مازال قطاع الصحة في المغرب يشكو فوضى الاستشارات الطبية، ولا يخضع لمنطق استقصائي علمي دقيق، كما يحدث في معظم مستشفيات الدول المتقدمة؛ إذ لا يختلف الأطباء المحليون كثيراً عن المعالجين التقليديين، فيكتفي الطبيب بالتبصّر في الوصفات بعد تأمل لدقائق معدودات، وإنصات “بُراقي” للمريض، بعيدا عن اعتماد أساليب علمية حديثة في الاستقصاء المتأني، كالسؤال عن الوسط العائلي وأسلوب الحياة، وسياق المرض، وتاريخ المريض الصحي، وعادة ما لا يتوفر الطبيب المعالج على ملف طبي للمريض، فيخمن المرض والدواء بناء على تحليل كلام المريض والفحص الأولي، تماما كالمعالج التقليدي الذي يقدّر الدواء والمرض، ثم على المريض تناول الدواء الموصوف، فإذا تحسّن وضعه وتماثل إلى الشفاء، فهو قد نفذ بجلده، وإذا تدهورت حالته الصحية، دخل في دوخة بين الوصفات والأطباء، كل يصف المرض حسب قراءته للحالة، وكأن هؤلاء الأطباء درسوا في كليات مختلفة، وعلوما مختلفة، ولا يتوفرون على مقاييس علمية مضبوطة، وما يضير المريض منا هو ممارسة العديد من الأطباء رياضة “القفز الذهني”، وذلك باستنتاجات متسرعة، نظرا لضيق وقت الطبيب؛ إذ لا يمنحك الوقت الكافي للإنصات والتجاوب والنقاش، فبعد دردشة لدقائق، ولمس لثواني، يجلس على مكتبه، ويدبج لك وصفة من الأدوية، يقدّرها بناء على تجربته وتخميناته في هذا المجال، وعليك أكلها ضارة أو نافعة…إنه الطبيب الذي يمتلك مؤهلات شرعية للإدلاء برأيه الطبي، وتؤكدها تلك اللافتة التي يضعها على مدخل عيادته.
لا يوجد مريض بالمغرب، ولو من الفئات الشعبية، لا يزور أكثر من عشرة أطباء في القطاع الخاص لفحص حالته إذا تعلق الأمر بمرض مستعصي التشخيص، كالدوخة مثلا، وهذه حالتي الآن بمدينة الجديدة؛ إذ استنفذت قراءة معظم أطبائها، وأنا الآن آخذ اتجاه الرباط والدا بالبيضاء لزيارة الأساتذة الجامعيين قصد تشخيص المرض، فقد تضاربت القراءات الطبية بين شك في الأذن الداخلية وفي التوتر “الستريس”، وفي فقرات الرقبة (سيرفيكال)، وقال لي أحد خرّيجي الطب الروسي بالمدينة، وهو يدير مشفى خاصا، إن الدوخة (vertige) تأتيني من احتباس الدم بسبب ضغط في الفقرات في العنق، هذا مع أنه لم يصف لي أي دواء يعالج مشاكل الدورة الدموية، بينما أكد لي بروفيسور أن الدوخة لا تأتي من “السيرفيكال” بتاتا، كما أكد على ذلك أطباء الأعصاب بالمدينة، ولكن هي ناجمة عن أعضاء أخرى في الجسد، كما أضاف البروفيسور أن هذا الاعتقاد كان سائدا في ثمانيات القرن الماضي، وهنا أتساءل كيف تغيب هذه المعلومات عن هذا الطبيب الشاب الذي درس بروسيا، وهل نترك أطباءنا يزاولون المهنة دون تحيين معارفهم، واجتياز اختبارات دورية، لأن الأمر يتعلق بصحة المواطن وليس بصحة قطة! وحتى القطط فلها اليوم أطباء أكفاء بأوروبا وأمريكا!
لقد أنفقت حتى الآن حوالي 8000 درهم كمصاريف علاج، ولا أحد من الأطباء في القطاع الخاص والعام استطاع الجزم في الأسباب الناجمة عن الدوخة، لماذا تصيب هذه الخسارة جيب المواطن وميزانية الدولة؟ لماذا يضطر المواطن إلى الطواف بين الأطباء فقط لتشخيص سليم للمرض؟ هل هذه مشكلة المواطن أم مشكلة تكوين الأطباء أم غياب تنسيق وتنظيم في القطاع؟ ويتحمل المريض جزءا من النفقات بينما تتحمل صناديق التغطية الصحية باقي النفقات. لماذا هذا الهدر الزمني والمادي الذي يطال المواطن والدولة في إطار غياب مراقبة صارمة وتنظيم تسلسلي لمهنة الطبيب في القطاع؟
ليست قصتي إلا نقطة عابرة في نهر يفيض بمعاناة الكثير من المغاربة في دوختهم بين الأطباء بحثا عن العلاج؛ إذ في ظل غياب خارطة طريق، يتم الآن إرشاد المريض إلى الطبيب الكفء في مجال تخصصه عبر قنوات اجتماعية مألوفة، تتحكم فيها تزكية الأقرباء والجيران والمعارف وزملاء العمل، وليس عن طريق إرشادات ممنهجة لأطباء في التخصص العام، كما هو الشأن في الدول المتقدمة.
وعادة ما يزور المريض الأطباء بالمغرب حسب سمعتهم في المدينة أو القرية، وهكذا تجد البروفيسور يحتل مكانة عالية، ويوجد في قمة التخصص، ثم يتبعه الطبيب المتخصص ذائع الصيت، ثم يأتي الطب العام في المرتبة الثالثة، وبهذا التصنيف التسلسلي، قد يرتكب المغاربة أخطاء فادحة في التعامل مع العلاج الطبي؛ إذ غالبا ما يختارون الذهاب إلى الطبيب المختص منذ الوهلة الأولى عند شكهم في مرض عضو من الأعضاء، وهذا الاختيار من المفروض أن يصدر عن طبيب مختص في الطب العام، لكن المريض منا يقوم بهذا الدور بنفسه في غياب طب عام مقنن، فإذا أصاب أحدهم تقيأ مثلا، قصد طبيبا مختصا في الجهاز الهضمي، هذا على الرغم من أن التقيؤ قد يكون ناجما عن أعضاء من اختصاص طبيب الأعصاب أو طبيب الحنجرة والأذن، وهكذا قد يتيه المريض بين الأطباء، كالذي يطوف المزارات بحثا عن الاستشفاء.
إذا كانت مؤسسات الدولة والمواطن هم الخاسرون في هذه العملية، فالأطباء وشركات الأدوية هم الرابحون الأكبر من هذا الطواف! تُباع الأدوية بوصفات مرتجلة، ويراكم الأطباء ثروات من الاستشارات الطبية التي قد تفوق خمسين استشارة يوميا في بعض العيادات، والمعدل الذي يقف عنده الأطباء هو ثلاثون استشارة يوميا، فتخيلوا هذا العدد بالنسبة لطبيب يفحص أعضاء دقيقة! إن السؤال الجوهري هنا هو كيف يستطيع هذا الطبيب التركيز مع هذه الأعداد الهائلة يوميا؟
إن الرابح الأكبر بدون منازع في قطاع الصحة هم أطباء القطاع الخاص الذين يستخلصون ثروات/ جبايات طائلة من جيوب فقراء هذا الوطن؛ إذ لا يعقل أن يراكم الطبيب ثروة طائلة من عمله في بلد فقير يضطر فيه المريض إلى السلف أو بيع ما يملك قصد علاج أسقامه، ومعظم الفئات الشعبية التي تتردد على الأطباء، لا تتوفر على تغطية صحية، مما يعتبر هدرا اقتصاديا، قد يتسبب في ضياع مصائر عوائل، كما أن الأطباء يكدسون ثروات باذخة وهم ليسوا بمنعشين اقتصاديين، فبينما يشكل الطبيب في دولة متقدمة إطارا متوسط الدخل مثل سائر كوادر الدولة، يتحول في المغرب إلى ثري، يمتلك عقارات وفلل ومسابح وسيارات وقطع أرضية وغيرها من مظاهر الترف التي تفضح جشع الكثير من الأطباء؛ إذ عوض اهتمامهم بصحة المريض، يتم التعامل معه كرقم في طوابير الانتظار وسومة مادية يؤديها عند الكشف، فكيف تفسر أن طبيبا يفحصك بالأجهزة التي يمتلكها، ولكل جهاز يخصص قيمة مادية، ولا أحد يعلم إذا كنت في حاجة إلى تلك الفحوصات أم هي فقط “حق الزيارة”، ثم يقوم بفوترة الفحوصات بقيمة تفوق السومة العادية للفحص؟
لقد حان الوقت لتقنين قطاع الصحة ليس فقط عبر توزيع عادل ودقيق للتخصصات وفرض دورات تكوينية على الأطباء، بل اشتراط اجتياز اختبارات دورية لتجديد الرخص وتصنيفها حسب الكفاءة العلمية؛ وذلك لأن هناك أطباء مازالوا يعملون بمعارف قديمة، ووصفات طبية خطيرة على صحة الإنسان، وهناك من الأطباء في التخصص العام، من يقوم بوصف أكثر من ستة أدوية، شكا في مرض أو اثنين، وهكذا، قد يحقق الطبيب نتائج جيدة في علاج المرضى، ويكتسب شعبيته، لكن لا يعلم زواره أنهم يتعرضون لعملية تخريب ممنهج لصحتهم، عبر وصفة أدوية وجرعات زائدة قد تضر بجسدهم على المدى البعيد، فالطب الحديث اليوم يرتكز على نوع الأدوية ودقتها، وضبط الجرعات الموصوفة، لكن مع الأسف مازال الكثير من الأطباء يقدّر الدواء في ثواني ويكتب الوصفة، ثم يلقي بك خارج العيادة، ولك حق العودة إذا لم يلائم الدواء حالتك الصحية، لتتحول إلى فأرة مخبرية يجرب فيك الأدوية وتملأ جيوب شركات القطاع، ناهيك عن اختيار بعض الأطباء وصف أدوية من صنع شركات معينة مقابل عمولات سرية.
لقد حان الوقت لوضع خارطة طريق قصد إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب؛ إذ يجب إيقاف نزيف طواف المرضى بين متاهات الأطباء، وذلك بوضع هندسة علاجية ابتداء من الطبيب العام الكفء الذي يتوفر على ملف المريض وتاريخ أمراضه إلى الطبيب المختص الذي يعمل بتنسيق مع هذا الطبيب، مما سيقلص حتما من مصاريف العلاج لفائدة الدولة والمريض، فعوض الطواف بين عيادات الأطباء، يجب انتقال المريض بشكل منظم بين الأطباء والتخصصات المصنفة بشكل يضمن صحته ويرشّد الإنفاق، فبدون بنك معلومات حول صحة المرضى، وتقنين متابعتهم الصحية، سيظل القطاع الخاص والعام يعملان بشكل عشوائي، يشجعان المرضى على التيه بين مزارات الأطباء والانتظار في طوابير وتجريب وصفات قصد طلب الاستشفاء، والخاسر الأكبر دائما في هذه العملية هم صناديق الدولة والمواطن.
كل الأطباء الاختصاصيين الذين زرتهم لم يطلبو منك التحليل الطبي لعينة دمك ربما تكون الدوخة التي تعاني منها نتيجة فقر الدم انخفاض في نسبة الهيموغلوبين الذي ينقل الاوكسجين بكمية أقل الى خلايا المخ والى انخفاض نسبة الحديد انصحك بطبيب بارع اخصائي فى أمراض الدم بمدينة الرباط
الطبيب المغربي، إلا من رحم ربك، طور جرأة لا تصدق في عدم إخفاء أن كل ما يهمه من المريض هو جيبه، وبالتالي يضاعف من سوء الحالة النفسية للمريض ويجعله يندم على الزيارة. ناهيك عن العجرفة التي أصبحت ملازمة للكثير من أطباءنا وكأن دورهم ليس مداواة المريض وإنما ممارسة" السلطة" عليه.
صدق من قال الجاهل ليس بالضرورة غير المتعلم
بالشفاء العاجل أستاذنا العزيز. (ما زالت ذاكرتي تسجل ذكريات طيبة عنكم، وعن المواد التي درسناها، على أيديكم، بشعبة اللغة الإنجليزية: الأسلوبية، الرواية، والقصة القصيرة). مع مودتي وتقديري.
أكره مايكرهه الطبيب هو العلاج بالاعشاب،لماذا؟
لانها تنافسه في رزقه وفي فاتورته 250 درهم.
لان الدواء الطبي الكيميائي العلمي فعال ـ كما يعتقد ـ في العلاج ولامناص منه.
لان العلاج مضمون في نظره اذا تم تتبع الدواء بالمنهجية المعطاة.
ولكن الخطورة التي لايريد أغلب الاطباء ومعهم الصيادلة قولها هي أن بعضهم لايحترم المريض بمراعاة العجز المادي لدى بعض الفئات وبمراعاة عدم تناقض الادوية،والأخطر هوغض الطرف عن العلاج بالتغدية وبالطب البديل والماكروبيوتيك وبالرياضات التي لها من الاثار الفعالة أكثر مما لدى كيميائيات الاقراص،وهذا فيه مبالغة التي قد تعترف الى حد ما بما لدى التوازن التغدوي من أهمية ولكنها لاتعترف بما لدى العطور والتوابل من تأثيرات على الصحةفي العلاج بتوازن.
هذا التوازن لايهم الطبيب العلمي،ومن ثمة فهو لايعترف،في حين يتم علاج أغلب البشر في اسيا وامريكا اللاتينية ببهارات مفيدة ومجربة وأخرى مازالت تحت التجريب،وفي المغرب تم حضور الطب الفرنسي بنقائصه وانسداده أمام الطب الامريكي والاسيوي،وعدم التنقيب والبحث في الطب التقليدي،فلماذا؟
يااخي الدوخة ماشي مرض ،المغاربة كلهم كايتزادوا من كرش أمهم دايخين.
ا نا لا اقصد الد وخة التي يتبناها مقال الكاتب وانما دوخة حقيقية منذ ان كان عمري خمسة سنوات وانا اعاني مرارة الدوخة وعدم التركيز في دراستي وفي حياة الشخصية مما جعلني مريض في حياتي كلها الى حد الساعة
عن تجربة منذ أكثر من 10 سنوات
كلما أصاب بمرض أنا أو أحد أفراد أسرتي
قبل الذهاب إلى أي طبيب أقوم بما يلي:
أشخص الحالة بنفسي ويتطلب مني الأمر وقتا وذلك عن طريق كبير الأطباء المسمى google أزور العشرات من المواقع بحثا عن أعراض مثل التي لدي حتى وغالبا أستطيع تشخيص المرض، وآخر نموذج
أمي لمدة سنين وهي تعاني من مرض وزارت عشرات الأطباء ولم يستطع أحد تشخيص نوع المرض، حتى قمت مؤخرا بنفس البحث وقمت بتشخيص مرضها بناء على أعراضها . من خلال أعراض أُناس آخرين في منطقة ما من العالم.
وعندما أزور الطبيب لسبب ما أتحدث له عن التشخيص حتى قبل أن يبدأ بالفحص ومنهم من يبدي أنزعاجا لذلك: زعما "ماراضيش" وفي آخر المطاف يتنازل ويعطي نفس التشخيص .