إلى أين يقودنا الزمن السوريالي العربي؟

إلى أين يقودنا الزمن السوريالي العربي؟
الإثنين 30 يوليوز 2018 - 08:26

عندما سقط جدار برلين، يوم 9 نوفمبر 1989 بعد ثلاثة عقود من الصراع والتوتر والتنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي وحلفائهما، ووضعت الحرب الباردة أوزارها، حاولت بلاد العم سام أن توحي للعالم بكل اللغات بأن النتيجة الحتمية لما حدث للشيوعية وللاتحاد السوفياتي هي فرض سيادة الإرادة الأمريكية على العالم الجديد، ولربما حاولت بعض الأطراف الأوروبية في هذه اللحظة خلق توازن دولي جديد، من خلال خلق الاتحاد الأوروبي، لمواجهة الهيمنة الأمريكية.

القليل من الأصوات السياسية في العالم أعلنت، خلال هذه اللحظة، أن الرهان المرتقب هو بروز الصين كدولة عظمى منافسة لأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ولكل الأقطاب، وأن الأمر لا يحتاج سوى إلى بعض الوقت.. والقليل من الأصوات السياسية، في مرحلة ما بعد جدار برلين والحرب الباردة، من أشار إلى احتمال انفجار العزة القومية اليابانية، لنقل الإمبراطورية اليابانية إلى الواجهة من جديد، في تاريخ العالم الجديد.

طبعا لم يتحدث أحد عن الموقع الذي قد يحتله العالم العربي، ما بعد الصراع بين القطبين الكبيرين، أمريكا والاتحاد السوفياتي، حتى لو كان (العالم العربي) يملك الثروة النفطية والحضارية والبشرية.. لم يسأل أحد هل سيقتبس هذا العالم الكبير من القارة الأوروبية ما صنعته من أجل وحدتها وتكتلها وحضورها الدولي لتكون هي الأخرى قوة حاضرة، أم ستظل متميزة بالجمود والخمول والتبعية، والقبول بتمزقاتها وآلامها وتشرذمها وتخلفها الحضاري؟ والسؤال المحير هو: هل كان التغيير في العالم العربي أمرا مستبعدا إلى حد بعيد في المرحلة ما بعد الحرب الباردة وسقوط جدار برلين؟

في حقيقة الأمر، بالرغم من الاهتزازات التي أحدثتها انتكاسة يوليوز 1967 وثورة الخميني بإيران وحرب الخليج، فإن ما حدث في العالم العربي، بعدما أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية القطب الوحيد المسيطر على أرض الله، كان هو المزيد من التمزقات/ المزيد من الآلام/ المزيد من الجمود السياسي والاقتصادي/ المزيد من الفقراء والأميين والتعساء/ المزيد من التشويه الثقافي وبيع الأحلام الرخيصة للفقراء التعساء؛ من أجل تنشئة أجيال جديدة مشلولة وغير قادرة على الفعل وعلى التفاعل، ومن أجل استمرار طبقة الحكام المتسلطين على كراسيها الوتيرة بالكثير من الصفاقة، لا تبالي ولا تهتم، بما يجري حولها من أحداث وتغيرات، وهي مصرة على البقاء في قمة السلطة على حساب الأمة وقيمها وأحيانا على حساب كرامتها بدعم أمريكي/ إمبريالي، لا شك فيه.

الشيء العاصي على الفهم في هذه الإشكالية هو الصمت المحير للعديد من المفكرين والمبدعين العرب بعد الحرب الباردة وسقوط جدار برلين وما صاحبهما من تغييرات على الخريطة العالمية، هو صمت وتخاذل العديد من المفكرين والمثقفين العرب/ هو انبهار الكثير منهم بما حدث ويحدث في العالم/ هو توقف الكثير منهم عن إنتاج النظريات التربوية أو السياسية أو الفكرية التي من شأنها خلخلة أركان الخريطة العربية، وهو ما أدّى في نهاية المطاف إلى صمت مخيف لا معنى ولا تفسير له.

هناك من سيصرخ في وجه هذه الحقيقة بالقول: ماذا يستطيع المفكر العربي أن يفعل في أنظمة ظالمة جبارة ومتسلطة سوى الانخراط في الخطابات الجوفاء التي تملأ الصحف والساحات والكتب بالكلام البليغ عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والحداثة والعولمة والعقلانية وغيرها من المصطلحات السوريالية؟ التي أدت بنا في النهاية إلى ربيع عربي سوريالي… وإلى ثورات سوريالية، وإلى تغييرات خارج المقاييس والمفاهيم والقيم الإنسانية.

نعم، إن الحقيقة التي قد يرفضها العديد من السياسيين والمثقفين والمتعلمين هي الحقيقة التي أدت بالعالم العربي بعد عقود على سقوط جدار برلين وتغييرات الخريطة العالمية العميقة، إلى ربيعه السوريالي، وإلى ثوراته السوريالية… وإلى تغييراته خارج مقاييس العقلانية التي لم يستطع أحد في العالم اليوم قراءتها أو استيعابها، أو وضعها محل تقدير وقبول واحترام.

السؤال الأول والأخير الذي تطرحه هذه الإشكالية بحدة: متى يخرج الزمن العربي من هذا النفق المظلم، لينخرط في حركة التغيير العالمي؟ متى يحتل موقعه الحقيقي على خارطة العالم الجديد؟ متى يخرج من وضعه السوريالي إلى وضع أكثر قربا من الواقعية؟

‫تعليقات الزوار

5
  • كاره الضلام
    الإثنين 30 يوليوز 2018 - 16:33

    يا سيدي نحن لا يهمنا العالم العربي و ما يحدث له و كل ما يهمنا هو المغرب فقط، العالم العربي بنية افتراضية فقط و لا وجود له على الواقع ، كيانات متضاربة المصالح مند قدم الازمان، و اوروبا التي تضرب بها المثل هي على وشك التمزق و الانجليز مجرد بداية فالطليان على الطريق و الهولنديون و الفرنسيون، الاتحاد الاوروبي كان كدبة فرضت على الشعوب و نهايته مسالة وقت،ان نكبة العرب تتمثل في النظر اليهم ككثلة واحدة او كعالم عربي ،و كانت مصر رائدة في كسر هده الاعاقة عبر كامب ديفيد لكن الفكر القومجي سرعان ما شيطنها و عادت العاهة الى كبح جماع الاقطار العربية بسلاسل الوحدة و المصير المشترك، لا نهوض للعرب الا كاقطار منفصلة معيارها المصلحة القطرية و ليس مصلحة الامة،و قولك ان سبب الخراب العربي المسمى ربيعا هو الفكر السياسوي المزايد على الانظمة صحيح، ما جرة نتيجة عقود من الشحن العدمى و التحريض على الدول و الانظمة و شيطنتها و جعلها نقيض الشعوب و النحت من قاموس المثل و اليوتوبيات و تجزيئ الفكر السياسي الغربي ليخدم المصلحة القومجية اليساروية العدمية الانقلابية

  • Me again
    الإثنين 30 يوليوز 2018 - 17:19

    انتهى عهد القومجية العروبية الفاشلة. ما يسمى بالعالم العربي هو عالم وهمي لا وجود له مثل الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية الوهمية.
    و لو العرب الاقحاح في شبه الجزيرة العربية الذين ينعمون بالامن و الرفاهية لم و لن يسموا مجلسهم الخليجي بالعربي، لأنهم واعون بان اديولوجية القومجية العروبية الكارثية ستدخل من ذلك الباب و ستسيطر و تسبب الحروب و الكوارث مثلما شهدت و تشهد الدول التي كان يحكمها و مازال يسيطر عليها القومجيون من ازلام صدام و القدافي و بشار و مبارك و بنعلي و صالح و معاوية و عبد العزيز الذين قضوا أواخر أيامهم مذلولين صاغرين، بدون تشفي.
    و مشكلة القدس الحقيقية هي نعتها بالقدس العربي. فالقدس ليس لا بعربي و لا عبري و لا تركماني و لا كردي و لا روماني و لا كنعاني، بل القدس عجمي إسلامي. و من شاء فهو يهودي كذلك و مسيحي أيضا. لكن القدس ليس عربي!
    انتهى عهد القومجية العروبية!
    انشري يا هسبريس مشكورة!

  • Me again
    الإثنين 30 يوليوز 2018 - 18:04

    هل سمعتم يوما واحدا بالمملكة العربية المغربية؟ لا! او الجمهورية العربية الجزائرية او التونسية او الموريتانية. القدافي حاول تسمية تسمية الجماهيرية العربية و قضى اخر أيامه مدلولا و مات موتة كلب. و تبعه تسمية المغرب العربي الى الزوال!
    الإمارات العربية المتحدة او المملكة العربية السعودية ماشي مشكل! لأنهم في شبه الجزيرة العربية.

  • هناك قائد عبقري ...
    الإثنين 30 يوليوز 2018 - 20:22

    … استشعر خطورة الهزة التي احدثها سقوط جدار برلين، هو الحسن الثاني الذي بادر الى اقتراح التناوب التوافقي سنة 1993 واصدر العفو العام على المعارضين اليساريين في الداخل والخارج وشرع في وضع اسس المصالحة الوطنية.
    لم يفهم زعيم حزب الاستقلال السيد بوستة مغزى الاقتراح الملكي فتاخرت التجربة الى ان انقذها اليوسفي الزعيم الاتحادي سنة 1998.
    مما احدث انفراجا سياسيا انقذ المغرب من نفس المصير الذي زعزع اوضاع البلدان المماثلة.
    مثل الجزائر التي استفحلت فيها الازمة الى حد عجز فيها جنرالاتها عن استبدال الرئيس رغم عجزه وقعوده.

  • صالح
    الثلاثاء 31 يوليوز 2018 - 02:07

    لو تحدتث في مقالك عن المسلمين لكان مقالك اجابي شيئا ما
    لان الرسول ص قال لا تجتمع امتي على ضلا لة وهذا اجابي في حد داته
    مادام تحدتت عن العروبة اقول لك كم من مؤتمرات كم من محاضرات كم من اعلام كم بالاطنان وفي الاخير لاشئ فقط بيع الوهم
    الامم تقاس بمنجزاتها

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 2

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج