمَاء لِلوَطَن
الأحد 18 يناير 2015 - 23:55

السّنة الأمازيغيّة الجديدة2965

تُرجّح مُعظمُ المصادر، والمراجع، والمظانّ- كما هو معروف – أنّ كلمة ” أمازيغي” تعني الرّجل الحرّ أو النبيل في لغة الطوارق الأمازيغية ،ويؤكّد “الحسن بن محمد الوزّان” المعروف ب “ليون الأفريقي” صاحب كتاب “وصف إفريقيا”،وسواه ذات المعنى كذلك ، وبذلك تكون لفظة “الأمازيغ” تعني (الرّجال الأحرار)، وهم مجموعات سكنية تقطن المناطق الممتدّة بين واحة سيوة (غربي مصر) شرقاً ،إلى المحيط الأطلسي غرباً، ومن شمال البحر الأبيض المتوسط، إلى جنوب الصّحراء الكبرى ، وقد إحتفل الأمازيغ يوم 13 ينايرالجاري2015، فى مختلف هذه الضّيع ،والأرباض، والمناطق،والنواحي،والجهات، والبقاع، والأصقاع بهذا اليوم الموافق لفاتح السنة الأمازيغية الجديدة التي تصادف هذا العام الذكرى 2965، وحسب جلّ الرّوايات فإنّ هذا االإحتفال يُقرن بانتصار الأمازيغ، بقيادة ملكهم “شيشنق” أو “شيشونغ” على فرعون مصر عام 950 قبل الميلاد. ولطقوس ومظاهر هذه الإحتفالات صلات وثقى،وعلاقات وطيدة بخصوبة الأرض، وتطلّع الأمازيغ بأن تكون السّنة الأمازيغية الجديدة سنة فلاحية،خصبة،خيّرة،جيّدة ،معطاءة حافلة بالمنتوجات،والخيرات التي كا ن لها دائماً إرتباط وثيق بالأرض، ومن ثمّ ينبع حبّهم للأرض،ويتولّد تشبّثهم بها ، ودفاعهم عنها، كباقي السكّان من مختلف الأجناس، والأعراق، والإثنيات فى مختلف أنحاء المعمور.

ويشيرالأستاذ حسن إدبلقاسم، الخبير السابق لدى الأمم المتحدة حول حقوق الشعوب الأصلية:” أنّ طقوس إحتفالات الأمازيغ برأس السنة الأمازيغية لا يزال محتفظا بها في كلّ من المغرب، وبقيّة بلدان شمال أفريقيا وغربها، وفي موريتانيا، ومالي، والساّحل، حيث يوجد الطوارق، إضافة إلى نيجيريا”. فى حين يرى الأستاذ محمد حنداين، رئيس كونفدرالية الجمعيات الأمازيغية في المغرب (غير حكومية) :” أنّ الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة يدخل ضمن أساليب النضال الأمازيغي من أجل إقرار الحقوق الأمازيغية، لأنّ الاحتفال بالسنة الأمازيغية هو أحد الرّموز الأساسية التي إستثمرها المناضلون الأمازيغ لإبراز هويّتهم”. ويشير الأستاذ سعيد أهمان ضمن تحقيق نشرته جريدة” القدس العربي” اللندنيّة مؤخّراً حول هذا الموضوع :”أنّ معظم الباحثين يرجّحون أنّ “شيشنق” تمكّن من الوصول إلى الكرسي الفرعوني بشكل سلمي في ظروف مضطربة بمصر القديمة، حيث إستعان به مصريّون قدماء ضدّ الاضطرابات التي عمّت مصرَ القديمة جرّاء تنامي سلطة العرّافين والكهنة”. هذا وتجدر الإشارة فى هذا الصدد أنّ أمازيغ المغرب ما إنفكّوا يطالبون الحكومةَ بإلحاح فى مطلع كلّ سنة أمازيغية، و فى كلّ مناسبة لإقرار يوم فاتح السنة الأمازيغية من كلّ حَوْل يومَ عطلة رسمية مُؤدّى عنها وذلك تناغماً، وتماشياً مع إعتراف الدستور المغربي (2011) باللغة الأمازيغية كلغةٍ رسميّةٍ للبلاد إلى جانب اللغة العربية .

إحتفالات مكناس

وقد تمّ الإحتفال بهذه المناسبة فى المغرب فى مدينة مكناس التاريخية من طرف “جمعية الرّيف للتضامن والتنمية “(أريد)، ومركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسّلم” من 10 إلى 13 من شهر يناير الجاري2015، وقد تخلّل هذه التظاهرة الكبرى ندوات، وموائد مستديرة، ولقاءات بين أساتذة،وكتّاب، وخبراء متخصّصين ،فضلاً عن ممثلين لبعض الأحزاب السياسية، سواء المنضوية أوالمشاركة فى الحكومة، أو أحزاب المعارضة.حول مواضيع ذات أهمية بالغة مثل “الندوة الدّولية: الهويّة والديمقراطية”،و” ندوة وطنية تحت عنوان:”القضيّة الأمازيغية والرّهانات السياسية بالمغرب”،وقد أحيت كوكبة من الفنانين المغاربة والأجانب بهذه المناسبة سهرات كبرى منها مجموعات أكراف،وأشكاين،وتيفيور،والفنّان اللبناني الكبير مارسيل خليفة،كما تمّ خلالها تكريم بعض الشخصيّات المغربية فى مختلف المجالات، وإختتمت هذه الإحتفالات بإطلاق الشّهب الإصطناعية التي إزدانت بها ليالي مكناس الجميلة. وقد أختيرت هذه المدينة الفيحاء لتنظيم هذا الإحتفال لكونها كانت مَحجاً، ومَهبطاً، ومَقصداً،ومَقرّاً، ومُستقرّاً للعديد من الأسر، والعوائل الأمازيغية، وغير الأمازيغية من من مختلف مناطق، وأرباض،ونواحي، وجهات المغرب على إمتداد العصوروالدهور من بينهم بعض أبناء عمومتنا من “أجدير” الحصين بالقرب مدينة الحسيمة.. هذا كما تمّ الإحتفال بنفس المناسبة كذلك فى بعض المُدن ،والقُرى، والمَداشر،والعَشائر المغربية الأخرى.

المغربُ نموذجاً

يؤكّد الدّارسون أنّ تاريخ المغرب الزّاخر، وتراثه العريق مستوحيان من ينابيع مغربية أصيلة، وروافد وافدة متداخلة متعدّدة، وإن إختلفت مصادرها، وتباينت ينابيعها،وتعدّدت لغاتها،وألسنتها بين أمازيغية بربربة، وعربية إسلامية، وصحراوية حسّانية، وما فتئت العديد من النصوص، والوثائق، والمظانّ، وأمّهات الكتب والمخطوطات، والأشعار، والآداب، والفنون، والعلوم التي أبدعها كتّاب، وفلاسفة، وعلماء، و شعراء، ومؤلفون مغاربة أقاموا واستقرّوا، أو ولدوا وترعرعوا، فى هذا الرّبع القصيّ الجميل الكائن فى الشمال الغربي الإفريقي ، إلى جانب المعالم التاريخية، والمآثر العمرانية، والقلاع الحصينة، والدّور،والقصور،والجوامع والصوامع، والبساتين الفسيحة، والحدائق الغنّاء التي تُبهر الناظرين،التي شيّدت وبنيت شامخة فوق أرضه الطيّبة، فضلا عن العادات والتقاليد المغربية الحميدة التي تأصّلت في أعراف وذاكرة الشعب المغربي في مختلف مناحي الحياة، كلّ ذلك ما زال شاهدا إلى اليوم على مدى الأوج البعيد الذي أدركه الإشعاع الحضاري فى هذا البلد. فهذا الغيث الفيّاض المنهمر والمتنوّع من الإبداعات الرفيعة في مختلف الميادين لا يمكنه أن يحيا و ينمو و يزدهر من لا شئ، أو داخل حدود ضيّقة أومنغلقة، بل إنّه ظهر وترعرع وإزدهر ووقف مشرئباً،شامخاً إعتماداً على نبعه الأصيل، وإغترافاً من معينه الأوّل وهو تاريخ المغرب التليد، وتراثه العريق ، وثقافته المتميّزة، وموروثاته الحضارية ذات الّرّوافد الثقافية المتعدّدة والمتنوّعة الثريّة .

مُلتقىَ الحضارات

بحكم موقعه الجيوستراتيجي المتميّز كحلقة وصل، وآصرة وثقى، وملتقى الحضارات بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب يعتبر المغرب من البلدان التي حباها الله تعالى موقعاً ممتازاً ومتميّزاً على الصعيد الجغرافي، ممّا هيّأ لها أن تقوم بدور تاريخي وحضاري وثقافي مرموق فى الشمال الغربي الإفريقي،وفى الأندلس، وجنوب الصحراء الكبرى .

تميّز المغرب منذ أقدم العهود السحيقة بتعدّد حضاري وثقافي متنوّع ثريّ ، حيث تعاقبت عليه حضارات قديمة على إمتداد التاريخ، منها الحضارات الفينيقية،والبونيقية،والموريطانية، والرّومانية، فضلاً عن الحضارة الأمازيغية الأصلية ،وصولاً إلى الفترة الإسلامية التي تميّزت بإعتناق المغاربة للإسلام، وظهور أوّل دولة إسلامية بالمغرب، وهي دولة الأدارسة سنة 788م. وقد كان مؤسّس هذه الدولة إدريس الأوّل ابن عبد الله، الذي حلّ بالمغرب الأقصى،وإستقرّ بمدينة وليلي حيث إحتضنته قبيلة آوربة الأمازيغية، ودعمته حتى أنشأ دولته.وتعاقبت على المغرب بعد ذلك بالتوالي دول المرابطين،والموحّدين،والمرينييّن،والسّعديين،وصولاً إلى الدولة العلوية الحالية.

من المعروف أنّ السكان الأصلييّن الأمازيغ قد تفاعلوا وتمازجوا مع مختلف شعوب حوض المتوسّط، وإفرقيا ، كما ظهت على إمتداد تاريخ المغرب تأثيرات، وتفاعلات لشعوب مثل الفينيقييّن،والقرطاجيين، والرّومان، والوندال،(ينطق هذا الإسم فى اللغة الإسبانية فاندالوس) ثم البيزنطييّن، كما تفاعلوا فيما بعد مع العرب الوافدين مع الفتوحات الإسلامية ،ثمّ مع الحضارات الشرقية، وقد ظهرت سمات هذه التأثيرات في اللغة الأصليّة للأمازيغ لتي تمازجت مع اللغات الأخرى، ونتجت عنها فيما بعد العاميّة المغربية التي تمخّضت،وإنبثقت عن اللّغتين الأمازيغية والعربية ثمّ لحقتها كلمات وتعابير من لغات لاتينية دخيلة أبرزها الإسبانية والفرنسية، الشئ الذي جعل المغرب يحظى بتنوّع ثقافي، وتعدّد لغوي أسهم بقسط وافر في إغناء هوّية سكّانه على إختلاف مشاربهم وشرائحهم وتعدّدها وتميّزها، دستور 2011 أقرّ هذه هذه التأثيرات والمكوّنات المستحدثة للتنوّع الثقافي واللغوي المغربي،. كما تمّ فى هذا السبيل إنشاء المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، لتنمية مكوّنات الهويّة المغربية الأمازيغية ،والعربية ،والحسّانية وصونها، مع روافدها التي هبّت عليها من إفريقيا، والأندلس، فضلا عن رافد حوض المتوسط، وسواها من التأثيرات الأجنبية الأخرى الوافدة.

تتعدّد الإثنيات

المغرب إذن بلد متعدّد الأعراق والإثنيات، وهو يزخر بثقافة متنوّعة، وحضارة ثريّة. تمتدّ جذورها فى عمق تاريخه الطويل، بالإضافة إلى سكّانه الأصليين من الأمازيغ ، فقد توافدت عليه العديد من الهجرات المتوالية القادمة من المشرق، ومن جنوب صحراء إفريقيا، ومن الشّمال، وكان لكلّ هذه المجموعات والفئات البشرية أثر كبيرعلى التركيبة الإجتماعية للمغرب التي عرفت معتقدات سماوية منذ أقدم العهود ، كاليهودية، والمسيحية، وأخيراً الإسلام. ولكلّ منطقة من المناطق المغربية خصوصيّاتها التي تتميّز بها عن سواها من المناطق الأخرى، وقد أسهمت هذه الخصوصيّات في صنع فسيفساء الثقافة المغربية، ووضع الإطار المتميّز والمتنوّع للإرث الحضاري المغربي،الذي أصبح ذا طابع معروف فى العالم أجمع.

للتنوّع الثقافي والحضاري المغربي خصوصيّات ، وعناصر متعدّدة مكوّنة لنسيجه الإجتماعي على إختلاف مناطقه وجهاته، ومن أبرز هذه المكوّنات والعناصر التي تطبع هذه الأنسجة الحضارية الثريّة ذات الألوان الفسيفسائية المتنوّعة العنصر البشري ،واللغوي، والثقافي ،حيث تنطوي تحت هذه العناصر برمّتها مكوّنات فى العديد من المظاهر الثقافية،والحضارية التي تطبع المغرب بطابع خاص ومميّز.

يرى البعض أنّ المغرب يعتبر دولة أمازيغية- عربية . ويصرّ آخرون بإلحاح على الهويّة الأمازيغية – الإفريقية للمملكة المغربية ، ويعترف العديد من المغاربة بالهويّة الأمازيغية للبلاد،. إنطلاقاً وتأسيساً على اللغة،والعرق،والجنس،والأصل، والعادات، والتقاليد، والثقافة، كلّ أولئك يكوّنون الهويّة التي تميّز كلّ منطقة عن أخرى .فعلى الرّغم من أنّ الأمازيغ قد اعتنقوا الإسلام،وتعلّموا اللغة االعربية وأجادوا وألّفوا وأبدعوا فيها ، إلاّ أنهم صانوا، وحافظوا على إرثهم الثقافي المتواتر ، وتقاليدهم ،ولغتهم وعاداتهم،وأمثالهم،وحِكَمهم،وفنونهم، وعوائدهم التي يتباهون ويتغنّون فيها بالحياة الكريمة،والحريّة، والكرامة. ويعترف الدستور المغربي بالعربية والأمازيغية كلغتتين رسميتين للبلاد، ولقد إستعملت لغة الضاد بدون إنقطاع فى مختلف مناطق المغرب وأرجائه فى الفقه،والتشريع،والأحوال الشخصية، والتدريس، والتأليف، والتدوين، والتصنيف،والمراسلات الرسمية، وفى مختلف فروع وحقول العلوم على تباينها ، فضلا عن إستعمالها فى والإدارات،والبلاطات على إمتداد العهود التي تعاقبت على تاريخ المغرب منذ الفتح الإسلامي إلى اليوم .

إبداع وإبتكار

يعتبر فنّ العمارة فى المغرب من الفنون الإسلامية التقليدية العريقة، التي كانت ولا يزال لها أبرز الأثر في كثير من المظاهر الحضارية، والمآثر والإبداعات العمرانية منذ مئات السنين وإلى عصرنا الحاضر، وتقف هذه المآثر فى مختلف ربوع المملكة شامخة بكل ألون الإبداع والفن والإبتكار، و من أبرز تلك المعالم الإبداعات المغربية الخلاقة فنون العمارة التي تنتشر فى مختلف مدنه، وحواضره الألفية، نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر صومعتي الكتبية بمراكش، وحسّان بالرباط .إلى جانب أختهما التّوأم الثالثة “لاخيرالدا ” الكائنة بمدينة إشبيلية بإسبانيا.والتي هي من بناء الموحّدين المغاربة كذلك ، وما فتئت هذه الصّوامع الثلاث تستقطب إهتمام السياح من كل صوب وحدب،ومن مختلف أرجاء المعمور، وتحظى بإعجابهم ، وإنبهارهم إلى يومنا هذا سواء فى المغرب أو فى إسبانيا. بالإضافة إلى العديد من المعالم المعمارية والمآثر الحضارية الأخرى نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر كذلك المدرسة البوعنانية بفاس، ومقابر السّعديين بمراكش، و سواهما من المعالم والمآثر،والمباني والقصوروالقلاع، والحصون،والأبواب الشامخة، والأضرحة والمساجد الكبرى التاريخية منها والحديثة الكثيرة التي تملأ مختلف ربوع البلاد . وتتميّز هذه المباني المعمارية،والمآثر العمرانية وسواها بطابعها المغربي الخاص المتميّز ذي الأسقف الخشبية المنقوشة، كما يتجلّى هذا الطراز المغربي المعماري بشكل جليّ فى الأثاث، والأسقف ، والأعمدة الرخامية، والزلّيج الملوّن أو الأبواب، وإستعمال الموزاييك ذي الرسوم، والألوان، والخطوط البديعة الزاهية، التي تقدم تنوّعا رائعا من الأشكال التي قد توحي للناظر إليها بأبهى صور الطبيعة، وروعة جمالها. ومن المثير أن كلّ هذه القِطَع تجمع واحدة ، واحدة، وتثبّت بالإسمنت والجير لتكوّن لوحات من الفسيفساء التي غالبا ما تزيّن جدران القصور،والدّور، والمساجد، والحدائق ،والجوامع، والصوامع، والأعمدة،والأقبية، والأحواض، والنافورات إلخ. ولا تزال تحتفظ مختلف هذه البناءات بهذه الخاصّيات المميّزة فى فنّ النقش على الجبس في المغرب إلى يومنا هذا . وتشترك أو تتقاسم هذه المعالم العمرانية فى الرّوعة، والبهاء،والحُسن الفنونَ المعمارية الأندلسية التي إزدهرت، وتألّقت هي الأخرى بشكل مثير للإعجاب على إمتداد الأحقاب خلال الوجود العربي والأمازيغي الإسلامي فى شبه الجزيرة الإيبيرية فى إسبانيا بشكل خاص.

ثراءٌ وتنوّع

من المظاهر الحضارية الرّاقية التي تميّز التعدّد الثقافي المغربي فنّ الطبخ الذي يعتبر منذ القدم من أكثر المطابخ تنوّعا وشهرة في العالم. ويرجع الفضل فى ذلك إلى تفاعل المغاربة على إمتداد التاريخ مع العالم الخارجي منذ قرون بعيدة خلت . ويتميّزالمطبخ المغربي بثرائه،وتنوّعه،وإبتكاراته وإبداعه، وتعدّد مصادر تكوينه فهو مزيج من المطبخ الأمازيغي الأصيل، والأندلسي، والعربي، والمطبخ التركي العثماني، والمغاربي، والشّرق أوسطي، والأفريقي.وهو يستقي أصوله وتأثيراته كذلك ولا شكّ من مختلف الحضارات المتباينة التي نشأت، وترعرعت،وسادت فى حوض البحر الأبيض المتوسّط، والتي تعاقبت على المغرب منذ أقدم العصور،والدهور. واشتهرت العديد من المدن المغربية الكبرى منها والصّغرى على إختلافها بفنون الطبخ، وإعداد أشهى الأطعمة ، والحلويّات التي بوّأت المغرب منزلة عليا بين الأمم ،وشهرة عالمية فى هذا القبيل .

الفنون الشّعبيّة

ويحفل المغرب بثراء واسع بمختلف الفنون الشعبية، والعديد من المهرجانات الفلكلورية على إمتداد رقعته الجغرافية المترامية الأطراف ، حيث تقدّم عشرات الفرق داخل الوطن المغربي وخارجه لوحات رائعة، وتعكس هذه الفنون الإبداعية الفطرية والفنية على إختلافها، وتنوّعها، وتعدّدها بشكل جليّ غنى وتنوّع هذا التراث الزّاخر، و مدى عراقة الشعب المغربي وتعدّد إثنيياته وثراء فنونه ، والفلكلور المغربي زاخر بالمواهب ، حافل بالأصالة وهو يعتمد فى الغالب على النّغمات والإيقاعات الرّخيمة والمتناغمة، التي تستقي مادتها الأولى ،وعناصرها الأساسية من الفنّ الشعبي المرتبط بالبيئة ،والأوساط القروية،والبوادي ، والمداشر ، والضّيع،والأرباض، والمجتمع كيفما كانت أنواعه وأنماطه. الشيء الذي يزيد من أهميته وغناه من حيث الكمّية والنوعية،والشكل والمضمون فى آنٍ واحد، وهكذا نجد رقصات،ولوحات فنية مثل: طرب الآلة، والطرب الأندلسي، والغرناطي، والموشّحات،وفنّ الملحون، والأمداح، والفن الأمازيغي، ورقصة وغناء اكناوة ورقصات أحيدوس، والركادة ،وغيرها من الفنون والرّقصات الشعبية الأخرى المعروفة التي لا حصر لها .

لباسُك يرفعك..

ويحتلّ اللباس القليدي المغربي مكانة مرموقة فى عالم الموضة فى مختلف أنحاء المعمور، وهو جزء لا يتجزّأ من التراث المغربي الأصيل الذي يعتبر أحد المقوّمات البارزة للحضارة المغربية، وهو من أبرز المظاهر الحضارية لبلادنا ورمز رقيّها وتميّزها ، كما أنه إنعكاس واضح للتعدّد والتنوّع اللذين يميّزان الثقافة المغربية الأصيلة .

ويعتبر”القفطان” المغربي من أقدم الألبسة التقليدية وأرقاها فى المغرب، ويؤكّد المؤرّخون أنّ ظهوره يعود إلى عصر المرينييّن، وكان هذا االزيّ منتشراً كذلك فى الأندلس، ويعتبر المغاربة قفطانهم رمزاً بارزاً من رموز ثقافتهم التقليدية الشعبية الأصيلة ، ومهما تنوّعت أصناف الألبسة المتوارثة، وتعدّدت أشكال الأردية التقليدية، تظلّ للتكشيطة الغلبة بخاصّيتها التي لا منافس لها فى عالم الأزياء، بل إنها تعتبر مفخرة النساء المغربيات فى كلّ مكان وزمان اللاّئي ما فتئن يفضّلن إختيارها وإرتدائها كزيّ تقليدي عريق وأصيل، بدل التصميمات والتقليعات العصرية الحديثة الوافدة التي تقذفها الموضة العالمية كلّ يوم. وتتميّز كلّ مدينة أو منطقة فى المغرب بأسلوب خاص بها إنطلاقاً من أقصى شمال المغرب إلى أقصى جنوبه ،ومن شرقه إلى غربه ،حيث تتباهى المرأة المغربية فى مختلف المناطق، والأقاليم،والجهات،والضواحي، والأرباض من جهة، بلباسها التقليدي الأصيل وتعتزّ به إعتزازا كبيرا، حيث تتنوّع، وتتعدّد أساليب الخياطة والإبتكار، وأنماط الطرز،والحياكة، والإبداع فيه من جهة إلى أخرى .

خزائن الذّاكرة

وتختزن المتاحف المغربية المنتشرة فى العديد من المدن المغربية مختلف المظاهر الحضارية والثقافية التي تعاقبت على البلاد منذ أقدم العصور حفاظاً على الذاكرة الجماعية لمختلف جهات ومناطق المغرب ، وتضطلع هذه المتاحف بدور حيوي في حماية الموروثات الثقافية وحفظها، وصونها والتعريف بها ،إلى الجانب دورها التثقيفي، والتعليمي، والترفيهي والسياحي، وقد أنشئت فى البلاد العديد من المتاحف فى مختلف حقول المعرفة، وفروع العلم والإبداع. والصناعات التقليدية . وتتعدّد المتاحف من أركيولوجية، وإثنوغرافية، إلى متاحف متخصّصة وهي تقدم برمّتها على تنوّعها لزوّارها، وروّادها وللطلبة والدارسين والمتعطشين للعلم والمعرفة صوراً،وأشكالاً، ولمحات تسلسلية عن تاريخ المغرب، وتطور فنون الإبداع ، وتواتر العادات، وتوارد التقاليد فيه عبر العصور، إلاّ أنه تنبغي الإشارة فى هذا الصدد أنّ هناك مناطق عديدة فى المغرب ما زالت تفتقد وتفتقر إلى متاحف من هذا القبيل لحفظ موروثاتها، وصَوْن تاريخها، وصَقل وتخزين ذاكرتها الجماعية المشتركة وشحذهها، وتجديدها،منها منطقة الرّيف الشاسعة التي لا يوجد بها حتى اليوم مُتحف واحد من هذا النّوع.

والمغرب، بعناصره التعددية والمتنوّعة يتوفّر على أرضية ثريّة فسيحة أسهم فى رسمها تاريخ البلاد ممّا جعلها تتميّز بشخصية خاصّة ذات كيان قائم الذات منذ قرون عديدة خلت ، ومركزَا هامّا من مراكز الإشعاع الحضاري الذي يسهم بقسط وافر في التطوّر الإنساني على مستويات الفكر والإبداع،الثقافة، والعلم والعرفان، والأخلاق، والعمران، فى تلاؤم وتناغم متكاملين بين مختلف العناصر والمقوّمات والمكوّنات الأخرى التي تجعل منه بلداً ذا شخصيّة متميّزة متفرّدة فى المنطقة المغاربية والعالم العربي وإفرقيا .

التّاريخ لا يُقرأ في هُنيهة

الحديث عن التعدّد الثقافي والتوّع الحضاري فى المغرب يحلو و يطول، والتاريخ لا يُقرأ في هنيهة، إنّ الزّائر الذي يأتي لهذا البلد يلمس التاريخ حيّا نابضا قائما في كل مظهر من مظاهر الحياة فيه، دراسة هذا التاريخ، والتعمّق فيه وإستخراج العناصر الصّالحة منه أمر لا مندوحة لنا عنه، ينبغي أن يُولىَ أهميّة قصوى ،وعناية فائقة ، من طرف مختلف الجهات العلمية والتاريخيىة التي تُعنى بهذه المواضيع للتعريف بهذه الذخائر، ونشر الوعي وتأصيله بشأنها لدى أبناء جلدتهم ليكون المستقبل الذي يتوقون إليه مستقبل رقيّ وأوج،وإشراق وتلاق بين ماض عريق، وحاضر واعد ، ولعمري إنّ لفي ذلك تجسيدا وتجسيما للعهود الزّاهرة التي عاشها الأجداد على إمتداد العصور الحافلة بالعطاء الثرّ ، والتعايش والتسامح، والإشعاع الثقافي والعلمي البّاهر الذي شكّل وما يزال جسرا حضاريا متواصلا بين الشرق والغرب، وبين مختلف الأجناس، والإثنيات ،والملل، والنحل، والديانات فى هذا الصّقع القصيّ الجميل من العالم.

هذا ومن العلامات المضيئة لهذا الإنفتاح والتنوّع الحضاري، والتبادل الثقافي والتثاقفيالذي عرفته البلاد فى ماضيها المشرق، العديد من العلماء، والمفكرين، والفلاسفة، والشّعراء، والفنانين، والموسيقيّين الذين عاشوا فى الأندلس ثم إنتقلوا إلى المغرب و العكس صحيح ، والأمثلة كثيرة وافرة، والأسماء لا حصر لها فى هذا القبيل، وحسبنا أن نشير فى هذا المقام إلى إسمين بارزين فى التاريخ المشترك للمغرب والأندلس، وهما الفيلسوف الجهبذ، الفقيه العلاّمة إبن طفيل صاحب ” حيّ ابن يقظان”، وتلميذه قاضي إشبيلية ،وعالمها، وطبيبها، وفيلسوفها الذائع الصّيت أبو الوليد محمّد بن رشد اللذين إستقبلتهما مراكش بحفاوة منقطعة النظير ، وبوّأتهما أعلى الأرائك، وأرقى المراتب،وأرفعَ المنازل، وملكتهما من أعنتها وقيادتها فاستطاب لهما العيش فيها واسترغداه، وأصبحا صاحب الأمر فى البلاد، ولقد وافتهما المنية فى مدينة مراكش .

يشير الباحث الجامعي محمّد شطاطو فى التنوّع والتعدّد الثقافي فى المغرب: ” إذا كان المغرب بلدا غنيّا بتعدّده الثقافي واللغوي،هل يمكن لنا أن نقول إنه بلد متعدّد الثقافات ، وأنّ المغربي العادي له حسّ التعدّدية الثقافية..؟ ما هو مؤكّد أنّ التسامح وقبول الآخر بإختلافاته يعدّان من خصائص ثقافته،إنّ هاذين المفهومين لهما أهمية كبيرة راهنا يدخلان ضمن مقوّمات شخصية عند الشعب المغربي،ومن ثمّ، فبالنظر لما يسود عالمَنا اليوم من إرهاب وكراهية وعنف وخوف من الآخر، فيبدو من الأهمية بمكان تحليل التعدّدية الثقافية بالمغرب، وإبرازها من الزاوية التاريخية لهذا البلد .إنّ التعددية الثقافية الدينامية مقاربة ثقافية غير حصرية ، وتسمح لثقافة مّا بقبول مداخل ثقافة أخرى وهضمها وإستيعابها”.

الخلاصة

والخلاصة، فإنّه فى بلدٍ مثل االمغرب، لا يمكن تقوية الحوار ، وإحترام التنوّع الثقافي، والتعدّد الإثني،كما لا يمكن لهما أن يصبحا واقعاً حقيقياً ملموساً على الصعيدين المحلّي،والعالمي إلاّ إذا أمكن تبنّي مبدئيهما، وترسيخهما، وفسح المجال لتحقيق أهدافهما،ومراميهما النبيلة من طرف كلّ مواطن،ومواطنة. و ذلك إنطلاقاً من الموروثات التاريخية المتعدّدة العريقة والأصيلة فيه، وَصَوْن هويّته العريقة القائمة على تواصل التفاعل الإيجابي، وتجدّده بين مقوّمات الوحدة والتنوّع، والمزج والتآلف بين روافد،ومنابع ،ومناهل هذه الهويّة ، والتشبّث بالقيم الإنسانية والكونية.وترسيخ ميثاق حقيقي لضمان وتأكيد الحقوق،وتبيان الواجبات، وتأصيل الحريّات الأساسية،والتشبّث بقيم،ومبادئ الإنفتاح، والإعتدال،والتسامح،وتأصيل الإحترام المتبادل بين الأفراد والجماعات، ونشر الحوار، والتفاهم المتبادل بين مختلف الثقافات، والحضارات الإنسانية، فضلاّ عن تلاحم وتنوّع مقوّمات الهويّة الوطنية الموحّدة،وانصهار،وتمازج كلّ مكوّناتها، العربية الإسلامية ،والأمازيغية الأصيلة، والصّحراوية الحسّانية، الثريّة بروافدها، ومنابعها الأفريقية، والأندلسية ، ومن فيض مختلف روافد ،وينابيع حضارات، وثقافات حوض البحر الأبيض المتوسّط.

مُجمل القول

ومُجملُ القول إنّ واقعنا المُعاش فى الوقت الرّاهن يحتّم علينا المزيد من التعارف، والتآلف، والتقارب،والتداني، والتصالح،والتصافح، والتكتّل والإندماج،وإقصاء،ونبذ،وتجاوز كلّ منظور فكري ضّيق،ومعتم يعتبر المجتمعات مجرّد دول،وشعوب، وجماعات، وأجناس، وإثنيات،متفرّقة، مشتّتة، متباعدة، متنابذة، تتعايش، وتتبارى، وتتنافس فيما بينها، والتّوْق إلى تبنّي،وإقرار،وتأصيل،وتأثيل،وترسيخ،وتأكيد مفهوم أوسع فضاءً، وأنجع ثراءً،وأفسح معنىً ،وأكثرشمولية،وأجدى إيجابية يجعل من هذه الشعوب ،والمجتمعات، والجماعات، لبناتٍ ثابتة،وجذوراً راسخةً، ومتنوّعة لكيانٍ واحدٍ مشتركٍ، ومتماسكٍ، قائمِ الذّات،تتجلّى، وتتبلور،وتتجسّم فيه أحلى، وأجلى،وأرقى،وأنقى، وأبهى،وأروع معاني الإنسانية،والتوحّد،والشمول،دون التهميش،أوالتناسي،أوالتفريط قيد أنملة فى الحقوق المُصانة،، والمطالب المشروعة لأيِّ مكوّنٍ من هذه المكوّنات الأساسيّة التي بدونها، ولولاها لأنفرط العِقدُ، وتناثرتْ حبّاتُه، ولتهاوىَ الصَّرْحُ، وإنشرخت لبناتُه.

– عضو الأكاديمية الإسبانية – الأمريكية للآداب والعلوم – كولومبيا -.

‫تعليقات الزوار

9
  • بلعيد
    الإثنين 19 يناير 2015 - 00:18

    هوية المغرب .. نطقت بها اسماء الوديان و الجبال و المدن ..

    انها هوية امازيغية … و نرى ان حركة التوحيد و الاصلاح و العدالة و التنمية تحاول جاهدة تعريب الامازيغ …

    و تسعى للقضاء على هويتهم ..

  • صوت من مراكش
    الإثنين 19 يناير 2015 - 00:43

    هكذا دائما هم الكبار خبروا ثرى هذا الوطن وغرفوا من منابعه السلسبيلية وهكذا هم الوطنيون ابناء الوطنيين يمتلكون على الدوام لغة تسع كل من هم للوطن مواليين
    فسلام عليك وانت تتلو شيم هذا الوطن

  • الدكتور عبد الغاني بوشوار
    الإثنين 19 يناير 2015 - 01:33

    شكرا على هذا المقال الرائع ومتعك الله بعمر طويل لتساهم في تنويرنا أكثر فأكثر,

  • عربي ولكن هويتي أمازيغية
    الإثنين 19 يناير 2015 - 03:43

    بصراحة لا أدري تماطل الدولة المغربية في إعطاء الأمازيغ حقوقهم الشرعية مثل اللغة الأمازيغية ، والله ستسألون عن ذلك يوم الحساب ..متى كان أصحاب الأرض الذين يمثلون أكثر من 90% من السكان المغارية يحرمون من لغتهم الأصلية التي هي لسان وآية الله في هذه الحياة، ألم يقل الله تعالى وجعلناكم شعوباً وقبائل ؟ وكذلك آية إختلاف الألسن والألوان ؟ بكل صراحة أرى أن طيبوبة الأمازيغ وتسامحم المبالغ هو الذي أوصلهم إلى ذلك..أتكلم عن أجدادهم الذين لم يكونوا واعين بيقين الإسلام والذين فهموا الدين حسب أهواء الذين كانوا يمكرون في سبيل المصلحة من العرب أو المستعربين الذين خدعوهم بإسم الإسلام و الاسلام منهم براء. أقولها واعتذر بإسم كل المغاربة عن هذا التهكم
    الإرادي الذي يريد تهميش الأمازيغ في حقهم، لو أخذ الأمازيغ حقوقهم انذاك سيحسون أنهم في ارضهم وتكون درجة مواطنتهم القصوى و سيعملون بالتالي كل الخير والاصلاح لهذا البلد ، لماذا لا تفهم الحكومة هذه الأشياء قبل أن ينقلب عليهم السحر ؟ لم أرى من اخواني الأمازيغ سوى الخير أفضل من كل العرب الذين أعرفهم، وهذه شهادة كل العرب من المحيط إلى الخليج لا ينكرها إلا جاحد.

  • Anir
    الإثنين 19 يناير 2015 - 14:48

    سؤال الى بعض العنصريين الباجدة ؟
    اليس من حق الامازيغ ان يحتفلوا بسنتهم التاريخية؟
    اليس من حق الامازيغ احياء ثقافتهم في المغرب بلدهم الاصلي ؟
    اليس من حق الامازيغ دراسة لغتهم الام كسائر شعوب العالم ؟
    اليس من حق الامازيغ ان يسموا ابنائهم اسماء امازيغية ؟
    اليس من حق الامازيغ ان يتضامنوا مع اخوانهم ضحايا الفيضانات ؟
    اليس الاجدر بكم يامعشر الباجدة وانتم تتراسون الحكومة ، ان تكونوا اول المهنيين لاخوانكم الامازيغ بهذه المناسبة ؟
    الم يكن ضحايا الفيضانات الاخيرة اجدر بتلك الملايين التي ترسل الى شعوب اخرى ؟

  • الإنسان المغاربي
    الإثنين 19 يناير 2015 - 16:52

    تحية طيبة للأستاذ الفاضل محمّد خطّابي
    شتان بين من يتكلم عن علم ودراية بعراقة التراث المغربي بمختلف روافده
    وبين من يتكلم بدون سند علمي

    كما هو معروف التأريخ ارتبط بالكتابة، لأن الكتابة هي بمتابة ذاكرة جماعية لحفظ الأحداث والتواريخ
    فالخط الفاصل بين بداية تدوين التاريخ وما قبل التاريخ هو حدث اكتشاف الكتابة

    كل الأمم التي كان لها تقويم زمني كان لها أيضا تراث كتابي يحفط ذاكرتها

    سواءا المصريين أو الصينيين أو البابليين أو العبرانيين … كلهم كانت لهم كتاباتهم التي بها دونوا أحداتهم التاريخية والتي اعتبرت منطلقا زمنيا لبداية التأريخ عندهم

    قدماء المصريين لديهم مخطوطاتهم المكتوبة على ورق البردي، والنقوش الهيروغليفية على معابدهم والتي تحكي أحداثا تاريخية قديمة

    حضارات الرافدين سومرية وبابلية وأشورية لها تراث المكتوب ومحفوظ بمتاحف العالم به نقرأ أحداثا ووقائع تاريخية
    مثل لوحة قوانين حمورابي
    ولوحة تكلات بلاصر
    وأسطوانة قورش

    العبرانيون والأراميون لهم كتبهم الدينية والفقهية التي تأرخ لأحداث وقعت قبل آلاف السنين

    فأين هو التراث المكتوب لشمال إفريقيا والذي كان أساسا لهذا التقويم ؟

  • الإنسان المغاربي
    الإثنين 19 يناير 2015 - 22:56

    لنتكلم بشكل علمي، بالعقل والمنطق

    لم تكن شخصية شوشنق Sheshonq مرتبطة بأي تقويم زمني أو تقليد شعبي بشمال إفريقيا

    لـمـاذا ؟

    لأن كل ما نعرفه عن شوشنق تم اكتشافه حديثا من طرف علماء الحضارة المصرية Egyptologists

    ما يعرفونه مصدره الكتابات والنقوش الهيروغليفية، والتي لم يتم فك شيفرتها إلا في العصر الحديث

    لدينا لوحة حور باسن Stela of Pasenhor
    التي تعطي شجرة نسب أسرة شوشنق وصولا إلى جده بويو واوا Buyuwawa

    لدينا نقوش بوابة الكرنك Bubastite Portal
    التي تؤرخ لمعارك شوشنق

    تحليل النقوش الهيروغليفية هو ما مكن علماء الآثار حديثا من تحديد أصوله العائدة للمشواش

    بينما لا وجود لإسم شوشنق في أي نقش للكتابات الليبية القديمة بشمال إفريقيا
    و لا في أي مؤلف كتب بالأمازيغية

    فكيف يكون أساس لتقويم زمني وهو غير مدون حتى ؟

    إذن لم يكن هنالك أي تقويم قديم يعتمد على تاريخ وصول شوشنق للحكم

    رزنامة الأمم الأخرى تبتدأ من اللحظة صفر، ويتم العمل بها فعليا لآلاف السنين وصولا للزمن الحاضر

    وهذه أول مرة يتم ابتداع تقويم رجعي يسير عكس منحى الزمان

  • الإنسان المغاربي
    الثلاثاء 20 يناير 2015 - 01:25

    عفوا، من أخبركم بأن هنالك فرعون إسمه شوشنق ؟
    وأنه وصل لحكم مصر حوالي 950 ق.م ؟
    وأن أصوله تعود للمشواش ؟

    الجواب :
    > علماء الحضارة المصرية Egyptologists
    > وذلك استنادا للنقوش الهيروغليفية :
    Pasenhor Stela
    Great Dakhla Stela
    Megiddo Stela
    Bubastite Portal
    > والتي لم يتم فك رموزها إلا في العصر الحديث

    فهذه المعلومات تعود فقط لسبعينات القرن العشرين

    The English Egyptologist, Morris Bierbrier also dated Shoshenq I's accession between 945-940 BC in his seminal 1975 book

    وأحدث دراسة تحدد زمن توليه الحكم في 943 ق.م وهي تعود فقط ل 2005
    Rolf Krauss

    فهل هنالك أي ذكر لشوشنق في التراث الأمازيغي القديم ؟ أو في النقوش الليبية القديمة ؟

    الجواب : حتما لا

    فكيف يمكن الادعاء بوجود هكذا تقويم يعود ل 950 ق.م ومن يتبناه لم تكن بالأمس القريب يعرف شيئا عن هذه الشخصية، ولا عن تاريخ وصوله للحكم، ولا أنه من المشواش Meshwesh، قبل أن ينشر علماء المصريات في السبعينات أبحاتهم !

    فوق هذا المنطق الرجعي يمكننا أن نختلق تقويما آخر يعود لعهد حكم الهكسوس لمصر وآخر لتاريخ وصول البحارة الفينيقيين

  • الإنسان المغاربي
    الثلاثاء 20 يناير 2015 - 22:00

    متى عرف المؤرخون أن شيشنق له أصول ليبية ؟

    الجواب:
    عندما تم اكتشاف لوحة باسن حور بسقارة منفيس، من طرف أوجوست مارييت سنة 1851
    أنظر > Stela of Pasenhor

    والتي بها ألقاب أجداد شوشنق ومنهم بويو واوا الذي وُصف بأنه من التـحـنـو
    بالهيروغليفية > Tehenu Buyuwawa

    قبل ذلك لم يكن أحد من الباحثين ولا من سكان شمال إفريقيا على دراية بهذه الأصول الليبية
    خاصة أن شوشنق ولد بمصر ولم يقم بغزوها، بل كان من أسرة من الكهنة بشمال الدلتا

    في سياق آخر، شرق ليـبـيـا سبق واستقرت به شعوب البحر القادمة من بحر إيجة منذ القرن 13 ق.م، والتي حاربها المصريون في عهود رمسيس الثالث ومرنبتاح
    أنظر > Peuples de la mer

    هذا ما كتبه المصريون عن شعوب البحر بمعبد الكرنك :

    Le vil chef, le vaincu de la Libye, Meryre, fils de Ded, descend du pays des Tjehenou, avec ses archers des Shardanes, des Shekelesh, des Aqwesh, des Lukkas, des Turesh, ayant entraîné l'élite des combattants de son pays

    أن يكون شوشنق من بلاد التحنو Tjehenou فهذا يحيل إلى فرضيتين :

    1- أن يكون من شعوب البحر
    2- أن يكون من القبائل الليبية المحلية

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 7

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير

صوت وصورة
تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:55

تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس