الياسمين يطلق عطره

الياسمين يطلق عطره
الإثنين 31 أكتوبر 2011 - 00:04

الآن يمكن للبوعزيزي أن يرتاح في قبره، تضحيته لم تقف عند حدود إطلاق شرارة الثورة التي قصمت ظهر الديكتاتور بنعلي يوم 14 يناير الماضي، بل تجاوزت ذلك إلى إطلاق وعي عميق بالحاجة إلى الديمقراطية والحرية والكرامة في قاع المجتمع الذي هبت الملايين منه إلى صناديق الاقتراع الأسبوع الماضي لتدلي بأصواتها لتونس جديدة.

ماذا يعني فوز حزب النهضة الإسلامي بالمرتبة الأولى في أول اقتراع حر وشفاف في تاريخ تونس؟ هذا يعني أولا أن المواطن التونسي صوت على حزب كان معارضا لنظام بورقيبة وبنعلي على السواء، حزب نال أكبر نصيب من القمع والسجن والنفي، وعاش رموزه مطاردين لأكثر من 23 سنة في الشرق والغرب، أي أن التونسيين صوتوا أولا ضد بنعلي من خلال إعطاء أصواتهم لأكبر أعداء الديكتاتور الفار إلى السعودية. ثانيا: التونسيون أعطوا أكثر من 40 في المائة من أصواتهم لحزب يعد بمحاربة الفساد والقمع والمزاوجة بين الإسلام والدولة المدنية الديمقراطية، ويدافع عن الهوية العربية والإسلامية لبلاد عاشت لعقود في مفترق الطرق بين نخب غربية وأخرى شرقية.. نخب مفرنسة وأخرى معربة. ثالثا: الشعب التونسي صوت للنهضة بكثافة لأنها بقيت تقريبا لوحدها مع بعض التيارات الصغيرة في الساحة السياسية صامدة في وجه النظام البوليسي الذي جرف السياسة، وقتل التحول المجتمعي في بلاده من خلال وقف عملية ولادة النخب، ودجن قطاعات واسعة من الطبقة السياسية، حتى لم يعد العالم يسمع سوى أصوات معزولة تندد بنهج الديكتاتورية. ولهذا رأينا كيف عادت تونس إلى نخب المرحلة البورقيبية التي يمثلها باجي قائد السبسي.

ما وقع هذا الأسبوع من إقبال كثيف على صناديق الاقتراع في تونس تحت أنظار العالم حدث لا يقل أهمية عن ثورة الياسمين التي أسقطت حكما فاسدا في 23 يوما بعد أن عمر 23 سنة، بل لعل نجاح الانتخابات في تونس وشفافيتها وتعدديتها يعتبر أهم فصل في كتاب الربيع العربي الذي انطلق في تونس بداية هذا العام، لأن إعادة بناء نظام جديد وديمقراطي أصعب ألف مرة من هدم نظام سلطوي عاش ومات دون أن يكتسب أي نوع من الشرعية.

إن الذين كانوا يشككون في جدوى الربيع الديمقراطي وقدرة جيله على إحداث انعطافات كبيرة في مسار النهر العربي، الذي ينبع من السلطوية ويصب في بحر المصالح الشخصية.. إن هؤلاء المشككين أصيبوا هذا الأسبوع بخيبة عميقة، لأن شباب الثورة التونسية استطاعوا أن يرجعوا الأمل إلى الملايين من أهل بلاد الزيتون ممن لم يشاركوا في الثورة، في أن الديمقراطية والعدالة والكرامة وحقوق الإنسان يمكن أن تتكلم باللهجة التونسية.. إنه امتحان كبير أمام الربيع العربي في البلدان التي نجحت في الإطاحة بالدكتاتورية، ومدى قدرتها على إعادة بناء تعاقد اجتماعي جديد وشرعية جديدة وتقاليد حكم جديدة. لقد عرف التاريخ ثورات عدة أُجهضت أو فشلت في إقامة بديل أفضل ممن ثارت في وجوههم، ونجاح الثورة التونسية في تدبير مرحلة الانتقال الصعبة من السلطوية إلى بداية الديمقراطية سيشجع ويلهم دولا عربية، وسيحرج أخرى، وسيحفز ثالثة نحو سلوك نفس الطريق دون المرور الإجباري بالدم والألم والخراب.. يكفي ما أحدثته هذه الأنظمة من خراب في النفوس والعقول وفرص التطور في عالم يركب القطار السريع نحو المستقبل، بينما نحن مازلنا نمشي فوق الجمال والحمير، ومنا من يمشي على رجليه!

‫تعليقات الزوار

10
  • soleil
    الإثنين 31 أكتوبر 2011 - 11:03

    Mr BOUACHRINE EL BOUAZIZI n'est jamais à l'aise dans son temple je vraiment désolé pour lui car il a mis fin à sa vie par ses propre mains il n'a pas pu attendre son destin qui est en dieu c'est une erreur flagrante de sa part dieu à comlpétement interdit la suicide ce et la il sera toujours puni dans son temple

  • حي بن يقظان
    الإثنين 31 أكتوبر 2011 - 11:28

    إن التجربة التونسية تعطي دليلا واضحا على نجاعة الاختيار الثوري ، وأن الربيع العربي ليس ربيعا عقيما ، و أن ياسمينه ليس اصطناعيا ، ولهذا أسقط في يد من سموه بالخريف العربي ، من البديهي أن من أراد عسل الديمقراطية أن يصبر على قرص نحل الثورة ، و من أراد أن يحافظ على الوضع كما هو بحجة الاستقرار السياسي ، و السلم الاجتماعي ، فإنه يغالط نفسه وغيره ، فأي استفرار في مجتمع يعرف هزات مستديمة في سلم الفقر ، والبطالة ، و مصادرة الحريات ، و أي سلم في في أوضاع مشحونة بالصراع الطبقي و الحقد الاجتماعي ، الناجم عن اقتصاد الريع ، و زيادة الشحمة في ظهر المعلوف .وعدم مبالاة المخزن بصوت الشارع ، ونبض الشعب ، إن الضغط يولد الانفجار ، ولعل إشاعة شعار الثورة الهادئة هو محاولة لتخفيف هذا الضغط ، إو محاولة انتحارية لسل فسيل قنبلة الثورة الموقوتة التي قد تنفجر في وقت قريب ، إن لم يستدرك المخزن الأمر قبل فوات الأوان ، لأن الثورة التونسية أكلة شهية تغري البطون الجائعة للتغيير و البناء

  • ahmed
    الإثنين 31 أكتوبر 2011 - 12:59

    j suis tous a fait d accord avec vous

  • hussein
    الإثنين 31 أكتوبر 2011 - 15:22

    Du n'mporte quo, alichaa dyal libtidaai en arabe – il faut aller plus loin que le simple constat de surface et surtout dire ce que pense les intellectuels tunisiens et journaliste de cette élection "qualifiée d"erreur"- on doit voter pour une constituante et voilà que les gens ont voté pour une législative ou municipale – comment se fait-il que Annahda revient sur ses engagements et ses slogans déjà – c'est quoi cette élection déjà? Analysons et allons plus loin !

  • محمد
    الإثنين 31 أكتوبر 2011 - 16:57

    من قام بالثورة هو الغرب الذي يعيش أزمة إقتصادية خانقة.أتظن أنه بموت البوعزيزي قامت الثورة؟أتظن أن حزب النهظة هو الفائز في الإنتخابات التونسية؟إن الغرب يسعى لخلق أحزاب إسلامية في الحكومات العربية على غرار تركيا لا يريدون أحزاب إسلامية على طريق حب الله وحماس فيق شوا

  • citoyen
    الإثنين 31 أكتوبر 2011 - 19:25

    Mr Bouaachrine Bouazizi s'est suicidé et cet act est un peché dans l'islam, le fait que benali s'est sauvé ou que les tunisiens ont eu un nouveau commandement ne pardonne pas bouazizi devant dieu, seul dieu peut pardoner .
    c'est un point a ne pas oublier.

  • abdou172
    الإثنين 31 أكتوبر 2011 - 19:30

    التونسيون بينوا للعالم كله ان بين العرب من يستحق الاحترام
    وبينوا للعرب ان العالم يحترم من يحترم نفسه

  • younes de Paris
    الإثنين 31 أكتوبر 2011 - 21:52

    شكون داها فيك اولدي ،التونسيون واللبيين بينو للعالم العكس: شعوب لا زالت متخلفة .لا تستطيع بعد حل المشاكل السياسية والوطنية بالحوار. وابانت عن ضعفها و امية الشعب الذي يمكن استغلاله و التحكم فيه كالغنم بواسطة قناة العميلة الخنزيرة وعن طريق نشر اخبار مزيفة في الفيسبوك …العنف و التخريب والفوضى = التخلف و الامية. وشكرا اتمنى النشر.

  • Youme
    الإثنين 31 أكتوبر 2011 - 22:31

    السلام عليكم،
    المسمى البوعزيزي لن يرتاح في قبره يا كاتب المقال و انت تعرف لم؟
    مع احترامي للرأي الآخر، يمكنني أن أقول بأنه ليس هناك لا ياسامين و لا فل..ما نراه حولنا مجرد فصل من مسرحية طويلة مخرجها الغرب *الماسونية التي تحرك كل شيء* و ادواتها الشعوب العربية.
    هناك دول عربية عدة لم يتحرك فيها أي شيء و من امثلة ذلك السودان و إن كان قد دفع الثمن بشكل مخالف.
    إلى صاحب التعليق 7 المدعو عبده….و الله لن ترضى عنك اليهود و لا النصارى حتى تدخل دينهم..أما الإحترام فكفى بنا أن نحترم ذواتنا اولا باتباع المنهاج الإسلامي.

  • abdou172
    الأربعاء 2 نونبر 2011 - 00:58

    الى صاحب التعليق رقم 9
    يا اخي تكلمت باسم الاموات والاحياء واصدرت حكما دون حجة
    يعني ابن علي كان خصما للغرب و النهضة محضيته
    التونسيون ببساطة برهنوا للعالم ان من العرب من يستطيع ادارة الخلاف بالاحتكام الى صناديق الاقتراع عوض صناديق المتفجرات على الطريقة الوهابة او الطالبانية

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات