أَما آنَ كَنْسُ "الرْهُوطِ" مِنْ قَرَارِ حُلمنا؟

أَما آنَ كَنْسُ "الرْهُوطِ" مِنْ قَرَارِ حُلمنا؟
الأحد 27 غشت 2017 - 22:00

حلم يتكرر: نريد الركض لكن أرجلنا تتسمر في الأرض، نحرك أيدينا لكنها لا تستجيب كأنها ليست منا، ثم نفتح فمنا ولا يخرج منه أي صراخ أو كلام…

حين يراودنا هذا الحلم نستفيق مذعورين ونحن نتصبب عرقاً، حلقنا جاف وقلبنا يكاد يتوقف من شدة الخفقان..فيا له من كابوس رهيب!

أكيد أنكم تتفقون معي ألاَّ أحد يريد أن ينام ليجد نفسه فريسة لذلك الكابوس. الآن لنفترض أنها ليست أضغاث أحلام، وأننا نعيش يقظتنا.. حياتنا تشبه ذلك الكابوس: نجري لكننا نظل في مكانَنا، نحرك جسدنا لكنه يخذلنا، شفاهنا تتحرك لكن ولا كلمة حقيقية تخرج من بينها. ربما نفتح أفواهنا فقط لحشوها بالطعام واللغو.

لنتخيل الأمر هكذا، فماذا سيكون معنى حياتنا وما الهدف منها؟

لا شيء، حياة خاوية…مجرد وهم يحملنا كل يوم على السير وراء ما يسمى العيش والجري وراء أغراض مادية ومعنوية لن يشكل الوصول إليها سوى بداية لجري آخر وراء هدف آخر لا معنى له. وفي الطريق تصادفنا مشاهد صادمة لذوي العقول، فكيف بذوي الألباب، غير أننا لا نراها ولا نسمعها ولا نتكلم عنها، تماما كتلك القردة الثلاثة.

طبعاً هذه الحياة جميلة ومريحة، لكنها حتما ليست للبشر. لو كنا نساء ورجالا آليين (روبوت) لكانت لها قيمة. لكننا من دم ولحم، كتلة من العواطف والأفكار والتفاعلات؛ أو على الأقل هكذا ينبغي أن نكون!

فما الذي حدث حتى صرنا أحياء أمواتا، لا نحس ولا نفكر ولا نقوم بأي ردة فعل على أفعال شائنة تحدث على مرأى أعيننا ومسمع آذاننا؟ ما الذي يحدث لنا كشعب حتى نشهد مظاهر البشاعة تحتل فضاءنا العام (من توسيخ وتشويه وتدمير للقيم الحضارية المادية واللامادية) ومناكر تقترف نهارا جهارا ضد إنسان وأرض هذا الوطن ولا من يحرك ساكنا!

فتاة تتعرض للاعتداء في حافلة أمام ركابها وسائقها ولا أحد يتدخل لردع أولئك “الرهوط”.. فاسدون متلبسون بجرم نهب المال العام بالدليل والبرهان يكافؤون وقد يحصلون على وسام مقابل خدماتهم “الجليلة” بدل الحساب والعقاب..مؤسسات معطلة لا تقوم حتى بواجب ضمان المستوى الأدنى للآدمية للرعية.. “مسؤولون” استقالوا من مهامهم في إطار تقاذف المسؤولية.. آباء وأمهات تخلوا عن دورهم التربوي للمدرسة والشارع.. مدرسة عاجزة أو معَجَّزة عن القيام بدورها وشارع بشع لا يعَلِّم سوى الافتراس والبذاءة.. منتخبون لخصوا دورهم في الانتخاب ثم علينا أن نبحث عنهم في “مختفون”.. مشاهد خرق القانون من جنح وجرائم كل نصف دقيقة ولا أمن يتدخل، ولا قضاء سوى قضاء الله وقدره…

فما نحن فاعلون؟ هل سنقعد في قاعة الانتظار الوطنية أحياءً أمواتاً إلى أن يتصرف قضاء الله؟ أم نستفيق من سباتنا وتَضْبِيعِنا، وننهض للقيام بواجبنا تجاه ذواتنا ومجتمعنا وأجيالنا القادمة؟

من المؤكد أن عقود الترهيب والترغيب قتلت فينا كشعب النخوة والكرامة، بل وحتى الإنسانية، ومن المؤكد أيضا أن المسؤولية مشتركة في ما يقع لنا، لكنها مسؤولية متفاوتة الدرجات. فليتحمل كل مسؤوليته! فالتغيير لا يأتي من عدم، التغيير يأتي من الوعي ومن الفعل ومن الشجاعة، ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

ارفع رأسك يا أخي، وكفى من حياة الذل والقهر والخوف. فماذا سنخسر أكثر مما خسرنا؟ إن حياة تشبه الموت لا تستحق الحياة…! فأما آنَ كَنْسُ كُل “الرهوط” مِنْ كُل قَرارِ حُلمنا…؟

‫تعليقات الزوار

7
  • KITAB
    الأحد 27 غشت 2017 - 22:39

    نظرة سوداوية أو بالأحرى لا تلوي على شيء…. لكن سرعان ما ستنتفض جوانح الأستاذة وتفتح لنا نوافذ لانهائية عن الآلام التي يعيشها المغاربة للصور الهمجية التي أصبحت تعج به شوارعهم وأزقتهم وأحياؤهم، نعم هذا قدرنا في المغرب، لكن قد يوجد شخص مفعم بالآمال الرحيبة حينئذ يعتبر الصور الشاعرية التي أتت عليها الأستاذة هي بمثابة بركان على وشك أن يقذف بحممه وبالتالي سيقرر الفرار هرباً من هذه الآلام المبرحة، وتحياتي

  • محمد أيوب
    الأحد 27 غشت 2017 - 22:50

    هذا هو المسؤول:
    تقول الكاتبة:"فتاة تتعرض للاعتداء في حافلة أمام ركابها وسائقها ولا أحد يتدخل لردع أولئك"الرهوط"..فاسدون متلبسون بجرم نهب المال العام بالدليل والبرهان يكافؤون وقد يحصلون على وسام مقابل خدماتهم"الجليلة"بدل الحساب والعقاب.. مؤسسات معطلة لا تقوم حتى بواجب ضمان المستوى الأدنى للآدمية للرعية.."مسؤولون"استقالوا من مهامهم في إطار تقاذف المسؤولية…"…والجواب هو ما كتبته أيضا وهو:"من المؤكد أن عقود الترهيب والترغيب قتلت فينا كشعب النخوة والكرامة،بل وحتى الإنسانية..".. اذن المسؤول هو هو دائما وأبدا:المخزن بكافة رموزه وتلاوينه وتجلياته.ما يهمه هو أمنه واستمرار استغلاله للبشر والحجر.للأرض وللسماء وللبحر. سلطته ونفوذه وامتيازاته:هذا ما يهمه.ومع الأسف الشديد:لا الكاتبة المحترمة ولا غيرها ممن يكتب بهذا الموقع يشير الى المخزن ودوره في افساد الناس وتمييعه للحياة السياسية والاقتصادية عبر تعليمنا الفاشل وصحتنا المريضة ومعها باق يالقطاعات الأخرى.قولوا الحقيقة للناس كما هي وانشروها وكفى خوفا أو نفاقا وتزلفا وانبطاحا.اصرخوا بها عاليا:المخزن سبب كل ما يعرفه بلدنا من مشاكل على مختلف الأصعدة..

  • شلل كلي
    الإثنين 28 غشت 2017 - 12:07

    الأخت زكية : كثير من الناس يراودهم نفس الحلم. والكثرة هنا إنما هي شرط من شروط الموضعية العلمية التي بدونها لا يمكن التأكد من بطلان المعنى المتعارف عليه والمصر على القول بأضغاث أحلام. ذلك أن عبارة "أضغاث أحلام" بلغة الملأ .. في سورة يوسف .. تفيد التأليف الموجز في وحدة معطيات ومعلومات مضغطة بشكل معقد يحيل على آليات تفكيكها .. لا قبل لهم بها .. حتى إنهم قالوا : "وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين" …
    وتأويله مجازا : عدم القدرة والعجز الكلي رغم العزيمة والمثابرة، ووجود الإمكانيات .. كل حسب السياق وملابساته .. ومن ذلك انعدام الأهلية في قانون المرافعات أمام المحاكم .. والميت مثلا فاقد الأهلية بقوة القانون …
    وتأويله حقيقة : شلل كلي في الجسم .. ومن تجليات حقيقته .. أنك ترين مصابا به في محيطك أو خارجه : فقد يكون شخصية عمومية أو شهيرة .. وقد ترينه بكل بساطة في مشاهد عابرة .. مثل قراءة مقال ما أو مشاهدة فلم ما .. ولعل مقالك هذا جزء من تأويله .. ولكم برعت في استخدامه لتشخيص المرض العضال الذي أصاب المغرب .. ولكم برعت في إيصال الرسالة .. وبأسلوب جميل.

  • الرياحي
    الإثنين 28 غشت 2017 - 14:39

    ما وصفت الأستاذة في مطلع مقالتها يسمى طبيا "شلل النومparalysie du sommeil " والحقيقة إننا مصابون ب"شلل اليقضة"أيضا.أول الدواء هو الإعتراف بمرضنا المزمن : دولة متخلفة مجتمع "خامج" في طريق التحلل يعبد "العجل الذهبي" وحُراس المعبد.
    أليس من الندالة أن يُفرض على مُغْتَصَبَة القران بجزارها ؟ أليس من الندالة أن يتلفع أطفالنا في الجبال ب"الميكة البلاستيكية" تحت البرد القارس وأحيانا يمشون حافون ، ألا نستحيي أن نستقبل الأطفال في مدارس/إسطبل بدون مراحض ، ألا نستحيي أن نطعمهم بعلبة سردين و"بيسكوي" رغم الأموال المخصصة.أليس من العار يقونن إستعباد الخادمات القاصرات ، وسرقة الأملاك السللية
    من حقك أختاه أن تجهلي فوق الجاهلينا من حقك أُخَيَّتي وأن ترميهم بالنعل واللعنة
    إنهم طالما احتقروا البؤساء حتى ترسربت الحقارة في نفوس البؤساء

  • الرياحي
    الإثنين 28 غشت 2017 - 16:41

    يا وطني الحزين

    حوّلتَني بلحظةٍ

    من شاعرٍ يكتبُ الحبَّ والحنين

    لشاعرٍ يكتبُ بالسكين
    ——————-
    نزار القباني

  • سحر العربية
    الثلاثاء 29 غشت 2017 - 00:05

    تساءلت سيدتي:"فما الذي حدث حتى صرنا أحياء أمواتا، لا نحس ولا نفكر ولا نقوم بأي ردة فعل على أفعال شائنة تحدث على مرأى أعيننا ومسمع آذاننا؟"

    أوافقك بأن الحياة تكمن في أحاسيسنا ومشاعرنا ومواقفنا اتجاه ما يجري وعندما نكون سلبيين عدميين ولا ردة فعل لنا نكون بذلك في عداد الأحياء الأموات وهو موت للإنسان أو للإنسانية فينا صرنا أشباح البشرلا يزيننا إلا ما نرتديه من جميل الملابس.

    وللجواب عن سؤالك ،إننا فقدنا الحب بيننا وقضينا فترة طويلة في الصراعات الفارغة نتصيد أخطاءنا ونقاط ضعفنا ونصب المقالب لبعضنا إلى أن تكسر الكأس فصار مستحيلا لم اطرافه من جديد وتعمق الجرح إلى درجة أن الواحد منا لم يعد قادرا على البوح بالحقيقة ومن يفعل ذلك يُقصى و يهمش.فعشعش النفاق في قلوبنا وهكذا فقدنا الاعتبار والاحترام والحب لبعضنا البعض ، لكن ما سبب فقدان الحب هذا؟ بكل بساطة في السطو على الحقوق مهما كانت بسيطة أو كبيرة من أقرب الناس إلى أبعدهم ـ لا أعمم ـ هذه الحقوق المسروقة لنا أفقدتنا شعور الانتماء نحن الآن نعيش والإنسان ميت بداخلنا.

    تأملي سيدتي هذا المثل "تفوت غ راسي وتجي فين بغات" فمن يحيي الإنسان فينا؟

  • مريض
    الثلاثاء 29 غشت 2017 - 00:17

    أطنان "" الحشيش '' تنتج ، تسوق و القناطير تستهلك يوميا ، آلاف الأمرتار المكعبة تستهلك من ماء الحياة ، و أخرى بنفس الكمية تستورد لتستهلك في الحانات و النوادي الليلية بأرقى المنتجعات و الفاندق المصنحة ، و آلاف من عبوات السيليسيون تسرح بأجساد الأبرياء في عوالم لا يدركها الآخرون …
    السكوت عن هذا العالم يعني أن عقول المنتشين بأضغاث الأعلام لا تعي الواقع …

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة