رؤية إستراتيجية لمشروع الدولة بالمغرب

رؤية إستراتيجية لمشروع الدولة بالمغرب
الأحد 15 أكتوبر 2017 - 23:07

بلغة لا تخلو من جرأة وشجاعة، اعترف الخطاب الملكي بأن “النموذج التنموي الوطني أصبح اليوم غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة والحاجيات المتزايدة للمواطنين، وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات ومن التفاوتات المجالية وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية”.

لقد قلتها، في عدة مناسبات علمية وبحثية، إن المغرب يسير بدون بوصلة إستراتيجية؛ وهو ما أسميه “مشروع دولة”.

إن رؤيتي الإستراتيجية موثقة في العدد السابع من مجلة “شؤون إستراتيجية” الصادر سنة 2012، حيث كنت آنذاك مشاركا في مائدة مستديرة بمؤسسة علال الفاسي بالرباط.. قلت: “آن الأوان لضرورة انعقاد لقاء أو مناظرة وطنية من النخبة المغربية، من أساتذة جامعيين ومفكرين واقتصاديين وسياسيين (وليس سياسويين، فالسياسويون لا تعنيهم هذه المناظرة؛ لأن المناظرة تخص الصالح العام وهم يفكرون في المصلحة الخاصة)… وذلك من أجل اختيار “مشروع الدولة”، قبل الحديث عن أي اصلاح للتعليم أو غيره، وقبل الحديث عن أي مخططات قطاعية..

وضرورة على هذه النخبة الإجابة عن التساؤل التالي: ما هي الدولة التي نريد بالمغرب؟ هل نريد دولة فلاحية أم صناعية أم سياحية أم خدمات ..

أولا – وبناء على اختيارنا لمشروع الدولة التي نريد. آنذاك، ننتقل إلى وضع سياسات عمومية مبنية على رؤية مشروع الدولة التي اخترناه، ومن ثم بلورة الإصلاحات وتغيير مناهج التعليم وفق مشروع الدولة التي اخترناه. فمثلا إذا اخترنا مشروع الدولة الصناعية، إذن ينبغي أن تتغير المناهج التعليمية لتتوافق مع الرؤية الصناعية والمشاريع الصناعية والتخصصات التعليمية الصناعية وعلى أرض الواقع إعطاء الأولوية للمعامل والمصانع وتشجيع الطاقات الشابة في التخصصات العلمية وفقا لمشروع الدولة الصناعية وهكذا…. بحيث تكون المدخلات التعليمية في المجالات الصناعية بالأساس (مع عدم إغفال المجالات التعليمية الأخرى بنسبة مائوية أقل) وتكون المخرجات في إيجاد الشغل متوافقة مع المدخلات.. أي تكوين الشباب وتعليمه في التخصصات الصناعية + توفير المصانع والمعامل في التخصصات التعليمية التي تم تدريس الشباب بها أو التكوين فيها = التشغيل وفرص العمل.

ثانيا – يجب على الحكومات المتعاقبة أن تسير وفقا لمشروع الدولة التي اخترناه، ويشترط على كل حكومة منبثقة من الانتخابات أن تقدم برنامجها أمام البرلمان وفقا لمشروع الدولة ولا يمكن أن تتجاوزه أو تحيد عنه.

كما ينبغي أن تأتي كل حكومة وتكمل المشاريع من حيث انتهت الحكومة السابقة في مشروع دولة وحيد وموحد ومتوافق بشأنه؛ فلا مجال لكي تلغي حكومة مشاريع الحكومة السابقة أو تبدأ في تنفيذ مشاريع جديدة لأن مشروع الدولة واحد وموحد، فالحرية لكل حكومة في وضع الآليات المختلفة في التنفيذ؛ لكن الهدف واضح مسبقا في مشروع الدولة.

ثالثا – ما دمنا لم نحدد بعد مشروع الدولة التي نريد فلا يمكن التقدم بهذا البلد إلى مصاف الدول المتقدمة. وقد ضربت مثالا بماليزيا التي اختار مسؤولوها مشروع الدولة الصناعية في 1985، وبعد عشر سنوات بات هذا البلد الأسيوي من بين الدول الصناعية العشر في العالم.

*رئيس المركز المغربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية

‫تعليقات الزوار

7
  • ع الجوهري
    الأحد 15 أكتوبر 2017 - 23:52

    ماليزيا تسير برأس واحد ولو كان وضعها يشبهنا لما تقدمت ولو بعد قرن هل يعقل ان تجد في بلد عاقل رئيس حكومة يتحكم فيه وزير داخليته هل يعقل مديرة إذاعة لا تنشر إنجازات وتحركات الحكومة وتقول في العلن إنها لا تتبع لرئيس الحكومة والأمثلة كثيرة المغرب سيضل يلف ويدور حول مشاكله مثل حمار الطاحونة يتقدم ولا شبر للأمام وشكرا

  • Mustapha Azayi
    الإثنين 16 أكتوبر 2017 - 06:25

    You can come up with the most efficient bureaucratic policy in the whole world for any manager in charge of some national office somewhere but if he by any reason, tends to be not under steady admonition to excel in his job or not to be passionate about it in the first place I guarantee you that nothing would likely come to fruition from that policy. You can take a horse to the most beautiful stream of water you find on your way but you just cannot make him drink from it. Those who want to succeed in running this country should all have something in common (I don’t care if you are from a rich family or a poor one) and it is the skill and the ambition to change it towards the better. We are all riding the same boat and facing the same storm. So giddyup the sleepy ones!

  • مواطن
    الإثنين 16 أكتوبر 2017 - 08:13

    يبدو لي أنك يا أستاذ لا تستحضر طبيعة النظام السياسي المغربي عندما تبلور فكرتك لمشروع الدولة، إننا لسنا في فرضية النظام الديموقراطي ، ما يعني أن القرارات والمشاريع الاستراتيجية للدولة لا تتأس في فضاء تداولي كي تنبني على مناظرة وطنية للنخبة المثقفة، وتفكير أفقي وتشاركي، بل على ما يسمى في أدبيات السياسات العمومية بـنمط "من الأعلى إلى الأسفل" top down، ولك أن تتأمل في كل الاختيارات الكبرى على امتداد التاريخ المغربي منذ الاستقلال (المسيرة الخضراء، مشروع الحكم الذاتي، البرامج القطاعية، المشاريع المهيكلة…)، كي تجد أن هذا النمط يبقى عاملا محددا وبقوة … الحل –حسب رأيي- هو إما أن نقترح توصيات تتماشى مع واقعنا الحقيقي، أو أن نفكر في تغيير هذا الوضع نحو دمقرطة النظام السياسي المغربي، كي تكون لنا القدرة على أن نقرر بشكل جماعي في مصائرنا.

  • وضوح المشروع ...
    الإثنين 16 أكتوبر 2017 - 08:46

    … مشروع الدولة واصح وضوح الشمس منذ سقوط جدار برلين 1989، و فشل المذهب الاشتراكي في العالم.
    الدولة هي دولة العولمة الكبرى
    منذ ان ادمجت الحماية المغرب سنة 1912 في محيطه الدولي وهو يحبو في طريق العولمة.
    ولقد قطع اشواطا لا يستهان بها بفضل تبصر ملوكه الثلاثة الذين رفضوا القطيعة مع التحالف الغربي الناجح والارتماء في المعسكر السوفياتي الفاشل.
    وهكذا استطاع المغرب اليوم خوض غمار التنافس الدولي في افريقيا ولا يحتاج الا لبعض الاصلاحات لمتابعة المسيرة.

  • حنظلة
    الإثنين 16 أكتوبر 2017 - 13:04

    اذا كنّا بعد ستون سنة من الاستقلال لا نزال بدون بوصلة استراتيجية ودولتنا لا تملك مشروعا فماذا كان يفعل الذين تعاقبوا على حكمنا منذ سنة 56 ؟ اليوم فقط آن الأوان لعقد مناظرة لتحديد مشروع الدولة التي نريد ، وكم يلزم من الوقت بعد تحديد هذا الهدف لإرسائه .. ستون سنة آخرى ؟ حسنا لنبقى متفائلين ونتعتبر أجيال اليوم فئران تجارب عسى ان تستفيد الأجيال القادمة .

  • Bouchaffa Bouazza
    الإثنين 16 أكتوبر 2017 - 23:48

    Plus pertinent qu'un "projet d'Etat" notre pays a besoin d'un"projet de société" car depuis plus de 20ans il aété question d'une"société démocratique moderne"? Le débat doit se focaliser sur cette problématique

  • choqué
    الأربعاء 18 أكتوبر 2017 - 10:00

    Je trouve l'auteur très prétentieux (إن رؤيتي الإستراتيجية موثقة في العدد السابع من مجلة "شؤون إستراتيجية" الصادر سنة 2012…)

    Qu'est-ce que tu as dit et trouvé de génial? Tu redécouvres la roue!
    Projet d'Etat, so what?!! … Décline alors, et dis nous de quoi il s'agit! …
    On n'en peut plus avec ce genre de prétentions et de postures … pires que celles de nos amis politiciens. Oui, pires …

    Cher M. Nadaoui, vous savez : le contraire du savoir,
    pas l'ignorance; mais bien la certitude, ou disons la certitude dans l'ignorance!
    bonne journée ce n'est

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 2

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس