البؤس " الجاري " ...

البؤس " الجاري " ...
الإثنين 31 غشت 2015 - 15:10

على مقربة من حطب الشارع، تبدو لك الحملة الانتخابية وهي تتقافز بجموعها في صورة جميلة، وبالأخص إذا كانت زاوية النظر من عل، كأن شمول الوطن ولو بأريافه البعيدة والمبعدة جنة للديمقراطية. ها هي الأمة التي لم تستوعب بعد، معنى التظاهر والحق في التعبير عبر قنوات مأزومة نظرا للمد والجزر، لوضعية لا تستقر على حال، هاهي الأمة تقاد مطواعة ومتفرقة مللا طبعا ، تخرج من سقوفها الواطئة، لتصدح وتخلق ريحها السفلى التي تحرك راقدها قليلا .

لكن بمجرد ما تقترب ، وتتأمل هذه المشاهد اليومية التي تأتيك إلى بابك ، وتحتل فضاءك السمعي والبصري ، تثيرك أشياء كثيرة وهي عبارة عن مفارقات تطفح إلى السطح دون بحث سوسيولوجي أو ميداني . من ذلك أن المقرات تعددت هذه الأيام، حتى الأحزاب التي لا مقر لها ماعدا حقائبها؛ اختارت النزول للشارع، والبحث عن ” إقامة ” مفتوحة على الناس وركضهم اليومي، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم!. فتتزين العتبات بما يقتضيه العرس ” النضالي “، وتتدافع اللافتات نحو الشارع الذي يتحول إلى سوق، وليس إلى ساحة أو معركة..وكثيرة هي المقرات التي تختفي بعد الفروسية الموسمية، والبعض الآخر يبقى صامدا في العلامات واللافتات التي تقتات على الشعارات..

الجميل اليوم ، أن المقرات أصبحت غاصة بالأجساد المرقمة ، يجتمع النساء والشباب في مقام الأنس الانتخابي ، وهناك نساء مغلوبات على أمرهن ، يعملن في كد ـ شبيه بذاك المتعلق بأطفالهن ـ لإيصال الرموز والوجوه لكل بيت في الدائرة ،بل يستعطفن الناس بطرق تقليدية خارج البرنامج وما يسطرون . الأهم هو الشخص وهو ” خونا “. الشيء الذي يحول هذه الحملة إلى حروب بين أشخاص، حروب متفرقة إلى كتل تكبر مزاجيا أو تصغر، تبعا لمنطق القبيلة والمقايضات والصرف الخفي الذي يعزف على أوتار حساسة للجموع من فقر وجهل…والانتخابات هنا بهذه الصورة، قد تنقذ لبعض الأيام، وتترك الأمة لتيهها المألوف بعد ذلك.

تتحول القرية والمدينة إلى ساحات للتظاهر العاصف ليس بالنقاش والبسط وتقريب الأفكار والأدوار، بل بالحناجر التي تطلق عقيرتها إلى جنب أغاني ” الجرة ” التي يتحول معها الكل إلى بطن وأرداف؛ وربما للحملة وجهها الآخر الليلي. كما أن لكل تظاهرة انتخابية ” سرابة ” يرددون ما يقوله زعيم البوق والطبل .

الحملة هنا تخلق حماسها بآليات تقليدية، وتواصل بالركض السريع لملء الفراغ الذي وحده يغذي الفراغ…حتى الأطفال يجدون ضالتهم في هذا المشهد الذي يعتبر عندهم كلعب الدراري شبيها بعشورانا القاتلة . في هذه المناسبة وتحت هذا الوقع، تأتي الأوراق برموزها الأنيقة، ووجوهها الساهمة، إلى بيتي كما كل البيوت، وحين أعود..تسألني ابنتي الصغيرة ” أشنو هذا ..وهذا ؟؟ ” . أقول لها ولي : إنها الطبيعة المغتصبة . وأشبه لها ولي الأمر كوحوش تأكل شجرة.

هي مفارقات كثيرة تتكرر بنفس الصورة، كأن لا شيء يتغير، فيظهر معها ذاك البؤس الطاوي على جموعه، بؤس اليومي، وبؤس آخر يغذي ويكرس الوضع. الشيء الذي يؤدي إلى الخلط الممتد للسلوكات والأفكار، فلا نأخذ عبرة ولا درسا . فالغلبة لمن يرقص ويركض أكثر، لمن يستفرد الناس ويحييهم واحدا واحدا..والساحة تسع كل شيء. أما البؤس بأنواعه ، فيبقى ماثلا ، وقد يطفح من حين لآخر بحذافيره كالحملة التي تسعى بكل الطرق إلى أن تجرفنا ، لا أن توقظنا ، لنرى الطير على رؤوسنا .

‫تعليقات الزوار

1
  • منا رشدي
    الإثنين 31 غشت 2015 - 17:31

    س : أنا خدام مع الدينوصور وأنت معا من خدام
    ج : أنا خدام مع التران ( إشارة إلى رموز الأحزاب )
    س : شحال دايرين لكم للراس
    ج : كلها وثمنو
    س : حتى حنا ؛ والقص كاين
    ج : عطا الله الخير
    س : حنا لا ؛ دبر ليا على بلاصة نكمل معاكم ؛ الدينوصور مخلينا بالجوع

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش