قبل الغرق.. أين اختفت أحزاب المعارضة؟

قبل الغرق.. أين اختفت أحزاب المعارضة؟
الجمعة 16 نونبر 2018 - 10:31

أين اختفت أحزاب المعارضة؟ ولماذا لا نسمع لها صوتا في عز الأزمة والاحتقان، اللذين يعيش فيهما البلد؟ وهل تنتظر هذه الأحزاب أن تتحسن أوضاع البلد لتشيد فقط بمن حسَنها، أم أنها تعيش إفلاسا فكريا وخرابا تنظيميا، يجعلانها عاجزة عن تقديم أي بديل في الوقت الحالي؟

حقيقة، لا أفهم ما يجري، ففي الوقت الذي يجب أن تمارس قوى المعارضة السياسية دورها كاملا، وتملأ الفراغ الموجود، وتكون صدى صوت الشعب، وتترافع على قضاياه الحقيقية، وتنقلها إلى قلب المؤسسات الرسمية، وتقدم البدائل وتملأ الساحة، وتؤطر المواطنين، وتكشف لهم ما خفي عنهم… لا نسمع، حاليا، لهذه الأحزاب صوتا، ماعدا بعض الاجتهادات الشخصية لأفراد معزولين، محسوبين على المعارضة، يحاولون ما أمكن، بوسائلهم الذاتية، أن يجتهدوا على مواقع التواصل الاجتماعي…

فما السر يا ترى وراء هذا الصمت؟ هل لأن فاقد الشيء لا يعطيه؟ أم لأن زعيمي الحزبين المشكلين للمعارضة في هذا البلد مكبلان بواجب التحفظ، الذي تفرضه رئاسة مجلس المستشارين على الأول ورئاسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على الثاني؟ وفي هذه الحالة، سيكون الحزبان مختزلين في شخصي أمينيهما العامين. أو، كما ذهبنا إلى ذلك في افتتاحية سابقة، لأن الأحزاب في هذا البلد أُفرِغت من محتواها السياسي عندما تم تهميش الفاعل السياسي داخلها، وأصبحت تعيش تحت رحمة الكائن الانتخابي (مول الشكارة)؟

لا أفهم حقيقة لماذا كل هذا الصمت؟ ولماذا لا تستعمل المعارضة الآليات المُتاحة لها دستوريا لتغيير الوضع، ومنها تقديم ملتمس رقابة للإطاحة بحكومة العبث والفشل هذه؟ وهل بهذا الصمت المطبق، ستقدم أحزاب المعارضة نفسها اليوم كبديل لما هو موجود، وتكسب ثقة المواطنين من جديد؟!

إن كل الظروف متاحة اليوم لتصول أحزاب المعارضة وتجول وتملأ الفراغ، لكن الصمت الحالي يزيد فقط من تعميق أزمة ثقة المواطنين في المؤسسات وفي الأحزاب. وبعدها، يجب ألا نستغرب من لجوء الناس إلى الشارع، ومخاطبتهم الملك مباشرة، واللجوء إليه في أبسط الأمور، في غياب تام لكل وسائل الوساطة الاجتماعية…

إن الأمر مخيف فعلا، ولا يبشر بخير في المستقبل، ويهدد الديمقراطية الفتية، التي نحاول التأسيس لها ومعالجة علَاتها الكثيرة. والأمر هنا يتعلق بالفاعل السياسي الأساسي، الذي من المفترض أن يلعب دورا محوريا في البناء الديمقراطي، والذي ينص الفصل السابع من دستور البلاد عليه، فالأحزاب السياسية، حسب النص الدستوري، تعمل على تأطير المواطنات والمواطنين، وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية.

فهل تلعب الأحزاب اليوم، وخصوصا أحزاب المعارضة، دورها هذا؟ أم أنها تلعب دورا عكسيا، يزيد من عزوف المواطنين عن العمل السياسي؟ وهل تعبر الأحزاب فعلا عن إرادة الناخبين اليوم، فيما الاحتجاجات تعم جميع أنحاء البلاد؟

وإذا كانت أحزابنا عاجزة عن المبادرة، وليست في مستوى النص الدستوري، فما علينا إذن سوى تغيير النص وإعطاء صلاحياتها لجهة أخرى، قادرة على ممارسة تلك الصلاحيات، حتى تستوعب تلك الأحزاب دورها وتغير جلدها ببساطة!

لا يمكن أن يستمر الوضع الحالي كثيرا، ولا يمكن أن نبني الوطن بقوى سياسية غير قادرة على استيعاب دورها. ولا يمكن أن نرفع من منسوب التفاؤل بالمستقبل عند الناس بمعارضة صامتة، ولا يمكن أن تخرج الدولة من الورطة الحالية بنخب متواطئة.

أنقذوا البلد إذن، وإلا سنغرق جميعا…

وإلى أن تتضح الرؤية، أجيبوا فقط على السؤال (بالتعبير المصري): وَدِّيتُو المعارضة فيييين؟!

‫تعليقات الزوار

8
  • أحزاب كارتونية
    الجمعة 16 نونبر 2018 - 11:36

    إنها أحزاب كارتونية لا تمثل الشعب إنها محكومة وتشتغل بالتيليكوموند أحزاب متواطئة مع المفسدين الذين خربوا البلاد واستعبدوا العباد تخضع لأوامرهم وتنفيذ أجندتهم ومخططاتهم الجهنمية …
    انشرى هيسبريس مشكورة …

  • مغربي أمازيغي عربي
    الجمعة 16 نونبر 2018 - 12:03

    ليس هناك من ساهم في افساد الأحزاب والعملية السياسية والطبقة السياسية ومازال ، أكثر من الدولة نفسها عبر تاريخ طويل من تفريخ أحزاب إدارية تابعة مع تسخير كل الإمكانات لها من استعمال للمال والتأثير على الناخبين خاصة في العالم القروي والتزوير اذا اقتضى الحال ، مماجعل هذه الممارسات مألوفة وسيصعب التخلص منها لعقود طويلة وآخر هذه الأحزاب الحزب الذي بنى رأسماله على أن مؤسسه صديق للنظام ، مما جعل الكثيرين يهرولون اليه خاصة من الانتهازيين والوصوليين ،والذي راهنت عليه الدولة لاحتلال الصدارة في الانتخابات الأخيرة غير أن أملها قد خاب فيه ، فبدأت تلمع صورة حزب اداري آخر في تكرار لنفس اللعبة المكشوفة ،وبدأت تعطي إشارات بانه صديق للنظام ،وقصة العشاء معروفة، حتى يهرول اليه المهرولون أما الأحزاب ذات المرجعية فقد عملت الدولة على تحويلها الى أحزاب شبه إدارية عبر التدخل في انتخاب مكاتبها السياسية والاتيان برؤساء تابعين لها وليس لهم أي استقلالية كالزعماء التاريخيين الذين كانت لهم الجرأة لقول لا حين يلزم الأمر

  • Peace
    الجمعة 16 نونبر 2018 - 12:53

    فعلا الان يجب على حزب الاصالة و المعاصرة و الاستقلال الاطاحة بسعد الدين العثماني و حزب بنعبد الله. لانه لم يعد يعجبني. ما مععنى ان يحدث لقاء افريقي يكتب عليه اسنه بحروف كبيرة جدا و يقول انه يريد ان يصلح هو بنفسه طرقات افريقيا و النقص من حوادث السير, مباشرة بعد حادثة قطار بوقنادل و حوادث اخرى جد مؤلمة, هذا شيء لم اعتد عليه في المغرب, و لا يبشر بالخير اتجاه العثماني. رؤوس اينعت و حان قطافها.

  • ساخط ومتدمر
    الجمعة 16 نونبر 2018 - 18:33

    لم تظهر لك المعارضة من خارج اللعبةالمخزنية او المؤسسات؟راجع دروسك وخذ بالك يا صاح.لم يظهر لك ان المعارضة ((الحقيقية)) تعاني من التعتيم والمنع والاعتقال هذه الايام ؟….

  • drinkel
    السبت 17 نونبر 2018 - 08:07

    إن اعتبار حزبي الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال حزبين معرضين هو ضحك على الذقون وتعتيم على الحقيقة العارية كالشمس..الجميع يعرف أن هذه الأحزاب غارقة من قمة رأسها إلى أخمص أقدامها في الريع والفساد المستشري في البلاد، فكيف لمن يستفيد من الوضع أن يكون مناهضا له. أليس هذا ضربا من التمويه.
    إن أحزاب المعارضة الحقيقية معروفة وهي تعاني من التهميش والإقصاء بله الاضطهاد والقمع ولا داعي لإخفاء الشمس بالغربال.

  • محمد الصابر
    السبت 17 نونبر 2018 - 12:41

    جميل هذا السؤال : أين اختفت أحزاب المعارضة؟
    نعم اختفت ولم تختف، وستظهر مع الانتخابات المقبلة لعلها تفوز بمقاعد المغشمين، وظهرت وقت البلادة البرلمانية لاحداث الصراخ والعويل تحت قبة البرلمان لاظهار عضلاتها الضعيفة ،ولم تظهر الاحزاب في الاحتجاجات الاخيرة الا من قبيل الصراخ واقتناص الفرصة لعلها تفوز بمقاعد جديدة في الحكومة أو لعل رئيس الحكومة يتزعزع من مكانه ليقولوا للناس المغشمين أننا زعزعناه.
    المهم في بلادنا أن منطق المعارضة والموالاة خدام مزيان ولعل الاستثناء المغربي هنا هو معارضة المعارضة لنفسها ومعرضة الموالين للحكومة لانفسهم بمنطق من الرابح والخاسر.
    أما مشاكل البلاد في التعليم والصحة والشغل ـ دون زيادة أو نقصان ـ فهي بمثابة فرجة سينمائية يتكلف بها مخرجون وممثلون من المستوى الرديئ لايحركون في الجمهور النائم أية رغبة في الفرجة. المهم هو أن تبقى البطاطس والطماطم والبصل في السوق وعندما ينتهي الفيلم فيقوني.

  • حسن المباركي
    السبت 17 نونبر 2018 - 16:42

    عنوان ومقال في المستوى ويسائل الأحزاب السياسية التي توجد في المعارضة، وخاصة حزبي الأصالة والمعاصرة وحزب الاستفلال.
    شكرا للمقال

  • البيضاوي
    السبت 17 نونبر 2018 - 20:09

    واين اختفت احزاب الحكومة بدورها ، واين أداءها الحكومي الباهث جدا..
    ثم اين تلك الوعود التي وعدوا بها ناخبيهم ،،، ؟
    لماذا لم يتحقق منها اي شيء؟

    ياسيدي الاحزاب السياسية المغربية سواء منها المعارضة، او التي توجد في الحكومة، كلهم فاقدين للمصداقية ولا وزن لهم عند الشعب المغربي.. مع العلم ان الغالبية الساحقة من الناخبين المغاربة لا يكثرتون لهم، يكفي ان اكثر من 23 مليون مغربي ممن يحق لهم المشاركة في الانتخابات لا يشاركون اصلا فيها ..والدليل ان الحزب الدي يأتي في المرتبة الاولى داءما لا يستطيع ان يجلب من اصوات المغاربة اكثر من 4%؟!

    ما قيمة اذن هده الاحزاب السياسية اذا كانت عديمة المصداقية وفاقدة للثقة الشعب؟

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 3

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب