يُعْتَبَرُ الحق في الأمن من الحقوق الأساسية للإنسان، فالأمن يعتبر نقيضا للخوف مصداقا لقوله تعالى في سورة قريش، بعد بسم الله الرحمان الرحيم: “إِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)”، وقوله تعالى في سورة البقرة – الآية 126: “وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ”.
كما أن عقد البيعة الذي يربط الراعي بالرعية يجعل من حماية الأمن وصيانة البيضة أوجب الواجبات الملقاة على كاهل الإمام، فعقد البيعة عقد مُلْزم لطرفين: الرعية التي تلتزم بفروض الطاعة والإمام الذي يلتزم بتحقيق الأمن وحمايـته من كل التهديدات.
والدستور المغربي في تصديره ينص على هذا الحق بأن: “المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة”.
والباب الثالث منه الخاص بالمَلكيَّة، في الفصلين 41 و42، يخول للمَلك اختصاص حفظ الأمن الشامل للمواطنين، وذلك عبر مؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة والتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية في الباب الثاني عشر منه المخصص للحكامة (وللإشارة فالحكامة بداهة جيدة؛ فليست هناك حكامة جيدة وحكامة فاسدة. وهذا خطأ في الترجمة الحرفية من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية وقع فيه محررو الدستور).
وعلى رأس هذه المؤسسات نجد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي هو مؤسسة وطنية تعددية ومستقلة تتولى النظر في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها، وضمان ممارستها الكاملة، والنهوض بها، وصيانة كرامة وحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، أفرادا وجماعات، وذلك في نطاق الحرص التام على احترام المرجعيات الوطنية والكونية في هذا المجال (الفصل 161).
هذا إلى جانب المجلس الأعلى للأمن الذي يترأسه الملك حسب الفصل 54:
“يُحدث مجلس أعلى للأمن، بصفته هيئة للتشاور بشأن استراتيجيات الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، وتدبير حالات الأزمات، والسهر أيضا على مأسسة ضوابط الحكامة الأمنية الجيدة.
يرأس الملك هذا المجلس، وله أن يفوض لرئيس الحكومة صلاحية رئاسة اجتماع لهذا المجلس، على أساس جدول أعمال محدد.
يضم المجلس الأعلى للأمن في تركيبته، علاوة على رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الوزراء المكلفين بالداخلية، والشؤون الخارجية، والعدل، وإدارة الدفاع الوطني، وكذا المسؤولين عن الإدارات الأمنية، وضباط سامين بالقوات المسلحة الملكية، وكل شخصية أخرى يُعتبر حضورها مفيدا لأشغال المجلس”.
إذا غاب الأمن غابت الحياة كلها