الرافضون لندوة الحريات الفردية من أكبر من يخدمها!

الرافضون لندوة الحريات الفردية من أكبر من يخدمها!
الثلاثاء 19 يونيو 2018 - 22:21

من أكثر ما تناقلته حسابات فئة من المواطنين عبر شبكات التواصل الاجتماعي خبر تنظيم ندوة الحريات الفردية لصاحبها نور الدين عيوش، رئيس مجموعة الديمقراطية والحريات. والتي تحولت، بفعل الكثير من الحماسة، إلى ما يشبه حملة إعلامية مضادة.

والذي لا يعلمه الكثيرون هو أن “الحملة الاعلامية” ضدة ندوة عيوش حول الحريات الفردية تخدم تلك الندوة أكثر مما تضرها؛ فعيوش، الخبير في الإشهار والتواصل، أكبر من يحسن استثمار “الحملات الإعلامية المضادة” لمشاريعه، بل هو من القلائل الذين يبحثون عن المخالفين لإثارتهم للدخول في أشكال من الحملات الاعلامية ضد مبادراته. بل والبحث عن عناصر الإثارة التي ستضمن له حضور نشاطه لدى الرأي العام بأي شكل من الأشكال. لذلك، لا يستغرب أن يقحم عيوش في الندوة شخصيات اتضح بعد الإعلان عنها أن أسماءهم تم إقحامها فقط. كما اختار عيوش إعلان تنظيم ندوته في مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود بالدار البيضاء، وهو اختيار يضفي الفرجة والإثارة والاستغراب على المشروع على أكثر من مستوى. وهي عناصر حيوية في تحقيق النجاح الإعلامي للمشاريع. وهكذا، نجح عيوش في تحويل تنظيم ندوة إلى حدث رأي عام!

إن من أكبر مؤشرات نجاح بعض الأعمال هو في حجم حضورها في الرأي العام، وقدر أخذ الناس بها علما بغض النظر عن موقفهم منها؛ بل إن “الحملات الإعلامية” المضادة لمشاريع بعض الشخصيات عبارة عن هدية لها حين تبحث بكل ما أوتيت من قوة لتسجيل نفسها ضمن المناضلين الحقوقيين. والسيد عيوش اختار البعد الأكثر حساسية في تلك الحريات، وهي الحريات الفردية في جوانب خاصة مثل الحريات الجنسية وحرية المعتقد، وغيرها من القضايا التي تثير الجدل في المجتمع وتسمح بالحضور المستمر والساخن بعيدا عن النضال الحقيقي في هذا المجال.

وتلك “الحملات المضادة” تكرس صورة عيوش المضطهد، والمحاصر، بل والمهدد أيضا حين تنفلت “الحملات، إلى لغة العنف. وها هو اليوم يصرخ بكون ندوته تعاني من الحصار! وحين يقاوم بأسلوبه الذي يحرص على أن يكون رصينا وهادئا ومليئا بعبارات الحوار والحرية والحقوق والمواطنة و… فحينها ينتقل عيوش إلى استثمار “الحملات ضده”، والتي لا تضره في شيء في نهاية المطاف، لتكريس صورة رجل النضال والحوار والحريات والحقوق بل ورجل قيم الديمقراطية وخدمة الوطن و…

أما إذا تجاوزنا لعبة “من يمارس الإعلام حقيقة؟” وتوقفنا عند الحدث في حد ذاته، فإنه من المستغرب أن نناهض ندوات فكرية مهما كان موضوعها وأهدافها، فالشكل يفرض التوقف قبل الانخراط العاطفي في أية ممارسة ضده، فنحن أمام شكل من أشكال ممارسة الحق في التعبير والتفكير، بغض النظر عن اختلافنا معه. والأشكال الفكرية تواجه بالأشكال الفكرية، ومن غير المناسب مطلقا أن نمارس رفضا عاطفيا لنقاش فكري فقط؛ لأن مناقضته لمعتقداتنا وأفكارنا راجحة.

إن المطلوب في مثل هذه الحالات هو إما الحضور والتعبير عن الفكرة ودحض ما يخالفها بالحجة وبالحوار والجدل بالتي هي أحسن، أو المبادرة إلى تنظيم أشكال فكرية مماثلة تطرح النقيض والبديل، أو التجاهل التام وهو أضعف الإيمان.

إن السيد عيوش مطمئن إلى الدعاية المجانية الكبيرة، والتي قد تكون غير مسبوقة، لنشاطه المنتظر. وهو بذلك يتوقع حضورا لافتا ليس للمخالفين، بل للمساندين لطرحه الذين ستدفعهم الحمية إلى دعم مشروع ينسجم مع توجهاتهم حتى مع رفض شخص عيوش. أما ما قد يكون من تطورات بسبب حضور الرافضين، فالسيد عيوش يعرف كيف يأكل لحم كتفها، وكيف سيستثمر ذلك إلى أقصى الحدود. وحتى لو افترضنا جدلا أنه تم “الضغط”، من أي جهة كانت، على السيد عيوش وسحب مشروع ندوته، فهو في نهاية المطاف قد ربح بشكل لا يمكن تصوره، فبذلك أصبح من المناضلين الكبار الذين يواجهون “أعداء الديمقراطية” و”أعداء الحريات” و”أعداء حقوق الإنسان”، وسيكون في أعين الغرب بالخصوص من أبطال النضال الديمقراطي والحقوقي في المغرب اليوم.

لكل ما سبق، فإن أحسن أسلوب لمواجهة مشاريع عيوش وأمثاله هي التجاهل التام؛ لكن لا بد من التأكيد على أمر حيوي لا يقبل المزايدة ولا الالتفاف في التعبير عنه، وهو أنه آن الأوان على الأقل للذين يتحدثون عن الفكر والحقوق والحريات أن يعلموا أن انخراطهم الرافض لندوة فكرية يمس بمصداقية شعاراتهم؛ ذلك أن الآخر أيضا، ومهما كان، من حقه أن يفكر ويعبر، وأن التدافع ينبغي أن يكون فكريا وسياسيا حرا ونزيها.

‫تعليقات الزوار

7
  • sifao
    الثلاثاء 19 يونيو 2018 - 23:10

    اذا لم يستغل عيوش خبرته في مجال تخصصه لحشد الرأي العام لانجاح نشاطه فما الجدوى منه ؟ هل تعتبر تصرفه غير اخلاقي واسلوبه غير مهني؟ وهل الدعوة الى "التجاهل" هو الرد المناسب على توظيف خبرته الاعلامية في اثارة الرأي العام ؟
    وهل تملكون خيارات اخرى في مواجهة المد الحقوقي غير اسلوب دغدغة مشاعر العامة باقحام الدين في الموضوع ؟ هل المسألة الحقوقية تخص الغرب فقط ولا تعني الشعوب الرازحة تحت الاستبداد الديني في شيء؟ هل تمتلكون الجرأة لمناقشة منطق الافكار بعيدا عن العاطفة الدينية ؟ مواجهتكم للتيار الحداثي فكريا لا تختلف عن مواجهة بين جيش مسلح بالسيوف والرماح والمجانيق وآخر مجهز باحدث التقنيات الحديثة في الحرب …الهزيمة مضمونة لكن التغني بالانتصار لن يتوقف …ما يمنعمكم من الاستعداد ، بما تملكونه من كفاءات فكرية ، من حضور الندوة والدفاع عن ارائكم وفق ما تقتضيه اداب المنظارات الفكرية ؟ لماذا التجاهل هو الاسلوب الانجع ؟ الجواب بسيط وواضح ، ليس لديكم ما تضيفونه الى الموضوع …

  • علي
    الأربعاء 20 يونيو 2018 - 00:06

    نعم للحريات الفردية ، نعم للحق في التعبير والتفكير ، كا واحد من حقه أن يعبر عن رأيه سواء اتفقنا معه أو اختلفنا معه . لا للفكر الظلامي الذي يرفض الحريات الفردية ، ولايحترم حقوق الإنسان ، ولا يؤمن بالحق في الاختلاف ، ويدعي المطلق .

  • elias
    الأربعاء 20 يونيو 2018 - 04:56

    كل مرة يطلع علينا بياذق المشرق بسمومهم كلما تعلق الأمر بمبادرات لتحسين مجتمعنا و الأخذ به نحو الديموقراطية و المجتمع الحديث.
    انها مسألة وقت فقط. فلقد بارت سلعتهم و فسدت. فهل نسمع الناس تنادي بتطبيق شرع الديانة الاسلامية؟ لا. لانهم يعلمون انها لا تصلح لهم. و هذا دليل على موت خرافاتهم.

  • Ibrahim
    الأربعاء 20 يونيو 2018 - 11:39

    الحرية الجنسية في المغرب ممنوعة قانونيا و مرفوضة أخلاقيا في المجتمع لكنها موجودة على أرض الواقع تماما كما هو الحال بالنسبة للمشروبات الكحولية و المخدرات، من بحث عن شيء وجده، حتى بالنسبة للبس، فالمغرب هو أكثر حرية بالمقارنة مع العديد من البلدان الغربية التي تمنع الحجاب. فمجرد التجول في شوارع الدارالبيضاء يعطيك فكرة على أن هناك حرية كبيرة، حتى أنها تحولت إلى تسيب في الكثير من الأحيان. لدى فأنا أقول أن تلك الأبواق المنادية بالحريات لها أهداف أخرى أهمها هدم مرتكزات الهوية المغربية الإسلامية لإنشاء مجتمع تباح فيه جميع الملذات الدنيوية و الإلتحاق بركب البلدان الغربية إلى أن يصل الحال بنا إلى تشريع زواج المثليين لأنها حرية فردية، أليس كذلك ؟

  • sifao
    الأربعاء 20 يونيو 2018 - 17:27

    brahim
    هل البلدان العربية والاسلامية اكثر تخلقا من الدول الغربية ؟ الفرق بين الاثنين هو تلك الحرية الفردية التي تزعجك،كل شيء في الغرب يظهر في الاعلام وموضوع للدراسة والتحليل قصد المعالجة، اما في الدول الاسلامية فكل شيء يتم في عتمة الظلام ،"ان ابتليتم فاستتروا" قارن بين القضايا التي تُعرض على المحاكم في الشرق والغرب لتدرك الفرق جيدا ،التحرش، الاغتصاب،السرقة ، التشرميل "لكريساج" في واضح النهار وامام الملأ،السطو على ممتلكات الفقراء والايتام ،…وكل البلايا البشرية التي تعود الى ازمنة تجاوزها التاريخ منذ قرون .المجتمع الغربي ليس هو الحرية الجنسية فقط وانما الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة والتقدم العلمي وجودة الخدمات الاسياسية ، التعليم الصحة السكن اللائق والدخل المضمون وحرية التفكير والابداع وتقديس الانسان..
    "قال لك" "الإلتحاق بركب البلدان الغربية "مسكين ، يعتقد ان اللحاق به يمر عبر السماح بزواج الملثيين والحريات الجنسية،هذا هو الخطاب الذي يروج له ايتام السماء لتضليل الرأي العام ، اللحاق بالغرب يحتاج الى 6 قرون من العمل الدؤوب والمثابرة والتخلي عن كل اسمال الشرق المتعفنة

  • حميد
    الجمعة 22 يونيو 2018 - 00:30

    غايتكم هي طمس الهوية المغربية الاسلامية..عن أي حرية تتحدّثون إذا كان مفهومكم للحرّية يقتصر على العري و الامتناع عن العبادات و..و..هذا المجتمع الغربي الذي تستشهدون و تجعلونه قدوة..هو نفسه لا يطبق الحرية و لا يسلك مسلكها..فكفاكم عبثا و ضحكا على الدقون..و شكرا

  • اصالح
    الجمعة 22 يونيو 2018 - 04:52

    كل الهجومات التي نتعرض لها اليوم ما هي الا تغرات في تاريخنا استغلها غيرنا
    بطريقة محكمة وووظفها لضربنا في العمق باسم الحداثة

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات