تدريس اللغة.. بأي رؤية؟

تدريس اللغة.. بأي رؤية؟
الخميس 26 فبراير 2015 - 17:41

تتأكد يوما بعد يوم أهمية المشاورات التي أطلقتها وزارة التربية الوطنية خلال الموسم الدراسي 2013-2014، إذ كلما اقترب موعد عرض تقرير المجلس الأعلى للتعليم، والشروع في إصلاح هيكلي، تَصْدُر مواقف عَكَسَها بوضوح تقرير اللقاءات التشاورية حول المدرسة المغربية الصادر في شتنبر 2014، كان آخرها إقرار لِجان المجلس الأعلى الانجليزية لغة تعليم ثانية بدلا عن الفرنسية. فهل سيتم التمكين للمواقف التي تخدم المصالح “الوطنية” في مسألة تدريس اللغة كما عكستها المشاورات؟ وكيف عبر تقرير المشاورات عن إمكانيات حَلِّ معضلة تدريس اللغة؟

أثارني شكل صياغة محور تدريس اللغة الوارد بالتقرير الوطني للمشاورات حول المدرسة المغربية، إذ استُهل المحور بثلاث فقرات كبرى مهمة لم تربط المضامين بأطراف التشاور، ونَسَبَتْ فقرات أخرى المضامين لأطراف التشاور لكن بِصِيَغ يكتنفها الغموض !

وكان مضمون هذه الفقرات أكثر إثارة لكونه جافى لغة الخشب، وصيغ كما لو كان المؤلف يقصد إلى تسريع وثيرة إصلاح أعطاب تدريس اللغة !

صُدِّر هذا المحور بالآتي:”تعد إشكالية تأثير الوضع اللغوي المتردي على باقي التعلمات وتدني مستوى التلاميذ في اللغات وضعف اكتساب اللغات الأجنبية”. ويبدأ هذا التشخيص بواقع اللغة العربية قائلا:” ولعل حدة الإشكال يطرح مع اللغة العربية بالدرجة الأولى…ذلك أن عدم تمكن المتعلم والمتعلمة من اللغة العربية يؤثر على مستوى تحصيله ونتائجه الدراسية في باقي المواد وفي جميع مساراته الدراسية اللاحقة.”

ذات العناية والأسبقية أولاها التقرير للغة العربية في محور لغة التدريس، وكأني به يمهد لاتخاذ قرارات وطنية تاريخية كانت تبدو إلى وقت قريب شبه مستحيلة.

ويعزو التقرير تردي تدريس اللغات الوطنية والأجنبية إلى تقنيات التدريس التي لا تواكب التطور الذي عرفه هذا التخصص، وإلى “عدم مراعاة الاستعداد النفسي والذهني للمتعلمين والمتعلمات خلال برمجة مستويات تدريس اللغات”. ويَذْكر المتابع، حين يقرأ هذا التشخيص، معارضة تصدرها كثير من المتخصصين للفوضى التي اعْتَرَتْ البرمجة المكثفة لتدريس اللغات وغيرها عند الطفل المتمدرس والمفضية إلى صد الطفل المغربي عن التمكن من اللغات الوطنية أو جعله لا يحسن أي لغة. ولم يُلتفت حينها إلى هذه المعارضة، غير أننا نشهد اليوم إدراج مقارباتها بسهولة في تقرير رسمي !

ويضيف التقرير: “ركزت عناصر التقرير على مسألة التعدد اللغوي ومضاعفاته في المحيط المجتمعي والتربوي والخطورة الإستراتيجية لعدم الحسم في الاختيارات اللغوية وغياب سياسة لغوية واضحة في التدريس وتقاطع المواقف اللغوية بحجة الإرضاءات السياسية والفئوية”. وتابع، مع الإشارة إلى نظام التعليم الخصوصي، بأن هذا الوضع “يفرض القبول بازدواجية الهوية والثقافة والامتثال للتحدي الأجنبي اللغوي والإملاءات السياسية والمذهبية في الاختيارات اللغوية على حساب القناعات الوطنية في تحديد الحاجات اللغوية”.

ليصل التقرير إلى قناعة ثابتة مفادها أن ” تعدد اللغات…خصوصا في سلك الابتدائي، وفي غياب مخطط مديري واضح المعالم، يربك بناء التعلمات الأساس”. ويظهر أن هذا الاختيار بدأت تظهر معالمه مع الأخبار المتواترة عن تقليص ساعات الدراسة في الأقسام الابتدائية أو فيما رجح عن مداولات اللجنة الدائمة للمناهج والبرامج والتكوينات والوسائط التعليمية(المجلس الأعلى للتربية) من قرارات توصي بتعويض اللغة الانجليزية للغة الفرنسية في المناهج التعليمية.

يقترح التقرير قائمة من الحلول لتجاوز مشكلات تدريس اللغة، غير أن الأهم هو ما تَصَدّر هذه القائمة ويكتسي صبغة سياسية وتربوية، ويمكن إيجازه في الآتي:

إحداث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية، ترجمةً للفصل 5 من دستور 2011، والذي سيهتم بحماية وتنمية اللغات الوطنية.

مراجعة المسألة اللغوية على ضوء أبعادها السياسية والثقافية والعلمية والبيداغوجية.

ويتوسط هذه القائمة إجراءات أخرى تعلي من شأن اللغات الوطنية وهي أقرب إلى حقل لغة التدريس منه إلى حقل تدريس اللغة، ويعكس إدراجها في هذا المقام، من قبل مؤلف التقرير، هاجس التمكين للغات الوطنية في المرحلة القادمة، أذكر منها:

-“التمسك باللغة العربية في مختلف العمليات التعليمية من الابتدائي إلى الجامعة… وإخراج أكاديمية محمد السادس للغة العربية”.

-“تطوير تدريس اللغة الأمازيغية بشراكة مع معهد محمد السادس للثقافة الأمازيغية”.

بناء على التقرير المشار إليه أعلاه والمواقف التي بدأت تستبق الإصلاح الهيكلي الشامل للمنظومة التعليمية، وجاء آخرها في تصريح لرئيس الحكومة بشأن اعتماد الانجليزية بدل الفرنسية، ستصير اللغات الوطنية محور إصلاح تدريس اللغات ولغات التدريس، إذ لم يعد بمقدور أحد إنكار مدى النجاعة التي تجنيها التنمية حين يُربط التعليم بالهوية، وأحسب أنه ليس في إمكان أحد تغيير هذه المعادلة الجديدة إلا إذا تأثرت بالمباحثات التي أفضت إلى تحسن العلاقات المغربية الفرنسية خلال الأسابيع الأخيرة.

[email protected]

‫تعليقات الزوار

5
  • Kant Khwanji
    الجمعة 27 فبراير 2015 - 13:48

    "التمسك باللغة العربية في مختلف العمليات التعليمية من الابتدائي إلى الجامعة… وإخراج أكاديمية محمد السادس للغة العربية" تعني لمن يغرق, "التمسك" بقشة مهترئة تتآكل يوم بعد آخر، كما يتمسك الغريق باول قشة ترميها في وجهه أمواج البحر العاتية
    هذا من أجل انتاج طوابير من العنعنيين في علوم الاستنثار وفقه القرن السابع ومشاريع الدواعش!
    هوية البلد هي هوية الأرض والتاريخ والبشر الذي سكنها ويسكنها منذ فجر التاريخ أما الوافد المتسلل من النافذة فيمكن طرده من الباب
    الأمازيغية على ارضها منذ فجر التاريخ، ولم تهجم على أحدا ابتغاء للسبايا والعبيد والنهب والسلب والضرائب المقدسة

  • massil
    الجمعة 27 فبراير 2015 - 18:35

    Les arguments ci dessous ne soutiennent pas l enseig
    nemet en arabe:
    L arabe n est pas la langue d peupel.D ailleur UNESCO
    insiste pour un apprentissage en langue maternelle et
    de cesser avec cette politique d imperialisme linguistiq
    La politique d arabisation forcee ds annees 60/70 a fait
    des ravages en offrant qualite mediocre du niveau
    d education.Tout ca entraine une exode vers d autre
    institution ( lycee francais…)pour les familles aisees.Le
    citoyen a de sa part perdu confiance envers l ecole
    publique.La langue arabe n offre aucun horizon dans
    le domaine de la gestion et les matieres scientifiques
    Meme les pays du golf utilisent l anglais comme langue
    d apprentissage car celle ci offre des opprtunites
    meilleures dans la vie professionelle.J ai appris l arabe
    pour un simple rien du tout.Si j avais le choix j opterais
    pout tamazight et l anglais mais je suis pas maitre de mon destin.L arabe c est pour la mosquee et les
    activites religieuses et c est deja pas mal TANMIRT

  • abdelali
    الجمعة 27 فبراير 2015 - 19:55

    تطور الٱمازيغية والإرتقاء بها إلى مستوى عال سيكون عاملا مهما في لم شمل المغاربة ومعانقة من جديد هويتهم الأصلية. لكن هدا الحلم يبقى صعب المنال مادام السياسيون يلعبون على عقول البسطاء بفكرة النسب الشريف لآل قريش …
    التاريخ يقول ٱن السياسي هو عامل مهم في اتخاد القرارات الازمة لتطوير اللغة. وإليكم أمثلة من التاريخ الفرنسي و تطوير اللغة الفرنسية (من لغة عامية ك لهجتنا المغربية) على حساب اللاتنية (لغة النخبة أو ما يعادل العربية الفصحى). وإليكم قرارات ملك فرنسا التي كانت عاملا حاسما في بناء لغة الأمة الفرنسية :
    FRANÇOIS 1ER en août 1539
    قرر أن تكون الأحكام والوتائق الإدارية بالفرنسية بدل اللاتنية حتى تكون مفهومة لدى جميع المواطنين.

  • Amazigh
    الجمعة 27 فبراير 2015 - 20:19

    لغة حية أو ميِّتة ليس الهدف.الهدف لذينا نحن في المغرب أننا أمازيغ ولذينا لغة أمنا الأمازيغية.اللغة الحية لا تفرض على شعب غير عربي بقوة الؤسسات وجبروت السلطة!! لماذا العرب في الجزيرة لا يتشبثون بجنون بلغة هي لغتهم التي يحصرونها في الأمورالدين بينما يهتمون بالإنجليزية في باقي المجالات؟ هذاالإهتمام الشذوذي بلغة العرب في بلاد الأمازيغ ليس إلا الخوف من فشل الفكر العروبي في شمال افريقيا وأخد طريقه الى الزوال. أنثم ياعربان أو معربين تبتغون إلى تعريب اللسان لِتنْتهُوا بتعريب الهوية والأرض.

  • ⵜⵎⵣⵖⵜ ⴷ ⵜⵙⵔⵜ ⵉ ⵡⵍⵎⴷ
    السبت 28 فبراير 2015 - 02:19

    كلّ ما قرأتُ موضوعا عن لغة التدريس إلاّ و تذكّرتُ معلّمي التعليم الإبتدائي الذين كانوا يستعملون معنا الصور و قُماشة تلصق عليه تلك الصور و يقولون لنا: ما هذه ؟؟ ماذا يفعل كريم مع مريم ؟ ماذا تقول مريم لكريم…؟؟ نفس الشيء عند معلم الفرنسية, و كلاهما كان يضيّع الوقت و النتيجة قد ظهرت.
    لم نكن "نقشعْ" شيءاً و لسبب بسيط و هو إغفال لغة الأم الأمازيغية التي لم نكن نفهم سواها, و ما زلنا ننطلق منها في التعبير عن أيّ شيء و بأيّ لغة كانت, حتى هذا التعليق مصدره و روحه و كواليسه أمازيغية 100% رغم أنّ الكلمات و الحروف المستعملة فيه عربية و آرامية الأصل.
    ⵜⴰⵏⵎⵉⵔⵜ ⵀⵉⵙⵒⵔⵉⵙ ⵙ ⵡⴰⵟⵟⴰⵙ ⴱⴰⵀⵔⴰ

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 2

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج