المقاطعة والطقوس الاستهلاكية لشهر رمضان

المقاطعة والطقوس الاستهلاكية لشهر رمضان
الجمعة 18 ماي 2018 - 11:08

أمام بطء التفاعل الرسمي مع المقاطعة وعدم فاعليته، هل يمكن أن نستشرف “تسونامي مقاطعة” يهم منتوجات وحقولا عدة قد تؤدي إلى شلل اجتماعي أم سيكون لحلول شهر رمضان تأثير على وتيرة ووهج المقاطعة؟

فإقبال أصحاب الدخل المحدود والمتوسط على الاستهلاك الزائد إبان شهر رمضان يمكن توصيفه من خلال جانبين مغايرين؛ جانب طبيعي يحيل على رغبة وتمثلات الفرد في إشباع جوعه وانتظاراته الحيوية بعد فترة من الإمساك عن الطعام، وجانب اجتماعي واقتصادي يتيح فرص وأزمنة تسوق لا سيما إذا استحضرنا خاصية التوقيت الرمضاني ووفرة البضائع على اختلاف أنواعها داخل السوق المغربية.

من هذا المنطلق، فاحتمال تكسير ووقف المقاطعة لا يرتبط بـ”جوع قديم” أو بذاكرة جماعية عن مغرب الحاجة أو بشعور أو وعي اجتماعي ضعيف ومتذبذب؛ بل يتعلق الأمر بصيغ طقوسية ثقافية وغذائية ترتبط بشهر رمضان يشكل فيها سلوك “التفاخر التسوقي ” تعويضا عن الانقطاع الزمني عن أماكن التسوق لمدة نصف النهار أو أكثر، فيصبح الوجود في أماكن الاستهلاك لا سيما في آخر النهار ذريعة أو دافعا للتزود والتبضع، فينتقل فعل وسلوك التسوق إلى شكل “هجوم” أو “سطو” أو “غزوة” على المنتوجات المعروضة، فيتملك الفرد شعور جارف بشراء وتجريب جميع البضائع التي لم يكن خلال السنة يتعاطى لها أو يفكر في استهلاكها محاكاة لجميع الزبناء والأشخاص الموجودين في الفضاء التسويقي نفسه (جوطية – أسواق ممتازة – على أرصفة الطريق)…

إن هذه العادات والسلوكيات على بساطتها الظاهرية تحيل على ملامح أنثروبولوجية للمغربي يمكن توصيفها من خلال طبيعة التمثلات القيمية للمواطن المغربي التي تتأرجح بين ثنائية الفردية (Agency) والبنية (Structure) ، حيث إن الفردية تمكن الفرد من التحكم في جسمه ووجوده والتقرير في فعله وسلوكه وفي اختياراته بمفرده وفي المقابل يحيل مفهوم البنية على العوامل المؤثرة وعناصر الشحن (الجماعة – الطبقة الاجتماعية – الدين- النوع – الاثنية – المهارات – التقاليد …) التي تحدد وتقنن وجود وقرارات الفرد. لهذا، فالسبب الرئيس في الاستهلاك بوتيرة زائدة إبان شهر رمضان هو هيمنة البنية على الفردية؛ فالفرد الواحد لا يمتلك القدرة على الدفاع عن اختياره وعن رغبته في استهلاك عادي كاستمرارية لنوعية الاستهلاك طيلة السنة وعدم الرضوخ لسلطة الجماعة التي تبتدأ من عائلته الصغيرة والتي تميل إلى الاستهلاك المفرط بالمفهوم المغربي “التهلية” و”التبراع” و”التفياك”.

انطلاقا من هذا النسق الاستهلاكي، هل ستقوى المقاطعة ورمزيتها الاحتجاجية وعمقها الافتراضي على الاستمرار إلى ما بعد شهر رمضان؟

‫تعليقات الزوار

2
  • زينون الرواقي
    الجمعة 18 ماي 2018 - 14:33

    لا علاقة لرمضان وارتفاع وتيرة الاستهلاك في رمضان بمآل المقاطعة .. بل يمكن للمواطن ان يستمر في عاداته الرمضانية خصوصا جانب " التبراع " والطابع الاحتفالي الباذخ للمأدبة عند الفطور دون ان ينعش الاحتكاريين الجشعين الذين يراهنون على شهر رمضان لأحداث ثقب في جدار المقاطعة .. لماذا ؟ لأن الصائم وإسرافه أحيانا لا ينصب على الكازوال فهو لا يوضع على مائدة الافطار ولا يهمه أصلا ماء سيدي علي الذي يبقى رغم المقاطعة منتوجا موجها لطبقة غير تلك التي أطلقت شرارة المقاطعة وحتى لو كان وجود هذه المادة ضروريا فالبديل جاهز كما هو جاهز ايضا بالنسبة لما يسمى زورا بالحليب من منتوج سنطرال .. هناك إذن مادة غذائية واحدة يعنيها شهر الصيام وكما تم الاستغناء عنها قبل رمضان سيتم تجاوزها خلاله مادام غيابها عن مائدة الافطار لا يدخل في باب مبطلات الصيام ما لم نفاجأ بفتوى تقول بعكس ذلك ..

  • محمد الصابر
    الأحد 20 ماي 2018 - 13:41

    من قال لك ياسيدي أن الفرد الواحد لا يمتلك القدرة على الدفاع عن اختياره وعن رغبته في استهلاك عادي؟
    الفرد المسلم يمتلك القرار كيف يدبر شهر رمضان مع أولاده ومع الناس من عائلته أو غيرهم،ولكنه لايمتلك القرارفي الزيادات الصاروخية الماجنة في هذا الشهر الفضيل، فالمحيط الرمضاني الذي يصنعه السماسرة والخطافين للفرد هو مايجعله في تأهب واستنفار من التغدية ومن الصحة وهو في ذلك كما يقال " كيزير السمطة" والله في عونه. وفي حدود دخله المتواضع لايميل الى التبذيربـــ "التهلية" و"التبراع" و"التفياك". وانما بـــ "التدبير" و"التوازن" و"الاكتفاء". مزودا نفسه بالقناعة والشبع والظهور بمظهر المسلم الذي ماعندوش وما خاصوش والحمد لله. والدليل على هذا هو موقف المواطن المغربي الذكي من المواد الحارقة الثمن والتي لم يتردد في التضامن للتخلي عنها بوعي وأريحية واطمئنان. فأين هو التبراع ياسيدي؟ هناك الوعي الذكي لدى المواطن البسيط في فطوره وفطور عائلته وهو يعرف ماذا يقول وماذا يفعل،ويعرف أن المقاطعة مستمرة من الجنة والناس للكثير من المواد التي بعضها سيريب وبعضها سيخنز وبعضها سيتكربع على رؤوس أصحابه بعد رمضان.

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات