العنف ضد " الرجال"

العنف ضد " الرجال"
الخميس 5 مارس 2015 - 22:36

عندما استيقظ أحمد فجأة من النوم كانت غرفة نومه مازالت مظلمة ، شعر براحة ممتعة وغريبة لم يتذوقها منذ سنين ، وبخلاف كل الليالي السابقة لم يضايقه هذه المرة شخيرها ، ربما زيارتها للطبيب آخر مرة وتناولها للأدوية الجديدة التي وصفها لها قد أعطت أخيرا أكلها ، عاهد نفسه بمجرد أن يطلع الصباح سوف يتصل بالعيادة لكي يشكر الطبيب

بقي كالجماد وهو ممدود على السرير ، كان يخشى أي حركة منه غير محسوبة قد تتسبب في إيقاظها فيصيبه ذلك الكم الهائل من الشتائم وتكون بداية غير موفقة بتاتا ليوم جديد !

كانت الغرفة مظلمة وأيضا غارقة في صمت غريب إلا من أنفاسه المتسارعة ، شعر فجأة أنه لا يسمع أنفاسها ، أراد أن يطمئن عليها لكنه لم يجد الشجاعة الكافية ليضغط على زر الكهرباء ، تذكر غضبها الشديد عندما أشعل الضوء ذات ليلة !

أقصى ما كان يستطيع فعله هو أن يجعل يده اليمنى تحبو ببطء شديد إلى جهتها وعندما تلمس أنامله ثيابها يرفع يده قليلا فيضعها – كَرِيشَةٍ – فوق صدرها الأيسر ليطمئن أن قلبها يدق !

تحركت يده اليمنى في رحلة طويلة وشاقة … كانت كالسلحفاة تمشي وتتوقف وكلما اقتربت إلى الجهة الأخرى كان إيقاع دقات قلبه يرتفع وأنفاسه تتلاحق بسرعة ، لم تصطدم يده بأي شيء ، اكتشف أمرا غريبا ، وجد نفسه ينام وحيدا في السرير !

ربما هذه أول مرة تستيقظ زوجته وتتركه يكمل نومه الجميل ، في كل مرة ما إن تفتح عينيها حتى تصيح في أذنه لكي يصطحبها إلى المطبخ لتهييئ الفطور !

ربما دعواته ودعوات كل الصالحين معه قد أُستجيبت والله قد عوضه خيرا على جميل صبره و ايمانه ، كان دائما يشعر أن معاناته سوف تنتهي وأن زوجته الجميلة رغم قسوتها الظاهرة فهي تملك قلبا أبيض كالثلج فقط عليه ان يمنحها بعض الوقت…

ابتسم بمتعة وهو يحاول أن يتذكر آخر معركة بينهما ، وجد نفسه بصعوبة يحاول أن يتذكر ! أغمض عينيه وحاول التركيز أكثر ! فخاطب نفسه في صمت

– ترى منذ متى ؟ وأين ؟

فجأة ابتسم وبدت على وجهه علامة النصر كأنه عثر على ” رأس الخيط”

– نعم آخر مرة كانت بالأمس ، عدتُ متأخرا إلى البيت وقد عزمت أن أكون أسدا – كما نصحتني بذلك والدتي –

سكت فجأة كأنه نسي بقية الحكاية ، أغمض عينيه مرة أخرى يحاول أن يتذكر ، وتابع

– وجدتها تنتظرني عند الباب والشر يتطاير من عينيها ، استجمعت كل قوتي ورفعت يدي اليمنى لكنها قبل أن تصل إليها ، كانت مغرفة الحديد التي تحملها في يدها تنزل بقوة على رأسي !

سكت مرة أخرى ليتذكر وتابع

– فتحتٌ عيني فوجدتني في سيارة الاسعاف ،ثم لم أعد أتذكر شيئا ، ففتحت عيني فوجدتني هذه المرة ممدودا فوق سرير المستشفى و الطبيب يخاطبني :

– سوف نخدرك لكي نخيط لك الجرح الذي في رأسك ، وحتى تكون تحت مراقبتنا ستبيت هذه الليلة معنا …

انتصب أحمد جالسا في مكانه وبعينين مشرعتين ويد مرتعشة يتحسس الجرح الغائر الذي في رأسه !!!

‫تعليقات الزوار

2
  • حسن
    الجمعة 6 مارس 2015 - 09:49

    أعجبتني القصة ,كتابة سلسة, ممتاز واصل, و إن كتبت عن العنف ضد النساء فستجد فضاء واسعا و قصصا لا نهاية لها. لا يمكن إنكار عنف بعض النساء ضد بعض الرجال, و لكن عنف الرجال في مجتمعنا الرجولي ضد النساء هو ألف مرة أكثر.
    نسبة الأمية عند النساء أعلى
    بطالة النساء أعلى
    العنف اللفظي أعلى ضدهن
    التحرش على النساء أعلى
    الإغتصاب أعلى
    نسبة الإرث أقل
    نسبة الحرية أقل
    إلخ
    هذا الخلل الذي يتميز به بلدنا في المساوات بين الجنسين هو من أهم أسباب تخلفنا و تخلف أبنائنا.
    مجتمع يقزم دور المرأة في المشاركة التنموية البناءة الحرة لم يفلح و لن يفلح أبدا و سيبقى منبوذا. ما علينا إلا أن ننظر لخارطة المجتمعات. كل الدول القوية بها نسبة أعلى من الحرية و المساوات للنساء.
    بعض المرضى كلما سمعوا كلمتا مساوات المرأة و الحرية إلا و أصابت عقولهم صاعقة و تراهم يخوضون في سفاهات لا علاقة لها بالموضوع مثل السفور الدعارة الإختلاط و جهنم و عذاب القبر…
    بعضهم لما يتكلم عن كرامة المرأة في الحقيقة هم منافقون لأن مفهومهم جد محدود و في إطار الأمومة للإنجاب و الزوجية للرضوخ و متعة الرجل و الطبخ و الغسيل و خدمة عائلة الزوج.

  • asmaa
    الجمعة 6 مارس 2015 - 18:37

    يبهرنا الكاتب محمد الجباري دوما بنهاياته الغير المتوقعة واللذيذة … قصة قصيرة لكنها تثير موضوعا حساسا جدا يعتبر من الطابوهات داخل المجتمع المغربي وهو العنف الممارس على الرجال ,شكرا للأديب الجباري ولجريدة هسبريس

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب