'عفو' أم 'مزحة' استبداد؟

'عفو' أم 'مزحة' استبداد؟
الثلاثاء 19 أبريل 2011 - 04:58

قديما قال العربي :”لا تسقني ماء الحياة بذلٍّ بلْ اسقني بالعزٍّ كأس الحنظَلِ”، ولكن “لمن تشكو إذا كان خصمك هو نفسه القاضي!”، وحين كبر الظلم، فاستغلظ فاستوى، صارت كل المقولات تندحر بمجرد القرب من نيران الحقيقة المفجعة، في صفحات لا يمكن طيِّها بمجرد إصدار آهات التعفُّف اللحظي، والمراجعة الاضطرارية لواقع قهر الرجال وأرهق أسرا بأكملها، حتى إذا انقلبت الكفوف صودر الحق في البوح بالحقيقة، وكشْف الموقعين على صكوك الحرية ومراسيم نزْعها، وكيف تم تحويل الوطن إلى غابة تجري رياحها بما تشتهيه سفن ومصالح المتنفذين.


وإن كان فعلا واجبا القيام بتبييض السجون من ضحايا الإعتقالات الظالمة، وإنهاء مسلسل الجريمة السياسية والإعتقال تحت طائلة قانون الإرهاب، وما قبل وما تلا 16 ماي 2003، والأرقام الخيالية لخلايا يتم تفكيكها كل عشيَّة وكل ضحاها، في شكل لا يتم حتى في العراق و أفغانستان المعقل الحقيقي للقاعدة، إلا أن الذي يفوقه واجبا وملحاحية في الوقت الراهن يتجلى في ثلاث مطالب أساسية:


بادئها يتمثل في ضرورة اعتذار الدولة عن مختلف جرائمها في حق الشعب خصوصا تلك التي تورّطت فيها الأيادي التي ما تزال تملك مفاتيح “الحل والعقد” منذ فجر الاستقلال مرورا بمختلف أزمنة اشتداد الصراع، حتى ما بعد أحداث 16 من ماي، والاعتذار هنا ليس مطلبا في حد ذاته، بل لاعتبار الاعتذار فلسفة تتجاوز توزيع موازين القوى بين استئثار طرف بالقوة واستكانة الآخر إلى الضعف، لتصبح آلية لطي صفحة المواجهة وردم الفجوة بين الدولة والشعب، وصناعة الثقة بين الطرفين.


وثانيها يتمثل في وضع آليات تُجاوِزُ بنا أمواج “العمليات القذرة”، وتوظيف الأجهزة القضائية والأمنية في محاربة المنافسين على السلطة (أو حتى على الحكم)، ولا تكتفي فقط بتجاوز الوضع الراهن، بالقدر الذي يجب أن تعمل على تحصين الوطن من العودة إلى زمن الإقطاع … وتقسيم الشعب إلى طبقتي النبلاء والرِّعاع، وتدبير شؤونه (أي الوطن) بشكل يظن فيه البعض أنه يتمتّع بالمواطنة والوطنيّة أكثر من الآخرين ويتمثّل الشعار البالي “المغرب لنا لا لغيرنا”.


وقبل هذا وذاك وجب ثالثا، تطهير الوطن من رجالات الزمن الرديء، ومن الذين دبروا مختلف الملفات التضليلية والظالمة منذ بداية المطاردة بين “توم” و”جيري” (مع تبادل الأدوار والصفات)، ولن يتم ذلك دون تحقيق نزيه ومحاسبة شفافة تفتح ملف الإغتيالات السياسية، الفردية منها والجماعية، وتدبير ملفات الاعتقال والتعذيب والفساد الأمني والسياسي والقضائي…،ويكون القانون، فعلا لا مجرد أقوال، فوق الجميع، ولا يستثني أحدا مهما كان منصبه ومسؤوليته في أسلاك الدولة وأجهزتها.


و”عَوْد القلَم أحْمدُ” إلى أسطوانة الذَّم والهجاء والاشمئزاز كلما أطلَّت الألْسن الطويلة، تطْلي بأنواع الألوان البهية والزاهية كل ما يرمي به القصر من عظام أو بقاياها، فغنت ورقصت (بتعبير الزعيم الليبي) للخطاب الملكي، وهو الذي سبقته خطابات ووعود لم يكن لها أثر في مجتمع أثقلت كاهله أرصدة ومستنقعات الفساد والرشوة والاستبداد…، وكم هي بليغة تلك الخطب والخطب التي تمدحها، بيد أن “الأفعال أبلغ من الأقوال”.


وخلاصة تكرر نفسها تلك التي تقول إن الإكتفاء بذر الرماد في العيون سياسة طواها أول لهيب شب في جسد البوعزيزي، ولم تعد قضايا وشؤون تدبير الشأن العام تقبلها مركزيا ومحليا، وأن مطالب زمن الرياح التغييرية يستوجب رؤية الهمة والماجيدي والعنيكري والشرقي الضريس وحسني بن سليمان وعباس الفاسي وإلياس العماري ، ورجل الأمن والمحامي والقاضي والطبيب و…كل من تورط في فساد في السجون، بدل دفعهم إلى الاختفاء على الأنظار مطبقين مقولة “ننحني حتى تمر العاصفة”، وهي العاصفة التي تتشكل معالمها مع كل تأخير، ما قد يجعل المطالب تتجاوز مواقف البحث عن مجد حيال العدا، ف”ظُلْمُ ذوي القربى أشد مرارة على النفس من وقع الحسام المهند “، وإلا كيف يبرر النظام المغربي حشر الآلاف في غياهب الظلم والمعاناة ؟ فإما أنهم ظَلموا ويستحقون فعلا ذلك وفق محاكمة عادلة (وهو ما لم يتم)، وإما أنهم ظُلِموا ويجب محاسبة الظالمين( وهو ما يجب أن يتم)، بدل مسرحية أشبه بمزحة استبداد ألمت بالبلاد وقهرت العباد انتهت تحت عنوان “العفو” (مع علاماته الاستفهامية) وهو في حكم الإدانة خارج دائرة العدل التي تقتضي محاكمة منصفة.


[email protected]

‫تعليقات الزوار

11
  • morad
    الثلاثاء 19 أبريل 2011 - 05:12

    merci pour l’article et je crois dans le Maroc il ya pas un liberté vraiment juste quelque touche dans le domaine des droits de l’homme.et le rois aussi dormir et dormira OR les familles de l’entourage de ALKASR jouent quelques match avec les chiens de l’état et tout dans la cercle de feu avec des main dur des misérable et pauvre marocain

  • مصطفى لعرايشي
    الثلاثاء 19 أبريل 2011 - 05:10

    خيبر العرائش إن لم يكن في علمك فقد صنعها المخزن ووظف بعض الغوغاء ، ليجد مبررات تطويق المدينة ومحاصرتها بقوات الأمن . هذه المدينة التي ينخرها الفساد من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها . بسبب لوبي مدعوم من متنفذين من الرباط ، استفادوا ولا يزالون من كعكة تقسيم اراضي المدينة تجزئة تجزئة بقعة بقعة شبر شبر. فإلى اليوم يطلب المدعو عز الدين مهندس الأراضي من المستفيدين المستحقين لبع ارضية في إطار محاربة السكن غير اللائق. إلى اليوم مازال يطلب رشاوى ظالمة من هؤلاء المستحقين المساكين {حي ألطو راديو كنموذج} حيث أن بعض العائلات مازالت تعاني وإلى اليوم من هذا الشطط ، عائلات عانت عذابات الجو في الشتاء والصيف وتطالب بحقها في السكن اللائق، وهي اليوم تطالب من المسؤولين التدخل لحمايتها وتمكينها من حقها في السكن

  • محمد
    الثلاثاء 19 أبريل 2011 - 05:08

    لله درك يارجل

  • السلام
    الثلاثاء 19 أبريل 2011 - 05:14

    انه يغير المنكر يالقلم فما بالك اللهم الا كنت منهم اصحاب الحال

  • مسلمة
    الثلاثاء 19 أبريل 2011 - 05:02

    السلام عليكم جواد إبحت عن صفحة 6 من ملف صوت وصورة و بالضبض على فديو نداء 24 فبرير و قرا تعليق 100 ستعرف منهم مرتزقة 20 إن لم تكن أنت واحد منهم

  • جميلة المغربية
    الثلاثاء 19 أبريل 2011 - 05:16

    شكرا للأخ جواد
    نعم، هناك الآن في دهاليز السجون عدد من المظلومين باسم قانون الإرهاب وهؤلاء المظلومون للأسف سيحكمون وفق المحاضر التي سجلت ضدهم كذبا وبهتانا
    فماذا يفعل القاضي
    أيحكم بما بين يديه من المحاضر وهو يعلم يقينا أنهم وقعوا عليها تحت الضغط والإكراه والعنف والضرب وسلسلة التعذيب المعلومة
    أم سيعيد فتح ملف التحقيق
    أم يحكم ببراءة الكل دون تمييز
    فلننظر لسجن سلا وهو الأقرب
    ولننظر لما يقع ويحصل فيه من اضطرابات داخلية
    وللنسلط الضوء على مثل هذه المسائل فلنتحدث عليها من الداخل ونعرف الكوارث التي تقع هناك باسم الحق والعدل
    لا نقبل أن يخرج البريئون بعفو وإنما ببراءة واعتذار على هذه السنون التي أمضوها كذبا وبهتانا لمجرد أنهم يلبسون مثل هؤلاء ويصاحبون البعض فيهم وان كانوا لا يعلمون هم انفسهم حقيقة الأمر، ولمجرد انهم ينتمون لطبقة وفئة معينة ولا يجدون من يدافع عنهم ويرفع صوته عاليا ببراءة هؤلاء
    إلى متى سيظل هؤلاء وامثالهم قابعون ينتظرون الفرج ورد الاعتبار
    إلى متى سيظل الذين سجنوهم في حل من أمرهم
    كل من ساهم في هذه الكوارث يجب أن يحاسب حسابا شديدا حتى يكون رمزا للاعتبار

  • najoi
    الثلاثاء 19 أبريل 2011 - 05:00

    malgré les problémes dant notre pays je n’accepte pas qu’on le détruit .soyons capables aidons le roi mohammed 6 dans sa tàche il a fait tous ce qu’il peut pour nous garantir la vie qu’on souhaite

  • مسلمة
    الثلاثاء 19 أبريل 2011 - 05:18

    السلام عليكم عفوا حدفته هسبريس إن لم تقرئه قبل الحدف تكون ضيعت عليك فرصة لتعرف من تدافع عنهم فهم يدعون محاربة الفساد وهم المفسدون و اعطيك فكرة واحد منهم تحرش جنسيا بسيدة و غتصب حيائها بينها و بين نفسها

  • المصطفى
    الثلاثاء 19 أبريل 2011 - 05:20

    لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم هو حسبهم ونعم الوكيل.ينهبون ويسرقون ويكدبون كانه لا بعت ولا حساب ولا عقاب

  • حسن
    الثلاثاء 19 أبريل 2011 - 05:06

    تستمر الحكومة المنغربية في ادعاء الكذب والزور وفي القول بعدم وجود شيء إسمه معتقل تمارة، في الوقت الذي تخرج فيه الشهتادات متوالية من العديد من السجون المغربية تؤكد نفس أساليب التعذيب التي يمارسها المخزن المغربي، هذا المخزن الذي يجب أن يرحل لسيحل محله من يخافون على هذا الوطن وعلى حرمة وكرامة الناس
    إنها المرحلة التاريخية لتغيير جدري فعلي يزيل هؤلاء

  • bouawal
    الثلاثاء 19 أبريل 2011 - 05:04

    à bien regarder la face de l’auteur de l’article , on dirait il ressemble à une sauterelle ou une espèce de bestiole très rare.

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش