قطع الدومينو

قطع الدومينو
السبت 27 غشت 2011 - 07:14

في ستة أشهر فقط هي عمر الربيع العربي سقطت ثلاثة أنظمة عربية في شمال إفريقيا، فيما النظامان في سوريا واليمن على وشك الانهيار… القاسم المشترك بين هذه الدول، على اختلافها، هو الفساد والاستبداد، وطول بقاء حكامها فوق عروشهم.. بنعلي حكم تونس 23 سنة بقبضة من حديد، ومبارك حكم مصر لمدة 30 سنة بقانون الطوارئ، والقذافي كان سيحتفل بعيد جلوسه 42 سنة على كرسي الحكم في الشهر القادم، وصالح احتكر السلطة لمدة 30 سنة، فيما حول بشار الأسد جمهورية الوالد إلى مملكة يحكمها بقبضة من حديد، حيث فوض إدارة القرار السياسي إلى المخابرات، والقرار الاقتصادي إلى رجال الأعمال الفاسدين…

هكذا بدت خارطة الأنظمة التي سقطت أو هي في طريقها إلى السقوط، بينما “تجاهد” بلدان أخرى لاجتياز العاصفة بأقل خسارة ممكنة، فدول الخليج فتحت صناديق “البترودولار” لإعانة مواطنيها على تكاليف الحياة، في ما يشبه صفقة: المال مقابل التنازل عن الإصلاحات السياسية، أما المغرب والأردن فإنهما جربا المعالجة السياسية، فأقدما على تعديل دستورَي بلاديهما، والسماح بهامش لحركة المطالبة بالإصلاحات دون إراقة للدماء، فيما الجزائر والسودان وموريتانيا والعراق فضلت الجلوس في قاعة الانتظار…

يقول الخبراء إن هذه الموجة الجديدة من الديمقراطية تأخرت في الوصول إلى العالم العربي لمدة 20 عاما، حيث كان المؤمل أن تشمل الموجة، التي اجتاحت أوربا الشرقية عقب سقوط الاتحاد السوفياتي في التسعينيات، الخارطة العربية، لكن ذلك لم يتحقق بسبب النفط من جهة، وجمود المجتمعات العربية المكبلة بالخوف من قمع السلطة من جهة أخرى، علاوة على تردد الغرب في دعم الاتجاهات الديمقراطية في هذه البلدان خوفا من صعود الأصولية التي قد تهدد مصالحه.

بعد 11 شتنبر، وسقوط مركز التجارة العالمي في نيويورك على رأس أكثر من 3000 أمريكي، بواسطة طائرات اختطفها زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، وحولها إلى قنابل طائرة، تغير كل شيء في الفكر الاستراتيجي الأمريكي والغربي، وأصبحت الأنظمة العربية في قفص الاتهام، باعتبارها أعشاشا لتفريخ “الإرهاب” بسبب انغلاقها السياسي، وإفراطها في استعمال الدين، واتكائها على دعم الغرب و”الشيطان الأكبر”، الذي توجه إليه ابن لادن مباشرة باعتباره أكبر راع للأنظمة العربية التي لم تحقق لا التنمية، ولا الديمقراطية، ولا حررت فلسطين، ولا حفظت كرامة المواطن…

هنا برزت نظرية “الفوضى” الخلاقة التي رعتها إدارة بوش السابقة، لكن تعثرها في الفخ العراقي منعها من تطبيق “فوضاها” في العالم العربي، إلى أن جاءت إدارة أوباما، فتصادف وجودها مع اندلاع أزمة اقتصادية عالمية مست آثارها العالم العربي، وثورة معلوماتية ربطت الشباب في هذه المنطقة بالعصر الذي يعيشون فيه، ولم يبق إلا جدار الخوف الذي كان يمنع الناس من النزول إلى الشارع للمطالبة بالتغيير. استمر الأمر على هذه الحالة إلى أن جاء البوعزيزي فهدم جدار الرعب هذا عندما أحرق نفسه في سيدي بوزيد، فأشعل ثورة كبيرة لم تهدأ إلى اليوم…

لن يخرج أي نظام عربي من موجة الديمقراطية هذه سالما، فإما أن يركب فوق هذه الموجة ويقوم بإصلاحات عميقة لإدارة الحكم، حتى يصبح حكما نابعا من الشعب ولصالح الأغلبية، وإما أن تُغرقه الموجة ويطوي الماء صفحته دون أن يترحم عليه أحد.

‫تعليقات الزوار

15
  • مغربية 100/100
    السبت 27 غشت 2011 - 10:37

    عن اي ربيع عربي تتحدث.الربيع ليس عربيا بل هو مستورد كالكوكا كولا والبورغر..والانظمة لم تسقظ بل اسقطت من طرف امريكا واوروبا واسرائيل..ينهون الحاكم في الوقت الذي يريدون حسب السيناريو المعد لذلك..كفانا من التغليط والاكاذيب..ومن التهليل لثورات مفبركة ومستوردة..وستثبت الايام صحة ما اقول.

  • الطنجااااوي
    السبت 27 غشت 2011 - 13:23

    ملاحظات حتى يكون مقالك أكثر عمقا: 1-"ثورات" أوروبا الشرقية خطط لها المعسكر الغربي و لم تكن عفوية
    2-التأخر سمة الثورات الحقيقية.3
    -أحداث 11سبتمبر لم تغير الفكر الاستراتيجي الأمريكي والغربي بل كانت جزءا من التمهيد الميداني لتنزيل فكر استراتيجي قديم /جديد.
    4-نظرية "الفوضى" الخلاقة لم تفشل في العراق لأن الأهداف المعلنة ليست بالضرورة حقيقية و أظن أننا أمام le plan B
    5-أنظمة الحكم غير مطالبة بالتغيير بل الشعوب هي التي تُغيِِر.

  • Hmida
    السبت 27 غشت 2011 - 14:30

    Dans les trois pays déjà "démocratisés" le peuple prendra les armes pour règler ses comptes entre droite/gauche/islamiste/et d'autres.
    Le grand défi est d'éduquer les peuples et une goutte de salive remettra les dictateurs à leurs places. Aujourd'hui, on baigne dans des vagues de sang (pas de démocratie) et ce n'est pas gagné:les avoirs des pays sont gelés par les GX et les gueguerres commencent, A SI Bouachrine.

  • future simple
    السبت 27 غشت 2011 - 15:56

    كنت دائما أتساءل لماذا آثرت الأنظمة الاستبدادية الاصطفاف بذلك الشكل المترابط بالظلم كحجر الدومينو لتعرف نفس المصير
    ولماذا يستنسخ كل نظام استبدادي آخر ابتكارات النظم الاستبدادية الأخرى بل وينافس في مجال التعذيب وقمع الحريات وحرمان الشعوب من حقوقها؟
    بل لماذا ربطت الأنظمة الاستبدادية بقاءها بظلم وقهر شعوبها أو ثورته؟
    ولماذا لا تختار الأنظمة الاستبدادية مصيرا غير مصير أشهر نظام دكتاتوري في العالم وهو نظام الفراعنة ولماذا لا تسلك الأنظمة الاستبدادية سبيلا غير سبيله وهي تعلم أن الظلم طريق في نهايته هاوية؟
    ألا تعلم الأنظمة الاستبدادية أنها ما أوجدت إلا لتحكم بين الناس بالعدل والقسط والمساواة والإنصاف والرحمة والاحترام
    ألا تعلم الأنظمة الاستبدادية أن لكل ظالم نهاية وأن الشعوب أقوى وأبقى وأن دعوة المظلوم مسموعة وأن الله يمهل ولا يهمل؟
    ألا تتعظ الأنظمة الاستبدادية ؟؟؟؟؟؟؟؟

  • hamid
    السبت 27 غشت 2011 - 17:00

    من قال بان مشروع الفوضى الخلاقة تعثر. ممكن حينها تاجل لكنه اليوم معاش ويحقق اكثر مما يحلم به الامريكان. وباقل الخسائر.

  • المتفكر
    الأحد 28 غشت 2011 - 00:53

    1/2
    إذا تجاوزنا نظرية المؤامرة التي يحلو للبعض استحضارها بمناسبة و بدونها دون إعمال العقل في الحيثيات حيث أن كل ما يحصل حولنا مؤامرة، إذن اذا تجاوزنا قليلا هذا الهوس الفكري الذي كبل به الحكام شعوبهم منذ عقود سنجد أن قطع الدومينو التي تحدث عنها بوعشرين ما هي في الأصل إلا قطعة واحدة يجمعها التاريخ و المستقبل و يفرقها الحاضر. و تقسيم هذه القطعة إلى قطع دومينو صغيرة كان الهدف منه بالذات هو فصل كل قطعة عن الأخرى لخلق فسيفساء جديدة مختلفة الألوان، لكنه لسبب لا يعلمه إلا الله بقيت هذه القطع متحدة في كل شيء باستثناء القرار السياسي الذي لا تملكه.
    فنجد نفس المناخ السياسي يسود كل قطعة، نفس الطموحات، نفس العراقيل و إن حاول البعض في زمن الإنحطاط التنصل من واقعه و ادعاء أن المشاكل لا تحدث إلا عند الآخرين، و هذا معروف فعندما يكون هناك نصر يحب الكل أن ينسبه لنفسه و عندما تحل الهزيمة يتبرأ الكل و يحمل مسؤوليتها للغير.

  • المتفكر
    الأحد 28 غشت 2011 - 00:54

    2/2
    ما يحصل حاليا هو عودة للأصل، الشعوب ملت تجرع كأس الإهانة، رجعت إلى تاريخها فوجدته مليئا بالأمجاد، حاولت أن تعيد الأمجاد فوجدت نفسها مكبلة، حطم أول شعب قيده فسرت نشوة النصر في البقية، و بدأ مسلسل تحطيم القيود، عندما تتخلص هذه الشعوب من رواسب الماضي فعندئذ ستتحطم الحدود و تعود القطع إلى عهدها الأول : قطعة واحدة.

  • ahmed
    الأحد 28 غشت 2011 - 01:36

    الرؤساء العرب الذين اطيح بهم والذين هم في الطريق ليسوا من صنع امريكي لانهم منتخبون من شعوبهم ومستقلين في قرارهم . لاكن الغرب الصهيوني غير راض عليهم .لذا اختلق لهم معارضة عميلة من الخارج مدعمة ماديا ومعنويا للاطاحة بهؤلاء الرؤساء او الزعماء.مدعيا انه يحارب الاستبداد والظلم ونشر الدمقراطية والعدالة. لاكن هذا الفخ ليس بغريب على احد وهذه اللعبة اعطت ثمارها- من قبل-في افغانستان والعراق والصومال والسودان وباكستان وفلسطين وفي كل بقعة دخل اليها الاستعمار الغربي والان في ليبيا. واهن من يظن ويعتقد ان الغرب الصهيوني اتى ليحرر الشعوب.اتى ليخرب البلاد ويبتز ثرواتها ويخدم مصالحه ويحمي دولة الصهاينة بكل ما اوتي من قوة. ومن اهدافه : 1) محاربة الاسلام باسم الارهاب . 2) نشر الفوضى الخلاقة . 3) الوقوف في وجه كل من هو ضده (محور الشر -او الدول المارقة-كما يحلو له ان يسمها) . 4) حماية اسرائيل ومد يد المساعدة لها ومساندتهاعلى الاستيطان والجلاء والتهجير والقمع والاطهاض والابادة والدمار والقتال اليومي على مرءى ومسمع العالم.اين هي الديمقرلطية?اين هي العدالة?اين هي الشرعية ايه الغرب الماكر المخادع المنافق

  • brahim abarkha
    الأحد 28 غشت 2011 - 05:15

    Une analyse realiste du present dans le monde Arabe que des gens comme le commentaire1 veulent a tout prix attacher aux interventions d`Israel est l`Amerique…!! et non pas aux souffrances, indignations et insultes quotidiennes que les gens du peuple Arabe ont subi pendant une longue periode de temps par les pourritures au pouvoir. De telles opinions sont dans le fond un signe d'immaturite politique et civique et servent le camp des forces reactionnaires et le reste des regimes sanguinaires qui attendent leur tour dans le Domino

  • عبدالرحمن-المواطن
    الأحد 28 غشت 2011 - 07:32

    أهم شيء حدث في المجتمعات العربية هو التحول النفسي من سيكلوجية الخضوع والخنوع والقناعة والرضى بالنصيب(=القدر والمكتوب) ومن سيكلوجية الإنسان المقهور-السلبي إلى مستوى الإحساس بالكينونة وبالتالي سقوط الخوف الغريزي(انهيار جدارالخوف) الذي كان يشل ويعيق قدرة الإنسان على الفعل والحركة.إحراق الذات الذي أقدم عليه البوعزيزي هو فعل تراجيدي ذو رمزية قوية جدا في رفض الظلم والإستعباد والإهانة(=مفهوم الحكرة في بلدان المغرب العربي)

  • MED
    الأحد 28 غشت 2011 - 13:29

    ملاحظات حتى يكون مقالك أكثر عمقا: 1-"ثورات" أوروبا الشرقية خطط لها المعسكر الغربي و لم تكن عفوية
    2-التأخر سمة الثورات الحقيقية.3
    -أحداث 11سبتمبر لم تغير الفكر الاستراتيجي الأمريكي والغربي بل كانت جزءا من التمهيد الميداني لتنزيل فكر استراتيجي قديم /جديد.
    4-نظرية "الفوضى" الخلاقة لم تفشل في العراق لأن الأهداف المعلنة ليست بالضرورة حقيقية و أظن أننا أمام le plan B
    5-أنظمة الحكم غير مطالبة بالتغيير بل الشعوب هي التي تُغيِِر

  • غ.ح
    الأحد 28 غشت 2011 - 13:33

    أن ما يشهده العالم العربي لم يحدث قط من طغاة روا على همجيتهم وطغيانهم وجبروته حيال شعوبهم وعملوا بالقولة البوشية أما أنا وحاشيتي من السماسرة والمنتفعين واللصوص والزنادقة ومصاصي الدماء أو الحرب عليكم والدمار والفتك وهتك الأعراض وسفك الدماء
    أن ما يقع في سوريا وليبيا لم يكن يتصوره أنسان
    لكن سنة الله في خلقه أنه يبدل الباطل بالحق ولوكره المستبدون

  • mohamad
    الأحد 28 غشت 2011 - 14:19

    القاسم المشترك في ثورات الشعوب الأربعة هو نضج الوعي السياسي لدى العامة والرغبة المشتركة في التغيير وتضحيات الشباب والتحام النخبة المثقفة بالشعب وانضمامها لهمومه وانتظاراته ونهجها لخطاب واقعي عكس بعض المنابر في الدول الاخرى التي تحابي السلطات وتستجدي من سلطانها وتمسح أحديته والدليل امامنا ……….

  • م. دولة و خ. س. بشركة BMW
    الإثنين 29 غشت 2011 - 01:03

    أنا بان لي سوريا تإجمعو ليها في الحساب. و الله احتى غإعطيو واحد الطرحة للعسكر تاع سوريا عمرهم مإنسوها. دابا راهم غير تإخطو أشنو لخصو إدمر و كيفاش.
    الجزائر من بعد احتى اتقاد ليبيا عاد غ إلعبو امعاها.

  • AMIN
    الإثنين 29 غشت 2011 - 04:23

    On peut dire que les révolutions du monde arabes ressortent d'une longue période de torture morale, psychique et physique, chose qui a déclenchés un désordre indescriptible dans ces pays !! Certes les peuples ont marrent de leur chef d'Etat qui les ont accompagnée pour une dizaine d’années mais l'important est de connaitre le sort du pays après. Autre chose, ce sont les oxidenteau qui ont préparées tous ca c'est sur et certaine mais cette fois si ca va mal se tourner contre eux parce que c'est la volante du DIEU dont personne ne peut s'échapper .

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة