العودة إلى الوطن

العودة إلى الوطن
الأحد 22 يوليوز 2018 - 12:11

في كل عطلة صيفية من كل سنة يحزم المهاجرون المغاربة في كل بقاع العالم حقائبهم للعودة إلى الوطن الأم المغرب، وباعتبار أبي رحمة الله عليه من الجيل الأول من المهاجرين الذين أخذتهم فرنسنا في إطار عقود للعمل، لإعادة بناء بنيتها التحتية بعد الحرب العالمية الثانية، ما زلت أتذكر مع كل عطلة صيفية صورة أبي وهو يفاجئنا في منتصف الليل يطرق الباب وينزل الحقائب من فوق سيارة الأجرة، وكيف كنا نستقبله والنوم قد غادر جفوننا وأعناقنا قد اشرأبت إلى الحقائب وما تحمله من هدايا وملابس وحلوى و”شكلاطة” بل حتى كتب، حتى إن أبي وهو الذي لم يدخل لا مدرسة ولا جامعة أتانا مرة من فرنسا بكتب “أنطونيو غرامشي”؛ وذلك بمحض الصدفة ليس إلا.

هذا الأب العصامي الذي اشتغل بفرنسا كعامل بناء وتنقل بين مجموعة من مدنها كالعاصمة باريس وغيرها من المدن مثل “بوردو” و”سان دوني”، استطاع طيلة ما يناهز أربعين سنة أن يتواصل مع الفرنسيين والإرادات الفرنسية ليس عبر صياغة الجمل المفيدة بلغة “موليير”، ولكن عبر الجدية في العمل والصدق في القول والتفاني والإخلاص.

وبالرغم من أن أبي قد ناضل من أجل بناء أسرة من الصفر وبعرق الجبين، وبالرغم من أن الإدارة الفرنسية ألحت على الجيل الأول من المهاجرين بأن يأتوا بأسرهم مع توفير السكن والتعويضات العائلية، إلا أن أبي كان من الذين رفضوا العرض الفرنسي وكانت حجته بأننا إن ذهبنا إلى فرنسا سنضيع الهوية: “فلا نحن فرنسيين ولا مغاربة بل لا نصارى ولا مسلمين”.

وعندما أجلس مع نفسي وأرى حال بعض عائلات المهاجرين، حتى لا أعمم، مع أبنائها من الجيل الثاني والثالث، أحمد الله وأشكره وأترحم على والدي، نور الله قبره، مشاكل بلا نهاية واستقلالية بلا حدود وحرية بلا قيود.

إن عودة مغاربة العالم إلى الوطن الأم كل سنة وطوال السنة ليست فقط عودة بالعملة الصعبة لضخها في الحسابات البنكية ولتوزيع الهدايا على أفراد العائلة من قنينات “الكـولونيا” وعلب الشاي وقطع الصابون، ولكنها عــربون على قوة الــروابط الروحيــة والقومية التي تربط وتشد كل مغربي ومغربية بوطنه الحبيب المغرب “فحب الأوطان من الإيمان”.

*أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري بكلية الحقوق – جامعة الحسن الأول بسطات.

‫تعليقات الزوار

13
  • KITAB
    الأحد 22 يوليوز 2018 - 12:43

    العودة إلى أرض الوطن، كم هي حلم الكثيرين من المغاربة المقيمين بالخارج، لكن العودة النهائية بالنظر إلى ما يتعرضون له هناك من مشاعر عنصرية وما يلاقونه من تهميش، فأية حياة إذا كانت وسط ذئاب تتربص بك الدوائر، وخاصة في الظروف العصيبة الحالية، بعد أن أصبحت الجاليات العربية مغربية كانت أو جزائرية محط أنظار الجميع بوصفهم ينحدرون من شعوب تعشق الموت وسفك الدماء وامتهان الإرهاب،،،، نعم كم من مغربي حتى ولو كان ميسور الحال هناك يتمنى يوما أن يجد نفسه بين أهله وذويه هنا بالرغم من كل شيء أفضل له من أن يعيش في بيئة تمقت الجنس العربي، وتحياتي

  • الرياحي
    الأحد 22 يوليوز 2018 - 13:37

    نحن المهاجرون , إن أستطعنا نقتطع أجزاء من أروبا وننقلها لبلادنا.عشت نفس الذكريات حيث كنت أنا الوافد تمر السنة كلها ونحن نبحث عن ما يحتاجون إليه الأهل دون نسيان أحد إلى الجيران.وشيأ فشيأ تتلاشت الأشياء: أصدقاء رحلوا أحباء وافتهم المنية لم نودعهم أزداد خلف لا نعرفه وبعد 44 سنة أصبحت غريب وقد أكون غريب القبر والوطن مر مر الكرام عاش غريبا ومات غريبا مجروح مذبوح.
    إني قبل زمان أعلنت موتي لنفسي
    مقال مثير للأستاذ ما كان علي أن أقرأه

  • Imad
    الأحد 22 يوليوز 2018 - 13:42

    يا سيدي أنت لم تعش في الغرب ولهذا فرأيك لا يخص إلا شخصك الكريم. أحيطك علما يا سيدي أن كل من إزداد أو عاش مدة طويلة في الغرب فلا يمكن له بتاتا الرجوع للعيش في بلد كالمغرب الي تنعدم فيه روح الإنسانية وتسود فيه ثقافة النفاق والزبونية وعدم إحترام الأسبقية في الطابوور. شخصيا أعيش في الغرب منذ أكثر من أربعين سنة وأولادي ولدوا وتربوا ودرسوا هنا ولم يجدوا أي مشكلة في الحصول على العمل. الآن أنا متقاعد ولدي سكن في المغرب ولا أفكر أن أرجع إلى المغرب ولو ميتا( أوصيت عائلتي بدفني هنا حتى لايتبول على قبري قطاع الطرق) ولا أشجع أولادي على زيارة المغرب خوفا عليهم من بطش المشرملين والمغتصبين. كل الهاجرين الذين رجعوا بنية الإستقرار في المغرب إلا وخابت آمالهم ورجعوا إلى بلد المهجر.
    واش مكتفكرش في هجرة ملي كتشوف محسن فكري لي مطحون في كاميو ديال زبل؟
    واش مكتفكرش في هجرة ملي كتشوف معطلون وحاملي شهادات لي قراوا السنوات عجاف في نهاية المطاف ملقاوش لخدمة
    نعم نحن نغطي الشمس بالغربال ونقول المغرب أجمل بلد في العالم
    فرجاء لا تعطونا دروسا في الوطنية فالوطن في نظري هو من أتاح لي الفرصة لتحسين حالتي الإجتماعية.

  • نكران إبليس
    الأحد 22 يوليوز 2018 - 13:45

    إلى صاحب أول رد كلكم تأكلون الغلا وتلعنون الملة هل تنكر فضل الغرب على المهاجرين الذين دفعهم الجوع وقلة ذات اليد لعبور الأبيض هل تنكر أنهم استافذوا من حقوق لو بقوا في أرض الأجداد ما حصلوا على عشر عشرها هكذا هي الجالية لاتعترف بالجميل بالمطلق وتحن لجلاديها من أبناء الوطن

  • Imad
    الأحد 22 يوليوز 2018 - 15:09

    سبب العنصرية في البلدان الغربية المهاجرون أنفسهم. وإذا أردت معرفة السبب فما عليك إلا أن تقارن الفضاءات العامة في الغرب مع غيرها في بلدان "كحال الرس " وتختبر السكن بجوار الغربيين والعيش في الأحياء التي يسكنها المسلمون أمثال بربيس في باريس وملمبيك بروكسيل ببلجيكا.
    لقد حان الوقت لنعترف بأخطائنا بدل الإنكار وإلقاء اللوم على الآخرين.

  • علي
    الأحد 22 يوليوز 2018 - 19:36

    مقال جميل مشحون بعاطفة الإعتراف بالجميل .. و هذا يلقي مسؤولية على الدولة المغربية و السفارات المغربية في الخارج .. نحن نعلم أن فرنسا و أمريكا و إسبانيا و غيرها من البلدان لها مراكز ثقافية و مدارس و ثانويات في المغرب .. فمتى يكون للمغرب مدارس و ثانويات في الغرب من أجل تدريس أبنائه ؟! قد يبدو هذا مضحكا لأن من لم يوفر ذلك لأبنائه في الداخل فكيف يوفرها لمن في الخارج ؟!
    نعم حب الوطن من الإيمان .. و لكن الكفر بلصوص الوطن هو أيضا من الإيمان ..
    و رحم أباك على نيته الصالحة .. الآن صار المغاربة يفقدون هويتهم داخل المغرب فلا حاجة للهجرة كيف يفقدونها .. و شتان بين العهدين ..

  • Azro
    الأحد 22 يوليوز 2018 - 20:08

    انا كمهاجر الشيء الوحيد الدي يربطني بالمغرب هم والدي (والدتي ووالدي) أزور المغرب فقط من اجلهم ،ارض الله واسعة احس هنا بالراحة والاطمئنان أحسن من المغرب .

  • KANT KHWANJI
    الأحد 22 يوليوز 2018 - 20:14

    ((مشاكل بلا نهاية واستقلالية بلا حدود وحرية بلا قيود))، مثل الطائر الذي نشأ وألف القفص، حتى لو فتحت له باب القفص فانه يرفض مغادرته فهو لم يعرف شيئا آخر غير القفص ولا معنى له للحرية الاستقلالية!
    أو مثل الشخص الذي ولد أعمى وفتح بصره لحظة واحدة و شاهد فيها فقط معزة سوداء، ثم عاد إلى عميه، وكلما وصف له أحد شيئا ما إلا ويقاطعه الأعمى، هل ذلك الشيء يشبه المعزة السوداء؟
    ولسان حالهم يقول:
    الحمد لله على نعمة الإسلام وحلاوة الإيمان وطمأنينة التوحيد و خدمة سياسة التأحيد،تأحيد القطيع، في اللغة و الدين و المذهب و تعياشيت، و رحم الله سلفنا الذي فكر لنا عبر العنعنات الشفاهية و قدم لنا كل شيء جاهز لنسير به دنيانا و آخرتنا حيث هناك على سطح كوكب المريخ الذي سقط منه الحجر النزيكي الأسود المقدس تقبيلا و طوافا، سنفوز من دون غيرنا من الأمم بالحور و الخمور ((العربدة في الماخور)) !
    الغرب الكافر،حيث الإنحلال الأخلاقي واغتصاب ومثلية، إلا أن في وطننا "العربي" المسلم، نعفو عل من إغتصب طفولتنا، تحت مسميات وطنية "خدمة المصالح العليى للوطن" ، كجهاد مقدس بمؤخرات أطفالنا الأبرياء لينضاف إلى جهاد النكاح!

  • KANT KHWANJI
    الأحد 22 يوليوز 2018 - 20:42

    5 ملايين من الدياسبورا المغربية! "وش المش تيهرب من دار العرس"؟
    لكن، لا حياة لمن تنادي من فقهاء "علوم" العنعنات القانونية,حتى في عصر المعلوماتية والرقمية والعولمة!يصرون على الصنمية و التقليد الأعمى للسلف الذي إنتحل تقنية حكماء الهند، البراهما،الإعجاز بالصرفة(صرف نظر الناس)، أي إدعاء أن ما يأتون به خارق و لا أحد من الإنس و"الجن" يستطيع الإتيان بمثله!
    فوصلت بالخلف،حدة العرقية والخنوع والعمالة ل"أكادير"(مكان تخزين المحاصيل،لدى الأمازيغ)، أن شبه المطالب الأمازيغية العادلة والمشروعة، بمظلومية الصهاينة حول "المحرقة اليهودية" على يد النازيين، لما يدعي بكل وقاحة أن اسطوانة "محرقة الريف" أصبحت مشروخة، وهو يعني حرق الأمازيغ في الريف بأسلحة جرثومية على يد التحالف الثلاثي الفرنسي والإسباني و"الأكاديري" عام 1927!
    وهو من يدعو الدولة "الأكاديرية" بالضرب بيد من حديد ضد المغاربة التواقين للحرية في التعبد وإختيار من يناسبهم، وحجته، أنا عائلة صغيرة مغربية ستصاب بالهلع لما تكتشف أن جيرانها من ديانة بوذية، لكنه، يتجاهل أن 5 مليون مغربي في الخارج، يجاورون مختلف الديانات والملاحدة بل يشتغلون لدهيم، دون رهاب!

  • صالح
    الأحد 22 يوليوز 2018 - 21:43

    ا لهجرة لم تاتي بالصدفة ولكن كان لها مبرراتها ان تهاجر الى بلد غير مسلم كمسلم فانت في هده الحالة تقامر بكل شئ لان ليس لك ضمانات لا للهوية وغير دالك ومابالك ان لك ابناء فسيكون الخطر اشد لان لابناء بعد اجيال سيعيشون العداب في مجتمع لن يقبل بوجودهم الى الابد

    انا قراءت كتاب لمهاجرة تقول بالحرف اخاف ان ابقى احس اجنبية الى الابد

  • عبد الرحيم فتح الخير
    الإثنين 23 يوليوز 2018 - 01:30

    أعطى المجتمع الغربي الدليل القاطع على قبوله بالآخر فالمنتخب الفرنسي الفائز بكأس العالم غالبية لاعبيه من أبناء المهاجرين الحفاة العراة الذين جاؤوا في ستينيات القرن الماضي فلا تخف ( صالح ) وقر عينا .

  • مهتم
    الثلاثاء 24 يوليوز 2018 - 02:05

    رحمة الله على والدك، نتمنى من الله أن يكون من أهل الجنة

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 7

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 3

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال