سحب إدارة الإعلام والثقافة والفن من الحكومة

سحب إدارة الإعلام والثقافة والفن من الحكومة
الثلاثاء 2 يونيو 2015 - 13:52

من المجالات التي تعيش حالة من الإرتباك الظاهر في التدبير في مغرب اليوم، كل ما يتعلق بالإعلام والثقافة والفن. والسبب بسيط، هو أن النظام الديمقراطي يتطلب وضع تدبير هذه المجالات بيد مهنييها بعيدا عن سلطة الحكومات وعن السياسيين كافة.

من طبيعة السياسي (ولو كان مهنيا) أن يتفاعل مع ضغوطات الرأي العام الذي تسود فيه النزعة المحافظة، في حين أن الإعلامي والمثقف والفنان يمتازون بالجرأة التي تميل إلى التجديد (مقابل المحافظة). وبالنسبة لهذه المهن، إثارة الإنتباه جزء من أسس المهنة، علما أن الكثيرين يحدفون كلمة “الإنتباه” ويتركون كلمة “الإثارة” ويختصرون معناها في “الإثارة الجنسية”، في حين أن المسألة في أصلها هي “إثارة الإنتباه”.

ولهذا، لما يتولى السياسي شؤون الإعلام والثقافة والفن، فإنه لا يستطيع أن يجاري تطور الإتجاهات المجددة، ويضطر ليكون في صف “الرأي العام” لأسباب انتخابية بالأساس، أو قد يجاري مراكز النفوذ من أجل الحفاظ على موقعه السياسي، وهذا ما قد يجعله يعمد إلى إيقاف الجريدة ومصادرة الكتاب أو حجب اللوحة والفيلم … ألخ

بالإضافة إلى هذا، تستعمل المجالات المذكورة لتوجيه المجتمع. وفي طار الصراع الديمقراطي لا يصح أن تكون الحكومة مسؤولة على تلك القطاعات لأنها قد تستعملها في توجيه المجتمع لصالحها، ضد الإتجاهات السياسية التي تكون في المعارضة في إبانه.

وبناء عليه، يتم في أغلب الدول الديمقراطية جعل تدبير قطاعات الإعلام والثقافة والفن بيد المهنيين. بل، في الكثير من الدول تترك للمجتمع، أي حتى المهنيين الذين يتحولون إلى “لوبيات” كثيرا ما يكونون على سوء لابأس به في تنظيمهم لهذه المجالات.

ولما يحدث نزاع ما في هذه المجالات، يكون القضاء هو المجال الملائم لعرض النزاع، باعتبار القضاء نظريا هو المؤسسة التي تحمي الحقوق، ويمكن أن تحد منها بحكم القانون. وفي إطار المحاكمة العادلة، يتم منح المتهم كل الفرص للدفاع عن نفسه، وهذا ما يجعل القضاء عادلا حتى لما يحرم أحدا ما من حق من حقوقه في إطار الجزاء (العقوبة).

وفي هذا الصدد، إن منع فيلم المغربي نبيل عيوش مؤخرا، جاء بقرار سياسي. ولنفرض أن الذين اعتبروه مهينا للمرأة، أو مهينا للمغرب قد توجهوا إلى القضاء، ووضعوا شكايتهم، وجاء صاحب الفيلم ودافع عن نفسه ورافع دفاع الطرفين ومرت المراحل .. إذا ما حدث هذا وكان مسار المحاكمة عادلا، فلنا اليقين أن أي حكم سيكون عادلا.

من السهل أن يتضامن المرأ أو يندد، ومن حق كل من له رأي أن يعبر عنه، وليست لحرية الإنسان حدود إلا لما تمس حرية الغير! لكن بناء الدولة الديمقراطية يحتاح إلى ميكانيزمات تسمح بهذا البناء، ومن بينها – في الموضوع الذي نحن بصدده – سحب مسؤولية السلطة التنفيذية على مجالات الإعلام والثقافة والفن، لتوضع أمور هذه الميادين بيد المهنيين. ومن تضرر منها أو فيها، يمكنه اللجوء إلى القضاء.

أما المنع خارج نطاق القضاء، فمهما كانت مبرراته فهو تعسفيا، لأنه لا يمنح للممنوع فرصة الدفاع عن نفسه!

‫تعليقات الزوار

3
  • Intox
    الأربعاء 3 يونيو 2015 - 06:29

    للسلطة مفاتح ومن جملتها مفتاح سرداب تكوين العقول النعجية. إن مفتاح التحكم في الإعلام والثقافة والفن يجعل الأمر سهلا في تكوين أمة متجانسة أو متنافرة. إذا لا سلطة لمن يدير شؤون إدارة أمة، دون أن يكون له الحق في الولوج للمفتاح. و السلطة الحقيقية هي من لها قوة التحكم في مفتاح التهجين.

  • عبد الخالق مونا من تطوان
    الأربعاء 3 يونيو 2015 - 12:49

    أخي الكاتب العزيز، أن كل الديمقراطيات في العالم لاشك أنها تبني مجتمعاتها على أساس منظومة من القيم والمباديء الأساسية ومن أبرزها الحرية والعدالة والمساواة وتروم أيضا الى تشكيل وحدة فكرية واجتماعية حتى تحافظ على كينونتها وهويتها مستهدفة من ذلك اقامة مجتمع واحد منسجم في مكوناته وعناصره المختلفة ومحافظا على حقوقه الدينية والعرقية.
    أخي الكريم ، ان الاعلام والثقافة والفن انما يعتبر أداة من أدوات التواصل والتغيير نحو الأفضل والأحسن ، فهذه الوسيلة تستخدمها جميع الأطراف سواء كانت حكومية أو مدنية من أجل التغيير والرقي بالمجتمع نحو الأفضل والمحافظة أيضا على ثقافة وتقاليد المجتمع الاسلامي المتعدد الألوان الثقافي ، فلا يحق لأي أحد أن يقول أن هذا القطاع الاعلامي والثقافي والفني أن يكون معزولا عن أي طرف من أطراف المجتمع وأن يكون خاضعا لجهة معينة ، وتفسير ذلك أن الدستور المغربي يمنح الحق لكل فرد ومجموعة أن تعبر بحرية عن ميولاتها ثم ثانيا ضرورة التقيد والالتزام بثقافة المجتمع وتقاليده. من ثم لا يسمح لأي أحد أن يكون استثناء داخل المجتمع ويعبر تعبيرا أحاديا ضاربا عرض الحائط بقيم وثقافة هذا المجتمع

  • FOUAD
    الأربعاء 3 يونيو 2015 - 22:26

    تريد النخبة النخبة تجاهل الراي العام و اسناد الفن و الثقافة اليها و اذا وقع نزاع نلتجئ ال القضاء النزييي!
    تحليل سطحيي لا يؤمن براي عام لا يؤنن بحكومة منتخبة! المثقفون يمارسون الوصاية§
    غريب§
    Mon salam

صوت وصورة
اعتصام ممرضين في سلا
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 19:08 1

اعتصام ممرضين في سلا

صوت وصورة
وزير الفلاحة وعيد الأضحى
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 17:34 24

وزير الفلاحة وعيد الأضحى

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12 3

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين

صوت وصورة
احتجاج بوزارة التشغيل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:02 2

احتجاج بوزارة التشغيل

صوت وصورة
تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 15:15 4

تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات