سبحان الذي خلق الأشياء كلها بمحض إرادته، وأنشأها كما شاءت قدرته، فكانت آية دالة على وجوده، وشاهدا معقولا على تدبيره، فانبهرت الألباب أمام عظمة خلقه، وتحيرت النفوس على تنوع وتعقيد إيجاده، وكلت الألسن على وصف ما صنعت يد قدرته، وتبين للعقول عجزها وقصورها في ضبط آية من آياته، وأقرت الأفئدة بدنوها لفهم ماهية صنعه، فكيف بإدراك خالقها ومصورها ومنشئها؟ فالقصور عن الإدراك هو عين الإدراك، والإقرار بالعجز والفتور هو عين الاستدراك.
فلما كان الحال على هذا المنوال، من قوة التدبير والتسيير من لدن المعلم القدير، فكيف للمخلوق أن يتعالى صوته عن الخالق، ويرتفع خطابه فوق صاحب السبع الطوابق، ويعلن جهرة أن هذا الصراط هو المستقيم الذي لا اعوجاج فيه، ودونه في ظلال مبين، فإن اتبعتم هذا الصراط نجوتم وفزتم، وإن كنتم على الآخر خسرتم وندمتم، فأما أصحاب الأول في نعيم وجنان يشربون من ماء معين، والآخرون يذوقون ماء التسنيم ويصلون نارا في صلب الجحيم؛ فبأي سلطان أطلق هذا الحكم المطلق؟ وبأي دليل وحجة أعلن هذا الإعلان المسبق؟.
في تنوع الوجود خير دليل على تعايش المخلوقات على اختلاف ألوانها وأشكالها التي لا تعد ولا تحصى، فإن كان جسم الإنسان الواحد على اختلاف أعضائه ووظائفها في ائتلاف تام واتحاد، بحيث تشتغل الأعضاء في تناغم وانسجام، حتى يبقى هيكل الإنسان على أحسن حال، بل وتتعاون وتتضافر كلما أصيب أحد أعضائه بالداء، فتتحد كلها للقضاء على العلة ومنبع الوعكة، فكيف إذا للإنسان العاقل المفكر أن يرفض التعايش مع الآخر لأنه مختلف عنه في الجنس أو العرق أو العقيدة أو الفكر؟.
ألم تصل الإنسانية بعد إلى سن النضج والبلوغ لكي ترى في التعايش بين مختلف الناس بأعراقهم وجنسياتهم وألوانهم ودياناتهم وأفكارهم أغنى ثروة، ومصدرا للقوة ومنبعا للابتكار وللاختراع، ومنجما للإبداع ؟ فهب لو أتيح التعليم لعموم البشر، وتوفر للكل العيش الكريم، وقضي على الغنى الفاحش والفقر المدقع، عندئذ تبرز القدرات والطاقات الكامنة في عموم الشعوب والملل، فتظهر اكتشافات عظيمة وابتكارات جديدة. عندها تقفز الحضارة الإنسانية إلى آفاق صعب علينا تصورها أو تخيلها.
كيف للإنسان العاقل أن ينبذ الآخر بسبب اللون أو العرق أو العقيدة؟ مع العلم بأنها سمات منها ما هو موروث وأخرى مكتسبة؟ وقد بين علم الوراثة الحديث وحدة بني البشر بمختلف عروقهم وأصولهم. أما السمة الأخرى لدى الإنسان وهي قدرته على التفكير والتدبير واختياره حسب الضمير، وهي التي تميزه عن باقي المخلوقات، وخصه الله بها عن باقي الكائنات. فإذا تصدينا ومنعنا هذه القدرة كنا على خلاف وشقاق مع مشيئة السبحان ومعادين لإرادة مولى الأنام، أعاذنا الله وإياكم من هذه الزلة العظمى والمعصية الكبرى.
وفي التعايش بين البشر في اتحاد وعدل وسلام أعظم فرصة لتطور بني الإنسان، فيصبح حقا العالم مثل الجنان، ويغرد عندليب البقاء بأبدع الألحان، وتصير الأرض كما وعدت به الكتب المقدسة والصحف المنزلة جنة فوق هذا الكوكب الذي يعد وطن جميع الأنام. وعليك أفضل تحية وسلام.
التعايش ليس سبب الفتن ولا يسبب ذلك ولكن النفاق فيه هو سبب الفتن .
ثقافة الاستعلاء وكذلك الاستقراطية والانانية هي من تدفع بالبعض لاحتقار الاخر فتولد الكراهية ويبدأ التمييز والعنصرية وتتبعها كل الفتن
انها سنة الحياة فاوربا التي شهدت معارك طاحنة بين شعوبها تكاد الان تتحول لدولة واحدة غير معلنة ، كذالك القارة الامريكية نبدت العنف ببن دولها وهي في طريق ترسيخ السلام الشامل ، القارة الافريقية جنوب الصحراء هي الاخرى اصبحت تؤسس لدولة المؤسسات وان بخجل ، استراليا تعيش السلام هناك في قارتها البعيدة ، وغالبية اقطار اسيا . لايتخلف عن الركب الا عالمنا العربي فحروبنا ازلية وتأبى الى الخلود وفثننا يشيب لها الولدان لسنا خير امة اخرجتة للناس يا محمد لسنا خير أمة وبالمطلق .