"السخرية في المؤنث" السؤال الذي أغضب كاريكاتوريي المغرب

"السخرية في المؤنث" السؤال الذي أغضب كاريكاتوريي المغرب
الأربعاء 10 يونيو 2015 - 23:56

كانت الساعة تشير إلى منتصف الظهيرة حين دخلت قاعة من قاعات دار الثقافة بمدينة شفشاون، هناك كان يجلس العشرات ينصتون لخمس شخصيات يتحدثون في واحدة من الندوات التي عقدت في إطار “الملتقى السابع للكاريكاتير والإعلام”.

كانت الشخصيات التي برزت مغربيا في الإعلام أو في الكاريكاتير، تتحدث في مواضيع شتى لكنها أجمعت على أن الكاريكاتير كالإعلام يعاني من قيود على حرية التعبير، ويهدد سلامة المهنيين، ويعرقل مسيرة المغرب في الإبداع، و…و….و…وجلست كالجالسين أنصت للمتحدثين، وفي إنصاتي كنت أتساءل: “هؤلاء المتحدثون في الندوة كلهم رجال، هل معنى هذا أن السخرية سلوك ذكوري بامتياز، وموهبة منحت للرجل دون المرأة؟”

أخذت موبايلي أستنجد بمحرك غوغل، وبدأت أبحث عن أسماء نسائية مغربية في مجال الكاريكاتير، لم أجد شيئا يذكر، فاشتد التساؤل في ذهني، فتح منشط الندوة باب الأسئلة، قمت كأي مواطن تبادر إلى ذهنه تساؤل وأراد أن يتشاركه مع أهل الاختصاص لعلهم يروون عطشه ليعرف “هل السخرية بالكاريكاتير سلوك ذكوري؟”.

وأنا أشارك تساؤلي مع من يصنفون”جهابذة الكاريكاتير والإعلام” في المغرب، كنت كلي ثقة أنه سيجد صدى لدى المتحدثين الذين كانوا منذ قليل “يتباكون” على تقييد “جهات ما” لحريتهم في التعبير والإبداع، وحتى النقد السياسي، لأتفاجأ أن تساؤلي يثير غضبا شديدا من صناع الكاريكاتير، وغضبا أشد من المنظمين للملتقى، وصمتا من الإعلاميين المتحدثين، باستثناء واحد منهم أعلن تضامنه مع شخصي ومع موقفي، ليتحول تساؤلي عن “السخرية في المؤنث” إلى “الغضب من المؤنث”، وهو ما جعلني أتساءل أكثر”هل وعى هؤلاء الذين كانوا منذ قليل يشتكون من قيود على حرية التعبير أنهم تناقضوا في مواقفهم وهم يردون بغضب على تساؤل ورد في ذهني؟”.

لنتأمل قليلا الإجابات التي تلقيتها على تساؤلي: هل السخرية سلوك ذكوري؟

حتى في فرنسا لا يوجد رسامات كاريكاتير نساء –

مديرة دار الثقافة في شفشاون امرأة –

-رسم الكاريكاتير مهنة وليس مجرد هواية

لقد قمنا بدعوة أربع كاريكاتيريست نساء لكنهن لم يحضرن –

أنتم النساء أخبرننا بسبب عدم ولوجكن عالم الكاريكاتير –

الملتقى لا يقوم بالإقصاء ولو كان هناك كاريكاتيريست نساء لقمنا بدعوتهن –

جبدتي على راسك الصداع-

كونوا لبؤات وكولونا….-

لو كنا نعلم بحضورك لخصصنا لك مكانا بين المتحدثين-

تساؤلي أغضب الكاريكاتوريين ومنظمي الملتقى حتى أنهم”بداو غير كيشايرو في الأجوبة بدون ميزان”، معتقدين أني أتهمهم بإقصاء النساء من عالم الكاريكاتير، ولا عاقل بينهم”وهنا أوجه لومي للإعلاميين المخضرمين اللذين كانا في المنصة، واللذين قاما بالثناء والإشادة بتساؤلي لكن في حديث جانبي بيني وبينهما”، تدخل ليوجه دفة الكاريكاتوريين والمنظمين، ويذكر بما أشرت إليه وهو طلبي بأن يقوم الملتقى في نسخته القادمة بتنظيم ندوة حول “السخرية في المؤنث وأسباب ضعف تواجد كاريكاتيرست نساء في المغرب، وهل السخرية عامة سواء عبر الكتابة، أو الرسم سلوك ذكوري تعجز المرأة عن سبر أغواره؟”.

بعيدا عن هذا القبح، كان هناك أثر جميل لتساؤلي وهو ذاك العصف الذهني الذي استطعت خلقه وأخطا طريقه إلى ذهن أهل الاختصاص من صناع الكاريكاتير، ليصيب ذهن بعض من الحضور والذين بدأوا يتسارعون في تقديم الإجابات عن تساؤل فكري، لكن للأسف القائم على التنظيم وهو “صحفي”، كان همه الأكبر هو “استتباب الأمن” داخل القاعة، وأن هناك “أساتذة” يتحدثون، وما على الحضور إلا طرح السؤال عليهم وانتظار الجواب، وأهم من ذلك التزام الصمت، لأطرح هنا تساؤلا أكبر:”هل يعي هذا المنظم وهو يمارس ديكتاتوريته على المواطن في ندوة تطالب بحرية التعبير والإبداع، أن هذا الملتقى ينظم بدعم من وزارة الاتصال ومن الجماعة المحلية بمعنى أن الأموال التي صرفت عليه هي أموال دافعي الضرائب التي يدفعها هذا المواطن الذي يشارك في هذه الندوة ويطلب منه أن يسأل ويستمع ويصمت؟”.

انتهت الندوة، لكن ردود الفعل على تساؤلي لم تنته، في الطريق إلى المطعم، على مائدة الغذاء، وفي صالون الفندق كان كل شخص يتحدث إلي يحاول أن يجيب على ما اعتبروه”سؤالا”، وصححت لهم أنه”تساؤل علينا كلنا بدون أي تمييز جندري محاولة التفكير فيه وليس مجرد إيجاد رد عليه”.

غادرت شفشاون، وأنا أتذكر ذاك اليوم الذي كنت فيه باستوكهولم أحضر كواحدة من “خريجي البرنامج السويدي للقادة الشباب”، ندوة حول”التغيير الإيجابي عبر الإعلام والموسيقى”، وكانت الندوة تبث مباشرة على القناة السويدية، ليأخذ أستاذي السويدي الميكروفون ويقول ما لم أنسه يوما”أنا هنا في منصة المتحدثين أحب أن أخبركم أني أشعر بالعار لمشاركتي فيها، نحن أربع محاضرين ليس بيننا امرأة وأرفض أن يتم إقصاء المشاركة النسائية بهذه الطريقة الفظيعة”.

في السويد، الدولة التي تصنف من أكثر الدول احتراما للنساء، يقوم رجل ليعبر عن شعوره بالعار للتواجد في ندوة لا نساء فيها، دون أن يقول إنهم سوف يصفوني ب”الخائف من زوجته”، أو”ولد ميمتو”، وفي المغرب، حين تطالب امرأة بحقها في التواجد توصف ب”الفيمينيست”، وفي ملتقى شفشاون للإعلام والكاريكاتير حين شاركت بكل حسن نية تساؤلا مع من كانوا يشتكون من قمع حرياتهم، لم يخجلوا من أنفسهم، وهم يحاولون قمع ليس فقط حقي في التساؤل، بل أيضا حق هذا المواطن الذي كان جالسا يستمع وأراد أن يشارك برأيه لكن تم قمعه، لأنه في المغرب على المواطن أن يدفع من أمواله للضرائب، حتى تقدم بكل استسهتار لهكذا ملتقيات تنظم لمن يصنفون”مبدعين تقيد حريتهم”، وعلى المواطن أن يحضرها، ليستمع إليهم، ويكتفي هو بالإنصات إليهم…في صمت.

مستشارة في الإعلام والتدريب

‫تعليقات الزوار

8
  • إنسان
    الخميس 11 يونيو 2015 - 01:58

    لك الحق في التساؤل ولهم الحق في الإجابة. يبقى الأمر بأي طريقة طرحة سؤالك وكيف تمت إجابتك.
    أنا شخصيا لست ضد أحد فقط أود أن أعرف متى سيتم التوقف عن رؤية تواجد النساء بطريقة حساسة كفوبيا أو شيء غريب.. أنظر إنها امرأة تسوق دراجة!!، أعني التمييز بين المؤنث والمذكر، الأبيض والأسود. فنجد ندوة أو ملتقى أو مهنة أو حكومة أو مؤسسة أو غيرها فيها نساء ورجال أو نساء فقط أو رجال فقط ليس لجنسهم وإنما لكفاءتهم.
    هذا يذكرني ببعض نجوم كرة القدم الذين خسروا الكثير لأنهم دائما يعيشون دور المحكور الذي يعاني من العنصرية حتى لو لم يكن تمارس عليه العنصرية عوض التركيز في مسارهم المهني.

    ينتهي التمييز فيصبح الشخص الذي عانى من التمييز يمارس تمييزا هو بنفسه. والدليل هو التجمعات العفوية للأقليات في شتى بلدان العالم.

    كفى تمييزا… المساوات ليست بفرض نسبة عددية لجنس ما وإنما بعدم التركيز على الإختلاف في الجنس أو اللون…. تلك النظرة التصنيفية إن فهمتم قصدي فقط نعامل بعضنا البعض كبشر.

    شكرا هذا فقط رأيي ومن الطبيعي أن يختلف معي الآخرون وهو الشيء الذي يميز بني أدم.

  • المهدي
    الخميس 11 يونيو 2015 - 07:53

    الكاريكاتير يا سيدتي حسب فهمي فن وليس مهنة حتى تخضع لمنطق المحاصصة ، ومن يمسك بناصية هذا الفن والقدرة على اختزال الكثير من الكلام والكتابة في خربشة ريشة تقول كل شيء فلا حاجة له بشفاعة اي كان ليقتحم الميدان ، الكاريكاتير ابداع كالرسم والموسيقى حيث اللوحة واللحن الشجي يقدم صاحبه ، يتحدث عنه ويفتح أمامه الآفاق ، وهذا لا يخضع لمعايير النوع البيولوجي : رجل / امرأة بل وحدها قوة نفاد الإبداع الى عمق المتلقي تفرض موطئ قدم للمبدع ، العقل المبدع والحس الفني ليسا ذكرا أو أنثى ، تحياتي.

  • ١محمد١
    الخميس 11 يونيو 2015 - 08:49

    توقفت برهة و أنا أقرأ مقالك عند هذه الجملة:

    "حتى في فرنسا لا يوجد رسامات كاريكاتير نساء"

    للأسف… لا يمكن رؤية أبعد من أمهم فرنسا…

  • sefrioui
    الخميس 11 يونيو 2015 - 09:41

    حقيقة لست أفهم أين المشكل في الموضوع؟ إذا كانت الكاتبة هي نفسها لم تجد على محرك البحث غوغل أسماء رسامات كاريكاتير فعلى من تقع المسؤولية؟ وهل يجب أن توضع "كوطا" في هذا المجال مثلا حتى نضمن حضورا للنساء فيه؟
    أعتقد أن مسألة المرأة وحقوق المرأة تضخمت بشكل كبير وصارت تثار بمناسبة وبدون مناسبة حتى صار الأمر أشبه بصراع الوجود منه إلى نقاش حول الحقوق
    لنكن واقعيين: العديد ممن يثيرون الموضوع (من غير النساء طبعا) يثيرونه من باب الاستهلاك فقط وللظهور بمظهر متحضر..فموضة الركوب على حقوق النساء أصبحت تعطي نقطا إضافية لكل من دخل من بابها.
    أنا أعرف أن أمي وأختي وزوجتي امرأة كرمها الله قبل أن تفتح غربان البشر فمها
    أعرف أن لها طاقات وقدرات ومهارات تتفوق في بعضها على الرجل وتماثله في أخرى وتقل عنه في بعضها أيضا وليس في هذا أي انتقاص أو إهانة.وبغض النظر عن هذا الموضوع بالذات والذي يدخل حتما في باب المهارات التي قد تتفوق فيه المرأة بحسها الجمالي على الرجل أظن أن كلا ميسر لما خلق، وياليتنا نكف عن حفر خنادق الصراع بين الجنسين بسبب تأليب طرف على الآخر وننظر إلى بعضنا البعض نظرة تكامل ليس فيها غالب ولا مغلوب

  • الناسوتي
    الخميس 11 يونيو 2015 - 10:05

    أعتقد أن سؤالك أو تساؤلك كان في غير محله، بل أجزم أن القصد منه كان استفزازيا. لماذا؟ أولا: الكاريكاتير هو فن وإبداع، وكما تعلمين المجال مفتوح أمام الجميع بدون تمييز. ثانيا: هذه النزعة النسوية التي استحوذت على عقول الكثيرين والكثيرات لدرجة أصبحت تطالب بالكوتا للنساء في العمل السياسي والاقتصادي والعلمي و.. هي نزعة أقل ما يقال عليها أنها نقيض المنطق السليم نظرا لكون السياسة أو العلم أو الاقتصاد مجالات مفتوحة أيضا أمام الجميع، لكن أن نمنح منصبا ما لامرأة فقط لكونها أمرأة دون الأخذ بعين الاعتبار لإمكانياتها العلمية والفكرية (وكذلك بالنسبة للرجل) غباء ما بعده غباء. أن نطالب بتعليم المرأة وتمكينها من حقوقها كإنسانة هو الاستراتيجية التي يجب أن ندافع عنها وليس تمكينها من القيادة فقط لكونها امرأة حتى ولو كانت لا تحسن هذه القيادة. كل شيء نسبي في الحياة.
    تحياتي وشكرا

  • KITAB
    الخميس 11 يونيو 2015 - 10:55

    ماذا حملك على تساؤلك هذا الذي أصبح بمثابة البوابة التي تلج منها كل امراة الى حضور ندوة أو معرض أو او " محل المرأة " من هذا الموضوع أو هذه الندوة أو هذا الكاريكاتور ، وكأن الكاتبة ليس قصدها ثقافة الكاريكاتور ورمزيته وابعاده وأغراضه ومواضيعه وترميزاته ووو بل فقط هم الأستاذة ان تسأل عن موقع المرأة ونصيبها من هذا المنتوج ولماذا كانت غائبة أو تم تغييبها!!!

  • خالد العيادي
    الخميس 11 يونيو 2015 - 11:43

    صراحة ملامسة واقعية للارهاصات التي يعيشها دعاة الحرية و المساواة و مدى احترامهم لممارستها من طرف الآخر،في بعض الأحيان نجد ان مثل هاته الأسئلة النوعية هي من تميز الملتقيات لكن و صراحة تمنيت ان ارى توصيات او خلاصات معينة للملتقى حتى نرى تأثير الحقيقي للكركاتير على المجتمع من خلال رسائله و اشارة فقط في اليابان يتعلم الطفل في سنة العاشرة رسم كل مايتخيل لديه بإكتساب كفايات معينة و التي تعمل عليها القنوات المتدخلة في تنشئته الاجتماعية و بالتالي خلاصات الملتقى قد تبين نا يجب ان يكون مستقبل في المدرسة او الاعلام او في مؤسسات لها تداخل مباشرة مع الكاركاتير عموما كما في السويد او نماذج دول تدافع عن المساواة و المناصفة فنحن كذلك في المغرب تقدمنا بعض الشيء من ناحية النظرية لكن في الممارسة فهي مسؤولية الجميع فما معنى الحصول على حق دون ممارسته…الاحزاب الاعلام المجتمع المدني انتشروا لتأطير المواطنين فإن لم يجسد وعي المواطن في سلوكه فما فائدة ان نحمل دستور و بعض القوانين و نعمل لها دعاية خارج المغرب اليس من الاولى تأطير من سيطبقها…!

  • هشام
    الخميس 11 يونيو 2015 - 13:57

    أنا أقترح تشريع قانون منظم لمهنة أو فن الكاريكاتور
    إما فرض على فئة محددة من النساء فن الكاريكاتور
    أو فرض غرامة على كل عائلة لها أكثر من طفلة ولم تعلم على الأقل واحدة من طفلاتها الكاريكاتور كفن

    أعتذر ولكن سؤالك هو كمن يسأل 'لماذا لا يوجد كاريكاتوريست إسمه أحمد في المغرب'

    فما دخل الجنس في هذا
    إنه سؤال غريب جدا ولهذا تعجبتي من الإجابات رغم أنها إجابات تفتقد للذكاء
    وسبب إنزعاج الحضور من سؤالك هو أن السؤال طفولي
    كمن يسأل لماذا لا يوجد في هذه الصورة اللون الأزرق

    السؤال الذي طرحتيه ليس في محله لأن الحاضرين لا يملكون الإجابة ولا علاقة لهم وغير مسؤولين عن هذا

    ربما لو طرح في مجمع فلسفي لكان السؤال له قيمة

    للتذكير فقط
    المرأة والرجل الواحد يكمل الآخر
    ولكن قيمة المرأة في الحياة هي أكبر وافضل من الرجل
    الله كرم المرأة بحيث أن المرأة في الإسلام ليس واجبا عليها أن تعمل أو تشقى
    العمل هو كهواية لها
    الرجل مسؤول عن تلبية كل حاجيات المرأة وتكريمها وتدليلها
    سواء كانت المرأة زوجة أخت خالة جارة عابرة سبيل أي أمرأة

    ما نراه في المغرب وأغلب دول العالم هو العكس
    المساوات ظلم لأن مكانة المرأة أعظم

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات