التدريس المفوض وأزمة التعلم

التدريس المفوض وأزمة التعلم
الثلاثاء 26 يناير 2016 - 11:24

إذا كان التدبير المفوض للمرافق العامة يستمد مرجعيته من القانون 05- 54 الصادر بتاريخ 16 مارس 2006 والذي حدد الإجراءات المرتبطة بحقوق وواجبات كل من المفوض والمفوض له والأحكام المتعلقة بفض النزاعات الممكن أن تنشأ بفعل التفويض فإن العملية التربوية عرفت في الآونة الأخيرة بفعل المغادرة الطوعية لتحسين جودة التعلمات نوعا من التدبير المفوض لعمليات التدريس.

يفترض في العمليات البيداغوجية التي تتم داخل الأقسام أن يسمها الاكتشاف واشتغال المتعلمين فرادى وجماعات على وضعيات مستمدة من واقعهم المعيش قبل الانتقال لتجريدها في صيغتها التعلمية والعودة بها مرة أخرى لجعلها ممتدة في الحياة ونفعية وذات جدوى.

غير أن المتتبع للشأن التربوي داخل الأقسام يلاحظ لجوء جل الأساتذة في التعليمين العمومي والخصوصي وفي جميع مراحله ( الأولى ، الابتدائي ، الثانوي الإعدادي والتأهيلي ) للتدريس المفوض.

التدريس المفوض هو نوع من أساليب الاحتيال البيداغوجي التي يتم اللجوء لها خلال عمليات الإعداد القبلي للدروس المزمع إنجازها في الحصة المقررة حيث يطلب من المتعلمين حل جميع تمارين أنشطة المراحل البنائية والاستكشافية في المنزل قبل الحصة.

يمس التدريس المفوض جميع المواد في التعليم الابتدائي؛ ففي دروس القراءة مثلا يعمد الآباء لحل تمارين النص وفي الرياضيات تحل التمارين المرتبطة بالدرس المستهدف وتكتب الإنشاءات وتنجز التجارب وهكذا دواليك في باقي المواد

داخل القسم يلجأ المتعلمون لما تم إعداده في من لدن المفوض له ( الأب ، الأم ، الإخوة، أستاذ(ة) الدعم) والذي من المفروض أن يكون قد التزم بإنجاز صحيح وتام لكل التزاماته ( حل التمارين) دون زيادة أو نقصان حماية لابنه من العقاب أو السخرية واعتقادا منه بأن ذلك جزء من التزاماته؛

يركن بعض الأساتذة لهذا النوع من الممارسات وخاصة أنها مريحة من حيث الجهد ومربحة من حيث الزمن إلا أن الحقيقة غير ذلك لأنها غير مجدية للمتعلم ومس بحق التعلم القائم على فاعلية المتعلم وحقه في السؤال والخطأ والاكتشاف. فالتعلم الحقيقي منبعه الدهشة والدهشة وليدة الحيرة والسؤال ولا يمكن أن نحفز المتعلم(ة) ونوقظ فيه جدوة السؤال ما لم نضعه في وضعية مشكلة مستمدة من واقعه ولصيقة باهتماماته قبل الاشتغال على الكراسات والكتب والدفاتر ؛ فمثلا لا يمكن للطفل فهم “الضرب كجمع متكرر ما لم يمر عبر وضعيات حقيقية يستكشف فيها عدم جدوى الجمع المتكرر وضرورة اللجوء للضرب باعتباره اختصارا للجهد والوقت ومن ثمة يستثمر الدرس في أنشطة جماعية ومجموعاتية للاكتشاف المتدرج لخاصياته ( التبادلية ، العنصر المحايد…) ونفس الشيء يصح على بناء المعنى في النصوص القرائية فقد يجيب المتعلمون عن أسئلة التفكير دون التفكير فيها لأنهم فقط يقرأون ما تم إنجازه في المنزل

لقد أفضى التدريس المفوض إلى:

– تراجع مستوى المتعلمين في الاكتسابات المدرسية والاعتماد على المدرسين بالتفويض والذين غالبا ما تكون تدخلاتهم مضرة بالعمليىة التربوية

– استكانة بعض الأساتذة لهذه الطرق في تدبير التعلمات تهربا من الاشتغال بالوضعيات المشكلة التي تعتبر مفتاح التعلم.

‫تعليقات الزوار

6
  • nouri
    الثلاثاء 26 يناير 2016 - 17:06

    ما دام كاتب المقال تحدث عن التعليم المفوض،فإني أستسمحه لإضافة مفهوم آخر هو: "النجاح الخدعة"،الذي يشرف عليه مصاصو العرق ،عرق الآباء والأمهات، من بعض رجال ونساء التعليم ،الذين لا هم لهم سوى جمع المال وتكديس الثروة على حساب تلامذتهم من خلال فرض "دروس الدعم" فرضا والتي لا تدعم ولا تملأ إلا جيوب هذه الفئة الجشعة من رجال ونساء التعليم.
    إن هذه الفئة الكسولة من الأساتذة لا تشتغل في القسم ولا تقوم بالمسؤولية الملقاة على عاتقها ولا تعامل التلاميذ معاملة تربوية بما يمليه الضمير المهني؛فمن تهميش التلاميذ إلى سبهم ونعتهم بأقبح النعوت ،إضافة إلى إعطاء التلاميذ فروضا صعبة يظهر من خلالها أنهم دون المستوى وأنهم بحاجة ماسة إلى "خدمات" مؤدى عنها من طرف أوليائهم.
    لكن،وبمجرد أن ينخرط هؤلاء التلاميذ في دروس الدعم ،عفوا"ملء جيوب هذه الفئة من الأساتذة"،يصبح هؤلاء ـــ الأساتذة ـــ مجتهدين ومهذبين إلى حد التملق، وأكرم من حاتم الطائي،إذ يغدقون النقط على التلاميذ بطرق غير تربوية ،كإعطاء تمارين في الفروض المحروسة، مطابقة بالنقطة والفاصلة،لتلك التي تم حلها خلال حصة الدعم المؤدى عنها،فيحصل التلاميذ على نقط عالية

  • غريب وطن
    الثلاثاء 26 يناير 2016 - 21:47

    بل هو التعليم المنفوخ المبني على اللغو والخطاب عوض التمكن من الكفايات والمهارات المعرفية والتقنية. إن المنظور المجتمعي في الدول العربية والمغرب على الخصوص يعتمد أسلوب الحفظ والتلقين والاستظهار في الفروض والامتحان من خلال الأسئلة والأجوبة المنتظرة تحصيلها واستعمال الكراسات المنمطة في جو من ركاكة التدبير التي تلزم المتعلم لفقدان كل ملكات التفكير والخلق والإبداع التربوي. إن الصورة الحالية للتعليم في بلادنا لا زالت على صورة الكتاتيبوالتعليم التقليدي الذي يركز على التكرار والإعادة من دون أن يفكر في بناء التعلمات في وضعيات مختلفة تستحضر انخراط المتعلمين في العملية التعليمية التعلمية.

  • opinion
    الأربعاء 27 يناير 2016 - 01:03

    dernierement n importe qui pretend etre expert dans l education domaine loin d etre facile pour qui que ce soit c est facile de dire des choses ici mais lorsque vous ete dans la classe devant une quarantaine d imbicile comme vous qui se croient tout connaitre c est autre chose

  • متتبع
    الأربعاء 27 يناير 2016 - 09:18

    عندما تتخلى الوزارة على بيداغوجيا الادماج وتشرع الباب نحو المجهول ، فما هو المنتظر من الأساتذة الذين وجدوا انفسهم بدون بوصلة بيداغوجية .
    عندما وزير ينتقد المؤطر الاجنبي لهذه البيداغوجيا التي تعتمد على حل المشكلات ب " بوشعكوكة " والوزير غير قادر على فهم هذه البيداغوجيا ، فماذا ينتظر من مردودية وانتاجية . وعندما يصبح الكتاب المدرسي مجرد بضاعة ، والاستاذ ليس له حرية الاختيار ويتحول المتعلم الى مجال للتجارة ، والحال ان محتوى الكتاب دون المستوى ، فماذا ينتظر من هذا التعليم ، وعندما تختار الخريطة المدرسية نسبة النجاح فأي دور سيكون للأستاذ ، وفي الغالب التلميذ لا يساير المستوى الذي يوجد فيه …
    لا يمكن ان نبرئ جميع الاساتذة لكن هناك واقع اكبر من الأستاذ هو الذي يرسم الصورة البئيسة لتعليمنا …

  • mounir
    الأربعاء 27 يناير 2016 - 11:22

    شكرا لك يا عزيزي محمد على هذا المقال الذي يصلط الضوء على جانب من جوانب تراجع فعالية التعليم في زمننا. ويتعلق هذا الجانب بالأدوار المنوطة بكل طرف من الأطراف المتدخلة في العملية التعلمية: المعلم والوالدين. فإذا كان من الممكن مراقبة أداء المعلم، فإنه من الصعب تتبع دور الأبوين اتجاه الطفل. فبالنسبة لأداء المعلم، يمكن مراقبته من خلال زيارات المفتش ومن خلال تتبع الأباء لأداء أبنائم داخل الفصل، أما إذا لم يكن للوالدين حس بمسؤوليتهما الجسيمة في تحسين قدرات الابن، من خلال تأطيره في إنجاز تمارينه بدل إعفائه من الواجبات وإنجازها له أو اللجوء إلى الدروس الخصوصية، فإن مستقبل التعليم في المغرب لا يبشر بالخير كما تشير إلى ذلك التقارير الدولية.

  • azoul
    الأربعاء 27 يناير 2016 - 12:06

    تمنيت من استاذي المحترم ان يشير الى كثرة المواد المخصصة لتلامذة هذا الوطن و للمعلم ، قراءة ، قراءة المقروء ، التركيب و هلم جرا ، و هذه المواد تعطى لها ساعة الا ربع او نصف ساعة لتعليمها لاربعين تلميذ فاجب يا استاذي كيف سيفعل هذا المعلم و هذا التلميذ ، المشكل استاذي في كثرة المواد لقتل الاستاذ ، و البعد عن مواد التفتح و البارا سكولير فالمشكل ليس في التلميذ او المعلم بل في السياسة التعليمية ببلادنا ككل .

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | مقلب ري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | مقلب ري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب