الحرية حينما تتحول إلى فوضى وعربدة!

الحرية حينما تتحول إلى فوضى وعربدة!
السبت 6 أكتوبر 2018 - 11:45

للذكرى…

يتذكر المغاربة قاطبة، لا سيما الذين عايشوا فترة الثمانينات والتسعينيات من أواخر القرن الماضي، أن البيئة السياسية داخل المغرب كانت مشحونة بألغام لا حصر لها، أتت على العديد من رؤوس “الشغب والفتنة”، سياسيين ونقابيين وصحافيين وكتاب وأساتذة وعسكريين، منهم من زج به داخل معتقلات سرية، ومنهم من لقي حتفه مباشرة، ومنهم من ظل إلى اليوم مجهول المصير، كانت آلية وزارة الداخلية “أم الوزارات” وقتها جد حادة، تشقشق في أعين كل من رفع عقيرته أو شحذ قلمه أو استعمل منبره لتوجيه “سهام نقده” إلى المخزن، خلالها كان “مقص الرقيب” نشيطا وصاحب مؤسسة بارزة ضمن هياكل الدولة، يقتفي أثر كل مكتوب ليغتصبه في مهده قبل صدوره إلى العامة.

هذا الزمن، اصطلح عليه “بزمن الرصاص” لانتشار لغة مصادرة الحقوق والحريات وملاحقة “المشاغبين” والقذف بهم في غياهب السجون، أو التصفية الجسدية أو مواجهة المصير المجهول. هذا المناخ أو بالأحرى “الأجواء المشحونة” رسخ في المغاربة آنذاك الشعور بالخوف وانعدام الثقة والخنوع لحياة الذل والهوان لأزيد من أربعين سنة، بيد أن منظمات حقوقية دولية ما فتئت تحذر السلطات المغربية من مغبة إمعانها في مصادرة الحقوق، فتوالت النداءات تلو أخرى، فضلا عن ناشطين وأطراف أجنبية، حملت المغرب، في نهاية المطاف، على العدول عن سياسة الزجر والقمع عبر انفتاحه نسبيا على بعض الحقوق، فكانت المصالحة التي دعت إليها هيئة الإنصاف والمصالحة بناء على قرار ملكي بإحداثها سنة 2004.

بعد زمن الرصاص المغاربة يتنفسون

بعد تراجع السلطات عن استخدام وسائلها القديمة في قمع الحريات، وجدتها شريحة واسعة من المغاربة الجدد فرصة سانحة لإعلان تنفسها ونشر “مكبوتاتها وغسيلها” بعد أن ظلت لعقود تحت طائلة المراقبة والحظر. وقد صادفت معانقتها لمناخ الحريات انتشار ثقافة الحقوق عبر أنحاء العالم مدعمة بوسائل التواصل الاجتماعي ليتم ركوبها لبث معاناتهم وتصوير وقائعهم وأحداثهم مما يموج به الشارع المغربي، ونشرها على أوسع نطاق، فتلقفتها فئة أخرى من الشباب المغربي ذريعة للتعبير عن مطالبها عبر صور شتى، لم تكن مألوفة لدى الرأي العام من قبل، كرفع عصا التحدي في وجه الحكومة ومطالبتها بالعدول عن بعض تشريعاتها فيما يخص التجنيد الإجباري والتوظيف الخاضع للمباريات (الكوطا) أو التعاقد… بل إن بعض هذه التظاهرات رفعت شعارات جد متقدمة في التحدي كمطالبتها “بإسقاط الجنسية المغربية” والسماح بمعانقة أمواج البحر طلبا للهجرة.. وأخرى رفعت أعلاما أجنبية إمعانا منها في الكيدية والعداء!

هل هي حرية تعبير إلى درجة العربدة والفوضى؟!

أمام هدير هذه المظاهرات وصورها وتلاوينها، تكتفي السلطات بمراقبة المشهد عن كثب حتى لا يزيغ إلى العنف والتخريب، وكأنها واعية بمآلها طالما أن هناك وجودا لهامش من الحرية كمتنفس لها في إفراغ آلام ومكبوتات وأثقال السنين الخوالي، والحال أن هذا الهامش ـ من الحرية ـ إذا منح لإنسان غير واع ولا متبصر بحدود ماله وما عليه استعذبه كفرصة للتمرد والعصيان التي تقود صاحبها إلى إشعال فتيل النيران والرغبة الجامحة في الإتيان على الأخضر واليابس، دون أن نغفل دخول أطراف عدائية أجنبية على الخط لتأجيج النيران، وهو الخطر الذي قد يتسلل داخل هذه التظاهرة الجامحة أو تلك.

وصفوة القول، إننا نعيش زمنا مفعما بالعديد من التحديات، يمكن اختزالها في الملف الاجتماعي الذي يزداد مع مرور الأيام حدة وتعقيدا، بلغة الخصاص في كل مرافق الحياة، وهو ما تلهج به الحناجر المحتجة في قطاعات الشباب والإدارة والتعليم والصحة… بينما الحكومة حتى الآن بات أداؤها مشلولا أو تنتظر صدور التعليمات لها، في أجواء إقليمية يخالطها فيروس الإرهاب الذي يضرب في كل مكان.

‫تعليقات الزوار

15
  • حقوق الإنسان صالحة وطالحة
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 12:30

    صالحة لفئة اجتماعية تتوفر على نصيب من الوعي السياسي والثقافي وتعرف ما لها وما عليها، لكن بالنسبة لإنسان أمي جاهل غير عارف ما له وما عليه فهي غير صالحة وإذا منحت له تجبر وطغى كما يحدث في العديد من التظاهرات، ولولا السلطات لعمد هؤلاء إلى التخريب والعنف والسطو على الممتلكات، إذن الحرية المراقبة هي الطريق الصحيح وشكراً

  • نبض الشارع
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 12:44

    ما الذي العاءد المادي الذي يجنيه المعلقون على الأحداث التي تموج بها الساحة لاشيء صفر الى الشمال خصوصا وغالبيتنا لايمثل هيئة ذات منفعة أو يستفيذ من راتب وهذه ليست حرية تندرج ضمن ما يصتلح عليه بفوضى الحرية وبالتالي أعتقد أن الدولة عليها أن تكون شاكرة للأساتذة الذين يقدمون رؤيتهم للأحداث مجانا وعن طيب خاطر وللمعلقين المتفاعلين قياس نبض الشارع . وعودة الى الموضوع أقول ليس كل الحريات فوضى إلا من دعى لتخريب الممتلكات ودعى للعنف ومارسه .

  • عودة للتصحيح
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 13:00

    ما العائد المادي الذي يجنيه المعلقون على الأحداث التي تموج بها الساحة لاشيء صفر الى الشمال . خصوصا وغالبيتنا لايمثل هيئة ذات منفعة أو يستفيذ من راتب وهذه ليست حرية تندرج ضمن ما يصتلح عليه بفوضى الحرية وبالتالي أعتقد أن الدولة عليها أن تكون شاكرة للأساتذة الذين يقدمون رؤيتهم للأحداث مجانا وعن طيب خاطر وللمعلقين المتفاعلين (قياس نبض الشارع) وعودة الى الموضوع أقول ليس كل الحريات فوضى إلا من دعى لتخريب الممتلكات ودعى للعنف ومارسه .

  • نبض الشارع
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 13:10

    كلنا ضد العنف وندينه ولكن اغلاق باب الحريات أو مضايقتها أو مصادرتها يكون دائما السبب الرئيسي في رفع سقف المطالب . لذالك على الدولة أن تتعامل بحذر شديد مع الأحداث فإن كانت مشروعة فلتحاول مسايرتها . وإن كانت فوضى فالقاعدة بلغت من الذكاء ما يجعلها تلفظها ولا تتبناها . وقد لاحظ المغاربة كيف اصبح الشارع لايتعاطف مع بعض المطالب رغم الحشد المهيىء لها لأنه يرى أنها غير منطقية وأنانية في مطالبها بل وأحيانا يصفها بالمتسلطة ويكيل لها النقذ ولا يسايرها .

  • توت
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 14:39

    مخلب المثقف وقناعه

    إن كانت الأشياء تتحدد بنقائضها، فإن ما يرد على لسان بعض “الكتاب والمثقفين”، يسعى لأن يكون نقيضًا لثقافة مقدمة ومدمرة في آن معًا، تارة من على منابر الطغاة وتخوم صحافتهم وإعلامهم، وتارة أخرى في الرحيل بلباس ومظهر مختلف، زحفًا للبحث عن مال “ملعون” وعن سياسة “متآمرة”، يتهامس بها وعنها من يتبادل الوجه والقناع، على الأقل بين دمشق والقاهرة ورام الله وبيروت.

    نزار السهلي

  • كريممامي
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 15:04

    والله الحرية بزاف كتعمي صاحبها وتخليه يخرج على الطريق، احنا في المغرب مع هذا الأجيال الشباب الحالي، كلهم فاهمين الديمقراطية غلط والحرية هي دير السيبا ما كايانش ليحاسباك،،، الحرية خاص تدرس فالمدارس بمعنى الزم حدودك ماتعداش على غيرك، لكن ايجي واحد فالمظاهرة ويرفع أعلام أجنبية ولا يطالب باسقاط الجنسية ولا….. راها هادي فوضى ماشي حرية، وشكراً هسبريس

  • أعداؤنا مندسون بيننا
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 15:08

    ما لا يعرفه هؤلاءِ الشباب المشاركين في المظاهرات أن جهات خفية تؤجج الخلافات وتمول مثل هذه المظاهرات بغرض إشاعة الفوضى والجنوح إلى العنف والتخريب، إنهم يوجدون داخل هذه الصفوف ولكنهم يشتغلون لأجندات أجنبية، آفيق آمسكين قبل مايهزاك الما…

  • KITAB
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 16:37

    لقد بلغ السيل الزبى، ولم يعد بمكنة هذا الشعب المقهور المزيد من الانتظار، فقد انتظر وحطم أرقاما قياسية في الصبر والانتظارية والمعاناة لكن حتى الآن لا أحد أخذ بيده، حتى إنه بدأ يفكر بعقلية الذاهب للانتحار… الهجرة ورفض التجنيد ورفع شعارات مناوئة… الخ، على الدولة أخذ الدروس والعبر قبل أن يأتي لا قدر الله تسونامي مفاجئ لا يترك أخضرا ولا يابسا إلا أتى عليه، وتحياتي

  • المرواني
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 18:06

    الحرية في بلادنا غير صالحة طالما أن معظم الشعب والشباب غير واع ويتمنى زلزالاً يأتي على كل شيء، ثقافة اليأس والإحباط أمر خطير في صفوف شبابنا المتهور وشكرا لهسبريس والكاتب المقتدر

  • Human rights
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 18:15

    Human rights in Morocco are always the subject of disputes between those who reject them because the majority in the majority of my mother does not know how to sponsor them, and there are those who stress them, but protest demonstrations always reveal that if they were not monitored by the authorities turned into riots and sabotage.

  • feunft
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 18:55

    ولكن لماذا قال ابن خلدون أن الفوضى هي بداية الإصلاح.

  • مظاهرات ولكن
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 20:55

    حقوق الإنسان في المغرب دائما محل تجاذبات بين من يرفضها لأن الشعب في أغلبيته أمي لا يعرف كيف يرعاها ،وهناك من يشدد عليها ،لكن التظاهرات الاحتجاجية دائما تكشف على أنها لو لم تكن مراقبة من طرف السلطات تحولت إلى أعمال الشغب والتخريب وشكرا

  • الرياحي
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 23:36

    في كل المعمورة يوجد كائنين إشتهرون بالصبر :

    الجمل
    والمغربي

    وربما قد يكون

    المغربي
    والجمل

    من يدري

  • السموأل
    السبت 6 أكتوبر 2018 - 23:49

    زمن الرصاص عمق في المغاربة الشعور بالخوف ونزع الثقة في الآخر، لكن حينما منحت الحريات وكان التصالح استقبل بعض المغاربة هذا الصلح بالعربدة وأخذوا حريتهم ومعهم حرية الآخرين، وهذا مؤسف

  • chouf
    الإثنين 8 أكتوبر 2018 - 13:18

    ناس امربيا على الفوضى وعدم الامتثال لصكوك القوانين. ويكثر الانزلاق في اي شيئ في السياقة في الشارع في الادارة…علاش عدم الاحترام والفوضى تؤدي الى الهلاك ولربما الى القتل والسرقة والتعدي على الحرمات حتى المدرسة لم تسلم وزد المستشفى وزد حتى بيوت الله.هاذا طغيان وتجبرفي بعض الاحيان الوادين ما سلكينش مع الابناء.وتلقى جماعات جماعات في ازقة المدينة عند الاوربي هاذا الشيئ يعد اخلال ويعاقب المرا عليه.

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين