حالة الاغتصاب!

حالة الاغتصاب!
السبت 22 شتنبر 2018 - 13:56

قلتُ سآخذُ عطلة من الكتابة، ومن هَمِّ هذا الوطن…هكذا قررت، بكامل إرادتي ودون إخبار أي أحد أو طلب إذن من رئيس ما، أن أتوقف خلال عطلة الآخرين (فأنا لا عطلة لي لأنني ببساطة موقوفة عن العمل منذ مدة والحمد لله)… أتوقف لأكثر من أربعين يوماً عن الاطلاع على أحوال هذا البلد وعن التعليق المكتوب والشفوي، إن استطعت، عن أي حدث يتعلق به. لكن كما نقول بالدارجة “شكون خلاك؟!”.

هكذا مر الصيف وتوالت الأحداث هنا، لكنها إجمالا عادية بالنسبة لنا نحن المتعودين على المؤقت الدائم وعلى كثرة الشفوي وقلة الكتابي وغياب الفعل، إلا إن كان فعلا من قبيل تزفيت الطرق مرة ومرة أخرى، واستنبات النباتات بين عشية وضحاها، وإطلاق المشاريع “التنموية” على عواهنها، خصوصا تلك الموجهة للفئات “المعوزة” (والعوز الأساسي كما نعرف هو عوز في الانتماء إلى الوطن وفي الضمير لدى البعض وعوز في الكرامة الإنسانية لدى البعض الآخر)… كل هذا يحدث عادة كلما حلت مناسبة “وطنية” أو عَنَّ لملك البلاد المرور من هناك.

هنيئا لنا! بمثل هذه الخطابات والأفعال سندخل عصر الأنوار قريباً…والظرفية الدولية “مساعدة” على ذلك. ونكون إن شاء القدير استثناءً. فمن كثرة ما سمعت عبارة “الاستثناء المغربي” صرت أومن بأننا فعلاً استثناء، ولا نحتاج إلى العمل لنصبح كذلك، فنحن نعيش “حالة الاستثناء” منذ عقود دون أن نعرف.

“يا أصحاب الحل والعقد، ناموا مرتاحين فقد حققتم المراد منذ زمان”. هكذا فكرت خلال راحتي البيولوجية من الكتابة ومن أشياء “غبية” أخرى، وخلدت إلى النوم بدوري.

رأيت فيما يرى النائم شخصا عاريا تماما يحمل سيفا، محاطا برجاله، اختطفني أنا وسيارتي من الشارع العام ولم يتدخل أحد، بل كان الناس يهربون أمامه كالجرذان. حجزني في منزل متهالك به عدة غرف مظلمة تملأها رائحة العفن والرطوبة وعشرات النساء كالأشباح، اقتنصت فرصة لأهرب. لجأت إلى مسجد، طردوني لأنهم كانوا يرتعدون خوفا منه، ثم لجأت إلى مخفر الشرطة ولم يعيروني أي اهتمام لأن الدنيا كانت “مقلوبة” عندهم، وفي الأخير قررت أن أسرق سيارة بها أطفال وأهرب معهم خارج تلك البلدة الملعونة.

تبا! كما يقولون في الأفلام المدبلجة…صحوت مرعوبة. قلت: الحمد لله أنه مجرد حلم. لكنه لم يكن حلماً، وحتى إن كان مجرد كابوس فهو يأبى أن ينتهي. شربت أكثر من فنجان قهوة، لكنه استمر: جسد قاصر موشوم بطريقة بشعة، جسد تناوب على هتكه زمرة من المرضى النفسيين ومن ضعاف النفوس…حدث ذلك في نواحي بني ملال. فكرت: قد تكون تلك المنطقة بعيدة عن “المخزن” المركزي، وبالتالي فقد يكون كل ذلك بسبب “السيبة”. لكن كابوسا آخر “حنثني”. هذه المرة، في “حاضرة” سلا، المنتمية جغرافيا للمخزن المركزي: شاب في مقتبل العمر يقطع أطرافا في واضحة النهار، وأمام عائلته وسكان حي بأكمله، قبل أن يذبح من الوريد إلى الوريد. الفظيع هو أن التقطيع بدأ بينما هو حي والأفظع هو أنه تلقى قبل تلك النهاية المأساوية تهديدا بالقتل من طرف الجاني ومن معه ولم يستطع أحد أن يمنع حدوث تلك الجريمة النكراء، بما في ذلك من يتلقون أجورهم من أموال الشعب لحمايته.

ها قد أفقت، لكن الكابوس مستمر، وها قد عدت للكتابة حتى لا أختنق بغضبي مما يحدث، فقلبي ودماغي يهددان بسكتة، ومن يعيشون بقربي يعرفون أنني لا أطاق حين أقف أمام أحوال أو الأحرى أهوال هذه البلاد عاجزة عن القيام بأي شيء أو عن التعبير…وعلى ذكر التعبير، أقولها صراحة: لقد تجاوزنا “حالة الاستثناء” ودخلنا في “حالة الاغتصاب”… (التفاصيل في الحلقة القادمة)

‫تعليقات الزوار

11
  • الطاهر طاهر
    السبت 22 شتنبر 2018 - 18:22

    قرات النص وتوقفت على بعض الكلمات التالية : نحن المتعودين على المؤقت الدائم وعلى كثرة الشفوي وقلة الكتابي وغياب الفعل، وانا اقول نحن الشعوب العربية شعب الاقوال لا شعب الافعال، شعب الترقاع لا شعب الحلول،فكل شئ عندنا ايها العرب تحقق لكن بسياسة الاقوال فانظر الى ما حققته العرب في ديمقراطيتها و تقدمها ، فبعضها يئن تحت الفقر واخرى تئن تحت الكوليرا واخرى بالبطالة ، واخرى بالحروب ، واخرى بالصراعات الداخلية وقس على ذلك ،فلماذا التشاؤم ونحن اصلحنا الكثير بسياسة الترقاع هي ايام بليالها يعدها الصغير والكبيرلكن دون ان نحقق ما نصبوا الى تحقيقه ،هاهي اجيال القرن الواحد والعشرين تنتقدنا نحن الاباء ، فماذا عسى ان يقول ابناء ابنائنا لابائهم فمتى الوصول ايتها الامة

  • chouf
    السبت 22 شتنبر 2018 - 18:58

    ر بما المخزن غادي ادير لكل مغربي رجل امن.هاذه هي الاوطان ايمنا اتجهت.اوربا واش سالمة من الاغتصاب امريكا استراليا افرقيا الدول العربية الاغتصاب موجود.يبقى اتربية والوعي كارثة الا مبلات لا ضمير الانسان ارجع دابة لا يفكر الا فيالقص والجنس اما الاشياء الاخرى كالاسعاف والتظحية والنصيحة قلب عليها الله اخليكم ربما ستجدها في القوامص.الانحطاط احنى امليه حتى تستحيي تذهب الى اروبا مرة تكلمت مع اوروبية وقلت لها المغرب جميل وقالت لي اخاف على نفسي منالاعتداء بالسيف.اوا فين غاديين بالله الى كنا صغار ايام فرنسا بالمغرب الى كنا انخافوا ولو في جيبنا سكينة ولا تتهاون السلطة عام سجن او النفي من المدينة والدرك مرة مواطن انغز دابة انزلوه وفعلوا له ما كانت يقوم به ضد الدابة واشبعوه ضرب.

  • الرياحي
    السبت 22 شتنبر 2018 - 19:07

    كان غيابك ملحوظا والحمد لله على السلامة
    أما الإغتصاب فيدخل بدوره في نطاق الإستثناء.ألخص لك سيدتي ما حدث في غيابك المؤسف:
    تهاوش القوم تهاوش وتهارش الإبل والديكة في موضوع الدارجة وكل بأبيه فرحا وهذا يدخل بدوره في نطاق الإستثناء حيث أنه وبعد ستين سنة لا ندري أي لغة نختار دون لغة الخبط والتشرميل والقتل, دون تدخل يد "شرع اليد". هذا الأخير يخص فقط المتبرجات الكاسيات العاريات أما ما إن يستل سيفا حتى يهربون فعلا كالجردان.مدينة سلا هي فيافي الإخوانجية وخزانها الإنتخابي وقبلتها لكن من دخلها مفقود ….لم يوفرون الأمن للمغاربة في قرية فما بالك بمدينة أو بلد ولو إستثنائي.
    ما تبقى طاله النسيان النسيان لكي لا نجن
    مرة قالت لك إبنتك أنك "مازوشية" وهذا صحيح. ما بالك بقوم رموك للشارع دون سند وحرموك من قوتك إرحلي يا أختاه إرحلي

  • زينون الرواقي
    السبت 22 شتنبر 2018 - 19:40

    امام حالة التردي الشامل داخليا واقليميا وانتمائياً وعربيا وإسلاميا وعرقيا أفضل طريقة لتفادي الانهيار الفكري والعقلي الشامل هو تعطيل الفكر وأيقاف المحرك بشكل يجعل الجسد والغريزة وحدهما الدافع البديل للاستمرار في البقاء .. شخصيا لم أعد اتابع ما يقع .. في لقائنا الصباحي في مقهانا المعتاد تتحدث الشلة عما جرى هنا وهناك يعرجون على الأحداث والمصائب التي تناولتها الصحف والمواقع ينط البعض ليعرض آخر حماقات ترامب بينما يفضّل الاخر الحديث عن الصَّهد والحرارة ونحن في نهاية ستمبر فتدفعه سوداويته لربطها بالتغيرات المناخية وما رَآه ليلة أمس في شريط ينبئ بالمصير الأسود الذي ينتظر كوكبنا .. أغوص في ذاتي وقد عطّلت دماغي رحمة به وانا أفكر في ضغط دمي الذي أسعى جاهداً للحفاظ عليه في مستوياته التي يفرضها وضعي الصحي .. الموشومة ليست قضية وطنية دونها الموت فكلنا موشومون بطريقة او بأخرى والكوابيس ترافق ذكور وإناث هذا البلد .. والضحية الرقمية لم تلق مصير الشاب الذي نحر في سلا وقد يكون لها نصيب فيما أصابها .. والباقي ركمجة استهلكت بما فيه الكفاية فلنفكر في من وشمهم الزلط والقحط والجفاف والتهميش أما من دلف وكر

  • KITAB
    السبت 22 شتنبر 2018 - 20:17

    الأستاذة أعطت انطباعا بأن الفكر في المغرب مسيج كما لو كان محمية بمنطقة صحراوية؛ اكتب وعلق وسود الأوراق كما اتفق لك واصرخ بكل ما تملك من قوى… فصداك لا يتجاوز مداه دائرة ضيقة، فالناس لم تعد تقرأ وإذا قرأت لا تستوعب… والبورطابل هو جليسنا في كل الأوقات حتى داخل دورات المياه…. إذن؟ هذه نبرة يأس وكأن الكتابة والفكر في زماننا هذا لم تعد أدوات للتغيير إذا قسناها بشريط فيديو، حتى إن بعض الكتاب حاليا أصبحوا يجمعون في تقديم بضاعتهم بين الصورة والصوت… والكتابة هي في نهاية المطاف متنفس وتمديد في الزمن إلى الأمام، وتحياتي

  • عبد الرحيم فتح الخير
    السبت 22 شتنبر 2018 - 20:46

    إن أي فريسة سهلة لا بد أن تفترس . وضحية الكبت ابنة الفقيه بن صالح كانت متمردة وكان لابد أن تزل وكان لابد أن تستغل كانت شهوة في مخيلة القرية وكانت وليمة بالمجان لكل راغب يمتلك ثمن سجارة وكأس نبيذ . في الفقيه بن صالح هناك أكثر من عشرة ألاف قاصر فلماذا لم تغتصب إلا ذات الوشم العنيدة المتمردة.

  • الرياحي
    السبت 22 شتنبر 2018 - 22:32

    كانت شجرة إسمها "سيكويا sequoia " تنغرس في قارة أمريكا .تأوي ألاف الطيور والكائنات النباتية والحيوانية وكأن كل خلق الله ضرب ميعاد تحت ظلالها .
    ذات يوم من أيام الله صقعتها الصاعقة ,أشعلتها نارا ذي لهب يصل عنان السماء.فرت جموع الطيور وكل من استطاع لذلك سبيلا.طار طائر "الطنان "colibri إلى أقرب نقطة ماء وبدأ يجلب بمنقاره نقطة ماء,ظل نهاره هكذا ذهابا ومجيأ من الشجرة إلى الضاية ومن الضاية إلى الشجرة يرش "سيكويا" قطرة قطرة أمام أنظار الهاربون.ولما نبهوه بعبث صنعه ,رد الطنان colibri الحكيم إني أعلم لكني أقوم بواجبي .هرع القوم إلى الضاية لمحاكات الطنان وآخرها أخمدت النار وانكمدت الجروح وعاد السلام لوطن "سيكويا" وأولادها
    في قضية ذبح الشاب ,لو رمى كل متفرج حصى لنكسر سيف القتلة .إنهم كلهم طيور حذاء يأكلون الجيفة لا يختلفون في ذالك عن …
    مثل أي عسكري أعتبر أن الجبن جريمة.

  • KITAB
    السبت 22 شتنبر 2018 - 23:40

    أخي الرياحي، تحية . قصة الطائر الطنان وحكايته مع الشجرة المصعوقة لذات دلالة عميقة في "يد الله مع الجماعة" ، وعلقتَ عليها وأنت تنظر إلى مشهد التشرميل الذي وقع ويقع دوماً أمام أعيننا وختمتَ لو أمكن للمشاهدين (طيور وحيوانات وزواحف ووو) أن يتدخلوا دفعة واحدة لانطفأت النيران ولا عاد "مشرمل" تحدثه نفسه أن يستهدف بشرا ما دام يعلم أن "القوم" من خلفه وفي أثره لتكسير عظامه، لكن أخي أين هؤلاء القوم من زماننا الرديء هذا؟ الكل أصبح يخاف على جلدته، وشكراً

  • تعليق
    الأحد 23 شتنبر 2018 - 10:09

    فعلا هده هى الصورة الجديدة للمغرب والمغاربة في تعاملهم معا المجرمين فبدل التدخل لانعقاد الضحية فهم يجتمعون حوله لتصويره بهواتفهم فبي تصرفهم هدا يعطون للمجرمين فرصة ثانية لاستعراض عضلاتهم على الضحية

  • الرياحي
    الإثنين 24 شتنبر 2018 - 10:49

    الأستاذة زكية حادوش لن تغادر ولن ترحل لأنها من طينة "الطنان" وكل محب لبلده هذا قدره "طنان" وكما قالت العرب قديما : الطيور على أشكالها تقع
    قبل فترة طالعت على موضوع هنا :
    حفرة وسط الطريق تهدد الأطفال وبعدها عشر تعليقات تندد بالحكومة ووزارة التعليم والطرق والجماعة ولا أحد أقترح أن يحمون أولا الحفرة ببناء أو حوش لرفع الخطر المدعق ثم الإحتجاج فيما بعد
    لا زالت الحفرة تنتظر ربما مجيئ المسيح أو طائر الطنان
    الحكومة كسولة والشعب أكسل ووافق شن طبقة
    على المغاربة أن يأسسون جمعيات" الطنان" على غرار ما يفعله العالم الغربي (أنقرColibris
    Un mouvement citoyen ) واليسار هناك ما عاد ينتج أفكار دوكماتية بل يقترح ـنمط عيش ووصل الأمر إلى الفلاحة (permaculture) وتجارب مدعومة بطرائق علمية تقطع نهائيا مع الفلاحة الصناعية ضف إلى ذلك السكن وعدة أشياء بسيطة تعطي معنا لحياة المواطن .مع الأسف نصر نحن أن نجرب كل طرائق الفشل.
    ———————
    تحية لك أخي Kitab وأستمر بإتحافنا أنت والأخ زينون الرواقي بتعاليقكم الجميلة

  • منطق الأغبياء
    الإثنين 24 شتنبر 2018 - 11:33

    لا أعرف لماذا أشر المعلقون على تعليقي بالسلب رغم أن ضحية الفقيه بن صالح لم تكن بريئة كما يتصور الأغبياء . لا تلتمسوا لها الأعدار بزعم أنها قاصرة ، فالفتاة تعرف وتحس بالمتحرش حتى وهي في العاشرة . وخديحة كانت في السادسة عشر أي أنها كانت تملك كامل إرادتها عندما صاحبت ، وعانقت ، وقبلت ، وقبلت الممارسة .

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب