حينما تصبح المقاطعة مشاركة في الإصلاح

حينما تصبح المقاطعة مشاركة في الإصلاح
الجمعة 30 شتنبر 2011 - 02:51

يبدو أن المنهجية التي اعتمدتها الدولة في معالجة موضوع الإعداد للانتخابات، وعلى الخصوص استبطان منطق التحكم في الخريطة السياسية المقبلة من خلال رفض توسيع دائرة المشاركين في الانتخابات عبر قصر حق التصويت على المسجلين فقط في اللوائح الانتخابية، وترك العتبة الوطنية في حدود 3 في المائة والمحلية في حدود 6 في المائة. كلها مؤشرات تدل على أن الدولة لم تتخلص بعد من منطق ضبط المشهد السياسي المقبل وتوجيه بوصلة النتائج في اتجاهات بعينها.

ولعل الممارس والمهتم والباحث لمسار وضع النصوص التشريعية المنظمة للعملية الانتخابية المقبلة يبدو جليا له أن نتائج العملية الانتخابية بغض النظر عن هامش الخطأ في التحكم فيها، وهو لا يؤثر سلبا على طموحات المتحكمين في العملية السياسية بالمغرب لن تتعدى التوقعات الكبرى لمهندسيها. (يبدو جليا له ) أن القواعد العامة المنظمة للانتخابات المقبلة وعلى الخصوص العتبة المقررة ستنتج أحزابا متعددة بتمثيل متقارب داخل البرلمان، أي أننا سنكون أمام أحزاب سياسية منزوعة القوة التفاوضية، وأن ليس لآي طرف سياسي القدرة والقوة العددية الكافية لتشكيل الحكومة المقبلة، بمعنى أن الطرف القوي الذي سيظل مهيمنا على المشهد السياسي والمتحكم في تعيين رئيس الحكومة ورئاسة البرلمان هو جهاز داخل الدولة ، وعليه سنكون أمام حالة كاريكاتورية بالنسبة لمستقبل المغرب، إذ سيظل الدستور الحالي بلا روح وبلا معنى.

لا أحد يجادل في أن للدولة أحزابها التي تتحكم في اختياراتها، وأن أحزابا أخرى ليقينها أنها غير قادرة على خوض غمار الانتخابات الحرة النزيهة وغير المتحكم فيها سوف يضعها خارج أو على هامش القوى السياسية الفاعلة، ولأجل ذلك فهي لا تمانع في أن تضبط الدولة مستقبل المشهد السياسي وأن تحول دون تمكين أي قوة سياسية من حقها في التعبير عن طموحات الشعب المغربي وأن تمارس حقوقها الدستورية المعتبرة في تدبير الشأن العام وفق نتائج الانتخابات الحرة والنزيهة، وأن يكون للشعب حقه الكامل في اختيار التوجه السياسي الذي يقدر أنه يلبي طموحاته في فترة من الفترات.

العتبة واللوائح الانتخابية والتقطيع الانتخابي وإشراف وزارة الداخلية على الإعداد للانتخابات كلها مؤشرات تدل في نهاية المطاف على أننا لم نغادر بعد مساحة الخطر الذي يتهدد المغرب، وأن دستور فاتح يوليوز لم يحقق بعد طموحات شعبنا، وأن لوبيات الفساد لازالت متحصنة وأنها لازالت قادرة على توظيف الإعلام والمال و العلاقات الاجتماعية وسلطة التشريع من أجل المحافظة على مواقعها ومراكزها ومن ثم مصالحها.

لقد وضعت اللحظة الحالية موضوع مشاركة حزب العدالة والتنمية وفق ضوابطها ومنهجيتها الحالية أمام المحك، وعلى الخصوص حين اعتبار المشاركة نقيض لكل تفكير أو محاولة للتوقف عن الانخراط في الهيئات الدستورية المنتخبة. ولعل حزب العدالة والتنمية ممثلا في هيئاته المركزية والمجالية مطالبة اليوم إلى إعادة تشخيص واقع ممارستها السياسية في ظل منطق العبث الحالي، والبحث في الجدوى من الاستمرار في لعب أدوار قد تبدو في لحظة من اللحظات أدوارا فاشلة وحائط صد في وجه عجلة الإصلاح (وليس الثورة أو الانقلاب) بالمغرب.

فالظرف الذي يمر منه عالمنا العربي بما فيه المغرب، وفشل القائمين على تدبير الشأن العام حاليا في تأكيد المنهج المغربي في تعاطيه مع الاحتجاجات الشعبية، في مقابل تفاقم الأزمة الاجتماعية في ظل الأزمة المالية العالمية، يفرض إعادة النظر في عدد مما تعتبر مسلمات في الممارسة والفقه السياسي للإسلاميين المشاركين ليس بالضرورة في القطع مع منطق المشاركة ولكن مع حجم المشاركة وآلياتها بما يتماشى وطبيعة المرحلة، وهو بالضرورة بحث قطعا لن يقودنا إلى خلاصة القول بخطإ ولا صوابية المشاركة بل قد يزكيها ويقوي أطروحة المشاركة السياسية… ألم يعد اليوم الرهان على النضال البرلماني رهان دون تطلعات المتعاطفين مع حزب العدالة والتنمية وأنه على الرغم من دينامكيته فهو لم يعد فعالا في محاصرة الفساد ودمقرطة مؤسسات الدولة، ألم يعارض نفس الحزب عدد من القوانين لكن بحكم التحكم الفوقي في النخبة البرلمانية تم على سبيل المثال تمرير قانون رقم 30.11 يقضي بتحديد شروط وكيفيات الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات بموافقة 42 فيما امتنع 30 نائبا، بينما صودق على قانون رقم 36.11 ويتعلق بتجديد اللوائح الانتخابية العامة و ضبطها بعد معالجتها بواسطة الحاسوب بموافقة 64 فيما عارضه 37 نائبا. والنتيجة في كلتا الحالتين صدور قانون يرهن مستقبل المغرب.

والخلاصة أن رهان قوى سياسية ديمقراطية منها حزب العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي على النضال البرلماني رهان خاطئ وغير صائب مادامت اللعبة محسومة سلفا من خلال بدايات الإعداد للعملية الانتخابية دون الخوض في تفاصيل أخرى قد تكون أكثر تأثيرا في النتائج.. وعليه فتقليص حضور الإسلاميين في المشهد البرلماني إلى أدنى مستوياته قد يكون أجدى في مقابل التركيز على دعم حضورهم في المؤسسات اللامركزية (الجماعات المحلية) وعلى الخصوص في عدد من الحواضر الكبرى ومعها وبموازاة ذلك دعم الاحتجاجات الشعبية ذات المطالب الشعبية الواضحة بل وقيادتها، وهو ما يعني الانتقال إلى النضال الشعبي من أجل رفع منسوب الإصلاح بوطننا والدخول في مواجهة مباشرة مع لوبيات الفساد والاستبداد.

‫تعليقات الزوار

7
  • mjid
    الجمعة 30 شتنبر 2011 - 14:10

    المقال من الناحية التحليلية فيه ما يقال لكن سأذكرك انك حينما تتكلم عن ضبط الدولة لمستقبل المشهد السياسي ووقوفها دون تمكين أي قوة سياسية من حقها في التعبير عن طموحات الشعب المغربي ..،وتوظيف العلاقات الاجتماعية ..؟ الم تستعمل انت يا سيدي الفرجاني هذه الاساليب الماكرة حينما كنت كاتب عام لمجموعة الفتية لللأطر العليا المعطلة وتخليكم بأنانيتكم وخبتكم اتجاه اخوانك الذين شاركوكم النضال مجموعة الحق بعد الاندماج في الاتحاد الوطني بدعوى "المحافظة على المواقع والمراكز.. ومن ثم المصالح.." كما تقول في مقالك الجميل.مع العلم ان مجموعة الحق ادمجت هذه السنة. لكن تبقى المواقف والمبادئ .اعد النظر اولا في طريقة تدبيرك للأمور ثم طالب الاخرين. التاريخ لا يرحم.

  • صالح المجدي
    الجمعة 30 شتنبر 2011 - 23:09

    احترم الكاتب مصطفى الفرجاني ولكن اختلف معه في تشخيص الوقع وأقلب الجملة رأسا . المقاطعة لا تعتبر مشاركة لأن المقاطعة ترمي إلى إعادة نفس المعاناة .ولنتصر أن حوب العدالة قاطع الانتخابات فهل ياترى سوف يحل المشكل؟ بالطبع لا . الذي سيحدث ولا أريد أن أكون متشائما .أن الجو سخلوا للمفسدين وسننتج نفس المسرحية وبشكل أسوأ .لماذا . لأن المفسدين تمترسوا بالمال وباحتلال المواقع السياسية وتكموا في كل شيئ .وليس من السهولة بمكان أن يتخلوا على السلطة والجاه . وإذا اتخذنا تونس ومصر كدولتين نموذجيتين فإننا نرى كما هو بين لم يذهب حتى الآن إلا راس النظام وبقي النظام هو هو وقد بدأ يعيد نفسه بأشكال مختلفة وبطرق سيئة . وعندنا في المغرب . لنقل بأن ا لدستور الجديد هو الثورة عند المغاربة على ما يتوفر عليه من إمكانيات لنقل بأنها لا بأس بها.والمشكل ليس في الدستور ولكن في تفعيله . والمغاربة كلهم والشباب بصفة خاصة هم من سيفعل هذا الدستور ولكن من الداخل وليس عبر المقاطعة.
    وهب أن حزب العدالة قاطع الانتخابات فماذا سيفعله المغاربة المقاطعين .إنهم لا يستطيعون أن يقفوا وراء جيش عرمرم وشرطة وأمن وطني وبلطاجية ( اشماكرية)

  • said
    السبت 1 أكتوبر 2011 - 00:51

    Votre façon de voir le déroulement des prochaines élections est pessimiste.Pour aller de l'avant d

  • said
    السبت 1 أكتوبر 2011 - 01:30

    Votre façon de voir le déroulement des prochaines élections est pessimiste.Vous faites des suppositions qui génèrent des contraintes bloquantes et qui mènent à l'impasse avec le boycott des élections.Votre raisonnement s'articule dans un petit cercle qui ne donne aucune vision sur les larges possibilités démocratiques offertes par la nouvelle constitution .La solution à votre problématique est tout à fait l'inverse de ce que vous pensez.Pour édifier des assises solides pour la nouvelle constitution la solution c'est la participation massive en qualité d'électeurs et de candidats de tous les citoyens et surtout des jeunes.Le résultat sera nécessairement un parlement représentatif qui reflètera fidèlement la voix et la volonté du peuple dans le sens du changement tracé depuis le neuf mars 2011: un maroc moderne démocrate très fort et très solide par son Parlement son Gouvernement et son Roi.
    Méfiez vous des jeux télécommandés par les ennemis du maroc:Gvt algérien,iran et autres..

  • Abdou 1958
    السبت 1 أكتوبر 2011 - 02:25

    Un être éléctoral était depuis longtemps dans l'opposition,il est ministre dès le gouvernement d'alternance jusqu'à présent en répondant à une question:"préferez vous opposition?ou gouvernement?" réponse"ALLAHOUMMA CH'HAR FI L7OUKOUMA WALA 40 SANA FI LMO3ARADA"

  • marocain en Suisse
    الأحد 2 أكتوبر 2011 - 02:42

    يبدو أنا مكونات الحركة السياسية خاصةً النهج الديمقراطي ،العدل والاحسان واليسار الاشتراكي الموحد أخذت تبادر بالتحدث من داخل 20 فبراير للتعبير عن موقفها إتجاه ما يجري في الساحة السياسية المغربية وبذلك يكون لموقفها كقرار مقاطعة الإنتخابات زخم أكبر من الحديث عنه دون الاشارة إلى كونها من أهم مكونات 20 فبراير إلا أنها بذلك تسقط حركة الاحتجاج في المغرب في مأزق التمثيلية السياسية لا الشعبية ونفس الشيء بالنسبة لباقي المكونات السياسية لهذه الحركة كنتيجة منطقية لضعف الأعضاء المستقلين فإما هم حقوقيون يختصرون الديمقراطية في الدفاع عن حقوق الأقليات أو شباب مغمورون لا دراية لهم بقواعد اللعبة السياسية .إن الخوض في مقاطعة بعد الأحزاب التي تفتقر إلى قاعدة شعبية وحتى مشاركتها السابقة كانت باهتة لم تكن لتحدث جدلاً لو أنها جاءت في ظروف اعتيادية ما يدعونا إلى طرح السؤال الجوهري : هل سيفوت النظام والحركات السياسية و الحركة الاحتجاجية على المواطن المغربي الفرصة في إنتزاع حقوق وإستحقاقات ملموسة في الواقع المعيش اليومي بالزج به في متاهات المساطر والمواقف السياسية ؟؟؟

  • ziad
    الأحد 2 أكتوبر 2011 - 12:57

    الاخوان المسلمون كانت 88 برلماني وكانوا يعرفون انه سيزور عليهم فيىاخر 2010 وقالوا خير لنا ان نشارك ونفضح النظام من ان لا نشارك .فشاركوا وفضحوه امام الشعب والعالم رغم ان كثيرين نصحوهم بعدم المشاركة فكانت الضربة التي قضت على مبارك بل نظامه كله.ثم ان الحكومة ستنبثق من برلمان سينتخب كرهنا ام ابينا كيفما كانت نسبة المشاركة وسيتحكمون في اقتصادنا وتشريعناووووواهل الفساد تخدمهم دعوات المقاطعةوهم يلعبون على تيئيسنا لان ذلك يسهل عليهم المروركمايقلل عدد المشاركين فيسهل علي المفسدين اعطاء المال والتزوير لان الطبقة التي ستشارك اكثريتهاتاخذ المال وامفسدون ينتظرون مثل هذه الفرص لذا فلا يجب ان نعطيها لهم في طابق من ذهب.والمشاركة بكثافة تصعب عليهم المرور والفوز اضافة لذلك يجب التصويت على الاقل فسادا .فالنفترض انك وجدت سلعة ما بالسوق ناقصة الجودة وانت بحاجة لها فستختار منها الافضل اي من الناقصة وهذا نطبقه في جميع امورحياتنا.فاذا شاركنا بكثافة واخترنا الاقل فسادا فسنضمنعددا لا باس به من
    المنتخبين اقل فسادا وهكذا في كل استحقاق وهؤلاء هم الذين يشرعون ويحكمون وتدريجيا وبطريقة سلمية سنساهم في اصلاح وطننا

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش