استقالة الوزيرين وأما بعد

استقالة الوزيرين وأما بعد
الجمعة 15 ماي 2015 - 17:08

جميل أن نقول إن من حسنات ومنجزات السيد عبد الإله بنكيران أن يتقدم الوزيران من حزبه الحبيب الشوباني وسمية بنخلدون بالاستقالة تجنبا لاستمرار الاعلام المغرض في استغراقه في حياتهما الخاصة على حساب حياتهما العامة وبالتالي التشويش على أداء حكومته المقْدمة على إنجاز إصلاحات كبرى وحاسمة في مسار العمل الحكومي. يكمن جانب الربح في كون الاستقالتين ، حسب علمنا، عملا غير مسبوق على الاطلاق في تاريخ الدولة المغربية المعاصرة، ومن جهة أخرى هو درس بليغ لقادة الأحزاب الأخرى الذين تطردهم الفضائح الكبرى، كمن تورط في اختلاس المال العام وما زال مصرا على الاستمرار في استوزاره، ومن تورط في تصريحات خطيرة بخصوص علاقة الملك برئيس حكومته دون أن تتوفر لهم الشجاعة لتقديم استقالاتهم من مهامهم..

رغم ذلك الوجه المشرق للاستقالتين، من الأفضل الإشارة على سبيل التنبيه إلى الوجه الآخر هو جانب النقص الذي شاب العملية وشوش على أهميتها. هناك قاعدتان أساسيتان مجهولتان وغاب الالتزام بهما:

1) الاستقالة يسبقها التقدير الصريح لأهمية المساءلة الاجتماعية والتعبير عن احترام الرأي العام، والاعتراف الشجاع بتحمل المسؤولية.

2) تأتي الاستقالة، إذا كانت جدواها مقدرة، مباشرة بعد الضجة الاعلامية وليس بعد خفوتها، مما يستبعد الضغوط والتدخلات إلا ضغط الضمير والشعور بالمسؤولية والإدراك السريع للمآلات.

وبذلك تحتفظ الاستقالة بدلالتها التي لا تقبل أي تأويل. وأما في دولنا المتخلفة والمبتدئة في الديموقراطية فالاستقالة تأتي بأمر أو بضغط من المقيل بدليل أنها تأتي متأخرة بعد استنفاذ المستقيل لكل الدفوعات الشكلية والجوهرية.

لقد سبق أن قلنا في مقال سابق نشر في هسبريس (الحياة الخاصة للشخصية العامة في ميزان العلاقات العامة) إن الفكرة الأساسية التي يجب أن يعي بها الشخص العمومي هي أنه مسؤول بالدرجة الأولى عن بناء صورته في وسائل الإعلام، لأنه لا يقيّم نفسه بالقدر الذي يقيمه الجمهور؛ لذلك ليس من الحكمة أن يفصل بين حياته الخاصة وحياته العامة، ولا أن يعتبر كل الحلال حلال له؛ إلا أن الوزيرين المستقيلين المعفيين من مهامهما الوزارية ليس لديهما الوقت للانتباه إلى هذه الفكرة، لاستمرارهما إلى وقت قريب في الدفاع عن حقهما في حياتهما الخاصة، بدل الدفاع عن مشاريعهما الوزارية.

وهناك أيضا ملاحظات أساسية تتعلق بما يمكن أن يشوش على هذا الربح المتوقع لرئيس الحكومة من هذه الاستقالات وهي:

1) على رئيس الحكومة أن ينتبه إلى أن حكومته قد استنفذت العدد المقبول من الاعفاءات، وقد يصعب قبول تواليها من جانب الوزراء المنتمين لحزبه، كما أن توالي الأزمات السياسية التي يسبب فيها الوزراء يضر بصورة كفاءته في اختيارهم، خصوصا وأن الاعلام في عمومه يتصيد الأخطاء لبث سموم كراهية الحكومة ورئيسها بالضبط الذي يقود الاصلاح بكفاءة عالية ومزعجة للمفسدين.

2) يمكن القول بصراحة وبكل موضوعية إن المعارضة والخصوم حققوا انتصارا مهما في هذه الجولة من جولات سعيهم لإسقاط الحكومة بإسقاط رؤوس كبيرة في الحزب الحاكم، وهي خسارات كبيرة في الميزان السياسي.

3) من الناحية السياسية، يمكن قراءة الإعفاء المتأخر للوزيرين، وبعد أزمة فضيحة “سفاهة” البرلمان التي عرفت الشد والجذب بين رئيس الحكومة والأغلبية من جهة والمعارضة من جهة أخرى بكونه رسالة تهديدية شديدة الوقع تجاه رئيس الحكومة بشخصه.

إذن، إنها ضريبة من ضرائب الاصلاح ومحاربة الفساد. وربما في توقيتها هي أيضا ضريبة الانجرار والانخراط بردود الفعل المباشرة في “سفاهة” المعارضة؛ لذلك تتطلب المرحلة المقبلة مزيدا من الحذر للحفاظ على المكتسبات، وتتطلب المراجعة الجذرية للخطاب السياسي على جميع المستويات ومزيدا من العمل لتحقيق مزيد من انتظارات قطاع واسع من الشعب المغربي.

‫تعليقات الزوار

11
  • منا رشدي
    الجمعة 15 ماي 2015 - 19:11

    إلى السيد " محمد الراجي "
    أما بعد :
    بعد قرون من العمل المضني ؛ إستطاع المجتمع المدني تجويد حياة المواطنات
    والمواطنين في أوربا فسارت المجتمعات على نهجه ليس خضوعا ! إنما تطلعا لحياة أفضل لمجتمعاتهم ؛ فأخذت منه ما يحيي حياة الأفراد ويجعل لها معنى في سبيل دولة ترعى الحقوق ولا تتهاون في معاقبة من يهدد إختيار المواطنات والمواطنين في حياة أفضل !

    السيد " محمد الراجي "
    تعلمون تمام العلم أن دولتنا ؛ بفعل تضافر ذوي النيات الحسنة من أطر ومثقفين وجمعيات سياسية ومدنية ؛ إستطاعت تقريب المجتمع المغربي من منبع الفكر الحر المنتج المسائل الديمقراطي الحداثي ؛ ٱخذة بعين الإعتبار أننا خرجنا لتوه من قرون الإنغلاق والعزلة الحضارية ؛ فوجب السير بسرعة أبطإنا ! حتى يعم نور المعرفة كل المواطنات والمواطنين بلا تمييز ؛ لنعبرإلى حداثة عاقلة وليس جاهلة ! حتى إن عانقنا المشترك الإنساني عانقناه على أسس متينة يصعب تهديدها أو هدمها ؛ فمسؤولية المجتمعات مسؤولية أفراد بالدرجة الأولى وهم محاسبين أمام التاريخ .

  • منا رشدي
    الجمعة 15 ماي 2015 - 19:37

    تابع
    السيد " محمد الراجي "
    إن سعي حزب المصباح لكسر هذه الدينامية ظاهرة للعيان ؛ جناحه الدعوي لم يخفي يوما رغبته في العودة القهقري بالمجتمع إلى عصور الإنحطاط بإعتبارهاقضاء ا وقدرا ! متناسين أن الإنسان قدر الله على أرضه وإلا ما حمله الأمانة وما كان خلقه حكمة وقد صارح به ملائكته إني جاعل في الأرض خليفة … الٱية . فكيف تسيرون ضد حكمة الخالق الذي لم يجعل على الإنسان من سلطان سوى سلطان العلم ! فكيف تبلغونه وقد وضعتم من القيود ما يشل حريته في تجاهل تام لحقيقة أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يسير منتصب القامة ويتميز بنظره إلى الأفق وإلى السماء وليس إلى أنفه ! أو ما يتراءى له بين قدمين !

    السيد " محمد الراجي "
    إياكم ثم إياكم أن يغركم مشروع إخواني أنتم على علم بمٱلاته في الماضي ! وتذكروا أن قطر ما كانت يوما أجندتها ديمقراطية ولا إسلاموية ولا قومية ! هي تجمع داخلها متناقضات منفيين ومتوطنين بمحض إرادتهم ! تستعملهم كأدوات فقط وهي بدورها أداة في يد غيرها وهي تعلم ذلك ! لا جغرافيتها ولا ديمغرافيتها ولا إقتصادها يمكن أن تجعل منها قوة في المنطقة ! ألم يفقكم ذلك بعد ! أم ليس للمال طعم ولا رائحة !

  • راي مواطن
    السبت 16 ماي 2015 - 07:16

    غلطة الوزيرين كانت غلطة كبرى فالوزير يجب ان يكون قدوة لا معلما للاجيال بان كل من ملأ جيبه و حسابه البنكي يجب ان يجري لعشق اخرى و الزواج بها و تبرير ذلك تحت غطاء ديني و ان زوجته من خطبتها له, و من يعلم ما كان امر الزوجة الاولى و ما الضغوط النفسية اللتي مورست عليها حتى ترضى بمثل ذلك من زوجها! و اتساءل من سيحترم المراة و حقوقها ببلادنا ان لم يات ذلك من طرف وزراء يمثلون المغاربة تحت قبة البرلمان و اي صورة نعطيها عن بلدنا الحبيب في القرن 21 ان لم يكن السبق من طرف الوزراء؟

    بالنسبة لي اثبت هذا الفعل و غيره من طرف هاته الحكومة انه ليس كل من يظهر انه متدين هو جدير بان يمثلنا, كما اني وجدت انه ليست كل من تلبس الحجاب او الخمار فانها ملائكية ولا كل من له لحية و نراه يتوجه للمسجد كل صلاة و يحرص على ان يعرف الناس ذلك هو الافضل و قد ثبت لي ذلك بالتجربة للاسف, لان الدين افعال مع الصمت و الستر لا اقوال و اشهار نشهر به انفسنا باننا طيبون لنحصل على مميزات مادية.
    لذلك قررت ان لا اعطي صوتي مستقبلا و ان لا اثق الا في من لديه برنامج للاصلاح, لا من يختبا وراء الدين ليتاجر به فاثق فيه مثل الاعمى.

  • اسد الاطلس
    السبت 16 ماي 2015 - 09:05

    الى الاخت الجليلة منا رشدي يبدو لي والله اعلم انك تودين فقط ان تعبري عن مكبوث تجاه الاسلاميين فكتبت تعليقك على مقال الاستاذ الراجي . وما قاله الاستاذ شيء وما تريدين الصاقه بالمقال شئ اخر.المهم لا باس عليك . ما كتبتيه يندرج ضمن المقالات وليس تعليقا . وانت على كل حال فتحت بابا واسعا للمناقشة . وهذا هو الاسلوب الحضاري الذي يجب ان يسلكه المغاربة من اجل تقريب وجهات النظر ومثل هذه الاساليب المفتوحة في بلادنا الحبيبة هي التي جعلتنا نتعايش في حب ووءام واحترام الراي الاخر مهما وصل الاختلاف .

  • صالح المجدي
    السبت 16 ماي 2015 - 09:59

    الملحدون وبعض اليساريين والمنتفعون والمأجورون .و ….. ينظرون إلى الإسلام نظرة عداء ولافرق عندهم في ذلك بين إسلام معتدل وإسلام متطرف .فهم يصممون على خلع الإسلام من جذوره بإدخال العلمانية بكل سيئاتها . الإجهاض .وأكل رمضان في العلن .والعري والاختلاط المشبوه وتحريف نصوص القرآن وتأويلها بما يناسب أمزجتهم . والتبرأ من المبادئ الشريفة بتبني الكذب والإشاعة .وإباحة ما لأنفسهم حتى وإن خالف الشرع والقانون والإنسانية .واتهام غيرهم ممن ينتمون إلى الإسلام بأشياء باطلة حتى وإن فعلوا ماحلله الله .
    السيد محمد الراجي
    أرى أن موضوعك متميز يشير إلى الحقائق بدقة فيه من الموضوعية ما يجعله بريئا من كل عيب يريد كل متطرف أن ينبذ فيه .

  • منا رشدي
    السبت 16 ماي 2015 - 11:25

    إلى الأخ أسد الأطلس
    لم تنظر إلى رشدي ونظرت إلى " منا " وليس " منى " فحملت إسما ما لا يحتمل ! على أي ؛ إذا كان الإختلاف في الألف على من ينوب ! فيظهر أن المناصفة تسير في الطريق الصحيح ! فالغاية ليست في الإسم منا أو منى ؛ بل في مضمون ما يكتب بصرف النظر عن صاحبه أو صاحبته !

  • زهير
    السبت 16 ماي 2015 - 15:35

    الأقلام الحزبية عندما تسبح مع العاطفة في ذات الاتجاه من المستحيل أن تكون منتجة أو موضوعية على الأقل. تحاول جاهدة أن تزين القبيح و تعطي الشرعية للزلات و تكون بذلك مساهمة في تضليل الرأي العام و تشارك إراديا في الجريمة. حزب المصباح دخل اللعبة بل و صار لاعبا رئيسيا و أزاح القناع و بانت حقيقته و وصولية رجالاته في أكثر من مناسبة، و أدرك الجميع أن الدين كان مطية للوصول للسلطة و يستغل فقط لمغازلة عواطف الشعب المؤمن الذي لا يردعه شيء و لا يكبح جماحه أكثر من الخطاب الديني. شعب ما زال لا يستطيع أن يعض على اليد التي تذبح ما دامت اليد الأخرى تسبح. وقد جند خلفه أقلاما و حناجر مستعدة لبذل الغلي و النفيس في سبيل الدفاع عن ممثلي الحزب سواء على صواب كانوا أم على خطأ و هي أساليب معروفة و متعارف عليها في القاموس السياسي القذر للدول المتخلفة و ليست حكرا على حزب المصباح كي لا أكون مجحفا. لكن النفاق الذي أعيب على هذا الحزب الاسلامي الذي باع الوهم للمغاربة و تاجر بأحلامهم. وكل من عارضهم أو خالفهم وجهة نظرهم، سهل للغاية، فهو عدو الله الملحد الشيوعي أو من أذيال أحزاب المعارضة !!

  • متسائل
    السبت 16 ماي 2015 - 16:13

    يقول : …إذن، إنها ضريبة من ضرائب الاصلاح ومحاربة الفساد….
    يريد ان يوهمنا أن الحكومة المفسدة كانت ، بفساد وزرائها ، تحاول فقط أن تحارب الفساد ! !
    لا غرابة في منطهم هذا ، لقد تعودوا أن يجعلوا من الهزيمة انتصارا ومن الغزوة فتوحات و من …
    تعودا أن يقنعوا زبنائهم البسطاء الذين يأتون عندهم بمحض إرادتهم إلى المساجد أن العفو عن الفساد هو محاربة للفساد طالما أن الله هو الذي عفا عما سلف عن طريق بنكيران ، بنكيران الذي مرر قانونا يسمح لنفسه و الوزراء المفسدين المطرودين أن يتمتعوا بتقاعد مدى الحياة قدره 4 ملايين سنتيم من أموال المتقاعدين الكادحين الحقيقيين .
    سيدي ، من يريد أن يسمع هذه السخافات سيأتي عندك إلى المسجد ، أما نحن فكل ما نطلبه منك ،كقراء ن هو أن لا تقرأ علينا زابورك لتنصر اخاك ولو ظالما ، نريد أن تقول للشيباني و عشيقته أن يتخلوا عن تقاعدنا إلا فيهم شي نفس.

  • احمد
    السبت 16 ماي 2015 - 17:10

    وزيرة تقبل ان تكون زوجة ثانية-
    هل من السهل قبول هاته الفكرة و لو سمح القانون بدلك؟
    ارجو من السيدات الاجابة عن السؤال التالي-
    هل توجد امراة واحدة تقبل التعدد في عمقها و في قلبها و في لحمها؟
    شكرا

  • عطارد
    الأحد 17 ماي 2015 - 03:52

    لا أري أي موضوعية في المقال فصاحب هذا الأخير قدم الضحية وجلادها وحكم عليهما سلفا و لم يترك للأسف مجالا للقارئ بأن يحكم بنفسه كل حسب قناعاته وما يرى او بالأحرى يبدي رأيه حتى … ثم من غير المعقول أن نحكم ونقيم أداء حكومة ما بناءا على النوايا الحسنة كما ورد في المقال فالحكم لا يكون ولا يستقيم الا بوجود منجزات ملموسة ومرئية … ويبدو لي أيضا ان صاحب المقال غلبت عليه الإديولوجية بدل الموضوعية فإنتمائه او إنحيازه وتعاطفه مع الحزب الحاكم واضح وجلي وإن كان ماجد به المقال يجانب أو قد يجانب الواقع في أحيان كثيرة… اليوم يصعب الجزم من هو على صواب ومن هو على خطئ فواقعنا اليومي ومشهدنا السياسي أصبحا مشوهين ولا يمكن وصفهما بأي شيئ … اليوم يمكننا الجزم في أمر وحيد هو أن مايحدث اليوم من أحداث ومشاهد تؤثث مشهدنا السياسي تبعث على الغثيان والنفور …. تبا

  • مراقب
    الأحد 17 ماي 2015 - 08:19

    السؤال اليوم مادا ستجني البلاد من كل هدا الكلام والوقت الضائع! مادا سيجني دلك المواطن الفقير او المعطل من كل هدا اللغط! المهم ان السياسي لا يهمه امر الفقير والمعطل الا في وقت الانتخابات. الوزيران فازا بالتقاعد والمعارضة والصحافة فازو بالاستقالة، والمواطن البسيط لايزال مفقودا بينهما يبحث عما يضمن له عيشا كريما. لقد ضاعت سنة في التعديل الاول وستضيع سنة اخرى في التعديل الثاني والمشاريع متوقفة والعالم الخارجي يراقب السرك والتجربة المغربية الفريدة….

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة