ما الإضافة القرآنية لمفهوم الأسرة؟

ما الإضافة القرآنية لمفهوم الأسرة؟
الإثنين 9 مارس 2015 - 08:29

شاركت يوم السبت الماضي، في ندوة علمية لمناقشة كتاب”الأسرة في التصور القرآني” للباحثة المتألقة جميلة تلوت، وذلك بمقر الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بالدار البيضاء.

أعْتبر هذا الكتاب محاولة علمية جريئة، للكشف عن التصور القرآني للأسرة، من خلال محاورة مباشرة بين (الباحثة والقرآن) من دون وسائط، اللهم إلا إذا احتاجت إلى آليات علمية تعينها على فهم السياقات و المقاصد القرآنية، كما أعتبر هذا البحث أرضية تأسيسية مُوجّهة لمشاريع بحثية كثيرة، تحاول الغوص في الكشف عن التصور القرآني للأسرة.

حاولت أن أُقدّم قراءة للكتاب، من زاوية محددة، وهي “الزاوية المفهومية”، مركزا على المفهوم المحوري، وهو الأسرة، وهذه القراءة تُعبِّر عن وجهة نظر متحيزة، تقترح سيرا منهجيا يوصل الباحث إلى تحديد “الإضافة القرآنية” على مستوى المفاهيم، وهي كالآتي:

– المعنى اللغوي للأسرة (الدّرع الحصينة)، المعنى الاصطلاحي للأسرة (زوج وزوجة وأبناء…)،المعنى الأول؛ ينتمي إلى “المعجم الحربي” والمعنى الثاني ينتمي إلى “المعجم الاجتماعي”، فكيف انتقل المعنى الأول من المعجم الحربي، إلى المعجم الاجتماعي؟ وما وجه الشَّبه؟

– معلوم أن ” طرق الوضع المصطلحي” متعددة، ومنها الاشتقاق، الاقتباس، النحت، التعريب، المجاز…، وإنّ الذي وضع مصطلح “الأسرة” بمعناه الاجتماعي، استثمر “المجاز”. شبَّهَ (زوج وزوجة وأبناء..) ب (الدِّرع الحَصينة) ووجه الشَّبَه (التماسك والحماية)، فأخذ هذا المعنى، وترك الدَّلالات الحربية الأخرى، وأضاف معنى التراحم الاجتماعي، فيصبح مفهوم مصطلح الأسرة مُلقَّحا من خلال “المعجم الحربي ” (التماسك والحماية) و من خلال “المعجم الاجتماعي” (التراحم). إلى هنا يطرح السؤال: لماذا حينما أراد الواضع المصطلحي أن يُعِّبر عن مفهوم ( زوج، زوجة، أبناء..) استعار مصطلح الأسرة من (المعجم الحربي)؟

– هناك إجابة: تقول أكثر المصطلحات العربية، مأخوذة من (الفضاء المكاني، صحراء، حيوانات، معمار..) فتُنقل من ماديتها إلى مستوى تجريدي معنوي، مثلا: لفظة التقليد، نُقِلت من “فضاء الحيوان” إلى ” فضاء الاجتهاد العلمي” وفضاءات أخرى..ففي “فضاء الحيوان” معناها:(تقليد الهَدْي) أي وضع القِلادة في عنق الأنعام التي تساق إلى بيت الله الحرام لتذبح ويتصدق بلحمها، لكن في الفضاء العلمي لها معنى آخر (ضد الاجتهاد). هناك المئات من المصطلحات أصلها مرتبط بالبيئة المادية العربية الصحراوية مثلا: (التثقيف) انتقلت من (عالم الحرب) وتعني ( تثقيف الرماح: أي تسويتها) إلى (عالم التربية: وأصبحت تعني التأديب والتهذيب).

– لنَرْجِع إلى مصطلح الأسرة، سأُجازف؛ و أقول بالنَّظر إلى الكيانات التنظيمية التي كانت تنظم الأفراد في مجموعات، في التاريخ العربي والإسلامي، إن الذي استعار مصطلح الأسرة من “الفضاء الحربي” إلى “الفضاء الاجتماعي” كان يُدرك أن الكيان الاجتماعي (زوج وزوجة وأبناء…) في حاجة إلى أن يكون قويا متماسكا ليواجه كل عدو مادي أو معنوي، يحاول أن يحطمه، ولذلك عليه أن يكون كالدِّرع الحَصينة، لأنه دائما في المواجهة. لذلك قالت العرب: (مالك أسرة، إذا نزلت بك عُسرة) ، بمعنى آخر كل من يعيش العُسر، فلا أسرة له، فالأسرة الاجتماعية عنوان القوة الممزوجة بمعاني تراحمية؛ الأبوة و الأمومة والبنوة و الأخوة، عكس الأسرة الحربية، التي قوتها المزوجة بالتنيظم الصلب، والجندية والطاعة والولاء..

– إن أهم فائدة في هذا النظر المعجمي: هو ملاحقة التطور الدلالي للفظة ( وهو كالآتي: المعنى الحربي، ثم انتقل إلى المعنى اجتماعي، أخذ من الحرب قوة الدفاع المتمثلة في التماسك والدفاع والحماية، لحبس كل الإذايات، وترك كل دلالات الحرب الأخرى كالهجوم مثلا..أخذ هذا المعنى، ووضعه في سياق اجتماعي إنساني تراحمي فيه معني الأبوة و الامومة والبنوة و الأخوة. حينما يتم إدراك هذا التطور الدلالي: سيساعد الباحث بدقة في تحديد “الإضاقة القرآنية”: هل أخذت معنى التماسك والحماية والدفاع والمواجهة أم ألغت ذلك؟ هل أخذت معنى التراحم الممزوج بالقوة والصلابة أم فرَّقت بينهما، أم أخذت أحدهما وتركت الآخر؟

– في هذا السياق على الباحث أن يتأمل ويتدبر نصوص القرآن بمنهج مفهومي دقيق غير متسرع ويحتاج للتروي، ليصل في النهاية إلى تحديد “الإضافة القرآنية”، وهذه الإضافة، قد تكون تأكيدا وتعزيزا، وقد تكون حذفا وإلغاءا، وقد تكون استثمرا وتوظيفا في سياق آخر..

– عند البحث عن لفظة “الأسرة” في القرآن، لا نجد هذه الصيغة الصرفية على وزن فُعْلة، هذا على مستوى الاستعمال اللغوي، فنطرح السؤال لماذا لم يستعمل القرآن هذه الصيغة الاشتقاقية ليعبر بها على كيان اجتماعي ينظم العلاقة بين أفراده، بينما استعمل اشتقاقات أخرى مأخوذة من نفس المادة “أسر” ؟!!!

ثم تستمر الرحلة في البحث عن مفهوم هذا الكيان في القرآن، وموقعها ضمن كيانات أخرى….

‫تعليقات الزوار

6
  • الدكالي
    الإثنين 9 مارس 2015 - 12:18

    شعارات شعارات شعارات شعارات . ولا علم ولا عمل. يا ليتكم تفهمون القرآن حقا، وتستلهمون منه ما ينفع الناس

  • abderrahmane
    الإثنين 9 مارس 2015 - 15:36

    القرآن شرع مفهوم الأسرة و ليس اضافة لمفهوم الاسرة

  • ضمير
    الإثنين 9 مارس 2015 - 15:55

    بالله عليكم أتقرأون نفس القرأن الذي أقرأ ؟ أين ترون مفهوم الأسرة؟

    الأسرة ليست هي النكاح!

  • امشير
    الإثنين 9 مارس 2015 - 16:05

    ‏‎ ‎وإذا ضلت العقول على علم. فماذا تقوله النصحاء!

  • زيد بن ثابت
    الإثنين 9 مارس 2015 - 20:05

    لمادا نحن متخلفون؟؟؟…لمادا نحن امة امية ؟؟؟قال لى احدهم لاننا لا نهتم بالمراة اولا ولا نهتم بالاسرة ثانيا ……هل توجد كلمة حب فى النص ؟؟؟ عندما تتعدد الزوجات تصبح المراة شيئا اى بدون قيمة لان قيمة المراة فى الحب والتقدير والمشاعر الرهيفة ومن يقول المراة يقول الاسرة لانها هى الاساس لبنائها .

  • نوفل
    الجمعة 13 مارس 2015 - 13:25

    المرأة هذا المخلوق العظيم و العجيب لا يحتاج إلاّ للتقدير إن في العمل الذي جبلها الله عليه أو إنسانيّا كما عهدناها دوما، ولا نريد من الأقزام التطاول على كرامتها و حصر قدرها بأعياد لا أصل لها بتاريخ و كفاح المرأة العربية و المسلمة.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة