كيف نعزز المساواة بين الجنسين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟

كيف نعزز المساواة بين الجنسين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟
الإثنين 19 مارس 2018 - 03:07

على الرغم من الصراع المتزايد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مثل النزاعات المسلحة في اليمن وسوريا وليبيا، تقوم النساء بأدوار نشطة في مجتمعاتهن. فقد أصبحن رائدات أعمال، يتحدين مظاهر العنف، ويعززن المجتمع المدني، ويشغلن مناصب سياسية حيث يمكنهن ذلك. يجب الاعتراف بهذه المتغيرات كحجر أساس مستقبل أفضل، ويجب دعمهن على المستوى الوطني والدولي. هناك ثلاثة أسباب رئيسية للقيام بذلك.

أولاً، من شأن هذا الزخم خلق العديد من الفرص للمجتمع الدولي لدعم المرأة وتعزيز تمكينها في المنطقة. ومع ذلك، ينبغي أن ينتقل المجتمع الدولي بعيداً عن سرد حالات المعاناة وتوفير الاحتياجات الأساسية، نحو هدف أوسع، والذي يتمثل في تمكين المرأة. وعلاوة على ذلك، تحاول النساء الآن التأثير في السياسات وتغيير الأنظمة الأبوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ثانياً، في حين شهدت العقود الماضية انتشاراً ملحوظا للقوانين الإيجابية والحماية القانونية للنساء في عدد من بدلن المنطقة، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لتغيير الحقائق على أرض الواقع. لا يزال تنفيذ التشريعات غير كافٍ، كما تشكل بعض التقاليد الثقافية والمجتمعية الرجعية حاجزًا أمام تمكين المرأة في جميع بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ثالثاً، بالإضافة إلى التحديات الثقافية، تشكل الحركة المضادة للمحافظين الدينيين – والتي من شأنها القضاء على ما أنجزته النساء على مر السنين – تحدياً كبيراً لحقوق المرأة. وتواجه كل البلدان العربية هذا التحدي، من العراق إلى المغرب. هذه المقاومة للمساواة بين الجنسين لا تهدد التقدم في المستقبل فحسب، ولكنها تهدد بتقويض المكاسب السياسية والاقتصادية والقانونية السابقة التي حققتها جمعيات حقوق المرأة في المنطقة.

ولهذه الأسباب، يجب على المجتمع الدولي إعادة النظر في هدفه لتحقيق المساواة بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: هل ينبغي تغيير الحضور الرمزي للمرأة في الأنظمة الأبوية، أم بدل المزيد من الجهود لتمكين المرأة لجعلها صانعة قرار وأداة التغيير في المنطقة؟ لقد ناضلت النساء واحتجت وقاومت إلى جانب الرجل لتحقيق الحرية والاستقلال، لكن بعد ذلك، في كثير من الأحيان طُلب منهن ببساطة الانسحاب.

علاوة على ذلك، لا يمكن فهم حقوق المرأة إلا ضمن السياق السياسي والثقافي المعقد للمنطقة. لقد تسبب النظام الأبوي القوي في إعاقة النمو الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بشكل كبير، إلى جانب استمرار انعدام الأمن والنزاع، والركود الاقتصادي، وغياب سيادة القانون. ونتيجة لذلك، هناك تمركز للسلطة والثروة في أيدي النخبة السياسية والمالية الحاكمة من الذكور، في حين تعاني النساء في المنطقة من مستوى متزايد من التهميش الاجتماعي والفقر، ومن خيبة أمل كبيرة اتجاه السياسات الرسمية، وعودة خطيرة للتطرف الديني.

وللتغلب على هذا الواقع، تسعى التحالفات بين المنظمات النسائية في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وراء حشد الجهود لحماية حقوق المرأة. ومن خلال ربط التنمية الاجتماعية والاقتصادية بحقوق المرأة، تقدم هذه التحالفات مطالب المرأة على أنها “مطالب للمجتمع ككل”. وبذلك، فإنها لا تلفت انتباه منظمات حقوق الإنسان فحسب، بل أيضا صانعي القرار.

وفي الواقع، على الرغم من التمييز، لعبت المرأة في شمال أفريقيا على مدى العقود الثلاثة الماضية دورًا طليعيًا في التنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية لبلدانها. إن الاتجاهات الحديثة للنهوض بأوضاع المرأة وإصلاح قانون الأسرة لها أهمية بالغة، كما تدل على دورها الحيوي. ويُعتبر عمل المرأة في بعض البلدان مثل المغرب وتونس جزءا من جدول الأعمال الرسمي. وتستفيد المرأة من التعليم لرفع مستواها المعيشي وكذا مستوى عائلتها؛ وتساعد في تحسين اقتصاد بلادها؛ وتُأنث الفضاءات السياسية والمدنية، وتقوم بتعزيز الثقافة الديمقراطية في الأوساط الأكاديمية عن طريق القيام بدراسات رائدة في حقل المرأة والنوع الاجتماعي.

لقد استخدمت الحركة النسائية مجال التشريع من أجل تأكيد حقوق النساء كمواطنات، ودعم استقلالهن وانتمائهن الذاتي، وقد أصبحن مثالاً يحتذى به في الدول العربية. وفي كتابنا بعنوان “النساء في الشرق الأوسط”، أثبتتُ أنا والباحثة فاطمة صديقي أنه على الرغم من أن التحديات والتحيزات الكبيرة تعرقل تقدم النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كقوة للتغيير، فإن قائمة إنجازاتهن ملحوظة ومثيرة للإعجاب. والمهم من وجهة نظرنا أنه على الرغم من التحديات الهائلة، يتحقق التقدم من خلال عزم المرأة وإرادتها لتغيير نفسها ومجتمعها.

وكما أشرت سابقا، هناك عقبات تعترض سبيل تحرير المرأة وحقوقها القانونية في المنطقة. مثلا، لم توافق معظم البلدان على جميع مواد اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW)، ولم يتم الاعتراف رسميا بنظام الحصص في معظم الدساتير، وهو ما يعني ضمنياً أن تمثيل المرأة يعتمد على الأجندات السياسية للقادة كأفراد. بالإضافة إلى ذلك، لا تلتزم العديد من الحكومات في المنطقة بحماية النساء من العنف، وخاصة العنف الأسري، وفيما يتعلق بحقوقهن القانونية كضحايا للعنف.

والخبر السار هو أن قانون الميراث يناقش الآن علنا في تونس والمغرب. منذ عام 1976، اتخذت تونس عدة خطوات إيجابية مثل حظر تعدد الزوجات، والحق في نقل جنسية المرأة إلى أطفالها، والحق في زواجها من غير مسلم، الخ. وقد طالبت مجموعات نسائية بإجراء تغييرات في قوانين الميراث على مدى العقود القليلة الماضية، لكن الشرائح المحافظة في المجتمع لم تعر جهودهن أي اهتمام. حاليا، يمكن للمرأة أن ترث نصف ما يرثه الرجل فقط.

وتتمثل إحدى طرق حماية حقوق المرأة في نجاح المرأة وتمكينها. ولتحقيق ذلك، يجب أن يكون لها الحق في الِملكية والإرث بشكل كامل. لا تستطيع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحقيق جل إمكانياتها إذا تم حظر نصف السكان من المساهمة بشكل منهجي. ولا تزال النساء في هذه المنطقة تكافح من أجل الحصول على أجر متساوٍ مقابل عمل متساو، وكثيراً ما يتعرضن للتمييز. وتعاني النساء من الحرمان الاقتصادي في كل المجالات، بالإضافة إلى التعليم غير المتكافئ والعنف الأسري والتحرش الجنسي.

ولذلك، ينبغي اتخاذ تدابير وسياسات جديرة بحماية حقوق النساء لتقوية مشاركة المرأة في القوى العاملة تحقيقا لاستقلالهن المالي، ولضمان عدم حصول الذكور على معاملة أفضل من النساء.

‫تعليقات الزوار

8
  • الحسين من امريكا
    الإثنين 19 مارس 2018 - 03:36

    فقط عندي ملاحظة او التذكير بأن المقصود بدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا معناه في خريطة السياسة الأمريكية هذه الدول مصر والأردن ولبنان أو ما يسمى بإسرائيل فقط.
    اما دول شمال إفريقيا فهي المغرب والجزائر وتونس لا غير.
    اما باقية دول الخليج والسودان والعراق وتركيا وغيرها لا تدخل في دول شرق الأوسط وشمال افريقيا.

  • ahmed arawendi
    الإثنين 19 مارس 2018 - 09:27

    ما يجب أن نفعل هو أن نصب جام اهتمامنا على مشاكلنا الخاصة و أن نعالجها بما أوتينا من قدرة و حكمة.
    ما يفعله الشرق الأوسط هو أمر يهم الشرق الأوسط. و ربط مصيرنا بمصير هذا المجال (الثقافي,الاجتماعي,السياسي) هو أمر فيه الكثير من التعسف و الكثير من الوهم الديماغوجي.
    في جميع الحالات ,الشرق الأوسط الحقيقي (دعك من الشرق الأوسط المقدس الافتراضي حيث تطير الحسنوات فوق أنهار العسل!) لا الآن و لا من قبل, لا يمكنه أن يكون إلا منبعا للجهل و التخلف و العنف و الاعتداء و مدرسة عتيدة للاستبداد و افتراس الإنسان.
    الناس الأسوياء عندما يريدون بناء بيت يركزون على مكان التشييد و على المواد المستعملة و على تحسين التصميم…
    المجانين يقولون هيا ندرس في كتب التراث كيف شيد أبو زُعْبُلَة بيته في جزر الواقواق منذ 1000 عام, هذا البيت الذي سقط فوق رأسه و سحقه صحبة بقية أهله. إلا أن ثوابتنا الميتافيزيقية تفتي أن طريقة أبي زُعْبُلَة هي الطريقة الوحيدة المقبولة في الهندسة!!!!

  • زينون الرواقي
    الإثنين 19 مارس 2018 - 16:10

    وما علاقة الشرق الأوسط بشمال افريقيا ؟ هل المرأة التونسية التي يرتعد أمامها الرجل هي المرأة البحرينية التي لا تزال حبيسة الخمّ ؟ مصطلح الشرق الأوسط وشمال افريقيا كما تفضل المعلق الاول تعتمده وزارات خارجية الدول الغربية كمديرية ضمن تركيبتها تعنى بالعلاقات مع العرب كما تصنف الشرق الأدنى وأوقيانوسيا أيضا .. هل نساوي بين المرأة التي قادت الطائرة في خمسينيات القرن الماضي ( المرحومة ثريا السقاط ) مع مثيلتها التي لا زالت تنتظر ترخيص الذكر لقيادة السيارة في السعودية مثلا ؟ الشرق شرق والغرب غرب بنسائه ورجاله وكما كان يقول إخواننا السوريون " أيش لمٌ الشامي عالمغربي " قبل ان تدفعهم مآسيهم الى شد الرحال نحو هذا المغربي ..

  • لم اجد العنوان المناسب
    الإثنين 19 مارس 2018 - 18:43

    فكرة حقوق المرأة بمفهومها الغربي أدخلت للمغرب لأول مرة من طرف المقيم العام ليوطي وقام بعد بطرح و بتوزيع لوحات إعلانية تروج لاحياء الدعارة التي سن قوانين تسمح بنات 8 سنوات بممارستها و مند تلك الفترة و ذكور النسوية يتربصون ببنات المغرب و نسائه على الطريقة الليوطية, مند (الاستقلال) الى اليوم وشغل اللوبي الفرانكوفوني البربري العلماني هو خدمة أجندات فرنسا و علمنة المغرب و لم نسمع يوما احد منهم يتكلم عن المساواة في العيش الكريم والسكن و الصحة التعليم و العمل و المساواة في إقتسام الثروات الارضية و المائية و الهوائية و الشمسية والبحرية و الفلاحية التي يحتكرونها أما الكثير من نساء المغرب فحالهم يوصف في تقارير دولية مثل تلك التي أعدتها منظمة oxfan تحت عنوان : One in eight people goes to bed hungry every night , ان الملاين تنام جائعة و مريضة و حماد و محماد من وكلاء علمانية فرنسا يروجون للقضاء على ماتبقى من الاسلام في المغرب بإسم المساواة.لقد جاء زمن اصبح فيه بعض ذكور المغرب المفرنسين أكثر نسوية من نسائه

  • نصاري علي
    الإثنين 19 مارس 2018 - 20:28

    في حديث نبوي شريف : (لن يفلح قوم ولوا امورهم نساءهم) المرأة هي الام هي الزوجة هي البنت هي الاخت ، الم يكفكم يا ابواق الكفر و الخبائث ما تفعلونه في النساء ( الجنة تحت اقدام الامهات) التكريم الذي كرمه الله به المرأة افضل مما تصنعونه في ابواقكم النابحة لتكبير اصوات اعداء ملة الاسلام، هذا كثير و الله ، المرأة هي العنصر الاساسي للحياة فلماذا تهينوها باطهارها عارية امام العالم في شكل مومس، (الكاسيات العاريات) فمن يريد ان يغبر حكمة الله في خلقه؟ (للذكر مثل حض الانثيين) فهل تريدون ان تغيروا كلام الله ؟ لن تستطيعةا ولو حرصتم يا اخوان الشياطين ، ابتعدوا عن المرأة و اتركوها تعش معززة مكرمة في دينها الاسلامي الحنيف ، و تيهوا مع الكفار في ابداء عري نسائهم . لن تفلحوا ..لن تفلحوا.. و سترون اي منقلب ستنقلبون يا عباد الفروج

  • علي
    الإثنين 19 مارس 2018 - 20:42

    مقال قيم يشكر عليه الكاتب . وأقول أن المجتمعات الاسلامية لايمكن أن تتقدم مادامت لاتعطي للمراة حريتها . لايمكن لاي مجتمع أن يتقدم ونصفه مشلول.

  • ع عبد العدل
    الإثنين 19 مارس 2018 - 20:56

    قلت: '' لقد تسبب النظام الأبوي القوي في إعاقة النمو الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بشكل كبير ''.

    الأبوية هي قوامة الزوج على زوجته، وسلطة الأب على أبنائه، فما علاقة هذا بالتخلف الإقتصادي والسياسي؟

    التخلف السياسي سببه غياب الديمقراطية، والتخلف الإقتصادي سببه سيادة ثقاقة الريع والرشوة…

    اما التخلف الإجتماعي فسببه ضعف الأبوية وليس قوتها، فعندما ضعفت سلطة الرجل على أسرته ارتفع الطلاق وكثرت المواليد خارج الزواج وظهر الإسترجال في بعض النساء، وظهر التخنث في بعض الرجال، وظهر من يطالب علانية بحقوق الشواذ !

  • زينون الرواقي
    الثلاثاء 20 مارس 2018 - 06:57

    تصويب ورد سهوا اسم ثريا السقاط والصحيح " ثريا الشاوي " أول ربّانة عربية وافريقية وأصغر الربابنة في العالم حصلت على شهادة قيادة الطائرات وهي في سن 16 سنة .. قطعت اول رحلة وهي في هذه السن بين الرباط والدار البيضاء حيث حطت في مطار تيط مليل كما قادت الطائرة بين اسبانيا والمغرب وهي في هذه السن أيضا .. رافقت الطائرة التي أقلت محمد الخامس أثناء رحلة عودته من المنفى وألقت مناشير الترحيب من الجو على طول المسافة الممتدة من مطار سلا الى المشور .. تعرضت ثريا السقاط لعدة محاولات اغتيال من طرف المستعمر الفرنسي وفعلا تم اغتيالها برصاصة في الرأس وهي في 19 من عمرها .. كانت اول من اختار شعار الطيران المغربي والذي لا زال معتمدا الى اليوم .. هذه هي المرحومة ثريا الشاوي نموذج المرأة المغربية التي يضعها كاتبنا في نفس الخانة مع حريم أهل المشيخات ..

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 7

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين