صوت من الماضي

صوت من الماضي
الأربعاء 19 أكتوبر 2011 - 01:29

على هامش مقالة جون أفريك حول العدالة والتنمية

ما حرره “فرانسوا سودان” في عدد “جون أفريك” الصادر أمس الأحد تحت عنوان “الجبهة الوطنية المغربية” ضمن عنوان غلاف” لماذا يخيف العدالة والتنمية” مؤشر دال على خطاب ينبعث اليوم من الماضي التحريضي في المنطقة المغاربية، حيث قدم مدير التحرير في الأسبوعية مرافعة فجة في الدفاع عنه تذكر بمقالات سابقة له في العقدين الماضيين، كان لها دور في إرباك محطات الإصلاح السياسي وافتعال التوترات في النظام السياسي للبلاد، إلا أن مقالة هذا الأسبوع تأتي لتعبر عن حالة استماتة في البحث عن مكان لبقاء السلطوية وخدمة مصالح اقتصادية فئوية عبر إحياء أسطوانة فزاعة الإسلاميين، وذلك في منطقة تعيش إيقاع تحول ديموقراطي تصاعدي لكنها ما تزال تأن تحت وطأة مقاومة معادية عنيدة رافضة.

من عنوان مقالة جون أفريك يظهر أن المخاطب هو الجمهور الفرنسي، فالجبهة الوطنية هناك نموذج للخطاب العنصري اليميني المتطرف، والذي فرض على مجموع الطبقة السياسية الفرنسية أن تتحالف لدرء خطره الانتخابي وتجميد صراعاتها البينية، وذلك عندما خلق المفاجأة في انتخابات الرئاسة الفرنسية قبل حوالي العقد وقبل ان يفضى ذلك لتطور الجبهة، إلا أن المشكلة في الحالة المغربية بحسب تلك المقالة تتمثل في كون العدالة والتنمية “لم يستطع أن يقوم بالتحول الذي حصل في فرنسا وأعطى نسخة معدلة مع مارين لوبن” زعيمة الجبهة الحالية، لتضيف “العدالة والتنمية التركي فهو نقيض العدالة والتنمية المغربي”، والسبب عند فرانسوا سودان هو “عدم قدرة المغربي على القطيعة مع “التطرف الراديكالي””، والذي نتج عن “النواة الصلبة للحزب ممثلة في حركة التوحيد والإصلاح، هذه الأخيرة التي لا تختلف عن جماعة العدل والإحسان إلا شكليا كما أن لها روابط مع السلفية”.

ليست هناك حاجة للرد على مزاعم صاحب المقالة وما جاء فيها من أحكام جاهزة تستبق نتائج الانتخابات، وكذا مواقف مسبقة عدائية وتصورات نمطية مستوردة جرى إسقاطها على الحالة المغربية رغم الاختلاف الشديد معها، والسبب هو أن الواقع المغربي الملموس بتعدديته وتنوعه وقوة مؤسساته من جهة كما أن الوضع الحزبي الوطني ومعه النخب الفاعلة تتسم بمناعتها ضد الإقصاء والاستئصال من جهة أخرى يمثل أكبر رد عليها، فضلا عن أن الحالة السياسية المغربية تتطور في اتجاه مضاد لأطروحات العزل والتهميش والتكتل ضد تيار المشاركة السياسية ومحاولة الدفع في تلك الحلول التي شهدتها فرنسا ضد الجبهة الوطنية.

في المقابل ثمة حاجة لوقفة مع دلالات الموقف الكامن وراء تلك المقالة، حيث تعكس نزعة واضحة في الشيطنة الفجة للمشاركة السياسية للحركة الإسلامية، تقوم على أن الحزب الممثل لهذه المشاركة يمثل خطرا على المشروع الديموقراطي للملك، وهي المقولة التي اعتمد عليها دعاة المشروع السلطوي الحزبي في السنتين الماضيتين وأنتجت في بلادنا حالة من الهشاشة أمام ضغوط المد الديموقراطي العربي، واضطر معها المغرب إلى الانخراط في عملية استباقية سياسية لاحتواء مخاطرها مما فرض مراجعة الدستور وإجراء انتخابات سابقة لأوانها، والخطير اليوم هو أن يتم إحيائها لضرب كل ما تحقق بهذا السياسية الاستباقية.

هنا ينبغي تسجيل أن مثل هذا المقالة تأتي في الوقت الضائع، ولم تعد أطروحتها قادرة على إقناع القوى السياسية الجادة، كما أن الخطاب الملكي لافتتاح السنة التشريعية شكل اكبر رد عليها بما عرفه من تجديد الالتزام بالتحول الديموقراطي، أي أن هذه خطاب المقالة كان يثير في الماضي مخاوف حقيقية وذلك قبل عهد الربيع الديموقراطي، عندما كانت القوى الخارجية وامتداداتها الداخلية تستهين بإرادة الشعوب، أما اليوم فتجارة التحريض لم تعد رائجة وأصحابها مجرد صوت نشاز يشوش لكنه لن يوقف حركة التاريخ الجديد الذي يولد في المنطقة وانخرط المغرب بكل مؤسساته في كسب رهانه.

افتتاحية التجديد 17-10-2011

‫تعليقات الزوار

4
  • الدكـــــــالي الصغير
    الأربعاء 19 أكتوبر 2011 - 13:07

    فرنسا لا زال مثقفوها وفنانوها وسياسيوها، يتخذون من مجتمعات "محمياتهم السابقة" موضوعا، وهدفا لأعمالهم، التي توحدهم تحت نزعة التشبث بماضيهم الاستعماري المتعالي بهاجس الوصايا.
    فزاعة الإسلاميين سقطت، وإنهم باصرارهم على إفشال مشروع الحركات الإسلامية حتى المعتدل منها، يعبرون عن خوفهم على مصالحهم الاستعمارية في استغلال الشعوب، وضمان استمرارية تبعيتها.
    ولأن مصالحنا متعارضة بهذا المنطق المتعالي المستند إلى هاجس استمرار الوصاية و"الحماية"، فإن البسيط من أبناء شعوب المغرب العربي الثائر، صار يرى ويعي، أنه لا تغيير ولا إصلاح، إلا بالاستقلال التام، عن مراكز القرار الاستعمارية، ومثلما أذبنا الخوف من عملائهم، فإن الخوف يزول اليوم، بسقوط الهالة العسكرية، التي أخضعت الشعوب الضعيفة ردحا من الزمن، وتأكد على أرض الواقع، أن أقوى قوة عسكرية، لن تخضع مدينة إن صمد أهلها على الحق والكرامة.
    سنبني وطنا يا "فرانسوا سودان" على أنفك، وعلى غير ما تتطلع إليه أنفسكم المريضة، والإسلاميون رجال أخيار، ورجال مجد وحضارة، وعساك تقرأ التاريخ، فتدين لهم بالفضل والثناء.
    شكرا الأخ الخلفي على كتاباتك المنيرة…

  • Observateur
    الأربعاء 19 أكتوبر 2011 - 13:53

    Je crois que le printemps arabe apporte une réponse claire et nette de notre jeunesse…Il traduit, en fait, leur manifestation d'un besoin de liberté et de dignité humaine…Les jeunes d'aujourd'hui ont compris que leur destin ne doit plus dépendre du sort que va lui réserver un tel ou tel parti politique. Les islamistes, en quête de pouvoir, ne constituent nullement l'exception à la règle : Ceux qui optent pour ce grand jeu pipé doivent irrévocablement accepter les règles du jeu. Concrètement, le "PJD" ne possède pas le bâton magique pour résoudre les divers problèmes socio-économiques du pays…Ses marges de manoeuvres seront, de toute manière, très limitées face au défi des lignes rouges tracées par le Makhzen. Seulement, en cas où ce parti viendra au sommet des élections législatives, il faudrait lui donner une chance, et en aucun cas ne réitérer l'expérience Algérienne…Merci et à bientôt

  • مغربي
    الأربعاء 19 أكتوبر 2011 - 18:16

    حقيقة ربما ذات بوم والعدالة والتنمية في أوائل دخولها السياسي تحمل مايخيف المخزن من ان تتحول إلى حركة نظيفة تحرق اوراقه و تحرج أركانه لكن اليوم وبعد أعوام من السكن في داؤ المخزن لم يعد في العدالة والتنمية مايخيف طالما انها لاتمثل أي تهديد فهي وراء الملك بدون أدنى تردد ولتمر فرصة دون ان يؤدك كبار العدالة على ذلك ثانيا لاشكل العدالو أب تهديد لأنها وفي ظل كل الخروقات لاتستطيع رفع لافتة المقاطعة وهي الشيء الوحيد الذي يخيف المخزن
    ولكن ومع ذلك كره المخزن لكل ماهو إسلامي لأن أحشاءه فرنكفونية يجعل من العدالة شيئا مكروها لا مخيفا

  • FOUAD
    الأربعاء 19 أكتوبر 2011 - 23:19

    Je respectais "relativement" JEUNE AFRIQUE de BECHIR BEN YAHMED Mais depuis l'arrivée de François Soudan Jeune Afrique n'est plus la voix des pauvres, François Soudan donnais l'impression d'un journaliste "investigateur" mais il est loin de l’être, je n'ai jamais partagé l'ensemble de ses opinions, c'est européen qui essaye d’écrire pour les africains pour leur apprendre comment "entrer dans l’histoire" comme la' dit Sarko
    Mon salam à mon mouslim pays

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات