في الحاجة إلى ثقافة جنسية

في الحاجة إلى ثقافة جنسية
الخميس 19 أكتوبر 2017 - 19:20

لا أعرف لماذا يهب حماة وحراس الفضيلة متلكئين ومستنكرين كل تربية جنسية تفتح الباب للطفل أو المراهق أو الشاب للتعرف على جسده سواء في البيت أو في مؤسساتنا التعليمية في إطار تربوي سليم؛ سعيا منه لاستكشاف جغرافية الجسد وخرائطه، تماما كما نكتشف خرائط العالم بشكل علمي مؤطر يجنبهم هفوات عوالم أخرى افتراضية أو واقعية، ويرشدهم إلى كيفية تقدير الذات واحترامها والوقوف ضد كل متحرش أو منتهك لخصوصيتها، وكأن التربية الجنسية هي تدريس للجماع

أو عرض “أفلام بورنو”، ليصير الحديث عن الجنس مظهرا إباحيا، بعدما تعود المجتمع منذ نعومة أظفارنا، على لف ضفائر الفتاة البريئة خاصة بوصاياه اللامتناهية، ومحاصرتها بطفولة مستلبة مؤثثة بمحاذير وتحجيب وتحصين و عزل وتخويف وترهيب سواء في المدرسة أو البيت، واختصارها في “عورة” وكائن “هش” قابل للانتهاك في أي فلتة زمن من “وحش مغتصب” رجل تتشكل سلطته الذكورية في إطار غير سوي عبر تربية مجتمعية شاذة، ليتجسد الجنس في كل مظاهر حياتنا، سواء في صداقة بريئة أو إيماءة او همس أو نكتة أوضحكة أو جلسة متحررة ومريحة…

والظاهر أن فوبيا الجنس تشكلت من تربية مجتمعية تعتيمية؛ اعتبرت الجنس من المسكوت عنه، صمت تمخض عنه تحقيرله ودسه في خانة الخطيئة أو الثمرة المحرمة أوالبهيمية، وارتباطه بجسد متهور دوني قابل للفناء في مقابل روح سماوية متعالية، مع العلم أنه من أرقى الممارسات الطبيعية، وأي تحقير له هو تحقير للحياة، نظرة دونية جردته من العواطف والمشاعر وخلقت حالة كبت وحرمان كبيرين لدى فئة عريضة من شبابنا.

نظرة تبخيسية تاريخية تشكلت بذرتها في ثقافتنا العربية، جعلت الشهوة خادمة للخصوبة، ومنحت للجارية الجنس والشهوة وللسيدة الإنجاب والتبجيل، مع العلم أن تراثنا العربي لم يتهيب قط الحديث عنه بما يليق به من قدسية وخصوصية، وإن ظل يتأرجح بين الحديث عن جسد اجتماعي خاضع للمقدس وبين تخييل منفلت منه، كالحديث عن جنسانية الجنة ووصف جمال المرأة والحب والعشق ببلاغة جمالية فائقة وبلغة شهوانية، سواء في الشعر أو النثر، ويكفي الوقوف عند كتاب “طوق الحمامة” لابن حزم وكتب “أخبار النساء” و”روضة المحبين” و”حادي الأرواح” لابن القيم…. لنكتشف ذلك.

فالحديث عن الجنس مع أبنائنا مع مراعاة الفئات العمرية ليس عيبا أو حراما؛ولا يمكن تقويض لحظة المكاشفة معهم بتعلة الخوف على أخلاقهم، صمت قد يكون أشبه باعدام لوحة دافنشي “ليدا وطائر البجع” بحجة أنها إباحية وتتنافى مع الأخلاق في عهد لويس الثالث عشر، ذلك أن الوعي بالجنس وأساليب ممارسته يجنبهم جنسا مريضا متطرفا متورما في زمن افتراضي معولم يلجِؤون إليه لإشباع رغبتهم وشغفهم في سبر أغوار ذلك العالم، ويخلق جيلا أكثر تصالحا وتقديرا لذاته، مؤمنا بالجنس كممارسة حضارية إنسانية للحب والتواصل والجذب والتجميع والالتئام والتواصل والقدرة على زرع بدور الحياة، لا كشهوة حيوانية أو ممارسة قذرة ، بل أحد أبرز عناصر السعادة و الحياة وأساس نشوئها وارتقائها وتطوّرها واستمرارها.

‫تعليقات الزوار

16
  • القسيس الهرم
    الخميس 19 أكتوبر 2017 - 19:48

    كلام جميل لكني شخصيا بحكم انتمائي الى جيل نشأ وسط علامات المنع والخطوط الحمراء تطوقه من كل جانب أجدني في الحقيقة عاجز عن الخوض في هذا الموضوع مع ابنائي .. تربينا على الحشمة والوقار والطابوهات .. قد نكون مصابين بتشوهات نفسية لكن هذا هو الواقع فالخطوط الحمراء والموانع لا تغادر صاحبها الا معه حين يأتي أجله .. أما ان انقلب 180 درجة لاصبح حداثيًّا يحاور ابنته في أمور حميمية او ابنه كيف يصرف طاقاته الجنسية ويدير غزواته الجنسية فلا قدرة لي على هذا .

  • عبد الرحيم فتح الخير
    الخميس 19 أكتوبر 2017 - 21:21

    تخلي الدولة عن واجبها المقدس ، في التربية المتكاملة ، تحت ذريعة الحشمة والعيب أنشا جيلا اميا في الثقافة الجنسية . جيلا يعتبر الجنس من الاشياء التي لايجب التعاطي معها الى عن طريق الممارسة وفي اطار واحد وحيد وهو مؤسسة الزواج .
    وهو خطا قاتل جعل المراهقين والمراهقات الممنوعين اخلاقيا من السؤال ، يعتمد على امكانياته الذاتية لمعرفة هذا الغول الذي لايجوز الحديث عن الا همسا وفي أضيق الحدود . باعتباره قلة أدب وكلام ليس له من مسمى الا الفجور ، فارتمى الشباب لااشباع رغبات المعرفة المحرمة دينيا ومجتمعيا في التلصص خارج المراقبة الاسرية .
    فلتجء للفضاء الازرق ومتابعة الافلام الاباحية خلسة خصوصا وكل فرد يملك هاتفا او حاسوبا بضغطة زر يجد نفسه امام الالاف من هذه النوعية من الافلام وهي افلام استهلاكية تجارية مبهرة تجعل المتتبع يعتقد انه ضعيف مقارنة بابطالها ، وغير راضي عن نفسه . فهو لايملك مقومات الفحل ،وهي لاتملك مقومات البطلة . وهو خطأ فهذه الافلام هدفها الربح وليس التثقيف والابهار الذي يسودها مصتنع لايعكس الواقع . يتبع

  • عبد الرحيم فتح الخير
    الخميس 19 أكتوبر 2017 - 21:31

    فالعلاقة الجنسية ابسط من ذالك وبكثير . وكل قادر على اسعاد الشريك الا القليل القليل . فالممارسة ليست في قوة الوطء واستمراره لساعات ، كما تروج هذه الافلام فغالبية الجنس في المداعبة . اما ان يقع الممارس على الشريك دون هذه المقدمات فهذا لايخدم العملية وبالمطلق فيستفيد طرف ويحرم اخر فالعملية تشاركية فانت لباس وهي لباس .

  • العفوو
    الخميس 19 أكتوبر 2017 - 22:49

    هل يمكن التعويل على الأسر في تلقين أبنائهم تربية جنسية صحيحة في مجتمع تنخره الأمية إضافة لحساسية الموضوع؟ لكن تبقى المسؤولية ملقاة على عاتق وزارة التعليم و ستظهر ممانعة قوية من قبل الأباء و الأمهات و يمكن أن تزداد كثيرا نسبة مقاطعة الدراسة.

  • الحياة مدرسة الممارسة
    الخميس 19 أكتوبر 2017 - 23:03

    النساء يتحذثن الى بناتهن والرجال بالغمزة تفهم والمدرسة تقدم دروسا في الاجهزة التناسلية عبر كل مراحل التعليم والافلام الخليعة والغير ذالك تقدم دروسا في الدعم والتقوية لمن يرغب في ذلك .ولا يحتاج المرء أن يحل محل أخر في التوضيحات المعرفية والممارسة الفعلية .

  • ع عبد العدل
    الجمعة 20 أكتوبر 2017 - 12:57

    نحن في حاجة إلى التربية على العفة، وإلى تعليم أبنائنا ثقافة العفة، والأخلاق و القيم النبيلة.

  • عبد الرحيم العلام
    الجمعة 20 أكتوبر 2017 - 15:05

    أتفق معك في كل ما ذكرته، تحياتي سيدتي

  • مغربى صريح
    الجمعة 20 أكتوبر 2017 - 16:14

    أصبحت التربية الجنسية واجب تفرضه الظروف والعصر فالثقافة الجنسية لا تدعو للدعارة ولا للتفسخ والإنحراف والإنحلال كما يفهم البعض بل بالعكس …

  • جليل نور
    الجمعة 20 أكتوبر 2017 - 18:06

    القسيس الهرم تحية – لقد هرمت فعلا أصاحبي و أصبحت الرؤية أو الذاكرة ضعيفة؟..لا عليك كلنا في هذه السن نعاني من ذلك..لم يرد فيما في المقال ما يفيد أن التربية الجنسية تتضمن تعليم الولد أو البنت (تحاشيك ذكر البنت يعني تحررا في الحديث مع الإبن و تقبل حرية جنسية منه أكثر مما نتقبله من البنت) "إدارة الغزوات الجنسية".. يبدو من تعليقك الذكي أنه لن أحتاج لكلام أكثر معك..عدا ذلك أتفق تماما مع رأيك في مسألة التربية الجنسية إذ رغم وعينا بضرورتها و نقاشنا لها بين أصدقاء نجد أنفسنا للأسف عاجزين عن إثارتها في البيت..لابد توجد أقلية من مواطنينا استطاعوا تحدوا الطابو و اجتازوا خطوطا حمراء وضعها مجتمع محافظ علنا شبق سرا..شخصيا أغبط هذه الأقلية على شجاعتها!

  • بيدبا الحكيم
    الجمعة 20 أكتوبر 2017 - 19:50

    التربية الجنسية ضرورة لامناص منها، أن نبقي رؤوسنا في الرمل كطير النعام، سيؤدي بنا حتما نحو المزيد من الإنفصام في الشخصية، و هنا أتذكر مقولة صديقي اليساري و نحن طلبة في الكلية بمدينة فاس أواخر الثمانينات، كان يشنق مسمعي بها و بكل فخر و اعتزاز و كأني به عنترة بن شداد بطل بني عبس البائدة، كان يقول " أنا تقدمي في كل شيئ إلا مايتعلق بالمرأة" و أعتقد أن اعتقاده راسخ لذا العديد من المغاربة الذين جبلوا بحسب ثقافتنا على كون المرأة كائن دوني يدخل خانة الطايو، نحن فعلا سكيزوفرينيون، و هو داء مدزمن لدينا، نخرق الأخلاق كل يوم و لكن حينما نصعد المنابر قلاأحد يظاهينا في الذود عن الأخلاق، مرة التقيت أستاذا كان يدرسني في فصل بالثانوي، كان دائم التحرش بفتاة جميلة تدرس معي، مرت السنين و التقيته في محطة القطار بسيدي قاسم معية بناته، و قد اكتسب لحية ماشاء الله ، حتما ستذخله الجنان من دون حساب أو عقاب، كل بناته متحجبات حتما هو رباهن على الفضيلة كما له الحق في التوبة، لهم أيضا الحق في الإستمتاع بحياتهم في إطار " معقول" و الخطأ كباقي البشر، و معرفة أننا خطاؤون و لاعصمة لنا إلا من رحم ربي.

  • amahrouch
    الجمعة 20 أكتوبر 2017 - 20:24

    L enfant et l adolescent n ont pas besoin d être aidés à découvrir leurs corps et à être conseillés sexuellement.Ils l apprennent tout seuls progressivement par l intermédiaire des aîné(es) et au cours de leur vie.J approuve l éducation islamique qui se rapporte à ce sujet et qui interdit le rapport sexuel proprement dit.L occident veut changer la nature humaine en mélangeant les loups et les brebis !Un jeune homme qui ne manifeste pas de désirs sexuel en face d une jeune fille est un impuissant et la femme dont la présence de l homme ne signifie rien et ne montre aucun geste de séduisance envers lui est rigide !Pas la peine donc de nous répéter ce que fait l occident à ce sujet.S ils avaient réussi,il n y auraient pas eu d harcèlement sexuel chez eux et partout.La femme est à protéger et sa protection est dans la non-mixité.Si on met un homme dans un groupe de femmes et on lui interdit de toucher à aucune d elles,il sera comme elles et cherchera à son tour des hommes

  • الرياحي
    الجمعة 20 أكتوبر 2017 - 21:17

    ما تقترح الأستاذة هو ما يسميه علماء التنمية "قفزة الضفدعة saut de la grenouille " يعني لسنا مضطرين للمرور بنفس المراحل كالدول المتقدمة.تريد الأستاذة أن نقفز قفزة واحدة من التخلف إلى ما وصل له الغرب كتتويج لتقدمه.لا أظن أن التجربة قد تنجح عند "ولاد عياد" بجمعة سحيم أو عند "ولاد طويرة" بدكالة ! ما يخصنا أيتها الأستاذة ليست التربية الجنسية بل التربية ليس إلا.تحية لصديقي "القسيس الهرم" .
    on manque d'éducation tout court
    ————————————————–
    —-> Amahrouch
    On dit frigide (absence de libido) et non pas rigide , ceci dit votre français est "clean"
    salutations

  • amahrouch
    الجمعة 20 أكتوبر 2017 - 23:23

    Merci ssi Riahi,je ne fais que répéter j ai dit ça fait longtemps.J écris vite et je ne revois souvent pas ma copie.Frigide,oui c est vrai,peut être que je n ai pas tapé fort sur le F ou j ai dû faire erreur comme dernièrement j ai écrit croisade au lieu de croisière.Ceci dit,je vous remercie et vous salue comme je salue notre Kariho dalam.Je regrette vraiment ce qui s est passé entre lui et moi

  • Zidane
    السبت 21 أكتوبر 2017 - 02:55

    Plus de 90 % des élèves d'une école publique anglaise de Toronto sont absents lundi, leur parent les ayant retirés de la classe pour la journée pour protester contre le nouveau programme provincial d'éducation sexuelle.

    Ce ne sont pas de Salafis ces parents?

  • amahrouch
    السبت 21 أكتوبر 2017 - 11:32

    L homme et la femme flirtent au collége,au lycée,à la fac,au travail etc.Il y a une attirance naturelle entre les deux sexes et établissent des relations amoureuses platoniques voire plus et l accepte de gaieté de cœur sans jamais se plaindre.Il y a donc des relations sexuelles dont on ne parle jamais (que ce soit à la fac ou au travail…)parce qu elles sont faites par consentement.Le harcèlement concerne donc celles imposées par abus d autorité au travail ou agression dans les coins de rue ou au sein des familles.Donc l homme désire la femme et vice-versa et quand l un d entre eux ne parvient pas à satsfaire son intinct il agresse.La mixité est un milieux favorisant

  • المتزمت
    السبت 21 أكتوبر 2017 - 17:52

    لله حشمي الله يهديك … أش هاد المسخ؟

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 8

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | مقلب ري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | مقلب ري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 18

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب