قذائف الكـرة وقذائف الدمار!!

قذائف الكـرة وقذائف الدمار!!
الثلاثاء 17 يوليوز 2018 - 14:48

ما معنى أن يظل المغرب يلهث سنوات طويلة؛ (خمس محاولات) وراء حلم تنظيم المونديال، وعندما يكون قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الحلم، يجد نفسه وسط السراب الذي خاله ماء. فتذهب جهود، وأموال، وأوقات، واجتماعات، وطاقات، طيلة سنوات، سُدى، ويتلاشى كل شيء. ثم نشرع من جديد و نبذل مزيدا من الجهود لكي نفوز بمونديال 2030 !!

إنها استماتة وأي استماتة من أجل حفل كروي عالمي، رغم أنه قد اتضح لنا وللعالم أجمع، أن خيوط لعبة المونديال تمسكها أيادي غربية قوية، تحركها وتوجهها حسب مصالحها السياسية والاقتصادية.

لماذا هذا التقليد، والببغاوية، واللهاث وراء السراب في صحراء يباب؟

وهب أننا بعد عشرين عاما أو أقل أو أكثر، ظفرنا بهذا “الشرف” شرف تنظيم المونديال. فماذا عساها تكون النتائج من حيث التنمية والتقدم العلمي والاجتماعي للبلاد؟ هل سيسهم المونديال مثلا، في علاج مشاكل التعليم، والصحة، والأسرة، والمجتمع ككل؟

أما آن الأوان لنعود إلى رشدنا، ونعمل على الاهتمام وبذل الجهود والأموال في علاج وإصلاح القطاعات الحيوية (التعليم، الصحة، الاقتصاد، العمل، الأسرة، الشباب…) بدل تبديدها فيما لا يندرج في سلم الأولويات والقضايا المستعجلة. إن المنطق يقتضي أن يهتم المسؤولون بالأولويات والضروريات قبل الكماليات. وهل سيحصل لنا ضرر إذا ما أعرضنا عن هذا المونديال وضربنا به عرض الحائط؟

ولماذا لا تفكر الشعوب المسماة بالعالم “الثالث”، في تنظيم مونديال يشارك فيه فقط بلدان هذا العالم، ويقاطعون بذلك المونديال الذي تحركه الأيدي الخفية الغاشمة؟

ومن ناحية أخرى، فإن الدول الغربية العظمى سادت العالم بالعلم، والتكنولوجيا، والاقتصاد القوي، والسياسة الميكيافيلية… لا بالكرة واللعب. ومع ذلك فإنها تحرص دائما على أن تنتصر في جميع الميادين والمجالات بما في ذلك مجال اللعب حفاظا على كبريائها وسياستها ومصالحها.

وإذا كانت شريعتنا قد اهتمت كثيرا بالرياضة البدنية، ولم تحرم اللعب من أجل الاستجمام والترويح عن النفس…، فإنها قد وضعت لذلك ضوابط وأهدافا سامية وآدابا وأخلاقا.

ثم إن هذه المناسبة الرياضية؛ أي المونديال، بسبب ضجيجها وهولها وتضخيمها وكثرة أبواقها الإعلامية، أثارت في نفسي بعض الأفكار المؤلمة التي قد تبدو غريبة لبعض الناس.

أقول: لو أن شخصا اعتدى صباحا على أخيك أو إبنك اعتداء فظيعا أو قتله، ثم دعاك مساء لحضور حفل زفاف ابنه، هل كنت ملبيا الدعوة؟

لا شك أنك سترفضها، بل ستعتبرها سخرية وإمعانا في الإهانة والاحتقار، من قبل هذا الظالم المتغطرس.

لكن مما يدمي القلب ويشيب له الولدان، أن آلاف المسلمين أنفقوا الأموال كي يحضروا حفل لعب الكرة تحت إشراف بلد، لم تتوقف عساكره وطائراته الحربية عن قتل المسلمين الأبرياء في سوريا وتدمير بيوتهم.

كم هو رهيب هذا المشهد الذي تزامن فيه اللعب بسيلان دم الأبرياء.!! كرة تتدحرج هنا، وأشلاء تتطاير، وبيوت تخر أسقفها وجدرانها على أهلها هناك!! والمشرف على الحفل الكروي أو الداعي إلى حضوره، هو المشرف على ذلك القتل والخراب ظلما وعدوانا. وبين الحاضرين وملبي الدعوة مسلمون ملكهم هوى الكرة، واستغرق كيانهم، وحال بينهم وبين الإحساس بما يعانيه إخوانهم في سوريا من العذاب والقتل والآلام والمصائب والكوارث. ونسوا قول الله تعالى: “إنما المؤمنون إخوة” (الحجرات: 10)

فكيف يحلو ويطيب لمسلم أن يلبي هذه الدعوة وينفق ماله أثناء إقامته في بلد الحفل الكروي، وحكام هذا البلد يقتلون إخوانه، ويعذبونهم، ويحرقون بيوتهم ومدارسهم ومستشفياتهم…

إن هذا السلوك المعبر عن نوع من الجهل بقيمة الإنسان وضعف الإيمان، لا مستند له عقلا ولا شرعا، كما أنه معاكس أو مخالف لمقاصد الشريعة وأهدافها وغاياتها. ولعله من جهة أخرى يعكس لنا النفسية المنهزمة، والغثائية، والمستغربة، التي تحياها كثير من المسلمين في العالم العربي.

*أستـاذ علم الاجتماع بجامعة عبد المالك السعدي تطـوان

‫تعليقات الزوار

11
  • KITAB
    الثلاثاء 17 يوليوز 2018 - 15:13

    موضوع تطغى عليه النزعة الإنشائية المدعمة بالعواطف والانطباعات ، في حين أن موضوع تنظيم المونديال من عدمه يستدعي وقفة متأنية أو بالأحرى إجراء عملية جرد لإمكانياتنا مع فحص إن كانت تتوافق مع المعايير الدولية والفيفا، ودون أن نسهب في الموضوع فكان على الأستاذ أن يسوق روسيا كنموذج ويحاول التوغل في بنياته ومن ثم ينقلنا إلى ميادينه الرياضية وآنئذ ستتضح له النظرة عن الهوة السحيقة التي تفصل المغرب عن تنظيمه للمونديال، أما اقتراح الأستاذ بتنظيم مونديال للضعفاء والأفارقة دون تدخل من الفيفا أو جهة أخرى فيمكن إدراجه ضمن أحلام اليقظة أو الاقتراح الذي لا يستند لا إلى المنطق ولا إلى الواقع ، وتحياتي

  • المصمودى
    الثلاثاء 17 يوليوز 2018 - 17:31

    ان هدا" الفقيه" يغرد خارج السرب وادا كان مثل هدا السيد الكريم استاد علم الاجتماع فعلى الدنيا السلام ..لا من اسلوبه الانشاي الركيك بل أعتقد أنه لم يخرج قط عن قراءة ركام الثرات الفقهي فأين له من منهجيات علم الاجتماع و طريقة تدريسها؟؟

  • Axel hyper good
    الثلاثاء 17 يوليوز 2018 - 20:04

    ا تفق مع الشيخ من حيث لا معنى للاصرار على تنظيم المونديال بعد الفشل خمس مرات….والاولى اعطاء الاهمية للضروريات كما جاء في كلامه.

    لكن من جهة اخرى الا يرى كاتب المقال اننا نعتمر ونحج في حين ان السعودية وحلافاءها تصب جحيما من القنابل على الشعب اليمني?

  • الأولويات
    الثلاثاء 17 يوليوز 2018 - 20:47

    أفضل عبارة في المقال : " هل سيسهم المونديال مثلا، في علاج مشاكل التعليم، والصحة، والأسرة، والمجتمع ككل؟"
    ينطبق على مسؤولينا القول الشهير: ماذا تريد أيها العاري (دون ملابس)، فأجاب: أريد الخاتم يامولاي
    مقال في الصميم

  • زينون الرواقي
    الثلاثاء 17 يوليوز 2018 - 23:54

    بهذا المنطق أيها الفقيه الذي يقحم الشريعة في المونديال والحروب في المنافسات الرياضية ينبغي كذلك مغادرة الامم المتحدة التي يتواجد مقرها في أمريكا التي دمرت العراق ونوقف المبادلات التجارية مع روسيا بسبب ما ذكرت وان تقاطع ألمانيا المونديال في روسيا أيضا بسبب آلاف الألمان الذين هلكوا على أبواب لنينغراد وبسبب آلاف الألمانيات اللواتي اغتصبهن الجيش الأحمر الستاليني وان ترفض الأرجنتين لقاء الإنجليز بسبب حرب جزر الفولكلاند ولم لا نقاطع الاتحاد الاروبي عموما بسبب الاستعمار الفرنسي والإسباني وان تتوقف دورة الحياة ككل اذ لكل بلد في العالم حكاية وتاريخ مظلم مع بلد آخر .. وان نقتصر على مباريات حلال دون حكّام فالحكم هو الباري عز وجل وهكذا لا تفوتون فرصة دون ان تقحموا الشريعة في كل شيء وتقفلوا أي كُوَّة يلوح منها بصيص ضوء للتقريب بين الشعوب .. نعم نحن في حاجة للتعليم والصحة والشغل لكن لكل مقام مقال فحتى المؤتمرات الدينية وما تستنزفه الدروس الحسنية والعملة التي تحول لقضاء الحج والعمرة ان سايرنا منطقك ينبغي ان ترصد للتعليم والصحة والشغل والسكن والشباب والاسرة وباقي المتطلبات التي لا تنتهي …

  • صالح
    الأربعاء 18 يوليوز 2018 - 02:49

    ا لكلام موجود اعطا الله الكلام كلشي كايهضر وهدا اظعف الايمان
    الكلام شئ والفعل شئ اخر
    نحن لانمتلك اداوات الفعل بنادم كيسلك
    الله اهدي ماخلق

  • مولاي الديني الخزرجي
    الأربعاء 18 يوليوز 2018 - 08:57

    يا شيخ أنت نظرت إلى الموضوع من الزاوية المعلنة فقط. ونسيت حفظك الله أن لعبة كرة القدم هي وسيلة تأثيرية وتغطية على كثير من المساوي والاختلالات في العالم اليوم؛ لهذا الدور يسعى لها رؤساء الدول.حيث ينصهر الشعب كله وراء اللعبة . وهي الغاية من كل نشاط رياضي جماعي؛ حقا من وراء اللعبة أموال ثم أموال ، ولكن وراءها تخذير ما بعده تخدير .ولاننسى دور المهرجانات الدينية وغيرها، والتي تفتح المجال لكل طبقة من الشعب ليجد فيها ضالته؛ واليوم جاء في قصاصة الأخبار الفرنسية أن الاحتفال بعودة(أبطال)فرنسا شابته تصرفات غير أخلاقية من اعتداءات على النساء ومعاكستهن ووو. وهذه الظواهر لا يمكن حصرها كما لايمكن تجاهلها وهذا شيء طبيعي وبشري؛ وللتاس فيما يعشقون مذاهب.

  • من إفريقيا
    الأربعاء 18 يوليوز 2018 - 10:47

    ماذا لو أحجمت وزارتنا المسؤولة على قطاع الشباب والرياضة عن المشاركة في الكل التظاهرات الرياضية القارية والافريقية منها لكي نتفرغ الى مشكلاتنا الابدية من تعليم وصحة وشغل وتنمية اقتصادية وترفيه ؟ هل سيضر ذلك بالرياضات الوطنية و بالمنافسات الدولية ؟ لا أظن . إلى -كسيل- البزبنطي قضايا الحج والعمرة والأضحية والصوم هي مسائل شخصية .

  • علي
    الأحد 22 يوليوز 2018 - 23:35

    كلام الأستاذ في الصميم .. و أولويات الشعوب المتقدمة هي التعليم و الصحة و الإقتصاد و ليست الكرة .. لتذهب الكرة إلى الجحيم و المونديال إلى الجحيم ..
    الكرة هي مجرد مخدّر آخر مثلها مثل "حشيشكم "…و لم تكن و لن تكون في يوم من الأيام هي أولى الأولويات ..و لا يحق لدولة متخلفة .. أمية .. فقيرة .. جاهلة .. أكثر من 65 % من شعبها أمي أن تتحدث عن الكرة ! بل تعلن حالة طوارئ لإنهاي الأمية و الجهل و التخلف أولا .. ثم لكل مقام مقال ..

  • بدر الدين اليعقوبـــــــي
    الثلاثاء 24 يوليوز 2018 - 05:19

    كلام واقعي و في منتهى الصواب.

  • يوسف العراني
    الثلاثاء 31 يوليوز 2018 - 20:47

    كلام منطقي فضيلة الدكتور عبد الله الشريف
    لو نظم المغرب المونديال لبقي شعبه في حيرة من أمرهم من غلاء المواد الغذائية التي هي الهدف الأولى والأسمى لبقاء الشعب في عشه

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة