قابلية الشباب للتغيير: رؤية ثقافية إعلامية

قابلية الشباب للتغيير: رؤية ثقافية إعلامية
السبت 18 فبراير 2017 - 06:18

ـ ج1ـ

عندما نثير إشكالية اندماج الشباب في منظومة صياغة الهوية الثقافية ونحاول تفكيك براديجم الهوة الكامنة خلف هذه الصياغة، فإننا نحاول بالتدرج التمكين من فرز إشكالية الاندماج عن تمظهرات الواقع الشبابي وحضوره في الأولويات التنموية والبرامج المتاحة. ومن خلال ذلك نقدم خريطة فكرية واقعية للأبعاد الكبرى التي تفرض حضورا استراتيجيا لفئة تشكل جوهر التحفيزات وصلبها البدهي وإطارها المرجعي التي تقوم عليه صناعة إنسان المعرفة داخل الأساس المتين للمدينة المعرفية في بنية الاقتصاد الجديد والصناعات الابداعية.

إن اندماج الشباب ليس مصطلحا حقيقا بالتأويل والاحتيالية، فهو رمز فاعل في السوسيولوجيا الكونية الحديثة التي تتمنطق بالاستعادة الفائقة لتجديد الخطاب وتحريك الدوال المجتمعية بما هي تأسيس للأفكار وبناء للمشاريع وتشكيل للنخب. فالاندماج ليس نمطا ديمغرافيا عمريا ولا قطيعة زمينة مستقلة عن سابقاتها، بل سيرورة إيجابية ضمن محددات تاريخية وثقافية واجتماعية معقلنة تلتقي في عقدها التداولي التعددي مع مفهوم الإجادة والإدارة والابتكار والتفوق.

وهنا لابد من تقديم إواليات هذه الحلقات البنائية التي تشمل التصنيف المعياري لصناعة الاندماج وتحويله لطاقات معدلة تقوم في بياناتها الأولى على النوعية والبحث عن البدائل وخلق الرؤى المتوازنة والقابلة للتنزيل.

من بين أهم قواعدها الثقيلة تقدير حدوث الطفرات الشبابية ابتداء من عملية الدمج المرحلي لثقافة الإنتاج. فقد افتقدنا طيلة أجيال من الهزائم الاجتماعية والثقافية والتعليمية التربوية الإصغاء لتجارب الشباب واليافعين في أنساق تدبير الموارد والقدرات وتأهيل الكفاءات وتكوينها وتوجيهها، ما أفرز حالات تراخي ونكوص شامل وعدم جاهزية منتظمة لاستقبال الحوافز التنموية واستثماراتها في التغيير والمواكبة وقراءة المستقبل.

ثم يلي هذا العنصر من العمل المفتوح الانتقال من فكرة التداعي التي تشمل قيمة وقدرة الشباب في الامكانات الكامنة في نوع وحجم رؤيتنا للاصلاحات الماكروسياسية لدينامية التحول المؤسساتي، على مستوى فضاء احترام الحريات الفكرية والمشاريع المتجددة القادرة على خوض غمار المبادرات والطفرات التنموية البديلة، إلى الانتقال من مطلب التأسيس على رهان الثورة الشبابية حتى تحقيق ما يوائم التطلعات الكفيلة بحماية الحركات الاجتماعية والثقافية من الديماغوجية والتعويم الإداري.

وحتما سيتوق العقل الشبابي إلى الانفتاح على التجارب والخبرات المنبثقة عن التميز والريادة وتشكل الوعي الجماعي في إطار يشمل المبادئ الأولية لضوابط التطوع وتوطيد دعامات الإرادة الشعبية، ضمن الأساسات الوافرة لمجتمع يروم الانتقال الديمقراطي وفق علامات وقطائع تكرس مبدأ المساواة في تكافئ الفرص والحرص على تطبيق القانون وصيانة الحقوق والواجبات وتعزيز الأبعاد السياسية والثقافية والاجتماعية في انعطافة السيرورة الإصلاحية المتوخاة.

أريد هنا أن أقف مليا عند قاعدة سوسيولوجية وتاريخية يستعملها الأنثروبولوجيين في قراءاتهم لأصول التغيرات الإنسانية وتحديد أسبابها ومسبباتها بالرجوع إلى التراث الإنساني وربطه بالحاضر من خلال المقارنة والتحليل ووضع النتائج. حيث إن قابلية الشباب للتغير تضل قائمة ضمن دوال سائغة لاستنتاجات ومؤشرات وتوقعات في اتجاه التغيير المحتمل، كما يمكن وضع تصورات نسبية أو إمكانات للتنبؤ بمستقبل توجهاتهم ورؤاهم، ولكن تحت تصميم يتطور بالتدريج إلى حدود تتماهى مع القطائع، بل تعيد النظر في الحتميات والبدهيات وطرح الإستفهامات وتوجيهها؟

إن ثمة قابلية مراوغة للمفاهيم المنظمة والمحافظة أو المغلقة تجعل من عنصر النقد في خطاب الشباب ومحاولة تكييفه مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي أكثر عرضة للشمس وأوثق صلة بالاحتمالية ورصد الأخطار، ولهذا كان مورتون تيشر عالم الاجتماع الكندي مقدرا لاجتزاء هذه الصفة التدليلية من بوثقتها النفسية، على أساس نفاذها في تشكيل العقل الشبابي وقدرته على التفاعل والانسجام بالدرجة التي تصير فيها مخلفات صراع الأجيال ضربا من ضروب القوة لا الضعف، وحلقة في مضمار تقديم القابلية كنوع من الاعتقاد بوجود ما يضبط حدود التحول من عدمه. ـ يتبع ـ

‫تعليقات الزوار

4
  • شعيب الدكالي.
    السبت 18 فبراير 2017 - 18:50

    .. كلام جميل كلام معقول .. اتحدث عن نظرة الكاتب في مايخص مدى قابلية الشباب في المساهمة في تدبير قضايا وشؤون البلاد والعباد .. او بالاحرى الكيفية التي يجب ان نجعل الشباب ان يدرك في تصوره انه معني بالامر امر الانخراط واحقيته في المساهمة بشكل او باخر على الاقل في فهم المنظومة المجتمعية التي ينتمي اليها وادراك مشهدها المجتمعي … لكن ماهي الوسائل والاليات التي من شانها ان تلقنها الدولة بمؤسساتها للشباب لجره الى تحمل جانب من المسؤولية ..
    هي نقط لايمكن الاجابة عنها انيا بقدر مايجب البحث عن اسباب موضوعية والتي تجعل الشباب غير قادر على تحمل هذا الهم اي هم تحمل مسؤولية او اتخاد قرار .. كيف سيكتسب او ييستوعب هكدا مفاهيم او كدا مصطلحات .. وهو يرى ويشهد على طول مشوار تنشئته الاجتماعي يخضع للوصاية من مؤسسة الاسرة .. الشارع الى المؤسسة التربوية … وكيف سيدرك او سيثقل كاهله بثرهات من وجهة نظره وهو يرى ان غالبية المسؤولين هم كهول او عجائز يتقلدون اغلبية المناصب الادارية .. وكيف سيتبنى هذه المسؤولية وهو الف مند المهد وتعود فقط على الاستظهار وجترار المعارف دون تعليمه كيفية بلورتها …يتبع

  • شعيب الدكالي.
    السبت 18 فبراير 2017 - 19:41

    .. بلورة الدرايات التي لقنت له تعرف عراقيل .. بعضها يتجلى في طبيعة الدهنية التي تكون صناع القرار او الاطر التربوية باختصار المسؤولون .. هذه الطبيعة تكمن بالاساس برفض النقد من الطرف الاخر بل في بعض الاحيان يصل الى المهاجمة . خصوصا اداكان هدا الطرف شاب فيعلل رفضه كالتالي – اوا صافي بقا لينا غير لبراهش ايوريونا شنو نديرو- حتى وان كان هدا النقد في موضعه.. جانب اخر النقط التي تؤتت للدهنية التقليدية للمسؤول وهي تمسكه بقرارات حتى وان كانت مخطئة او جائرة في بعض الاحيان فانه يرفض الاعتراف بالخطا .. هي نقط ونقط غالبيتها هي موروثة من الثقافة الكولونيالية اوثقافة الطاعة العمياء في السراء كانت اوفي الضراء لانقصد هنا مايحدث في الاطارات العسكرية اوشبه العسكرية في تكوينها الداخلي وانمانقصد داك الاطار المدني والدي يتشبت بل ويتمسك عسكرة المؤسسة المدنية.. انه الواقع الدي نراه ونستشفه بناء على سلوكيات ودهنيات تكاد تكون نسخة متطابقةلا انفصام فيها ولااختلاف …
    فلنالحظ على سبيل المثال الهرك السكاني لبلدنا العزيز المغرب اداكانت قاعدته شبابية تفوق نصف 36 مليون نسمة مقابل … يتبع

  • شعيب الدكالي.
    السبت 18 فبراير 2017 - 21:48

    … واذا كانت هذه الفائة هي فائة الشباب حوالي 60في المائة واذا كانت فائة الكهول او الشيوخ حوالي 40في المائة .. النتيجة على ارض الواقع ان الاقلية تسير الاغلبية .. فنلاحظ ان هذا المنطق مستورد من البلدان المتقدمة من قبيل فرنسا المانيا من الطبيعة ان يتبنوا هذا المنطق لان هرمهم تطغى عليه فئة الكهول والشيوخ وبالتالي فاغلبيتهم تسير اقليتهم مع انهم يعطون فرصة لفائة الشباب في الانخراط او في الاشتراك في ابداء اراءهم وتصوراتهم في سياسة بلدانهم .. غير اننا سنستدرك في طرحنا هذا ولنفترض على سبيل المثال اننا اشركنا نسبة من الشباب في منصب من المناصب المخول لها صنع القرار.. سؤال هل هذا الشاب مؤهل ليعطي قرارات مصيرية تحدد سياسة البلاد وتسيير العباد.. هل له من التجربة الكافية والدرايات الكامنة في معرفة عمق المجتمع ومتطلباته .. اداكان الجواب لا وهدا من البديهي لاننا نلحظ بكل وضوح سلوكيات شبابنا ومدى ادراكهم لمشكلات بلادهم لحيث نلحظ الاغلبية انها-مامصوقاش- حتى الفائة المثقفة .. وان قلت نسبتها بتكويناتها الاكاديمية.. وبالتالي لا ولن تستطيع تسيير حتى اسرة نووية فمابالك ان تسير مؤسسة او تبرمج مشاريع تنموية.

  • EL'omari ABDELATIF
    الأحد 19 فبراير 2017 - 22:14

    للاسف نحن شباب المغرب نستغل ككدح فحسب … امازيغي يساري تقدمي

صوت وصورة
قصة | الرجل الذهبي
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 21:30

قصة | الرجل الذهبي

صوت وصورة
المدينة القديمة | فاس
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 20:55

المدينة القديمة | فاس

صوت وصورة
معرض تضامني مع فلسطين
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 20:47 1

معرض تضامني مع فلسطين

صوت وصورة
خلافات في اجتماع لجنة العدل
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 18:42 1

خلافات في اجتماع لجنة العدل

صوت وصورة
الفهم عن الله | رضاك عن حياتك
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | رضاك عن حياتك

صوت وصورة
أسرار رمضان | نعمة الأم
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 17:00

أسرار رمضان | نعمة الأم