تجار الأوهام

تجار الأوهام
الخميس 3 يناير 2019 - 22:55

تجار الأوهام تجار من نوع آخر، بضاعتهم من كذب، وخداع، وبهتان، يبيعونها للراغبين المقبلين عليها من السذج والمغفلين، ويجنون من وراء ذلك، عفوا وبلا تعب، ما يشاؤون من المكاسب، وما يجدون إليه سبيلا من المغانم. فمن يكون هؤلاء؟

ـ من تجار الأوهام معالجون مزيفون يزعمون لمن يقصدهم ممن غلبهم المرض، وأنهكهم العوز، وأضعفهم اليأس، أن خلطتهم العجيبة تكشف كل ضر، وتستأصل كل وجع، من صداع الرأس إلى الداء الوبيل الخبيث الذي استعصى على أكفأ الأطباء النطاسيين.

ـ من تجار الأوهام دجاجلة أفاكون يدعون بأن تمائمهم وتعويذاتهم السرية العجيبة قادرة على إحضار الغائب، وتقريب البعيد، وجلب الحبيب، وتليين الصلب المتين، وتحويل العنيد إلى مطواع منصاع ينقاد كما تنقاد الدابة الحرون إلى السائس.

ـ من تجار الأوهام نصابون يتلقفون الراغبين في تقصير المسالك، ويوهمونهم بأن لهم معارف في كل الدواليب، شخصيات متنفذة تستطيع اقتحام المنيع، وتسريع البطيء، وتقصير المديد، والتمكين من المستحيل؛ وبعد ملء الجيوب يختفون، ويتركون ضحاياهم من المخدوعين يكتالون الرياح ويقلبون الأكف.

ـ من تجار الأوهام محتالون يقتنصون الطامعين في الكنوز، يستدرجونهم بمسحور الكلام، فينشل كليا إدراكهم، ويتعطل تماما تفكيرهم، فلا يرون حينئذ سوى مشهد بقعة الثراء في الأرض، وفي البقعة حفرة عميقة، وفي الحفرة الصندوق المدفون، وفي الصندوق يتلألأ الكنز المكنون، وحين يستفيقون يكتشفون أنهم سلموا المحتالين طائعين كل ما طلبوا، وتركوا لهم حفرة غائرة في الرأس والقلب والذاكرة.

ـ من تجار الأوهام ماكرون ينتقون بمنتهى الدهاء أدوات تنفيذ مخططاتهم، من ذوي العقول الضيقة، وآفاق التفكير المحدودة الذين يأتمرون بما يؤمرون بلا سؤال ولا مناقشة، فيدفعون بهم إلى ارتكاب جرائم شنيعة في حق الإنسان والإنسانية، بدم بارد، ودون أن ترف لهم الجفون.

ـ ومن تجار الأوهام أيضا تجار من نوع خاص، إنهم المنتفعون من الاشتغال بالسياسة، وتفاديا للتعميم، ودرءا لتهمة التبخيس، أو الرمي بالتدليس وإشاعة التيئيس، نستثني الشرفاء النزهاء المتعففين العاملين عل خدمة الصالح العام. المقصودون، طبعا، هم الذين يلجون عالم السياسة وأطماعهم تشرئب أولا وقبل كل شيء إلى مقاعد يحتلونها، أو مناصب يتقلدونها، أو امتيازات يظفرون بها، أولئك الذين لا يخلفون موعد الظهور في كل استحقاق، بيد أنهم يخلفون الوعود المقطوعة، تراهم يفتحون بهمة ونشاط مقراتهم، كي لا نقول دكاكينهم التي ظلت ردحا من الزمان موصدة، ويحشدون بشتى الوسائل جموع السامعين، ليفتحوا أفواههم للمناداة على ما لديهم من معسول الوعود، منبهين إلى أنهم ليسوا مثل غيرهم من المقيتين الذين يعدون ولا يفون، ويقولون ما لا يفعلون.

يعدون بتشغيل جحافل العاطلين المتزايدين.

يعدون بفك العزلة عن العالم القروي.

يعدون بإصلاح منظومة التربية والتكوين.

يعدون بتجويد الخدمات الصحية.

يعدون ويعدون…

وقد انضاف إلى هذه القائمة أو الجيل من الوعود التي صارت بقوة التكرار محفوظة عن ظهر قلب، ومن فرط الاجترار مملولة ممجوجة، الوعد بالتصدي بلا هوادة للمفسدين الذين أكثروا في البلاد الفساد.

إن الثقة في تجار الأوهام على اختلاف مجالات تحركهم تبقى سذاجة قد تبلغ حد السفاهة والبلاهة أحيانا، والحال أن الثقة ينبغي أن تكون ثقة في العقل الذي كرمه الله عز وجل، وثقة في النفس، وثقة في المحيط الإيجابي، وثقة في الفعل البناء، وثقة في المستقبل المنظور.

‫تعليقات الزوار

2
  • chouf
    الجمعة 4 يناير 2019 - 06:58

    ما اكثر الاوهاب في عصرنا.كل له وصفات.اتسرى في اي مدينة ترى العجب.والتداعيات ومن شعوذات ودجل وسحر واستخراج الكنوز واليطان وغير ذالك والطب التقليدي على اختلاف فروعه والنصب على الاشخاص من سماوي والحجامة اشخاص خرجوا على كثير من الناس بالكذب والافتراء راج يقول انا اقرا اية الكرسي وقل هو الله تكفي تحرق الجان وزد وزد.الدجل موجود والسرة موجوديين والجهل موجود اشياء غريبة تحصل والله يستر.

  • sifao
    الجمعة 4 يناير 2019 - 19:40

    كل الاعمال والافعال الدنيئة والعنيفة ،الشعوذة،السحر،الدجل،السرقة ، الكذب ،الاغتصاب،التسول،القتل،النميمة،النفاق …مُشرع لها في اصل وفروع الملة، فما نراه اليوم من مظاهر،يُفترض ان تكون قد اندثرت منذ قرون،ليس الا ترجمة لمضامينها على الارض،ما يجمع المشعوذ،والساحر،والدجال،والقاتل، والمتسول،والكذاب,,,,هو تصرفهم وفق مرجعية معينة بصفة شرعية، اللوم ليس على هؤلاء ، فهم يقدمون خدمات مطلوبة بالحاح،ومن يعتقد ان مرد ذلك الى انتشار الامية والجهل ومكر المشعوذين وفساد المؤسسات و…و…فهو مُخطئ تماما ،كم مهندس وطبيب واستاذ ومدير و…و….تلاعب به مشعوذ باسم الله،والا كيف سنفهم ان طبيببا مختصا في الامراض العقلية،psychiatre مثل "العثماني"يقتنع ان الجنس لا يمكن ان يتم الا في اطار الحياة الزوجية ؟ أين التحليل النفسي،اختصاصه الاكاديمي في موقفه هذا؟وما اساسه ؟وما الفائدة ان تُنفق الدولة اموالا طائلة في سبيل انتاج هكذا نموذج ، يتلاعب به رجل دين فيغير فهمه للمسألة الجنسي؟ هذا مجرد مثال،
    اذا،الانتليجينسيا المغربية لم تستطع الى حد الآن اقتحام الموضوع بالجدية المطلوبة،ابادة الباعوض يستوجب تجفيف المستنقع …

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير

صوت وصورة
تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:55

تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس