أدبيات الكتابة عن الحسن الثاني

أدبيات الكتابة عن الحسن الثاني
الإثنين 23 أبريل 2018 - 11:01

تبقى الكتابات الأكاديمية حول الحسن الثاني وفترة حكمه قليلة ولكنها متميزة، فبالرغم من الانتقادات التي وجهت إلى كتاب “الملكية والنخبة السياسية في المغرب” للباحث الأمريكي جون واتربوري، بكونه أصبح متجاوزا في دراسة الحياة السياسية المغربية، وبأن “الانقسامية” كنظرية تحمل إيديولوجية استعمارية، فإن هذا العمل يبقى مع كل ذلك “أهم عمل تركيبي أنجز، إلى حد الآن، حول النظام الملكي المغربي، وتطور الحركة الوطنية المغربية في عهد الحماية وما بعد الاستقلال. ولقد امتاز بدقة الملاحظة، وفرز دقيق للأحداث”…

ويعتبر جون واتربوري “أن أهم عضو داخل النخبة هو الملك… وإذا كان .. على رأس النخبة لا لاعتباره رئيسا للدولة أو لاعتباره من ذرية الرسول، بل لأنه يشترك مع نخبة جيله في العديد من الصفات، وهذا الأمر ينطبق على الحسن الثاني أكثر مما ينطبق على أبيه محمد الخامس، ذلك أن هذا الأخير قد تلقى تربية بعيدة عن كل ما يروج خارج جدار القصر، ولم يهيأ قط لتحمل أعباء رئاسة الدولة. لقد تنامت قدراته السياسية بفضل الممارسة، وبدأ يتعرف على المشاكل… بعد اتصالاته الأولى مع الوطنيين في سنة 1934، ولو أنه رفض الاتصال بهم لربما كان المغرب يعيش حاليا تحت نظام جمهوري، ولكان للعلويين موقع لا يفوق موقع الكتانيين في المجتمع المغربي. ويختلف الأمر بالنسبة للحسن الثاني، لأنه عاش طفولة ناعمة متفتحة على العالم الخارجي؛ واستفاد من تجربة أبيه؛ كما رافق عددا من الشبان المغاربة، ودرس الحقوق في جامعة بوردو”..

ويضيف واتربوري أنه ليس “في المغرب قوة سياسية مدنية تتمتع بتنظيم ومهابة كافيين لمواجهة العرش ومعارضته؛ فالجيش يملك أو كان يملك البنية الضرورية لمقاتلة النظام، إلا أنه لم يملك المهابة ولا القبول الواسع الذي يتيحه له الحلول محله، وفي وسع الحسن الثاني أن أيدعي – وبحق – بأن البلاد ستغرق بدونه في الفوضى”..

أما Michel Rousset فيعد من بين الشخصيات الأكاديمية الفرنسية وأساتذة القانون الذين أسهموا في ورشة بناء المغرب الحديث، سواء على المستوى الدستوري أو الإداري، إلى جانب الملك الحسن الثاني. وكتابه عبارة عن مقالات أسهم بها الباحث في ندوات ومداخلات له؛ تعبر بكل تحليل موضوعي هادئ ودقيق عن المنطق القانوني الذي تشبث به الحسن الثاني في حياته السياسية بعيدا عن أي استبداد بالسلطة.

أما روم لاندو” Rom Landau فمن بين الباحثين الأكاديميين الأمريكيين الذين اهتموا بدراسة شمال إفريقيا عموما والمغرب خصوصا، وهو أستاذ كرسي بجامعة فرانسيسكو؛ له مؤلفات كثيرة عن المغرب منها “أزمة المغرب الأقصى” و”المغرب في القرن العشرين”.

وعن دوافع وأسباب كتابته عن “الحسن الثاني ملك المغرب” يقول: و”في حالة الملك الحسن الثاني، ملك المغرب، هناك من الأسباب المجدية ما يوجب عمل ذلك؛ لأنه عاش حياة مثيرة للاهتمام إلى حد كبير، فقد كان رمزا لإفريقيا الصاعدة حتى قبل أن يخلف والده محمد الخامس في 26 فبراير 1961، إذ بينما كان لا يزال شابا كان أقرب مساعد لوالده، وكان في طليعة جبهة النضال المغربية من أجل الاستقلال، فهذا النضال العنيف الذي توج بنجاح باهر.. حفز كل مملكات فرنسا الأخرى…وهكذا فإن أدوار الملك الحسن الثاني ووالده خطيرة”.

ويضيف روم لاندو بأن الحسن الثاني يعد “من أشد المؤمنين بتبني نموذج الديمقراطية الغربية.. غير أنه لم يتفق مع مفاهيم بعض المعارضين اليساريين، ومن كان يدور في فلكهم من اتحادات العمال والطلاب، وقد كان الملك قد وطد علاقات صحيحة عندما كان أميرا، مع قادة يساريين كعبد الرحيم بوعبيد والمهدي بن بركة.. غير أن الوهن قد تسرب إلى هذه العلاقات بعد إقالة حكومة عبد الله إبراهيم. كان بعض خصومه يرون أن حل جميع مشاكل البلاد يكمن في إقامة نظام اشتراكي على الطريقة الصينية… غير أن شعبية الحسن الثاني السريعة…فاجأتهم فاندفع هؤلاء إلى معارضة شديدة…غير أن الأعضاء الأقل تطرفا اعتقدوا بإمكان ظهور الوطنية…وأن الطريق ستفتح أمام الملك ليستفيد من خدمات القادة اليساريين”.

أما مولاي أحمد العلوي فيعد من بين الشخصيات التي رافقت عن قرب الملك الحسن الثاني في أغلب فترات الرخاء والتوتر السياسي، وأكثر العارفين بشخصية وفكر الحسن الثاني.

ويعد كتابه “الفكر الحسني Le Hassanisme ” بناء فكريا لمجهودات الحسن الثاني في توحيد البلاد ودمقرطتها وبنائها داخليا، كما يتطرق إلى المساعي السلمية والتضامنية للحسن الثاني في مستوياتها العربية، الإسلامية والإفريقية.

وعن شخصية الحسن الثاني وفكره، يقول: “إن صاحب الجلالة له حساسية من كل “ديماغوجية”؛ فهو يحاول قدر الإمكان الابتعاد عن كل التوجهات الإيديولوجية، ويعتقد كثيرا بالعمل الواقعي، كما أنه لا يحب أن يكون سجين نظرية صلبة وجامدة، بل رسم طريقه ومنهجيته على أساس دروس مستمدة من الواقع”.

وعموما ما يميز الفكر الحسني هو انفتاحه على كل التيارات الفكرية ولكن مع التشبث بالثوابت ومقومات الشخصية المغربية.

والسياسة الحسنية نستنتجها من خلال تحركات الملك ومن خلال أقواله وأفعاله ومن خلال خطبه وندواته ومشاريعه… إنها الفلسفة الحسنية في إطار جدلية الفكر بالواقع.

ويعتبر ستيفن هيوز أن الحسن الثاني هو “الناجي الأكبر”؛ حيث خرج فائزا من مؤامرات ثورية يسارية، ومتطرفة إسلامية، بدون الحديث عن الجيش الذي أراد تنحية الملك على الأقل في محاولتين فاشلتين، ومن مناورات ومناوشات البوليساريو؛ حيث سعت كل هذه الأحداث إلى “تركيع” الملكية بدون جدوى، وقد عبر عن ذلك الحسن الثاني بنفسه مشبها حكمه بـ”مأساة شيكسبيرية”.

بيبليوغرافيا مختصرة:

1) موسوعة رحيل الملك الحسن – ثمانية وثلاثون سنة من العطاء / جمع وتصفيف مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات / 4 ش. 9ب المعادي / 19 أكتوبر 2000/مصر.

2) الندوة الدولية حول: فكر الحسن الثاني أصالة وتجديد / دورة أبريل سنة 2000 / الجزء الأول / مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية / الرباط 24-26 أبريل 2000.

3) الندوة الدولية حول : الحسن الثاني سيرة وأمجاد / الرباط من 06 إلى 09 يوليوز 2000/ منشورات جمعية رباط الفتح / المطبعة الملكية – الرباط – 2001.

4) الندوة العلمية حول الشخصية العلمية للحسن الثاني من خلال شهادات المشاركين في الدروس الحسنية / 2000/ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

5) عبد اللطيف بلبشير: أطلس الحسن الثاني – الملك المجاهد / مطبعة النجاح 1990.

6) عبد الحق المريني: جلالة الملك الحسن الثاني ملك المملكة المغربية / الإنسان والملك / طبع وزارة الإعلام / 1985.

7) جون واتربوري: الملكية والنخبة السياسية في المغرب / ترجمة ماجد نعمة وعبود عطية / دار الوحدة العربية / شارع ليون – الحمراء – بيروت – لبنان / الطبعة الأولى 1982.

8) عبد الوهاب بن منصور: الحسن الثاني حياته وجهاده ومنجزاته / الجزء الأول / المطبعة الملكية – الرابط /

9) 1969

Bibliographie :

Farida Diouri : Hassan II, ou la sagesse d’un monarque hors du commun/ Imprimerie Tansift, BAB Doukal, marrakech / 1996.

Michel Rousset : Hommage à Hassan II, regard sur la modernisation de l’Etat, Presses universitaires de Grenoble / France / 2001.

Issa Babana El Alaoui : La dimension d’un Roi hassan II / Collection Hommes d’Etat / Editions souffles et Fabert / Montage – Paris – France 1999.

Hassan II : la génie de la modération / réflexions sur les réalités de l’Islam par Hassan II / Entretiens avec Eric Laurent / Edition Plan / Saint amand / France 2000.

Stephen Oransby Hughers : Le Maroc de Hassan II / Traduit de l’anglais par Mohamed Stouki – Rabat / Sous la direction du Fondation Abderrahim Bouabid / Salé – Maroc / Contacter la fondation à Salé.

Développements politiques au Maghreb, CNRS / centre national de la recherche scientifique Paris, 1979, Editions à LECA

Frédiric Bon : Les discours de la politique / collection politique comparée / publié avec le concours du CNRS, Economica 1991.

Georges Vedel : Edification d’un Etat moderne le Maroc de Hassan II, Editeur : Albin Michel / juin 1986.

Moulay Ahmed Alaoui : Le Hassanisme / Editeur Maroc – Soir / casa 1987.

*أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري بكلية الحقوق – جامعة الحسن الأول بسطات.

‫تعليقات الزوار

4
  • طالب باحث
    الإثنين 23 أبريل 2018 - 19:40

    مقال دقيق استكمل خيوط الجزأ الأول من أدبيات الكتابة عند الحسن الثاني..ومن بين أهم ما استوقفني في المقال الباحث جون واتربوري والذي يعد من أهم الباحثين المتميزين الذين تفننوا_منهجيا وعلميا_ في الكتابة عن الملكية في المغرب، شخصيا تلهمني كتاباته الدقيقة …

  • ماذا لو حدث أو ...
    الثلاثاء 24 أبريل 2018 - 14:34

    … لم يحدث ، أو ماذا لو فعل السلطان أو لم يفعل …؟
    لو كنا نسائل التاريخ ونطرح عليه مثل هذه الأسئلة لتبين لنا الصواب من الخطأ.
    فمثلا لو تسائلنا ماذا كان سيحدث لو أعلن السلطان عبد الحفيظ الجهاد كما كان يريده بعض الفقهاء وكثير من عامة الشعب ، ورفض التوقيع على معاهدة الحماية ؟
    لا شك أنه كان سينهزم ويستسلم كما انهزم و استسلم كل من حمل السلاح ضد الجيوش الإستعمارية القوية أنذاك ، أمثال عبد القادر في الجزائر والخطابي و السبعي وأمزيان والزياني و ابسلام واسكنتي في المغرب . ولتمكنت القوى الإستعمارية من تقسيم الأمبراطورية الشريفة إلى 5 إمارات كما كان مقررا ، ولأنتهت وزالت امارة المؤمنين وانطفأت شعلتها في كل الغرب الإسلامي.
    وماذا لو لم يتزعم السلطان محمد بن يوسف الحركة الوطنية ؟
    لو لم يفعل ذلك لظهر زعماء انتهازيون يتربعون على كرسي السلطة مدى الحياة مثل بورقيبة في تونس أو مسلحون متطرفون يهمشون السياسيين مثل جيش التحرير في الجزائر.
    وماذا لو لم يعارض الحسن الثاني نظام الحزب الواحد والإقتصاد الإشتراكي ؟
    لو لم يفعل لضاع المغرب في متاهات بروقراطية الإشتراكية التي سقطت بسقوط جدار برلين 1989.

  • ziad
    الثلاثاء 24 أبريل 2018 - 14:58

    لماّذا تجاهلت عبدالله العروي و كتابه . .

    maroc et hassan 2

  • شحشي
    الثلاثاء 24 أبريل 2018 - 20:21

    الى زيد : لم أتجاهل كتاب الدكتور عبدالله العر لأنني ناقشت الاطروحة قبل صدوره .

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02

وزير النقل وامتحان السياقة