هل سيدعم الفايسبوك السياسة في الانتخابات المقبلة؟

هل سيدعم الفايسبوك السياسة في الانتخابات المقبلة؟
الجمعة 17 يوليوز 2015 - 08:57

مـــا من شك في أن “الفايس” أو المواقع الاجتماعية عمــوما كان لهـــا دورهــا في الأحداث التي عرفتهــا المنطقة العربية من حيث الإطاحة ببعض الأنظمة أو إشـــعال فتيل الاحتجاجات في دول أخرى، لتنتهي الأمور “وفق طريقة تدبير تلكم المرحلة” إما إلى إدخال تعديلات على الشأن السياسي وأسفر ذلك عن نوع من الاستقرار النسبي كما هو حاصل في المغرب، أو أن الأطراف المتنازعة اتجهت نحو “التشدد والتصلب” وانتهى الأمر بهم إلى إراقة الدماء والاقتتال كما هو حاصل حاليا في كل من سوريا وليبيا على سبيل المثال لا الحصر.

من شبه المؤكد أن هذه الآليات قد تركت بصماتها الخاصة عبر طريقة تغطيتها للوقائع والأحداث من خلال ما أتاحته من تقنيات ووسائل ذات التأثير البالغ في شحذ العواطف والعزائم، على عكس القنوات “التقليدية أو الرسمية” المعروفة بخطوطها الحمراء والسقف المحدد لها في قوانين الصحافة والإعلام، وهو ما أفرز تلكم الديناميكية التي تسارعت بها الأحداث على النحو الذي عرفته المنطقة في تلكم المرحلة.

الواقع أن أشكال انفتاح الشباب على هذه الآليات قد ابتدأ في مرحلة أولى عبر ما تتيحه من عوامل “متعة وتشويق وإثارة” خصوصا في صالونات الدردشة، تبادل الرسائل، مشاهدة بعض مقتطفات الفيديو أو التنصت على الموسيقى أو لمجرد “قتل الوقت”.. غير أن الأمور سرعان ما ستتطور في أشكال التعاطي مع هذه الآليات باختلاف اهتمامات الشباب، ليتجه البعض منهم صوب التحاور والتواصل حول قضايا لها علاقة بالبعد الثقافي والسياسي، في استفادة من هوامش الحرية المتاحة ومن قلة أجهزة الرقابة، وبالتزامن أيضا مع الأوضاع الصعبة التي يعيش تحت كنفها الجزء الكبير من الشباب، حيث وجد هذا الأخير في هذه الوسائل ضالته للتعبير والتنفيس ومحاولة تكسير جل الطابوهات الموضوعة أمامه بغية الوصول بأوضاعه إلى واقع أفضل وأرحب.

لا تنحصر أدوار هذه الآليات في مجرد الدعوة إلى الاحتجاج أو الانقــلاب، بل لقد بدأت تسهم في تعزيز المنحى السلمي المدني من حيث قدرتها على تعرية بعض الاختلالات أو تعرية ما يُتستّرُ عليه من رشوة وأشكال فساد، وهو ما جعل هذه الآليات تقدم إسهاما هاما في جانب الشفافية ما دامت هناك “عيون رقمية” تراقب العديد من الأشياء وبإمكانها التبليغ بسرعة للرأي العام عن العديد من الخروقات، فيصبح الخرق مشاعا على أكثــر من صعيد من حيث تواجده في الفضاء الزجاجي للأنترنت ويلاك على أكثر من صعيد.

من كثرة ارتباط هذه الآليات بما يروج أنها ساهمت به من دعوات احتجاج أو تعرية الخروقات، فيبدو أن الطبقة السياسية عندنا قد تكونت لديها نوع من “الحساسية السلبية” تجاه التعامل مع هذه الآليات، كما يتم التعامل معها أيضا وكأنها “فضاء قاصر” نسبيا بالنظر لكونها تشكل أرضية خصبة لترعرع أفكار وثقافة الشباب، وهو الأمر الذي يبين عدم اقتحام هذا المجال بالسرعة اللازمة من طرف الطبقة السياسية، أو أن الاقتراب من هذا الفضاء قد يشكل “معْيَرة” كما حصل مع “شباط ولشكر” حين تم لوم بنكيران بأنه يُجيش بعض الشباب إلكترونيا من أجل تهديم وتحطيم وتبخيس عمل المعارضة.

ناسون بأن السياسة في جزء كبير منها قد تحول مجالها إلى الفضاء الرحب للأنترنت، حيث يحتد النقاش على أشده بين مختلف الفرقاء حول جل المواضيع المتداولة وباستعمال كل أدوات التشويق والإثارة من رسائل قصيرة إلى الصوت والصورة.. ويبدو أن بنكيران قد أحسن صنعا حين بادر إلى مراجعة مواقفه من مبادرات هؤلاء الشباب من خلال دخوله في عالمهم من حيث خلق حسابه على الفايس إيذانا برغبته في استثمار إمكانيات هذا المجال، ربما بالتزامن مع قرب موعد الانتخابات وحاجته إلى عدم التفريط في الأصوات الإلكترونية الموجودة في هذا العالم الافتراضي.

غني عن البيان بأن دمج استراتيجية التعامل مع عالم الشباب من خلال وسائله وفضاءاته قد يشكل إحدى الأسلحة الحاسمة في ربح المعارك السياسية المستقبلية، لأن هذه الوسائل قد أصبحت توفر أكبر “حملة انتخابية دائمة” من خلال بث التحركات والأفكار والبرامج والتدخلات الخاصة “بالكائن السياسي”، وقد تلعب إعادة صياغة وإخراج بعض الخرجات الإعلامية في شكل مضامين قصيرة ومعبرة “أكبر لدغة” قد يتم توجيهها إلى الشباب في عالمه الافتراضي، حيث تجده أكثر استعدادا للتفاعل ومعاودة البث وإرسال هذه المقتطفات لبعضه البعض، وهو ما يؤدي إلى تغذية الحضور والرفع من نسب “اللايك” التي يتم تحصيلها والتي أصبحت ضمن المؤشرات الهامة لقياس منسوب الثقة التي يحظى بها الفاعل السياسي لدى العالم الحاسم للشباب في الوقت الحــالي، فهل سيتم التفكير جديا في صياغة هذه الاستراتيجية بالتزامن مع قدوم الموعد الانتخابي أم أن الهواية في هذا المجال هي من ستبقى سيدة الموقف؟

-باحث في المشهد السياسي

‫تعليقات الزوار

1
  • كاتب عمومي
    الجمعة 17 يوليوز 2015 - 23:45

    للأسف الشديد كنا نود أن نرى حياة سياسية طبيعية بالمغرب تخدم الوطن والمواطن والمصالح العليا للبلاد لكن الواقع أفرز بلطجة وفوضى وبزنسة لا مزيد عليها رغم الإرادة الملكية في الإصلاح إلا أن هناك فراغا سياسيا رهيبا نتيجة تعثر العمل الحكومي أولا ثانيا غياب معارضة حقيقية تؤطر الناس وتتوفر على نوع من المصداقية إننا نواجه المجهول وما لم تتكتل كل القوى الشريفة إسلامية ويسارية ثم الاستجابة لبعض المطالب الاجتماعية الملحة فإن الانتخابات المقبلة لن تكون أكثر من سوق عام ستلعب فيها عصابات الدولة العميقة ( البام أساسا ) والمال الحرام وربما التزوير أدوارا حاسمة لأن نسبة العزوف ستكون كارثية بسبب العوامل التي ذكرنا وهي تشمل أغلب الفئات المدنية والشرائح الواعية في المجتمع إذن السؤال من سيصوت خلال الاستحقاقات المقبلة وسط وضع سوريالي يعكس فراغا سياسيا مهولا ناهيك عن غياب برامج حقيقية وتصورات ذات مصداقية ؟؟؟..أقول كمواطن غيور حذاري من الفراغ والمسار المجهول فهو الذي تستغله داعش وقوى التطرف والتخلف حذاري ثم حذاري

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات