إمرأة لا كالنساء

إمرأة لا كالنساء
الخميس 8 نونبر 2007 - 19:12

للأسف لا أستطيع كتابة شعر حتى أنسج قصيدة حب و إمتنان تليق بمقامها ، هي أكثر النساء رقة  وأشدهن حبا و إخلاصا و أخشى أن  أسوء إلي ذكرها في بضع عبارات أو صفحات ، بل تستحق مني أن أخلد سيرتها في مجلدات حتى تبقى شامخة كما عهدتها . هي أمي التي لا تقدر أن تقرأ هذه الكلمات وفك رموزها ، لأنها فرض عليها في ستينات القرن الماضي أن تعيش تحت رحمة أمية حقيرة تلعنها كلما أحست بأهمية أن لا تكون أميا و تردد بأسف في كل مرة  ” كون أبا دخلني للمدرسة … كون راني شي حاجة أخرى … ولكن الله   يسامحوا ” . وأنا بكرها أفهم معنى هذه العبارات  و رغم ذلك وجدتها مدرسة لا ينضب علمها و لا حدود لأفكارها و رغم ذلك ما زلت وسأبقى أنهل من ثقافتها إلى ما شاء الله تعالى ، و أحتار في أمرها و في كيفية تدبيرها للأمور ، هي تجسد صفات بعمقها وإن كانت في الغالب لا تفقه معناها اللغوي بل تمارسها على أرض الواقع بدهاء وعزم وإصرار . تتحمل مسؤولية أسرة بدأت صغيرة و استقرت في ثمانية أشخاص فهي أول من تستيقظ  و أخر من تنام ، تذهب إلى السوق وتخلق في اليوم أشكالا من الدينامية في المنزل ، تمرض مع المريض ، تشقى مع من يفرح  ، تفكر مع من يشتغل وترسم للجميع بدهاء  طرق مواجهة الحياة  ، قلبها مع الجميع بل و يسع الجميع. أمي تعطي للنمل دروسا في الوفاء والتنظيم ، صلبة في عزمها كالحجر أو أشد ، حريصة على تحقيق أهدافها البسيطة و الأكثر عمقا من أهداف الرجال الأنانية، رسالتها  استقرار مجتمعها الصغير واستمراره  و أكبر فرحتها يوم يلتف جميع أفراد أسرتها حولها وهي تصب لهم الشاي و تؤخر نفسها  بفرح تتطاير شراراته من نظرات عينيها و هيهات أن تكون لطحافلة ألاقتصاد هذه النظرة الفطرية في تدبير وتسيير ألأمور وملاءمتها حسب الظروف . ومثيلات أمي كثيرات في مشارق الأرض ومغاربها و نحن الأبناء لا نحس قيمتها إلا حين نفتقد إليها ، أمي ليست في حاجة الى عيد المرأة أو ألام حتى تتذكر أنها   إمرأة و أم  ،  و إنما هي كذلك على طول الوقت ، و اعترافي بأمي  بل عشقي لها يتجاوز ما هو مدون في الإتفاقات  المواثيق الدولية وما تدافع عنه الجمعيات الحقوقية ، هي سيدة حياتي ومن تساعدني على تدبير أموري كإمرأة محنكة في جميع مناحي الحياة  و غلبا ما تتفوق فطرتها على فلسفة و حكم الحكماء و أتحدى أي رجل مهما علا شأنه أن لا تكون أمه وراء نجاحه بل هي أساس  إستمراره   و من منا لا يعود إليها في وقت الشدة حتى يستنير بنصائحها التى تمزج فيها بين العاطفة والعقل . وأنا في سن السابعة  والعشرين  ما زلت لا أستطيع أن أطأ قدمي في أمر حتى أخد مباركتها و أستند على دعائها ، وكلما ذاقت بي السبل عدت إليها حضنها  وعرفت عن تجربة أن مخالفة أمرها فيه هلاك شديد ، ومن شدة إرتباطي بها ينعتني الجاهلون ب ” ولد أموا” لقب أفتخر به أيما  إفتخار   لأنها هي التي صنعت مني شخصا قادرا على كتابية هذه الكلمات ،  وهي التي تساهم في  تمول الوقت الذي اجلس فيه و أكتب هذا  ، وكل ما فعلته و سأفعله ستكون هي الغاية والوسيلة فيه ، فلماذا لا أعتز بلقب أن أكون ولد أمي، لأنها هي التي كانت سبب وجودي وعانت عند وضعي و من ربتني وفعلت المستحيل حتي أكون كما أنا هكذا ، وأتمنى من الله العلي القدير أن أمنحها ذات يوم لقب أم ذلك الرجل ، وهدا لب الإعتراف  فنجاح الرجل مهما كان أصله أم  . فهي عماد المجتمع وهي من تصنع الرجال كما تصنع الخبز من العجين ، لن أقول أننا في مجتمع أميسى ولكن أستطيع القول أن ما أدوار الرجال إلا نجوما في فلك النساء . هي أمي وستبقى إلى ألأبد نجمة حياتي .

 الأزهر المصطفى

  [email protected]

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 7

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 3

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال