مغاربة إسبانيا والدرس البرازيلي

مغاربة إسبانيا والدرس البرازيلي
السبت 3 نونبر 2018 - 14:01

تجري العادة بأن تكون الأخبار القادمة من البرازيل ذات طبيعة رياضية؛ لكن هذه المرة، منذ أيام قليلة، أتتنا بما هو سياسي محض. لقد فاز اليميني المتطرف خير بولسنارو في الانتخابات الرئاسية، وسيحكم جمهورية البرازيل الاتحادية ابتداءً من فاتح يناير 2019. بولسنارو ليس سياسيا عاديا، هو ضابط عسكري سابق يَحِنُّ إلى عهد الديكتاتورية التي حكمت البرازيل بيد من حديد من سنة 1964 إلى غاية 1985م. خطابه لاذع ومفعم بالعداء والكراهية للكثير من مكونات المجتمع البرازيلي (الأجانب، المثليون، المرأة، ذوو البشرة الداكنة…)، بالإضافة إلى تأييده لحيازة السلاح وتفضيله للأرباح الاقتصادية على حساب الحفاظ على سلامة البيئة، وتأييده للتعذيب.

وعلى الرغم من كل ذلك، فقد حصد أكثر من 55 في المائة من الأصوات على حساب خصمه فرناندو حداد من حزب العمال، بسبب تفشي الرشوة والفساد، وإاتكاس الطبقة السياسية الكلاسيكية.

الواقع أن فوز بولسنارو لم يكن بالمفاجأة، فبعد أن أصبح دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية سنة 2017م، فلا عجب في ذلك، وخاصة أن بين الاثنين شبها كبيرا.

ليس بالغريب ما وقع في البرازيل، ففي الكثير من الدول الغربية انتعشت الأحزاب اليمينية المتطرفة، نذكر على سبيل المثال إيطاليا، النمسا، هولندا، ألمانيا، فرنسا، الدانمارك، والنرويج، بالإضافة إلى العديد من دول أوروبا الشرقية.

لا يخفي على أحد أن هذه الأحزاب يجمعها عداؤها للمهاجرين وذوي الأصول الأجنبية، وهذا يقلقنا كثيرا كجالية مغربية تعيش في هذه البلدان.

والسؤال الذي يفرض نفسه هو: ما عسانا فاعلون لمواجهة هذه الأحزاب العنصرية؟ على الرغم من أن الجالية المغربية غير متجانسة فإن نمو الخطاب العنصري لا يخدم أيا كان منا، كيفما كانت مكانته الاقتصادية والاجتماعية. وخير رد فعل من طرفنا هو انخراطنا في الأحزاب الوسطيّة المدافعة على حقوقنا، ورفع وتيرة مشاركتنا السياسية في هذه البلدان، الشيء الذي سيمكننا من تقوية الأحزاب المعتدلة والنفاذ إلى مواقع القرار، وهذا حتما سيعزز موقعنا في مجتمعات هذه البلدان.

وفي هذا الصدد، لا بد أن ننوه بالنتائج المشرفة لجاليتا المغربية خلال الانتخابات الجماعية ببلجيكا التي جرت منذ أسابيع قليلة، وقد فاز كل من أحمد لعوج على كرسي عمودية بلدية كوكلبرغ ببروكسيل، ومحمد الرضواني على عمودية مدينة لوفان.

وفي إسبانيا، ازداد قلقنا كجالية مغربية بعد تولي بابلو كاسادو زعامة الحزب الشعبي، ذي الإيديولوجية اليمينية. وهذا الحزب احتوى دائما تيارات وشخصيات تميل إلى التطرف وتحن إلى عهد الجنرال فرانسيسكو فرانكو. ازداد قلقنا لأن كسادو، التلميذ النجيب للرئيس السابق خوسي ماريا أثنار، بدأ يبتعد عن الوسطيّة التي كان يتمتع بها الحزب أثناء فترة ماريانو راخوي، وأصبح يغازل الحزب اليمني المتطرف (فوكس- vox). اليوم، نحن مغاربة إسبانيا في أمس الحاجة إلى تقوية مشاركتنا السياسية لدعم القوى والأحزاب المناهضة للعنصرية؛ لكن ومع الأسف الشديد ما زال هناك عائق كبير يقف ضد مشاركتنا السياسية في إسبانا، ويَكمُن في عدم تفعيل الفصل الـ30 من الدستور المغربي، الذي يسمح للأجانب المقيمين بالمغرب في المشاركة السياسية على الصعيد المحلي. لهذا السبب، لا يمكن طلب الدول التي تفرض ذلك، كإسبانيا مثلا، بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل والسماح للمغاربة غير المجنسين بالمشاركة في الانتخابات البلدية.

المؤكد هو أن خير ما يمكن تقديمه اليوم لنا كجالية مغربية في إسبانيا من لدن وطننا الأم هو تفعيل الفصل الـ30 من الدستور وتوقيع اتفاقية المعاملة بالمثل مع إسبانيا، لتكتسي أصواتنا ثقلا انتخابيا.

*أستاذ وباحث جامعي بإسبانيا

‫تعليقات الزوار

2
  • زينون الرواقي
    السبت 3 نونبر 2018 - 16:47

    يا أخي ليس تفعيل الفصل 30 من الدستور هو من سيجنب مغاربة أروبا نقمة اليمين الصاعد وتنامي كره الأجانب خاصة من ذوي السحنات الداكنة فمقابل فوز احمد لعوج في بروكسيل والرضواني في مدينة لوفان هناك الآلاف من الفاشلين وساكني السجون وآلاف الخاملين المتحايلين على صناديق الرعاية الاجتماعية والملتحون بهيئاتهم البدائية ويقينهم المرضي انهم منتذبون في الغرب من طرف السماء لتغيير المنكر وأئمتهم الذين يلغون في خيرات البلد ويدعون من منابرهم على أهله باليتم والترمل والشتات والآلاف المؤلفة من النشالين في محطات مترو الأنفاق وتجار المخدرات ومن على شاكلتهم ممن اجبروا سكان الأحياء الأصليين على الرحيل حفاظاً على سلامتهم وصوناً لأبنائهم من السقوط في براثن الانحراف .. متى التزم المهاجر بقوانين وتقاليد وأعراف البلد انحسرت أسباب كراهيته فالكراهية ومظاهر الكزينوفوبيا لم تنشأ من فراغ .. وكن على يقين ان المهاجر السوي المسالم أصبح بدوره يتفادى المهاجر الفاسد ويغير مقر سكناه متى استشرى وباء الانحراف والفساد والقذارة في الحي فما بالك بأهل البلد ؟

  • النرويجي الأسمر
    السبت 3 نونبر 2018 - 21:13

    أتفق مع صاحب التعليق الأول : 1 – زينون الرواقي

    عجبا لنا نعيب الأوربيين والعيب فينا ما للأروبا عيب سوانا
    نعيب يمين أوروبا والعيب فينا
    و نهجو ذا الأوروبيين بغير ذنب
    و ما لأوروبا عيب سوانا.

    لكن المقلق، أن اليمينيين المتطرفين جبناء، و لا يستطيعون مواجهة باعة المخدرات من أبناء الأقليات و لا عصابات المجرمين من أفارقة أو عرب،
    لا تقوى شوكتهم سوى على المهاجرين المسالمين، و يتربصون لهم في الشوارع الخالية و الأزقة الضيقة و أنفاق المترو، و لا يقع ضحيتهم سوى الكفاءات و الأطر و خاصة الطلبة.
    فاليمين المتطرف الأوروبي و همجية السواد الأعظم من الأفارقة و العرب، وجهان لعملة واحدة، ضحيتها المواطنون المسالمون الذين يحترمون القانون سواء من أبناء البلد الأصليين أو من أبناء المهاجرين.

صوت وصورة
نظرة حقوقية إلى مدونة الأسرة
الأربعاء 27 مارس 2024 - 19:35 4

نظرة حقوقية إلى مدونة الأسرة

صوت وصورة
نتائج "بارومتر الصناعة المغربية"
الأربعاء 27 مارس 2024 - 19:15

نتائج "بارومتر الصناعة المغربية"

صوت وصورة
الفهم عن الله | الاحتضان الرباني
الأربعاء 27 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | الاحتضان الرباني

صوت وصورة
نصومو مرتاحين | مشاكل الأسنان
الأربعاء 27 مارس 2024 - 17:00

نصومو مرتاحين | مشاكل الأسنان

صوت وصورة
البياض يكسو جبال مودج
الأربعاء 27 مارس 2024 - 12:15 2

البياض يكسو جبال مودج

صوت وصورة
مغاربة والتعادل مع موريتانيا
الأربعاء 27 مارس 2024 - 01:07 20

مغاربة والتعادل مع موريتانيا