دروس مسيرة تونس: إذا الشعب يوما أراد الحياة

دروس مسيرة تونس: إذا الشعب يوما أراد الحياة
الثلاثاء 31 مارس 2015 - 23:44

تونس تونس حرة حرة .. والإرهاب يطلع برا …

إدانة مغربية للهجمة الإرهابية ،هكذا صدحت أعلى طاقات حناجرنا على امتداد ما يقارب ثلاث كيلومترات، في شارع 20 مارس من باب سعدون الى ساحة باردو بتونس ..

في مسيرة تونس ، اختلطت خطانا – كوفد شبابي مغربي باسم الشبيبة الاستقلالية – بخطى التونسيون ، يلقون علينا بعد كل صدحة عند كل شارة، قبلات عبر الأثير وشارة للنصر ، وبعض من الدموع على قاب رموش منحصرة بالعيون .. نظرات امتلاء بالدفء المغاربي والقرب المغربي في المؤازرة … كمن فقد قريبا واذ بالعزاء يسافر اليه من حيث لا يحتسب ، شعور لا يفهم لغته الا من جرب لوعة الفقد ، واحساس بالسند ممن لم يتوقع سند القريب البعيد يكون أول العزاء الراحل اليه من أقرب المقربين ..

في مسيرة تونس .. وحده العلم التونسي كان الحلة التي تزين بها التونسيون، من العلم كان عصابة الراس، وشال العنق وشارة اليد ولون المعطف والقميص ولون الطفولة ولون الشباب ولون النساء ولون الرجال … وكأن لون العلم التونسي يمشي في عزاء التونسيون تضامنا مع الدماء التي أهرقت في باردو.. وذاك الهلال الأبيض من العلم وحده أمل السلام والنجمة نصره.

لم يحمل التونسيون أعلاما سياسية ولا اديولوجية ، ولا إثنية … مشى المدنيون مهنيون مدينون ولاء لتونس وحدها ….” لا ولاء إلا لتونس” ، حتى يافطات الإشهار كانت تعبر عن مواطنتها ، والحال ليس فقط في مسيرة الأحد 29 مارس ..

في مسيرة تونس لم يحضر جنرالات وقيدومي قراصنة السطو على القضايا ، لم يحضر عشاق لغة الميكروفون في الإعلام ، في مسيرة تونس مشت القضية وحدها أما المدافعون عن القضية علمونا الائتمان على شرف القضية ، لا على الأماكن الإستراتيجية لخطف التصريحات باسم عرق الشعب ، لم يكن مكان للوكلاء زورا عن الكادحات والكادحين ممن الهبتهم شمس المسير، كالوديان نحتت جغرافيا جباههم ،مسيرة تونس كانت طقسا من طقوس المصلى ، عبر الجميع فيها كالصفوف المرصوصة … فيها القلوب صلت للواحد القهار أن يقهر جبروت الطغيان ..

في مسيرة تونس ، مشت المسيرة شعبية تتختل بمشية حضارية ، مشىت عفوية المساندين بانتظام ، لا تزاحم لا تدافع .. في مسيرة تونس كانت المرأة والفتاة تاج المسيرة ودلالها، لا مركبات نقص ، لا تحرش ، لا مضايقة لا عنف لا تجبر ذكورة ولا فحولة على نعومة المرأة والفتاة .. مشت الحرية وهي تحضن المرأة التونسية على اختلاف مشاربها.. مشت الكرامة تتوج الفتاة التونسية ، ترفع عاليا انتشاءها بحب تونس وزيتونها ، أمنها وسلامها …

في مسيرة تونس لم ترفع صور زعماء أو رموز دولية ووطنية … مشى الهلال يحضن نجمته وحده يتوسط حمرة دماء التونسيون … وكان شارع 20 مارس يعلمنا المشي في نزهة الحضارة … في مسيرة تونس .. مشينا نساند تونس ضد الإرهاب ، فإذا بتونس تساند تعلمنا، تهدينا دروس الحضارة في الخطو .. في المشي.. في الوقوف .. وفي معاودة المسير… تعلمنا كيف ترتقي بنا القضية ، حينما تكون القضية أعلى من تكتيكات حساباتنا الخاصة ..تعلمنا كيف نلتف حول الوطن .. كيف يدفع حضور سلطان الوطن الخيمات الضيقة للإيديولوجيا المستوردة .. وكيف نرتفع بالوطن حينما نرفعه… وانه لا لولاء إلا للوطن ..

في مسيرة تونس ذابت الحساسيات … تمازجت الألوان لتشكل اللون البلوري المنفرد الذي لا يشبه الألوان الواحد للوطن ..وان لا وطن إلا بشعب يستحق هذا الوطن .. وان في مثل وطن كتونس الحضارة .. تضيع العبارة …وملأ كرياتنا الحمراء والخضراء ، نستشعر نبض الحروف عند أبي القاسم ، حينما تعزف على أوتار القلب :

إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر // ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر

‫تعليقات الزوار

3
  • motaba3a
    الأربعاء 1 أبريل 2015 - 00:43

    اين موضوع ( الارهاب الفقهي و الفكري جريمة )

    كتلعبو و لا شنو

  • المتوكل سارة
    الأربعاء 1 أبريل 2015 - 00:53

    لم تعويم القضية؟ لم التهرب من تسمية الاسماء بمسمياتها الحقيقية؟ اليس في الامر تبرير للارهاب؟ كعرب لسنا بعد واضحين في مسألة الارهاب اذ لا نزال في العمق مترددين- فاما ثمة ارهاب يمتح شرعيته و فكره من الدين الاسلامي و اما لا- هناك ارهاب يتم باسم الاسلام يضرب كل ما هو غير اسلامي و خصوصا المسيحيين و اليهود و اللادينين و العلمانيين و الادباء و العلماء و الفنانون و المفكرون الخ- ترحيل و سبي و تشريد المسيحيين من الشرق العربي و قتل اطفال يهود في فرنسا و غيرها او اوروبيين في بقاع الارض المختلفة و دوما الفاعل "مسلم" و "باسم الاسلام" الخ- المتأسلمون يعومون القضايا الشائكة كعادتهم القبيحة:بل يبررون الارهاب بجبن و غباء حين يقرنونه بالارهاب الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني مما يشرعن الارهاب عموما- "في مسيرة تونس ذابت الحساسيات":كيف؟ أليس فيهم من يداهن و ينافق، يقتل و يسير في الجنازة؟ لابد من الشجاعة و الوضوح لاماطة اللثام و تحديد المسؤوليات: من يفعل ماذا و لاية اهداف؟ العرب تطغى عليهم الذاتيات و الانانيات الطفولية و لا يقدرون على تحمل الحقيقة الجلية الكامنة فيهم الا و هي نزوعهم للارهاب لتغلغل الدين

  • محمد
    الأربعاء 1 أبريل 2015 - 22:35

    مقال جميل. شكرًا لكاتبته. وما أورده تعليق المتوكل سارة له ما يبرره، ولكن نفاق الظلاميين بمشاركتهم في المظاهرة هو نفاق مفضوح، وفي الوقت نفسه إقرار بالهزيمة وبضعف الموقف.

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 2

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس