العقد الاجتماعي الجديد الذي يجب المطالبة بتنزيله، بعد سلسلة هزائم اجتماعية واقتصادية وسياسية أوصلت البلاد إلى الباب المسدود، هو العودة مجددا إلى تفكيك نظرية العقد الاجتماعي الأرسطي، التي طورها الفيلسوف البريطاني طوماس هوبز والفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو، والتي تقول إن الأسس التي قامت عليها هي أسبقية الأفراد في الظهور عوض الدولة، حيث الأمان والاستقرار يغلب على الفكر التنظيمي المنحل للدولة.
حقيقة زوال الترابط القائم في معمارية العقد الاجتماعي، على مستوى التنافسية غير المتوازنة بين الأفراد والدولة، يطرح أكثر من سؤال حول فعالية تكريس سلطة الدولة واختلالها الاجتماعي البنيوي ومفارقات تقليصها للحريات الاقتصادية والأمان الاقتصادي في مواجهة التحديات العولمية الجديدة.
وهو تصور فلسفي جاء بعد مجموعة من الثورات المعرفية السابقة، خصوصا ما يتعلق بابتداع هوبز ولوك وروسو العقد الاجتماعي، الذي لم يكن سوى مساحة لتبرير ظهور الدولة.
ولكن هذه النظرية أدت إلى تكريس مفاهيم أساسية كالحقوق، والولاء للدولة، وفي الوقت ذاته شكلت سبباً إضافياً للسعي نحو التغييرـ فكانت نظرية العقد الاجتماعي لدى روسو وراء الثورة الفرنسية.
البعد الثاني في نظرية العقد الاجتماعي المنتظر هو ضرورة توجيه بوصلة النخب السياسية نحو إعادة صياغة منتوج براغماتي ثقافي للأدوار الحاسمة التي من المفترض أن تقوم بها الدولة بغض النظر عن الحاجة إلى فلسفة شاملة تأخذ بعين الاعتبار مبدئية ضمان الأمان للمجتمع وإنهاء الحالة الطبيعية، التي تعني التخلي عن كل الحقوق الطبيعية للأفراد لصالح الدولة.
إن المقوم الأساس للعقد الاجتماعي ليس تابعا قطعا للتقلبات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تعرفها الدولة، بل هو ميثاق تنظيمي للعلاقة التي تجمع مختلف التيارات الفكرية والسياسية، ومجمع توافقي لانصهار مختلف التوجهات والاستراتيجيات.
وبالتالي فالحوافز الكبرى لاستجماع عناصر التأسيس تنطلق من وجود المشترك في نسق وبناء العقد الاجتماعي، وعدم حصره في بعض المتطلبات أو الحاجات الفردية، كالحريات والعيش الكريم والمساواة.
وهو ما ذهب إليه جون لوك من أن حالة الطبيعة تتميز بوجود الحرية الفردية والملكية الخاصة، وللحفاظ على حياة الأفراد، وتجنباً لحصول نزاعات بينهم، يتفقون على عقد اجتماعي، حيث يتخلون بموجبه عن بعض حقوقهم الطبيعية لصالح الدولة (مثل حق معاقبة من يتهدد حياتهم أو ممتلكاتهم)، وفي المقابل لا يحق للسلطة الاستبداد بالأفراد.
ليس المطلب اليومي الآن مرهونا بعقد اجتماعي مقطوع الأوصال محدود القيمة، كما هو الشأن بالنسبة لنظرية جون لوك التي عافها الزمن وتقطعت بها الأسباب، فلو كان يصلح العقد الاجتماعي بهكذا صيغة، مخالفة للمبدأ العام للتصالح الاجتماعي والتقارب المجتمعي لما استطاعت دول أوروبا حصرا، باعتبارها راعية الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية بعد النهضة وقبلها، الاستمرار في الحفاظ على مكتسبات الثورة الثقافية والسوسيو-اجتماعية، تأسيسا على الحفاظ على روح العقد الاجتماعي الأرسطي التي فاقت كل التوقعات، باعتبار النسيج الوطني الفاعل كان حلقة ناظمة للعمل المتواصل وبؤرة للتفكير والابداع طيلة عقود مستمرة.
صحيح أن العقد الاجتماعي عند روسو يختلف عن العقد الاجتماعي عند هوبز ولوك، ابتداء من كون المسؤولية الاحتياطية في الحفاظ على الحقوق تقع على عاتق الشعب الذي يتمتع بالسيادة ومحررها الأسطوري من تدافعات فلسفية وهوياتية متباعدة، بيد أن النظرية هاته تعد أساس الثورة الأوروبية، والديمقراطية المنجزة على طول الطريق.
بل إنها أضحت نبراسا للعديد من النظريات الأخرى في علوم التعاقدات الاجتماعية المحورية، التي امتلك بعضها آليات للعمل المجالي الذي يخصص البناء المجتمعي من وفرة الامكانيات والبدائل الاجتماعية والاقتصادية. وأيضا تأطير بواعثها بالمرجعيات النيوليبرالية والاقتصاد المفتوح.
إن فشل بعض نماذج العقود الاجتماعية ليس فشلا للنظريات الفلسفية التي قامت عليها الديمقراطيات الحديثة، بل هو فشل للمنظومات السياسية والاقتصادية التي تقولبها في أشكال بدائية سطحية، معتقدة أن كل ما قام على فعل تاريخي مسبق يمكن أن يمتثل تدريجيا للعادة والطبيعة، مع أن فعل التغيير داخل هذا البراديجم غالبا ما تتخلله دوافع ناهضة وحوافز جديدة لتحويله من مجرد قالب وكومبارس موجه ومحدد الأشغال، إلى آلة قياس زمنية تعيد تشكيل الفورات وتصيغ معالم ومقومات ضافية لجهود تنمية وتدبير العقود الاجتماعية الناهضة بالإنسان وحياته.
مدارس علوم الاجتماع والسياسة، كانت فيما مضى يمكن للباحث اقتفاء أثرها في شكل كل نظام سياسي قائم، عايشنا سياسة الأقطاب والتكتلات واليمين واليسار، وبعض الأنظمة الشمولية والديكتاتورية ووو، لكن حالياً وفي العقد الثاني من الألفية الثالثة لا وجود لديموقراطية حقيقية ولا لعقد اجتماعي كما جاءت لدى بعض الفلاسفة روسو، وهوبز، ولوك وغيرهم، كل ذلك انسلخ واندثر مع التغيرات التي لحقت بالاقتصاد والميديا والسبرنيتيك… حالياً يعيش العالم سياقا جديداً موسوم بالسباق المحموم نحو الربح والمال ركوبا على كل القيم وحقوق البشر هؤلاء أصبحوا برأي الساسة حالياً مجرد مستهلكين وحتى حقوقهم داخلها نوع من التفسخ والانحلال وأصبحت منفتحة على الإنسان المرضي أكثر من نظيره السوي، ولا وجود لديموقراطية حقيقية ولا لعقد اجتماعي متماسك مثلما نادوا به فلاسفة القرن 19 ، فالعالم مقبل على كوارث لا يمكن التكهن بأبعادها، وتحياتي
قال تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان صدق الله العظيم هل هناك عقد اجتماعي شامل وسلس أكثر من هذه الٱية المشكلة ليست في نظرية روسو أو طوماس هوبز بل لو علموا بهذه الٱية وجوهرها ومصدرها لكانون أولا المومنين بها المشكل عندنا أننا نفضل أكل الساندويش على أكل طبق الخضر وشكرا
… الاجتماعي ليس مجردا فهو مرتبط بواقع اقتصادي واحتماعي خاص.
فمعناه عند ارسطو ليس شبيها بمعناه عند روسو.
فمجتمع ارسطو كان يستثني العبيد ومجتمع روسي كان يتقاسم فيه السلطة رجال الدين والنبلاء وكان الصراع بينهما مع قوى شعبية صاعدة كانت تسمى الطرف الثالث في المشهد السياسي.
كما ان الواقع الذي انتج مفهوم العقد الاجتماعي لم يظهر فيه الاستعمار الذي ادى الى استضعاف مجتمعات متخلفة لم تكن لها نفس الحقوق التي كانت عند المستعمرين.
ثم بعد ذلك ادت الحاجة الى اليد العاملة الى هجرة كثير من العمال الى البلدان الاوروبية، والتي استثناها العقد الاجتماعي مدة طويلة.
وهكذا تطور مفهوم العقد الاجتماعي مع تطور المجتمع اقتصاديا وسياسيا.
اضف الى ذلك ان ما يقابل العقد الاجتماعي في الدولة الاسلامية هو مفهوم البيعة.
وهناك اشكال اخر ما هو مفهوم العقد الاجتماعي في انظمة الحزب الواحد انظمة دكتاتورية البروليتاريا؟.
… الثوري هو ما سعت انتفاضات 2011 في البلدان العربية الى اقامته.
ولكن الذي حدث هو العكس ، حيث ادى انهيار الدولة والتوازنات الاقتصادية والاجتماعية القائمةالى فوضى واضطرابات تسببت في حروب تدميرية في بعض البلدان.
ففي تونس مثلا فشلت الثورة في بناء بديل مختلف عما كان في الماضي وعادت القيادات التقليدية الى السلطة وها هو رئيس الحكومة في صراع مع ابن رئيس الجمهورية.
في مصر ادت الثورة الى جوع حكم العسكر .
في ليبيا وسوريا والعراق واليمن ادخلت الثورة هذه البلدان في حروب اهلية مدمرة.
… الاجتماعي بسبب التوسع الاستعماري للدول القطرية الاوروبية ونشوب الحربين العالميتين بينها، وظهور الحاجة الى عقد اجتماعي عالمي يساير الابتكارات المستجد في مجال التواصل والمواصلات وتدويل الاقتصاد ، فتم وضع عقد اجتماعي دولي يتمثل في الاعلان العالمي لحقوق الانسان و ميثاق الامم المتحدةسنة 1948.