في مواسم "التحزارْ" الانتخابِي

في مواسم "التحزارْ" الانتخابِي
الثلاثاء 17 مارس 2015 - 23:00

يُوشكُ الدَّاعُون إلى التصويت في الانتخابات المزمعَة بِالمغرب، أنْ ينحرُوا القرابِين على عتباتِ البيُوت، ويطلبُوا “العار” على الطريقة المغربيَّة، عسَى أنْ يجدُوا أذنًا تصغِي فستجلُ نفسها في اللوائح، وتعبدُ الطريق أمامهم إلى مجالس القرى وقبَّة الرِباط.

ومضى المجلس الوطنِي لحقُوق الإنسان إلى أبعد من ذلك لمَّا اقترح إجزال العطاء المالِي للأحزاب التي تقدمُ مرشَّحِين شباب، بعدما آتتْ فكرة اللوائح الوطنيَّة ثمارًا محدودة، وقدْ زاحمَتْ النساء، على مقاعد تجبرُ بعض الحيف التاريخِي الذِي طال المرأة.

ساساتنا ممنْ يجُوبُون البلاد طُولا وعرضًا هذه الأيَّام، يأكلُون الطعام مثل سائر الفقراء، ويقرفصُون في بيُوت البسطاء، يقبلُون ويرقصُون حتَّى أنَّهم باتُوا ينافسُون “الشيخات” في مصادر الرزق (مع كامل الاحترام للشيخات اللائي يخلقن أجواء الفرحة ولا ينهبن أموال المعدومين)، في مناطق لمْ يذكرُوهَا زمن الشدَّة، ويمضُون إليها اليوم، لركوب طيبُوبة أبنائها، وتشنيف أسماعهم بالمواعظ، تغيبُ عنهم الكثيرُ من الأمور.

منْ جملة ما يغيبُ ما يغيبُ عنهم، أنَّ أغلبيَّة صامتَة، لا تثقُ في الصنادِيق ولا فِي ما تفرزهُ. عندها اليقينُ في أنَّ وضعهَا، لا يتغيَّرُ بتقلب الوجُوهِ. فتنأى بنفسها عن اللعبة، وإنْ كانتْ تتابعُ كلَّ صغيرة وكبيرةٍ دُون أنْ تصدقُ أيًّا منْ متباكِيهم.

ولا مراء في أن الشعُوب لمَّا تتيقَّنُ منْ جدوَى الانتخابات، تجدُ حواملها ومرضاها وعجائزها يصطفُّون في أبواب مراكز الاقتراع، كما فعلَ التونسيُّون لمَّا وجدُوا البلاد أمام انتخابات حقيقيَّة، حتى أنَّ عروسًا في ثوبٍ أبيض أبتْ إلَّا أنْ تؤدِي واجب الوطن.

الانتخابات باعتبارهَا صيغةً متقدمة اهتدَى إليها البشر لإدارة أمورهم، لا يمكنُ أنْ تختزل في استحقاقات “الجمعة”، وتمرير القلم على بعض الرمُوز في المعزل الأسود، ثمَّ غمس الإبهام في الحبر. في غياب برامج حقيقيَّة تتصارعُ بأرقام، وتطرحُ بدائل ورؤَى تنافحُ عنها بالحجَّة البعيدة عنْ الدغدغة والتغزل بـ”أذكى شعب في العالم”.

ولا يغيبُ عنًّا النحو الذي تستعرُ به القبليَّة في بعض المناطق، ويجرِي شحذ سيارات النقل المُزدوج لشحن البسطاء إلى المكاتب، ويتمُّ اللجُوء إلى الشيوخ والأعيان وتقبيل الأيادِي وإقامة الولائم وممارسة الضغوطات العائليَّة واستدعاء المصاهرة في الاستمالة.

ثمَّة منْ يصوتُ بيننا بدافع الانتماء إلى حزبٍ يقتنعُ بخلفيته الإيديلوجِية، في حال وجدت، لكنَّ أولئك يظلُّون قلَّة، كما نعرفُ في هذه الأرض، التي ندرِي جيدًا، أيَّ مسار تأخذُ الأمور، حين تلوحُ الغنيمة الانتخابيَّة، زيادة على ارتفاع نسب الأميَّة، ولئنْ كان صحيحًا أنَّ الأميِّين يبقون أهلنا الطيبِين الذِين لمْ يظفرُوا بفرصة التعليم، كان يفترضُ أنْ تؤمن لهم.

إجراء انتخابات، في ظل تدني نسب التعليم ومناهزة أميَّة القراءة والكتابة، خمسين بالمائة، دون الحديث عن أميَّة “المتمدرسين، يقدمُ لنا صورةً عنْ عمَّا ستفرزه لنا، والشاعر المتنِي يلخصُ المسألة بـبيته القائل”على قدر أهل العزم تأتِي العزائم.. وتأتِي على قدر الكرامِ المكارمُ”.

الأنكَى ممَّا قيل، أنَّ الدعوة إلى المشاركة في “الانتخابات” لا تصدرُ سوى عمَّنْ قضمُوا الشوكولاتة الفاخرة منْ أموال الشعب، وظلُّوا دُون حساب. ولا تأتِي إلا منْ عرابِي دكاكِين انتخابيَّة يتناوشُون كالدجاج قبلَ أنْ يهمدُوا عند الخمِّ الجامع ويتمسحُوا به.

قومٌ ألهبُوا خبزكَ وعرباتك وحليبكَ وأجرك وأنهكُوا صحتك، ليجبُوا منكَ ما يهبُون لسمانِ رجال السلطة، ثمَّ يسألونك أنْ تصفق لهم ثانية وتضمنُ حظوتهم الزائلة، يا لوقاحتهم !

‫تعليقات الزوار

8
  • عبد ربه
    الأربعاء 18 مارس 2015 - 11:39

    شكرا س هشام . تحليل جامع مانع بتعبير المناطقة و لنا ان نتساءل ما جدوى المشاركة في انتخابات نعرف مسبقا ان نتائجها لن تغير في الواقع شيئا مهما كانت قيمة من سيتولون مسؤولية ادارة امورنا ؟ و لنا في تعاقب حكوماتنا منذ الاستقلال الى اليوم خير مثال ، فتراكم خمسين سنة من الفساد السياسي يستحيل القضاء عليه خلال فترة تشريعية قصيرة مادام سياسيونا يقطعون مع حصيلة سابقيهم و يعملون بشعار كلما جاءت حكومة لعنت سابقتها .

  • simann
    الأربعاء 18 مارس 2015 - 12:13

    لقد اتحفتنا يا هشام بمقالك هذا …كلمات رائعة وموضوع في قمة الاحترافية حفطك الله …وتحية لهسبريس الرائعة ..

  • مواطنة
    الخميس 19 مارس 2015 - 11:30

    من يجوب المغرب الان هو السيد بنكيران ولطالما جاب مدن المغرب عندما لم يكن رئيس حكومة وهو لا يقدم قرابين لاحد بل هو خادم هذا الشعب، هذا الشعب الذي نسيت ان جزء كبيرا فيه يتآمر على نفسه وعلى مستقبله ومستقبل غيره عندما يستفيد من رشاوي من جهات معينة لا تكلف نفسها ولو زيارة قصيرة الى المناطق التي تذكر وتلمح انهم يزورونها لأجل الانتخابات فقط بل يكفي ان تبعث برشاويها الى هاته المناطق. لماذا لا تعترف ونعترف ان جزء كبير من المسؤولية يتحمله الشعب، الشعب هو من ارتضى ان يمثله أقوام انت تخلط بينهم وبين أقوام اخرى يريدون الخير للبلاد وبفعلك هذا تخلط بين الصالح والطالح، كاتبنا تأكد انه عندما سيَصلح حال الشعب حينها ستُصلح البلاد، الحكومة هي إفراز لثلاثة فئات في المجتمع وكل فئة لها ممثلها في الحكومة وهذه الفئات الاولى واعية نزيهة ترتضي وتتوسم الخير لهذا البلد الثانية لا يهمها سوى مصلحتها وهي مصلحة آنية تأخذ وشاوي على أشكال كثيرة و تفرز فئة معروفة في نتائج الانتخابات اما الفئة الثاثة فهي لا يهم ان كانت واعية مثقفة نزيهة لان كل هذا يضرب عرض الحائط بما انها ارتضت المقاطعة واكتفت بالتفرج والتذمر والانتقاذ

  • مواطنة
    الخميس 19 مارس 2015 - 11:53

    أتابع
    هذه الفئة الاخيرة هي من تسمح للفئة الثانية المنبثقة عن طرق غير نزيهة في الانتخابات تسمح لها بالتغول والفساد في الارض، من لم يعجبه حال البلد فليتحرك وليغير وليصلح قدر ما استطاع اما الانتقاذات يميناً وشمالا كلنا نجيدها، لكن قلة قليلة من تجد الكفاح وسط طريق مليء بالأشواك والألغام تحية لهم ودامو صالحين مصلحين.

  • رشيد
    الخميس 19 مارس 2015 - 11:56

    لا امل يلوح في الافق. مادامت الخريطة الانتخابية متحكم فيها سلفا. فلا فرق بين الدكاكين السياسية. بن كيران شباط لشكر لعنصر مزوار والاخروون مجرد كراكيز فاقدين للشرعية يحركهم المخزن كما شاء ومتى شاء والى المواقع التي يشاء.فلا تصويت بعد اليوم. لقد صدق المغاربة وعود الملتحين وهاهم يتجرعون اليوم مرارة الزيادات في الاسعار وحماية المفسدين. وانقاذ لصوص المال العام من السجون. انتهى الكلام. وانتهت معه صلاحيات كل الاحزاب وعلى راسها حزب البواجدة.

  • لطفي
    الخميس 19 مارس 2015 - 13:15

    انا لا انتمي لحزب معين . ولكن اخواني ساقولها بصريح العبارة : اتمنى الا يصعد حزب الاستقلال . وساصوت ولاول مرة على حزب ارى فيه انه الحزب القادر على التغيير . لانه ومند صعود حزب العدالة والتنمية الى الحكومة ضعفت فرص اللصوص في نهب المال العام . فكلنا بن كيران

  • اسامة
    الخميس 19 مارس 2015 - 13:28

    رغم كل مايحدث
    تبقى سيرة بنكيران وأتباعه هي الانقى وهم من أصدق السياسيين في المغرب
    للتذكير فأنا لا منتمي

  • علي
    الخميس 19 مارس 2015 - 15:50

    لعل المستقبل هو من سيحدد من الذي على صواب في هذه النكتة السياسية إن صح التعبير

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 7

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير

صوت وصورة
تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:55

تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس