فصل النقاط عن حروفها أو احتجاز الحقيقة!

فصل النقاط عن حروفها أو احتجاز الحقيقة!
الجمعة 12 أكتوبر 2018 - 04:35

واقع أحيانا مخادع

تعتري المجتمعات المعاصرة، في ظل التواصل بين أفرادها، حجب أو حواجز اصطناعية إما لتضليل أهدافها أو الانتهاء بها إلى وقائع ورسائل مزيفة، شتان بينها وبين الحقائق كما هي دون تمويهها أو تلبيسها أردية مقنعة. فكم من أحداث وفواجع وقعت في الماضي، ما زالت حتى الآن محاطة بشتى الألغاز المحيرة، بالرغم من شبكات التحقيقات الواسعة التي حاولت تناولها وإماطة اللثام عن حيثياتها.

ويقال إن المجتمعات ذات النزعة الاقتصادية الليبرالية تشهد طفرة نمو معقدة في تواصل وتعايش أفرادها ومجموعاتها الاقتصادية والمالية، تشعبت شبكات تواصلها إلى درجة أنه يسودها أحيانا الغموض كمجال رحب للنيل من الحقيقة أو استمالتها للانتصار لطرف على حساب طرف آخر، تطالعنا حينا بعد آخر لقطات منها، سواء في العلاقات الزوجية الأسرية أو بين الأفراد والجماعات أو بين المنتج والمستهلك، علاقات لم تكن دوما مطبوعة بالشفافية والصدقية.

الصراحة صراحة الطفل البريء

يقولون إن الصراحة والوضوح، كسلوك بشري، يبلغ أوج عطائه الذهبي فقط لدى الطفل، قبل أن يميز بين الكذب والصدق، بين هذا واقع وهذا لا واقع، لكن أحيانا تضطره غريزة الجوع أو حب التملك إلى التستر على شيء ولواذه بالصمت، حتى لا تضيع منه ـ مثلا ـ قطعة شوكولاتة أو دمية صغيرة.

لكن هذه الصراحة أحيانا تكون صادمة، سيما إن جاءت مفاجئة أو متأخرة، مما تترتب عنها نتائج وخيمة، تحمل الشخص على إعادة النظر في علاقاته العامة. لكنها لدى البعض الآخر “راحة” طالما ساهمت في تبديد أجواء الاحتقان ومحو وخزات الضمير. بيد أن هذه الصراحة والمصارحة، في مجال السياسة، بمعنى تدبير الشأن العام، لها أزياء خاصة، من الصعوبة الكشف عما تخفيه إن كانت وجها صريحا أو مزيفا أو مجرد واجهة للاستهلاك، على أن وضوحها من عدمه يعتمد على مناخ الحريات السائد في بلد ما، فكلما كانت هذه الأخيرة متاحة بين أفراده ومؤسساته كلما أمكن معانقتها، واستعمالها كأداة للرقي بالإنسان، والعكس صحيح.

ما أكثر استهلاكنا لـ”وضع النقاط على الحروف”!

درجنا في معظم محادثاتنا على استعمال تعبير “وضع النقاط على الحروف”، وهو ما يعني حرصنا على الوضوح “والصراحة”، “والمكاشفة” في علاقاتنا وتواصلنا بالآخر، لكن هل هذه النقاط تبقى كافية لاستجلاء حقيقة المواقف؟ فقد تكون مبتورة، مما يعني الإفضاء بنا إلى حقائق زائفة أو غامضة أو مغلوطة، كما الحال في معظم الأخبار التي تمطرنا بها وسائل “الميديا” أو نستهلكها من الأقربين إلينا. والقارئ أو المشاهد، على حد سواء، لا يعلم بالضبط درجة صحتها وملامستها للواقع الحي، إلا أن الباحث المتمرس بالمجال والعلاقات الاجتماعية خاصة، بإمكانه “تصحيح” الجملة الخبرية، فيعيد إلى كل حرف وارد في خبر أو موقف معين نقاطه الطبيعية المستحقة، وبذلك تنجلي أمامه حقيقة هذه الأخبار والمواقف بعد تشذيبها من الزوائف والمساحيق!

‫تعليقات الزوار

16
  • صراحتنا قليلة
    الجمعة 12 أكتوبر 2018 - 08:09

    الصراحة ضعيفة في مجتمع تطغى عليه القيم المادية الاستهلاكية سيما داخل الأسر وبين الأفراد، أما وضع النقاط على الحروف فهي فقط ترد ضمن كلام الأطفال الأبرياء، لكن ما إن داخلهم الجشع أصبحوا هم أنفسهم يفصلون النقاط عن حروفها، وهذا ملاحظ في حياتنا اليومية، وشكرا

  • إذا كان المجتمع ...
    الجمعة 12 أكتوبر 2018 - 08:13

    متعودا على استهلاك الكذب والبهتان والتزوير فمن الصعوبة إيجاد الراحة في أحاديث أفراده، بل إن أفراده وانطلاقاً من أسرهم يتعلمون التغطية على الحقائق ويتعلمون الغموض واللبس منذ وقت مبكر.

  • لا وضوح في مناخ مضطرب
    الجمعة 12 أكتوبر 2018 - 08:19

    إذا كانت بيئتنا الأولى قائمة على الالتباس والغموض واحفر لي وانحفر ليك فمن الصعوبة بمكان وجود صراحة ووضوح في تعاملاتنا فالنفاق الاجتماعي هو المسيطر، وكثيراً من الناس يجدون راحتهم في الغموض والكذب… مع الأسف هذه أمور يشجبها الإسلام لكن أيننا من قيم الإسلام والتسامح والصراحة والصدق والنية الحسنة

  • الكرماني
    الجمعة 12 أكتوبر 2018 - 09:24

    الصراحة والصدق والوضوح والشفافية… كلها قيم جاء بها الإسلام، لكن تطبيقها في المجتمعات المادية الحالية يبدو أمراً صعباً لتشبعنا بالماديات الاستهلاكية والجشع والرغبة في التسلط واغتنام الفرص… كل هذه النزوات والرغبات لا تعيش في الصفاء والنقاء بل تعيش في البيئة الملوثة، وما أكثر الناس الذين يفضلون العيش في التخلويض وشكراً للكاتب المقتدر

  • KITAB
    الجمعة 12 أكتوبر 2018 - 10:24

    زمن الصراحة والمكاشفة قد ولى سيما داخل المجتمعات العربية المعقدة، حينما يحضر الجشع بقوة واصطياد الفرص، كما أن حرص البعض على التوفيق بين الطرفين هو الآخر لا يخدم الصراحة والمكاشفة، كما أن هناك آفة كبيرة أصبحت بمثابة سرطان يهدد العلاقات الاجتماعية والأسرية ويتعلق الأمر بمرض النفاق حينما يحرص بشتى الطرق بظهور الشخص بمظهر خادع ويرى في الصراحة اغتيالا لمصالحه والتي لا تعيش إلا في المياه الضحلة والعكرة، وتحياتي

  • kamal.k
    الجمعة 12 أكتوبر 2018 - 11:16

    محادثاتنا لا يمكن أن تكون دائما صريحة فالمصلحة والإستغلال هي المتحكمة في الغموض وعدم المكاشفة فكلما زالت هذه العوارض زالت معها هذه الأمراض، نعم

  • Brahmi
    الجمعة 12 أكتوبر 2018 - 11:21

    لا وجود للوضوح والصراحة في ظل الجشع والطمع وحب استغلال الظروف، نعم المجتمعات البسيطة مثال القروييون، وسكان المناطق النائية يمكن أن توجد هناك الصراحة والوضوح في محادثاتهن، لكن كلما كان هناك استغلال ومصالح انتفت أو عادت ضعيفة

  • samiramis
    الجمعة 12 أكتوبر 2018 - 11:30

    Revealing openness and clarity Values ​​began to become extinct in the Arab societies and replaced by lying, fraud and ambiguity and the presentation of the characters abstract points, at a time when the respect for Islam and its values ​​are known for honesty in transactions and social relations, but today became weak by greed and fishing in troubled waters.

  • انقراض الصراحة
    الجمعة 12 أكتوبر 2018 - 11:32

    المكاشفة والصراحة والوضوح قيم بدأت تنقرض وسط المجتمعات العربية ويحل محلها الكذب والتدليس والغموض وتقديم الحروف مجردة من نقاطها ،في وقت كانت في ظل احترام الإسلام وقيمه معروفة بالصدق في المعاملات والعلاقات الاجتماعية ، لكن اليوم أصبحت ضعيفة بفعل الجشع والصيد في المياه العكرة وشكرا

  • تعدد القراءات
    الجمعة 12 أكتوبر 2018 - 15:09

    كثيرًا ما نقف على نصوص ونكتشف بسهولة أن فهمها يحتمل عدة قراءات وتفسيرات وهو الغموض بعينه، يقع هذا في الرسائل المشفرة وبعض النصوص القانونية، لذلك فتعدد القراءات لنص أو رسالة واحدة معناه اللبس والغموض، وشكرا

  • simo
    الجمعة 12 أكتوبر 2018 - 15:23

    ر بما الغلاء الفاحش وتدني الاجور وكثرة الاولاد يجعل المواطن مضطرا الى استعمال مبادئ غير شرعية مع بيئته ومحيطه لانتقام لنفسه من الاحباط الذي لاينتهي
    وشكرا

  • إلى تعدد القراءات
    الجمعة 12 أكتوبر 2018 - 17:44

    صحيح كثيرًا ما يستغل الإنسان النصوص سيما منها القانونية للبحث عن مواطن الالتباس والغموض فيها أو بالأحرى تعدد القراءات للالتفاف حولها واستغلالها لصالحه، وهو ما يصطلح عليه باستغلال النصوص وتحويل مفاهيمها من هذا الجانب إلى جوانب أخرى وشكراً

  • كفى كفى كفى ارهابا و ✄
    الجمعة 12 أكتوبر 2018 - 20:40

    أمنعوا ما شئتم ارهبوا كيفما شئتم ، فاساطير الأولين ستنتهي في عصر العقل والمنطق!
    السؤال الذي من المفروض أن يشغل بال الإنسان ، هو كيف السبيل إلى مساعدة البشرية من أجل الرفاهية والسعادة والمساوة، وليس هل نصوص من أساطير الأولين صالحة لكل زمان و مكان، وهي من عصور الجهل المطبق والظلام الدامس!
    "أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء" ، وضع المرأة في نفس مرتبة الغائط !فاي تقزز هذا!؟

  • هواجس
    الجمعة 12 أكتوبر 2018 - 22:30

    عندما نعلم لاطفالنا ان الكذب والتحايل ونصب الكمائن واللصوصية والخداع والتجسس،انها من شيم "القافز"وان الصدق والصراحة والامانة ولاصالة والوفاء من شيم "الكامبو"النية"البليد، فأننا سنجني ما علمناه لاطفالنا وما تعلمناه من ابائنا نحن ايضا في علاقاتنا الاجتماعية،و بما ان البلداء "ألكوانب" اقلية، والاذكياء "القافزين اغلبية فان الكذب والغش والخداع والنفاق في العلاقات الاجتماعية هي القاعدة و الصدق والنزاهة والامانة هي الاستثناء ،هذا هو النموذج التربوي الذي تسوق له الاسرة والمجتمع والاعلام "الهمزة" "حضي راسك عندك اشمتك".
    اذا عشق شاب شابة اوعشقت شابة شابا ، قيل انه السحر ، واذا اشترى تاجر سلعة بأثمنة رخيصة لجهل صاحبها قيمة سلعته ، قيل انه ذكي و"قافز" والبائع "كامبو" ونية، وأذا جاءه صاحبها مطالبا باسترجاع بعض خسائره،بعد استقاظه من غفلته،رد عليه "هزك الما"…في الستين من عمره،تزوج ابنةعمه ذات العشرين ربيعا لينتقم من ابيها على القيل والقال في الانتخابات وهي لم تكن قد وُلدت بعد ، بعد ان "شبع فيها" اعادها الى منزلها…دفع الملايين لاستدراجها من اجل سلوك وقح كهذا… وكل شيء تم باسم القانون والشرع

  • chouf
    الأحد 14 أكتوبر 2018 - 13:53

    و الله كنت اتعذب من تصرف بعض الاثرياء في جهة من المغرب وخاصة التلاعب ببنات الفقر اء في البادية الجميلات .رجل ذا جاه وله فلوس كثير ويريد الزناء وله اسرة واولاد.نعم يتقدم ويتزوج وكان كل شيئ مباح .ويولج الفتاة في منزل للكراء ويعاشرها شهر او شهرين ويقذفها الى الشارع.هاذا عمل من لا ضمير له يفتش عن اشباع النزوات.كليك الاسلام وقلب في حيثيات هاذا السلوك الاشمئزازي ولا يستحي مع العلم انه متزوج وله اولاد. ايرضى لابنته هذا السلوك .والله الى الحيوان احسن من هاذا النماذج.

  • راي1
    الثلاثاء 16 أكتوبر 2018 - 08:37

    من الطبيعي ان يكون للحقبقة اضدادها مثل الكذب والخطا والباطل والزيف بل ان اللغة ذاتها توفر لمستعملها كما يقول بعض اللسانيين الاليات التي تمكنه من التلاعب بالحفيقة واحلال اضدادها محلها مثل الكتمان والاضمار والتمويه.بل ان من الفلاسفة من يعتقد بان الحقيقة قد اجبر الانسان عليها تحت ضغط الحاجة الى التواصل لتحقيق منافعه وان الانسان بطبيعته يميل الى ضدها.لكن على ما يبدو انه مع تطور الخضارة الانسانية وتحسن اخلاقية الانسان فان الحقيقة هي الاكثر سوادا على اضدادها.وهكذا نللحظ انتشار الشفافية والوضوح في المجال السياسي في المجتمعات المتقدمة بينما تنتشر اضداد الحقيقة في المجتمعات المتخلفة.والامر على ما يبدو يرجع الى طبيعة التنشئة الاجتماعية والسياسية.

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج