ربيـــــع التلاميـــذ يدق ناقوس الخطـر

ربيـــــع التلاميـــذ يدق ناقوس الخطـر
الأحد 18 نونبر 2018 - 11:20

انتفاضة التلاميذ بالمغرب سنة 2018 سجلها التاريخ لهذه الفئة العمرية ضد قرار إداري لا شعبي، حيث لم تتم استشارة إرادة الشعب عبر ممثليه في البرلمان.

أو ليس الأطفال والتلاميذ جزء من هذا الشعب؟ أليس للأطفال حقوق؟ وقد منحتهم المواثيق الدولية لحقوق الإنسان حزمة منها تحت عنوان: “حقوق الطفل”.

أيكفي أن يكونوا قاصرين حتى نحجر على حقهم في الاختلاف وقول: لا؟

كثيرة هي الأسئلة التي فجرتها هذه الساعة، الزائدة-الناقصة، في عبث وارتجال وخضوع القرار السيادي الداخلي لمصالح اقتصادية خارجية، مما يؤشر أولا عن ضعف الدولة الفاشلة، وثانيا عن احتقار أصحاب القرار واستخفاهم بالشعب.

ولكن ردة فعل الجيل الجديد كانت صادمة، وهي ردة فعل عفوية، بعكس ما حاول بعض المسؤولين نعتها بالمؤامرة وبأن أياد خفية كانت وراء خروج المتمدريس إلى الشـــوارع والساحات العمومية للتعبير عن استيائهم.

إن هذه اللحظة بالعكس هي فرصة ثمينة ونادرة يجب أن تنبه الفاعل السياسي-الدولة إلى المخاطر والتهديدات المحدقة بها من الداخل قبل الخارج، وعلى رأسها بحسب رأينا:

استقالة الاحزاب:

تخلي الأحزاب السياسية عن أدوارها الأساسية في: التأطير، الدمج الاجتماعي للأفراد والجماعات، التربية والتنشئة السياسية على قيم المواطنة.

محاربة الدولة للفعل الحزبي:

ساهمت الدولة في إضعاف الأحزاب السياسية منذ الاستقلال إلى اليوم عبر ترويج صورة مشوهة عن الأحزاب والمناضلين والمتعاطفين، كما أن القمع والعنف اللذين ووجهت بهما في سنوات الجمر والرصاص ساهما في بناء جدار سميك من الخوف بين العمل الحزبي والمجتمع، كما أن تدخل الدولة في خلق أحزاب موالية لها (الأحزاب الإدارية) أزم المشهد الحزبي وساهم في بلقنته.

“جنينية المجتمع المدني المغربي”:

مفهوم “المجتمع المدني” بالمغرب ما يزال جنينيا، والدولة حاولت التسويق له كبديل عن الفاعل الحزبي مما جعله ينحرف عن سياقات اشتغاله، ومما أفقده كذلك استقلاليته عن السلطة وترك مسافة معها، وهو ما جعله رهينة عطايا تمويلاتها-التبعية، والمنفذ لإملاءات برامجها في القرى والمدن (تجربة التنمية البشرية)، بمعنى إن المبادرات المجتمعية أصبحت نازلة من فوق كأوامر وليست صاعدة من القاعدة كمطالب، وهذا وجه من أوجه تشوهات مفهوم المجتمع المدني المغربي، ناهيك عن الجمعيات العائلية، الريعية، الموسمية، والوهمية.

لهذه الأسباب وغيرها نلاحظ أن هذا الجيل غير المؤطر لا سياسيا ولا جمعويا قد انتفض ضد القرار الإداري بتغيير التوقيت الرسمي للمملكة بزيادة ساعة، انتفض انطلاقا من قناعات شخصية ومواقف عبر ردود فعل عفوية ولكن بأي مستوى من الاحتجاج؟

سأركز هنا على مظاهرة التلاميذ في الرباط لكونها عاصمة الدولة، فأمام البرلمان احتشد التلاميذ للاحتجاج على زيادة ساعة مطالبين بالعودة إلى التوقيت السابق، ولكن الشعارات التي رفعت والعبارات التي استعملت دقت وتدق ناقوس الخطر القادم للدولة، أن هؤلاء جيل يتطلب أساليب جديدة من التواصل، وأن العنف والترهيب لن ينفعا، كما أن الحشد الكبير في الواقع لا يستبعد أن وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي لعبت فيه دورا مفصليا.

إن لحظة الاحتجاج هذه تدق ناقوس الخطر وعلى الدولة دراسة الوضع قبل أن يدق القادم من اللحظات الإسفين في عنقها.

‫تعليقات الزوار

4
  • همجية في طور التكوين .
    الأحد 18 نونبر 2018 - 12:17

    أعتقد أن الكلمات النابية والساقطة والسب بالأم والعرض لايمكن أن تكون وسيلة احتجاج إلا عند منعدمي الأخلاق قليلي التربية قليلي الحياء كلمات يستحيل أن تسمعها وأنت تجالس أخاك أو أمك أو أيا من أفراد عائلتك إن جيل سفيها لن ينتج إلا السفاهة ومن يشتم بغليض القول صغيرا سوف لن يعدم أن يسرق ويخون الأمانة كبيرا فالأمم الأخلاق ما بقيت .

  • موحند
    الأحد 18 نونبر 2018 - 16:14

    مقال جد قيم. وكم من ناقوس للخطر يجب علينا دقه لكي يفيق اهل الكهف من سباتهم؟ ما يحدث في المغرب تعدى الحدود وكل يوم نسمع خبر مؤلم يزيد النزيف نزيفا؟ اين اولياء امور الاطفال واين المسؤولين في الدولة؟ واين المثقفون والعلماء والفقهاء والنخبة وذوي الضماءر الحية؟ وهل TGV اهم من الاطفال؟ نحن جميعا ذاهبون الى الهاوية وسيبقى TGV وحيدا خالي من الركاب المغاربة لان الله سيبدل قوم بقوم اخر.

  • راي1
    الأحد 18 نونبر 2018 - 16:50

    اظن ان من الخطأ تحميل الدولة وحدها مسؤولية اضعاف الاحزاب وخاصة تلك التي انبثقت من القواعد الاجتماعية.قد يكون للدولة يد في ذلك لكن هذه اليد كان عملها سيفشل لو كانت هذه الاحزاب منتموها اصحاب مبادئ قوية تمنعهم من الخضوع لغواية للاوراق الزرقاء ولاغراءات المناصب .فعلا اذا انطلقنا من طبيعتنا كبشر متجه نحو ذاته يبحث عن مصالحه الخاصة لكان ذلك مبررا لكن بالنظر الى طبيعتنا الاجتماعية والاخلاقية وقابليتنا للتضحية من اجل الغير فهذا ااسلوك غير مبرر.اما عن هبة التلاميذ فيستوجب العمل على اكثر من واجهة واجهة اعداد الشروط التي تخرج هؤلاء من اليأس بتمكينهم من الحياة الكريمة.وواجهة توفير الظروف المناسبة لتربيتهم على مختلف القيم الايجابية ومن ضمنهها حب الوطن.

  • محمد الصابر
    الإثنين 19 نونبر 2018 - 14:58

    كلما خرجت فئة للمطالبة بحقوقها، والتعبير عن رفضها لمجموعة من القرارات اللاشعبية، إلا وانهال عليهم أصحاب نظرية المؤامرة باتهامات مجانية، وأحكام مسبقة.
    صحيح لان النتائج ستكون إنتاج "فرد قنبلة" يمكن أن يُستعمل كوسيلة في يد المتآمر ، والذي يكون فيه التلميذ مهيئا لارتكاب أية جريمة في أية لحظة وبامكان الغير استغلال طيشه في الجريمة خاصة ضد الوطن.
    وغير صحيح ـ وهذا ماأراهن عليه ـ لان التلميذ سيتعلم التفكير والممارسة النقدية قبل الاقبال على أي فعل احتجاجي أو مؤيد لتوجه ما مستقبلا ولاينساق لاي موقف الا من اختياره في وضعية تصنع منه شخصا قادرا على التحليل، والنقد، والمحاججة، فردا ينتج مواقف، ويستطيع مقارعة الحجة بالحجة.ليس بالضرورة الاختلاف دائما أو الاتفاق مع أحد ،وانما المهم هو بناء الشخصية المتموقفة وليست المشحونة مسبقا أوالمتامرة ، والتي ليست الكلمات الاأخلاقية جزءا منها لانها ستنمحي وستختبئ .كما نتمنى أن تكون صدمة الساعة والحكومة ـ كما يفهمها التلميذ ـ وصدمة المدرسة والمناهج ـ كما يعيشها ـ مساهمة في خلخلة وعيه السياسي والذي لاتعرف الاحزاب ألفباءه ، ذلك هو التلميذ الذي ننتظر.

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 3

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب