رسالة مفتوحة إلى نواب الأمـــة في البرلمــــان

رسالة مفتوحة إلى نواب الأمـــة في البرلمــــان
السبت 23 يونيو 2018 - 19:42

بناء على الإعلان الصادر من مكتب اللجنة البرلمانية بشأن تحديد تاريخ وضع التعديلات المقترحة على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكذا على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.

وبناء على ما يوحي به هذا الإعلان من قرار جعل هذين القانونين، أخيرا، جاهزين لمناقشتهما والمصادقة عليهما من طرف البرلمان، بعدما تلكأت الحكومة السابقة في إصدارهما خلال الولاية التشريعية الأولى خرقا للفصل 86 من الدستور.

ونظرا لما يشوب مشروعي هذين القانونين من أخطاء وعيوب كثيرة تطعن في روح الدستور، وتمس بالوحدة الوطنية، فضلا عن حتمية خلقهما في وطننا مشكلات اجتماعية واقتصادية جمة، بسبب ما رافق إعدادهما من تسرع وارتجال، نتيجة إهمال وضعهما إلى حين انتهاء الولاية التشريعية سالفة الذكر.

وأملا في أن يقوم مجلسكم الموقر بتصحيح هذه الاخلالات، وبأن يصدر هذين القانونين التنظيميين في المستوى المطلوب، الذي يضمن للأمازيغية حقوقها وكرامتها، باعتبارها لغة كافة المغاربة بدون استثناء، التي تضفي على هويتهم طابع الخصوصية والتميز عن باقي هويات شعوب العالم، ارتأيت أن أوجه إليكم هذه الرسالة المفتوحة، أدعوكم فيها بكل احترام إلى ما يلي:

1. العمل بالمكتسبات الوطنية التي أفرزتها سياسة تدبير الشأن الأمازيغي المعتمدة بعد خطاب أجدير السامي لسنة 2001، ومن ضمنها المبادئ الأربعة المتمثلة في: توحيد الأمازيغية، وإلزاميتها، وتعميمها، واعتماد حرفها تيفيــنـــاغ.

2. التصريح بأن الفقرة الرابعة من الفصـل الخامس من الدستور تنص على أن اللغـة الأمازيغية المعنية بالإدمــاج في التعليم وفي مجالات الحياة العـامة هي اللغـة الأمازيغية المفــردة الواحــدة، وليس مختلف التعبيـرات اللسـانية الأمازيغية المتداولــة في مناطـق المغـرب، كما جاء في المادة الأولى من مشـروع القانون التنظيمي لتفعيـل الطابـع الرسـمي للأمازيـغية المعيب؛ ولذلك فالمطـلـوب تعديل هذه المادة لمطـابقتـها مـع روح الدسـتــــور.

3. القول بأن اعتماد هذا المشـروع للهجات الأمازيغية المتعـددة، بدل اللغة الأمازيغية المعيار الواحدة، يهـدد الوحدة الوطنية، لأنه عوض أن يجعل من الأمازيغية عنصر تقوية وتعزيز هذه الوحدة الوطنية، على غرار اللغة العربية الواحدة، والمذهب الديني الواحد، فقد جعل منها -على العكس من ذلك-عنصـر تفرقة وتشتيت للوطن وللمواطنين، على اعتبار أن ترسيم اللهجات في مناطقها يشـكل قنابل موقوتة، من شأنها أن تمس بلحمة كياننا الوطني.

4. القول كذلك بأن اعتماد هذه اللهجات من شأنه أن يخلق لدولتنا أعباء وتكاليف لا قبل لها بها، تتمثل في إصدارها العملة الوطنية بمختلف اللهجات المتداولة، وفي استعمالها في الأوراق الإدارية، وفي علامات التشوير، وفي غير ذلك من المستندات والمرافق العمومية؛ الشيء الذي يؤدي حتما إلى إغراق مجتمعنا في تعقيدات مختلفة، لا خير فيها اطلاقا على حياة البلاد والعباد.

5. الإقرار بأن تدريس اللهجات في المدارس الوطنية من شأنه أن يحدث مشاكل اجتماعية عويصة للكثير من الأسر المغربية، التي تضطرها ظروف العمل أو غيرها إلى الانتقال من منطقة لهجية معينة إلى منطقة لهجية أخرى، فيؤدي بها هذا الانتقال إلى انقطاع أبنائها عن الدراسة، بسبب عجزهم عن متابعة تعليمهم بلهجة المنطقة التي انتقلوا إليها.

6. الإقرار أيضا بأن مشروع هذا القانون يكرس التمييز العنصري بسبب اللغة، لأنه والحال أن الدستور نص على اعتبار العربية والأمازيغية لغتين رسميتين معا بدون تمييز، فإن المشروع المعيب في الوقت الذي جعل فيه تدريس العربية حقا وواجبا في آن واحد بالنسبة لعموم المواطنين، فإنه على العكس من ذلك اقتصر على جعل تدريس الأمازيغية حقا فحسب لجميع المغاربة، دون أن يجعله كذلك واجبا وطنيا، فكان المشروع بذلك معيبا لخرقه الدستور الذي يمنع ممارسـة التمييز العنصري أيا كان.

7. التصريح بأن هذا المشروع مخالف للدستور، لتقزيمه وظائف الأمازيغية في هدف واحد ووحيد فقط هو التواصل، لأنه طالما كان غرض الدستور من ترسيم الامازيغية هو أن تتمكن هذه اللغة من القيام بوظيفتها بصفتها تلك، فيترتب على ذلك أن تكون هذه الوظيفة كاملة غير منقوصة، أي أن تشمل: التواصل، وكذا التنمية، وأيضا المساهمة في تطوير المجتمع، ثم كذلك تقوية الوحدة الوطنية، وكذا تكريس الهوية الوطنية، وغير ذلك من الوظائف المرتبطة عموما باللغات الرسمية.

8. التصريح بمحافظة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على خصوصيته وعلى استقلاليته المعهودتين، على اعتبار أن لفظة “يضم” الواردة في الفقرة السادسة من الفصل الخامس من الدستور، لا تدل على انصهار هذه المؤسسـة في المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، بل تدل فقط على مشاركتها في أشغال هذا المجلس الوطني إلى جانب مؤسسات لغوية أخرى، بدليل أن الفصل 53 من الدستور المتعلق بالمجلس الأعلى للأمن نـص بدوره على لفظـة “يضم”، ومع ذلك ظلت كل المؤسسات الواردة فيه محتفظة بخصوصيتها وباستقلاليتها.

لذلك، قياسا على ما جرى به تطبيق أحكام الفصل 53 من الدستور، ينبغي تطبيق الإجراء نفسه على الفصل الخامس منه؛ الشيء الذي يقتضي تعديل المادة 50 من مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، لكي تنص على احتفاظ مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على استقلاليتها وخصوصيتها.

ولمجلسكم الموقر واسع النظر.

*باحث في الثقافة الأمازيغية عضو سابق بالمجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية محام بالدار البيضاء

‫تعليقات الزوار

9
  • دا الحوس
    السبت 23 يونيو 2018 - 20:09

    في رأيي المتواضع : فرض لغة مهيأة أكاديميا لتكون هي اللغة الأمازيغية المراد تدريسها لنا يكون له أي فعل جاد . خاصة وقد تم فرض اللغة العربية الفصضحى منذ زمن بعيد على أن تكون لغة التداول فهي لحد الأن لم نسمع الناس يتحدثون بها في الأسواق كما يفعل الأخرون بلغاتهم.
    لنكون واقعيين . ستبقى اللغة الأمازيغية تدرس كلغة أجنبية تأخذ حيزا زمنيا من وقت الدراسة للأطفال المغاربة فيما أبناء النخبة لا يكترثون بها ويتابعون دراستهم في الخالرج أو في المغرب بلغات أجنبية وبالتالي يتحكمون بفعل العلوم التي يتلقونها في دوالب الأمور بينما يبقى الآخرون يتدارسون تيفيناغ وجدوره لمدة طويلة يكون قطار العلوم قد فاتهم .
    ازور ويس كوز نمراوت = الجدر التربيعي للعدد 10 la racine carré de 10 .
    انتبهوا فقط للوقت الضائع والعولمة لا ترحم .

  • ع الجوهري
    السبت 23 يونيو 2018 - 22:39

    يا أخي الأمزيغي بالمغربية الدارجة واش طفراتو حتى العربية التي منذ خروج الإستعمار وهي على الورق اللغة الرسمية ومنذ زمن قريب كل الإدارات تراسلنا بالفرنسية وكأننا تحت الحماية الفرنسية وما لم يفهمه كل المغاربة لحد الساعة هو لما يقدموا لنا برنامج موضوعه يخص المغاربة ومقدم البرنامج مغربي والضيوف مغاربة ويناقشونه بالفرنسية أتمنى شيئين أن يجد أحد دولة في العالم بأسره تناقش مشاكلها مباشرة على التلفاز الذي يدفعون ضرائبه بلغة أجنبية وكذلك وأنا متأكد بحكم زيارتي لكثير من البلدان لم أسمع عن إدارة تراسل شعبها بلغة أجنبية وعلى الأأقل راسلونا بالأمازيغية وسنهضمها المهم لا حولا ولا قوة إلا بالله شكرا هسبريس وشكرا للكاتب

  • ابن البناء
    السبت 23 يونيو 2018 - 23:50

    – توحيد الامازيغية إلزاميتها وتعميمها و اعتماد حرف تفيناغ يتناقض مع خطاب التعددية الذي رفعته الحركة الامازيغية شعارا لها المبني على الاختلاف و التسامح و تثمين الحساسيات الجهوية و يتعارض مع خطاب الجهوية المتقدمة الذي يؤكد على دور الجهة في التنمية الثقافية ومنها التنمية اللغوية المحلية، كما أن الالزام والتعميم لا يستقيمان في ظرف متميز بالخصاص في الموارد البشرية ويتعارضان مع إرساء اللغات الامازيغية على الصعيد الجهوي حيث أن جهات معينة هي المعنية أكثر من جهات أخرى.. أما تفيناغ فقد أبانت التجربة عن خطأ اعتماد هذا الحرف الغير العملي في مجتمع كالمجتمع المغربي.
    – يتكلم الكاتب عن اللغة الامازيغية الموحدة والتي هي اللغة الاركامية ذات النفس السوسي الجنوبي والتي في حالة اعتمادها ستعني القضاء على التعددية اللغوية الامازيغية وهي حق من حقوق المواطنين حسب الجهات.
    – ليس هناك دليل على أن اعتماد الامازيغيات الجهوية يهدد الوحدة الوطنية

  • حسن حوريكي
    الأحد 24 يونيو 2018 - 14:45

    مساهمة في النقاش=
    يستحسن اعتماد اللغة الامازيغية المعيارية لاعتبارات عديدة اهمها=
    -الامازيغية لغة واحدة ،لان قواعدها واحدة .وقواعد اللغة هي التي تتحدد لغة معينة .اما اختلاف النطق فنجده حتى داخل اللغات الامازيغية المحلية
    -معيرة الامازيغية لا يهدد اللغات الامازيغية المحلية ،بل يحافظ عليها(والمقارنة بين العربية والدارجة مقارنة خاطئة )
    -و معيرة اللغات يقوي الوحدة الوطنية
    -ومعيرة الامازيغية يقويها ويجعلها لغة تستعمل على الصعيد الوطني ،وسيجعلها عالمية مع مرور الزمن،وسيضرب محاولات الذين يريدون تقزيم الامازيغية ،اي الذين يريدون حصرها في مجال ضيق

  • حسن حوريكي
    الأحد 24 يونيو 2018 - 22:56

    تابع =
    واعتماد الامازيغية المعيارية ،عكس ما يعتقد البعض ،لا يتنافى واعتماد الجهوية المتقدمة،بل هناك دولا تعتمد لغتها المعيارية وتعتمد نظاما فيدراليا ،مثل المانيا.
    لذا يستحسن ايض الاخذ بما هو علمي لمعيرة اللغة ،وفهم جيد لخصوصية المغرب ،فالامازيغية موجودة في جميع مناطق المغرب

  • ابن البناء
    الأحد 24 يونيو 2018 - 23:21

    – القول بأن التدريس بلهجة أخرى أثناء الانتقال بين الجهات قد يؤدي إلى العجز عن متابعة الدراسة قول مردود عليه لأنه ينكر الدور الذي تلعبه العملية التربوية والبيداغوجية و عمليات الدعم من تكيف مع التغيرات كما ينكر دور اللغات الاخرى الموحدة كالفرنسية وغيرها
    – الدستور واضح ولا يربط الهوية بلغة وثقافة واحدة والاصرار على ربط المغرب بهوية واحدة معينة سواء كانت أمازيغية أو عربية لهو منتهى الإقصاء والاستبداد ويتعارض مع التراكم التاريخي والثقافي واللغوي بالمغرب

  • حفيظة من إيطاليا
    الإثنين 25 يونيو 2018 - 10:31

    الدستور المغربي الصادر سنة 2011 واضح ولا غبار عليه، إنه يضع الأمازيغية في المرتبة الثانية بعد اللغة العربية كلغة رسمية أولى للدولة، كما أن الدستور ينص بشكل لا لبس فيه على ضرورة الحفاظ على اللهجات المحلية ورعايتها وتنميتها، ومن يدعو لتوحيد اللهجات فإنه يحضُّ في الواقع على إقبار اللهجات الأمازيغية، لفرض السوسية بدلا عنها تحت يافطة المعيارية، وإذا استنفذ ليركام الغرض من إحداثه، فلماذا التمسك به؟ فهل للاستمرار في حصول بعض المتاجرين بالأمازيغية على الريع منه، دون تقديم أي شيء ينفع المجتمع؟؟؟ من يريد تحسين وضعيته الاجتماعية عليه بالتشمير عن سواعده والكد والاجتهاد اعتمادا على نفسه، وليس انتظار الدولة لكي تنفخ له جيبه بمال الشعب..

  • ilyas
    الإثنين 25 يونيو 2018 - 22:53

    شكراَ أستاذ على هذا التوضيح و الإستيضاح المُفعم بالروح الوطنية الأمازيغية المغربية..

    و على هذا المُلتمس لنواب الأمة ليكونوا على قدر المسؤولية الوطنية و التاريخية.

    فالأمازيغية ليست لغة ثانوية بل هي كذلك لغة رسمية في الدستور و على القانون التنظيمي أن يُقِر ذلك و يكون مُنْصِفاً و بروح وطنية مغربية..

    و لا نرضى بِغير الإنصاف..

    فهناك من هو مهووس بالوحدة في ما يخُص العربية فينقلِب لتوّه إلى مهووس بالتفرقة في ما يخُص الأمازيغية..

    نعرِف جيداً منبع هذا السّلوك الغير الوطني.. و ما هو..

    الأمازيغية هي عمود الوحدة في المغرب.. و لا وحدة بدون أمازيغية في هذا المغرب..

    الوحدة التي لا تُذكَر فيها الأمازيغية في بلادنا فهي ليست وحدة..

    فالوحدة المزعومة بالعربية فقط ليست ثُمّ ليست وحدة إطلاقاً.. فهي شيء آخر غير الوحدة.. تتقنّع بلفظ "وحدة"..

    فهناك من لا يفقه في الأمازيغية حرفاً و يريد أن يكون مُفتي فيها.. و حتى كيف تكون..!!

    مؤسسة المعهد يجب التنصيص عليه دستوريا.. و حِفظه كما المكتسبات الأخرى..

    فتلك المبادئ التي ذكرت يا أستاذ يجب العمل على تضمينها في نص القانون..

  • ilyas
    الثلاثاء 26 يونيو 2018 - 09:19

    التفعيل الرسمي للأمازيغية هو تواصُلاً و كتابةً..

    فلا يمْكِن و لا يُعقَل لعاقل وطني أن يحصِر أو بأصحّ التعبير أن يُحاصِر الأمازيغية في الشفوي..

    متى كانت المدرسة شفويّةً فقط..!؟

    و إختياريةً فقط..؟

    و يُمنع عن الأمازيغية الورقة و القلم..؟!

    كيف لعقلٍ مغربيّ أصيل أن يتصرّف أتُّجاه الأمازيغية هذا التصرّف..؟

صوت وصورة
نقاش إلغاء عيد الأضحى
الأحد 14 أبريل 2024 - 11:28

نقاش إلغاء عيد الأضحى

صوت وصورة
فوز الجيش الملكي على الوداد
السبت 13 أبريل 2024 - 22:57

فوز الجيش الملكي على الوداد

صوت وصورة
تدخل للإنقاذ من مكان مرتفع
السبت 13 أبريل 2024 - 16:27

تدخل للإنقاذ من مكان مرتفع

صوت وصورة
الشواطئ تمتلئ في الدار البيضاء
السبت 13 أبريل 2024 - 14:55

الشواطئ تمتلئ في الدار البيضاء

صوت وصورة
الجفاف يفتك بوديان إفران
السبت 13 أبريل 2024 - 12:30

الجفاف يفتك بوديان إفران

صوت وصورة
انتخاب العلمي رئيسا للنواب
الجمعة 12 أبريل 2024 - 18:23

انتخاب العلمي رئيسا للنواب