كيف أصبحنا عشرينيين؟

كيف أصبحنا عشرينيين؟
الجمعة 8 يوليوز 2011 - 01:05

قرأت مقالا مثيرا لصديقي العزيز يونس الوكيلي تحت عنوان “كيف أصبحت عشرينيا؟ .. ولماذا لابد أن أظل عشرينيا؟” وهو يحكي بعضا مما تعرضت له زوجته التي قضت تحت وطأة الإهمال، وتساءلت ماذا لو تحدث الجميع وكسر حاجز الصمت ؟ كم يا ترى تكون عدد الحكايات التي سننسجها من هذا الحجم في بلدنا الذي يعاني من الأعطاب الفتاكة في مختلف الميادين والمجالات، خصوصا تلك الحيوية التي تشكل الأعتاب الشريفة لتصنيف الدول على مؤشرات التنمية البشرية، ثلاثية الدخل والتعليم والصحة.

لقد دفعني مقال “كيف أصبحت عشرينيا” إلى الحديث لأول مرة عن كيف أنقذني القدر من الكفر بالوطن، من جراء ما فعلته بي أيادي أهله وأبنائه، وبأبي الذي عانى مددا طويلة ترميه اليد لتتلقفه أخرى في بوابات المستشفيات العمومية، ما أن تطأها أقدام المريض حتى يظن نفسه صحيحا وسط معتلين تكتظ بهم الكراسي، بل يفترشون الإسفلت والإسمنت في انتظار رحمة مبهمة.

تجرع والدي الألم في مختلف المستشفيات لسنوات طوال قبل أن أقرر نقله إلى المصحات الخاصة، في الوقت الذي كان أطباء القطاع العام وموظفيه يفرضون على المريض الوقوف على الرصيف إلى حين دفع رسوم التسجيل ولائحة المقدمات قبل أي علاج، ويفرض عليه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن يتعقب ملفاته شهورا قبل أن تدر عليه دريهمات وهو مذلول، يعاني الذل مرتين، مرة وهو يقتطع نسبه بالإكراه، وأخرى وهو يطالب بمستحقاته.

لقد نسيت يا صديقي العزيز، يونس الوكيلي، قضية وآلام والدي وسط تلك الضوضاء، نسيتها عند حضوري لعملية ولادة طفلين، لم تحرك آهات أمهما إدارة مستشفى مولاي عبد الله بسلا لفعل أي شيء، وهي تتوجع على كرسي قديم قدم الزمان، وفي الأخير وضعتهما على ذات الكرسي وتم وضع الطفل الأول في ذات القماش المليء بالدماء الذي تلحفته الأم طيلة ساعات، توفي الطفل يا عزيزي، وانهارت الأم واستدعى الأمر نقلها إلى مستشفى خاص، وماذا عن آخر الصور التي بثت على يوتيوب لرجل توفي أمام المستشفى؟ لم تقدم له لا إسعافات ولا حتى محاولات لذر الرماد في العيون كما يفعلون دائما.

لقد نسيت آلام والدي أو على الاقل استهنت بها عندما رأيت الكثير من الحالات مرمية في مستشفى بن سينا بالرباط ومحمد الخامس بالدار البيضاء وابن رشد بذات المدينة…

لن تستطيع معطيات وأرقام فاتح يوليوز في المصادقة على الدستور، أو”الدستاتور”، تغيير الواقع أو جعله يرتفع، ولم ينجلى دجى “جمعة التزوير” سوى على إحدى صفحاتنا الجديدة في كتاب الفساد السياسي والاقتصادي ما لم يرى الشعب المغربي ملامح التغيير بادية على الأرض، ولو بمؤشرات بداية، ففاتح يوليوز بمعطيات يفرضها الواقع لم يكن سوى موسم حصاد لما زرعه النظام المغربي طيلة نصف قرن من الزمن، ليجعل مفهوم الشعب يحتمل إيحاءا خاصا في دولة الاستثناءات والخصوصية.

لذلك قلت على صفحات هذه الجريدة الالكترونية في نسختها السابقة، في إيحاء واضح إنني عشريني بالفطرة التي فطرني عليها الاستبداد، فنحن نولد، يا صديقي العزيز مرتين، مرة حين تنعم أظافرنا، وأخرى بمجرد ما نعرف طبيعة النظام المجتمعي الذي سندخل إليه، بتركيبته الآلية والمتخلفة، آلة تسحق الجميع لتخرجهم وفق قوالب معدة مسبقا للعب إحدى الأدوار في المجتمع، فإما أن تحسن التملق والتسلق لتجد موطئ قدم بقرب حذاء النظام تلعقه لتلعق نعمه وتستخدم في ذلك دوائر الجهل والأمية، أو تجد نفسك ممن يحسنون “مواجهته” بما يخدمه ويخدم تبرئة وجهه أمام العالمين، أو تكون من الغاضبين المغضوب عليهم فتصبح من ينفس فيه هشاشته الداخلية حتى لا يتساقط، يوجه إليك أنيابه الجاهلة.

قد أصبحنا عشرينيين بمعناها الرافض للخنوع للظلم والاستبداد، وليس بالمعنى الذي يريد البعض تقزيمه بتقديم بعض الافراد إلى مقدمة الحراك، وتمييع الاحتجاج وجعله موصوفا بأفعال وحركات نكرات، بل عشرينيين ممن يتوقون إلى عيش تعمه الكرامة والحرية وهي روح ستسري فينا حتى نرى ذلك الوطن الذي نحلم بيه ينصف الجميع ويعدل بين الجميع.

إنك يا صديقي العزيز، يونس لوكيلي، لو سألت العشرينيين وغير العشرينيين بمختلف تلاوينهم منتمين ومستقلين لأدرفت عوض الدمع دما، ولكتبت عوض المقال مجلدات عن قصص المظلومين في المحاكم والمهملين في المستشفيات والمقصيين من مباريات التوظيف والمنتظرين تتلاوحهم الإدارات والمقاطعات والجماعات المحلية والوزارات…لقد دفع العمال والمسؤولون في السلطات المحلية الناس لجمع الهاتفين والمصوتين للدستور مقابل التراخيص بالبناء وبإقامة محلاتهم التجارية…إنه غيض من فيض في فساد يعم البلاد والعباد، وهو ما يظهر فقط في أسفل الهرم، اما ما خفي في دواليب الأعمال ومسارات الأموال ومجمعات اللوبيات فهي أكبر من أن تروى على عجل… وستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا.

[email protected]

‫تعليقات الزوار

20
  • mona
    الجمعة 8 يوليوز 2011 - 02:19

    يا اخي الكل يريد التغيير والكل عانى من المستشفيات وغيرها من المحسوبيات
    لكنني لم افهم لما ربطت كل هدا بالدستور وبالتزوير لعلمك انا صوتت بنعم لامل ان يكون الغد افضل ودون تقليد اعمى لبلدان اخرى لم تنعم الا بخراب
    اتساءل هل يوجد في رايك احد يستحق مركز رئيس حكومه وهل ستكون عنده العصا السحريه لينقد المغرب ام تعتقد انه سيكون ملاك نازل من السماء كل همه الناس
    لا طبعا انت وانا والكل يعلم ان هدا غير موجود
    وقبل ان تنعث نفسك بالعشريني ابحث في خلفياتها

  • حذيفة
    الجمعة 8 يوليوز 2011 - 11:04

    و أنا أيضا لدي قصة أليمة جدا مع هته الدولة فلا حول ولا قوة الا بالله شعب يعاني بأسره في بلد لديه احتياط من اكثرها من الفوسفاط في العالم كلنا لدينا قصص أليمة مع هاذا المخزن القماع و كلنا أصبحا عشرينيين لكي نغير الوضعية و نحقق المساواة و العدالة و الاجتماعية و نقضي على الرشوة و المحسوبية الكبيرة التي تعاني منها بلادنا شكرا لكم إخوتنا غسال و الوكيلي لقد أسمعتم صوت شعب بأكمله فهنيئا لكم بذلك

  • الجواهري
    الجمعة 8 يوليوز 2011 - 12:56

    وسط زحمة الركاكة التي تخنق عالم الكتابة عندنا، يبرز بين الفينة والأخرى قلم يجمع بين صفاء المنبع في حب هذا الوطن، ومتانة الأسلوب في التعبير عما يعتلج في صدره ويمور في وجدانه. تحية لك جواد ولكل من يحذو حذوك في فن الكتابة الرصينة الملتزمة، ولا يغرنكم زبد الإسفاف المتلاطم حولكم "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"

  • hassan
    الجمعة 8 يوليوز 2011 - 13:41

    هدفي من خلال متابعتي لتطورات الفكر الكتابي لدى الاخ جواد كان بدافع المعرفة المجردة ليس الا، وليس المناظرة في اختلاف النسق للاصطياد في الماء العكر ولكن الاهمال الوجداني قد يصحح الوضع الى حين..، وكان حصيلة ما عرفته هو ان اغلب الاحكام لوجهات النظر عموما لا تستوضح الاهمال لتسع اعشار الرؤى المغيبة عن الظهور في الساحة الاعلامية اعظم البلايا تبدا من الخنوع المبهم و المشوش لقراءة الذات باعراض السهو مع الخطا و النسيان المزمن و الطافح بشتى تحريفات الميكيافيلية و التي تعني الغاية تبرر الوسيلة احتراماتي

  • ولد الزاوية
    الجمعة 8 يوليوز 2011 - 16:46

    قول الحق فضيلة وقليل فاعله ، لكن هناك صنو القول وهو العمل . وفقك الله لقول الحق وفعل الخير.

  • خوخو بلع
    الجمعة 8 يوليوز 2011 - 18:39

    تحية لكل عيشريني……رفض الضلو و الاسبداد
    مقال رائع………………………….

  • fefe
    الجمعة 8 يوليوز 2011 - 21:56

    VIVE TOUJOUR MOUVMENT20 fev

  • مواطن مغربي
    السبت 9 يوليوز 2011 - 09:55

    تحية صبر لكل المظلومين من الأطباء، وجواد غسال،هذا الأخير متابع قضائياً من لدن الله عز وجل،بسبب ظلمه لعدد كثير من الناس من خلال كتاباته بجريدة التجديد فالعشرينيون الشرفاء عليهم أن يعرفوا مع من يشتغلون، لأن العشريني الذي ولد كما يقول عشرينياً قد سبب في تشريد عائلة على سبيل المثال ظلما بسبب قلمه الطائش، حيث لم يتثبت مما يكتب، شأنه شأن الأطباء الذين تحدث عنهم في تعذيب أبيه، والمرأة الولود، وليكن في علمه أن ضحاياه قد برأتهم المحاكم القضائية مما نسبه إليهم، وأنهم ينتظرونه أمام الله حيث العدل الحق

  • larbi elskri
    السبت 9 يوليوز 2011 - 14:15

    نريد حلولا لا عشرينيين يبكون على الأطلال،كما قالت الأخت منى هل لديك رئيس حكومة كفئ حتى يخدم الشعب .

  • رشا الامازيغية
    السبت 9 يوليوز 2011 - 21:22

    نعتهم لكل من خالفهم الراي من الشعب المغربي بالجاهل و الامي و المرتشي و المخزني و الشماكري والديكتاتوري ولم يكتفوا بذلك بل واستوردوا كلمة بلطجي من المصريين وننتظر المزيد ممن يدعون انهم اهل المعرفة
    ادعاؤهم التكلم باسم الشعب و عندما صوت الشعب لصالح الدستور انقلبوا عليه وقالوا انه مرفوع عنه القلم ولا يمكن الاخد بشهادته بدعوى انه كان تحت التهديد و الوعيد عند التصويت. مطالبتهم بتحسين الظروف الاجتماعية ومحاربة الفساد و الاستعباد لايختلف عليه اثنان لكن مانختلف عليه هو المساس بديننا و ملكنا.

  • مغربي غيور
    السبت 9 يوليوز 2011 - 21:52

    الأستاذ لم يغلط و هو يربط الدستور الجديد بكل المشاكل التي يعاني منها الشعب المغربي . هو جاء بجواب فقط لما يتداوله أصحاب و مؤيدو الدستور الجديد من أن التصويت للدستور الجديد سيساهم في القضاء على مشاكل الشعب المغربي و الرقي بالمغرب إلى مصاف الدول المتقدمة و غيره من الخزعبلات التي سئمنا من سماعها على طول السنين . الشعب يا أخت منى يريد فرصا للشغل , يريد محاسبة "الشفارة " الذين عثوا فسادا في هذا البلد السعيد ,يريدون القضاء على المحسوبية…….

  • محمد الفقير
    الأحد 10 يوليوز 2011 - 11:27

    إخواني نحن شعب صبور ومتفائل وهذه المعانات التي كانت مسكوت عنها ساهمنا فيها بسكوتنا واستسلامنا حتى تفاقمت الأوضاع وأصبح من الصعب السيطرة عليها. أما الآن وقد تحرر الجميع وفكت عقدة اللسان وأصبح من السهل نشر وفضح ما يقع من حولنا. لماذا لا نعطي فرصة للمسئولين لتطبيق الدستور الجديدونرسم معا خريطة التغيير بدون عنف وتحويل ما بني من سنين إلى خراب. يجب علينا أن نستفيد مما يدور من حولنا وما حصل لأشقائنا العرب . إن الذين صوتوا بنعم هم كذلك يريدون التغيير بطريقة سلمية حتى ننطلق جميعا من موقعنا هذا للأمام

  • amanius
    الإثنين 11 يوليوز 2011 - 02:02

    تحية لكل عيشريني……رفض الضلو و الاسبداد
    مقال رائع………………………….

  • hassania
    الإثنين 11 يوليوز 2011 - 09:59

    السلام عليكم،
    نعم كل ما تقوله شاهدنا أكثر منه وما يجب أنت تعرفه هو ليس المغرب وحده يعيش هذه الحالات، كل البلدان تعيش مثل هذه الظروف، وما نطلبه من المغاربة هو أن لاينساقوا مع رياح 20 فبراير الكاذبة إنها أكثر فسادا اجتماعيا ودينيا وسياسيا لأننا نعرف من يمولها و هذا أكيد إنهم أعداء المغرب، لا يمكن للإصلاحات أ، تكون بين عشية وضحاها، منذ أن تولى الملك العرش و هو يصلح و يغير ويهدف لإصلاحات أكثر لكن المسؤولين لا تهمهم مصلحة البلاد و هذا ما نطلبه منهم يجب أن يرعوا مصالح البلاد و الشعب قبل مصالحهم،

  • pafo
    الإثنين 11 يوليوز 2011 - 14:23

    belle plume!

  • لحلو
    الإثنين 11 يوليوز 2011 - 17:23

    عزيزي هل تظن أن نساء المغرب عقمن عن أن يلدن رجلا بل رجالا لمستقبل المغرب. أخشى يكون الإعتقاد الذي ساد لعقود بأن في المغرب رجل واحد هو الرياضي وهو السياسي وهو الدبلوماسي وهو ……………. وغيره أشباح.
    عزيزي لا تسئ الظن بالوطن ولا بالمواطنين وتأكد أن الرجال الذين لهم حب لهذا الوطن وغيرة عليه وحرص على خدمته دون انتظار شكر شاكر أو تنويه منوه……هؤلاء كثر ولكنهم مبعدون لأنهم لا يحسنون طلب الزلفى مقابل كرامتهم, ولا يتقنون فنون التملق كما يفعل أدعياء الوطنية .

  • Arabman
    الإثنين 11 يوليوز 2011 - 18:19

    لكل الذين أحسنوا النية بالمخزن وصوتوا بنعم على مهزلة الإصلاح الدستوري أقول لهم لا تضيعوا وقتكم ولا تحلموا راه مَاكايْن وَالُو لا إصلاح ولا هم يحزنون المخزن وأزلامه لازالوا يحتكرون السلطة والثروة ولاشيء تغير٠

  • Sofia
    الإثنين 11 يوليوز 2011 - 20:20

    نرجو فضح حركة 20 فبراير. من هم؟ من يمولهم؟ وماهي اهدافهم؟ كلما استطعتم ان توثقوا اجوبتكم كلما كان دلك افضل لفضحهم على نطاف واسع

    لكل مغربي يهتم بالحفاظ على امنه و امن عائلته.
    لكل مغربي يريد ان يصلح من نفسه اولا قبل ان يردد شعارات ببغائية.
    لكل مغربي يريد الاصلاح و القضاء على الفساد ولكن وراء الملك. Il ya une page sur facebook –فضائح حركة 20 فبراير–

  • azed87
    الثلاثاء 12 يوليوز 2011 - 15:13

    ان من السذاجة ان يقف المرء مع عدوه ليحارب حاميه اي:
    المشكل راه فشعب اللي مسخ الافكار الكل معني بالامر

  • mouaten
    الأحد 17 يوليوز 2011 - 20:13

    ETES VOUS MAROCAINS ???
    Si oui, militez pour le développement humain de la population et encourager les instances de lutte contre les fraudes et associations des droits humains.
    Si NON = continuer à attiser le feu, ton frère, ta mère tes proches mourront par une crise économique consécutive à vos emeutes et mourront dans une tuerie entre marocains ITAKOU ALLAH FI BALADIKOM OUA RFAOU RAYATAHOU ALIANE WA SALAM

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 7

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير

صوت وصورة
تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:55

تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس