وأنا أتصفح جريدة “أخبار اليوم” في عددها ليوم 15 يناير 2019، استرعى انتباهي ما جاء على لسان الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، الأستاذ عبد الإله بنكيران، في شأن الملكية واليسار، والوحدة الترابية وإمارة المؤمنين. فتساءلت مع نفسي عن دلالات هذا التصريح ومقاصده.
فهل يمكن اعتباره تصريحا لخلط الأوراق وتوجيه الرأي العام الوطني عما يتداوله عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي حول مسلكيات بعض عضوات وأعضاء حزب العدالة والتنمية القياديين؟ التي كان بالإمكان اعتبارها تدخل ضمن إطار الحياة الشخصية للأفراد لو لم تقترن بما يتناقض وما يقدمونه للمجتمع من منظومة أخلاقية بديلة، مستمدة من شرع الله وحقه على عباده كما يعتقدون.
أم ردة فعل على إعادة فتح النيابة العامة لملف أحد قيادييه المتورط في جريمة قتل الشهيد ايت الجيد بنعيسى؟ وما صاحب تقديمه من تصريحات يشككون من خلالها في المؤسسات التي يتولون مسؤوليتها من داخل الحكومة، ومن تجييش للأنصار والمليشيات برئاسة الأستاذ بنكيران أمام المحكمة في مشهد جعل المتتبعين يعتقدون وكأنهم أمام فيلم من أفلام آل باتشينو. أو حتى للرد على بعض مواقف أعضاء حزبه التي يمكن أن يفهم منها أنها منحازة للمواقف المطالبة بالملكية البرلمانية، ولو أن موقفها يمكن أن يأخذ تأويلات متعددة، والتأكيد على كونه، ومعه حزبه، ما زال مدافعا على الملكية كمؤسسة دستورية تسود وتحكم.
أم إنه تصريح يأتي في سياق التهجم على قوى اليسار التي يتواجد مشروعها المجتمعي على نقيض ما يعتقد به؟ والتي طالما عبر عن حقده تجاهها وذلك منذ النشأة، إبان مرحلة وزير الداخلية السابق المرحوم ادريس البصري، التي يعتبرها الآن كذلك مسؤولة عن حملة التشهير التي طالت أعضاء وعضوات حزبه؟ وبما أن عملية تخوين المناضلين الشرفاء لا تستقيم في الأدبيات السياسية المغربية دون التشكيك في وطنيتهم واتهامهم بالتآمر على العرش والوطن، كان من الطبيعي أن يعتبر اليسار عنصر فتنة ودعاة إلحاد وخونة للوطن والعرش، وهي تهمة طالما حوكم وعذب وأعدم بسببها كثيرون من المناضلين الشرفاء.
أم إن كل هذه القراءات لا تهم إلا الظاهر من التصريح ولا تلامس ما تبطنه من استراتيجية غير معلنة في تفكير حزب العدالة والتنمية، ومن خلالها حركات الإسلام السياسي، في كيفية التعاطي مع الدولة والمجتمع حتى، وإن استهلتها بالدفاع عن العرش وإمارة المؤمنين التي نعرف جيدا أنها تتعارض واستراتيجيتها القاضية بإقامة دولة الخلافة والولاء المطلق لمرشدها العام؟
وبالتالي، فهل يمكن اعتبار هذا التصريح دفاعا عن العرش والملكية؟ وهل هو دفاع عن الدين والوطن مما يتهددهما من قوى اليسار؟ أم هو دفاع عن قوى الإسلام السياسي ومن ضمنها حزب العدالة والتنمية وما يبطنه من قيم مناقضة لقيم الديمقراطية والحداثة؟
من أجل محاولة تلمس الأجوبة لمجمل ما طرحته من أسئلة، لا بد من الوقوف عند ثلاثة عناصر أساسية وردت في تصريح الأستاذ بنكيران.
1. الإسلام السياسي والمسألة الديمقراطية والملكية
عندما نتحدث عن المسألة الديمقراطية كآلية لنظام الحكم في العصر الحديث، فإننا نستحضر كل المخاضات العسيرة التي مرت منها هذه المسألة، وما قاسته الشعوب من معاناة مع أنظمة الحكم الاستبدادية والشمولية من أجل أن تفرض نفسها كشريكة في الحكم والسلطة من خلال مؤسسات تشريعية وتقريرية منتخبة بشكل حر وديمقراطي، تربط المسؤولية بالمحاسبة، وأجهزة تنفيذية تخضع لآليات المراقبة تشتغل وفق المقتضيات التي يقرها مبدأ فصل السلط، الذي يشكل، إلى جانب الانتخابات الحرة والنزيهة بين الفرقاء السياسيين، أحد اعمدة أنظمة الحكم الديمقراطية.
كما لا يفوتنا في هذا السياق التذكير بما عانته النخب الفكرية من قمع ونفي وإعدامات من أجل تسييد قيم الديمقراطية والحداثة والمضامين الجديدة لنظرية العقد الاجتماعي التي تجعل من الشعب شريكا في العملية السياسية الديمقراطية. ويمكن الاستشهاد هنا بما عاناه جان جاك روسو من حيف وتهديد بالقتل من طرف الحكام ورجال الدين المسيحيين بأوروبا، الذين اعتبروه محرضا للشعوب على حكامها، وملحدا، رغم كونه كان من أشد المعارضين للمتهجمين على المعتقدات الروحية، كيف لا وهو القائل “لا علم بدون أخلاق ولا حضارة بدون ضمير”. فعملوا على تهميشه ونفيه في أواخر سنوات عمره، ليموت ويدفن بعيدا، في قرية نائية بفرنسا، قبل أن يعترف به رجالات الثورة الفرنسية بعد عشر سنوات من مماته، ليعيدوا دفنه في مقبرة العظماء بباريس. هذا في الوقت الذين كان فيه رجال الدين المسيحيون، من أمثال أستاذنا، يزكون الاستبداد والحكم المطلق ويعتبرون أن ما يحل بالشعب من فقر وأمراض ومجاعة هي قدر إلهي وعقاب الله لعباده عما يقترفون من خطيئة وخروج عن طاعة الحاكم.
أقول قولي هذا من أجل وضع كلام الأستاذ عبد الإله بنكيران في سياق ما راكمته الشعوب من تضحيات في سبيل إحقاق الديمقراطية والحرية.. وأن ما صرح به من كونه يدافع على الملك والملكية بالقول إنه ضد الملكية البرلمانية ومع الملكية التنفيذية والتقريرية التي تتجسد في شعار الملك يسود ويحكم، فهو بذلك يتماهى مع ما كان يصرح به رجال الدين المسيحيون في دفاعهم المستميت على نظام الحكم المطلق، ولا أظنه بذلك يدافع عن الملكية أو الملك ونحن في القرن الواحد والعشرين، بل يدافع عن حقيقة تصوراته المذهبية والفكرية المنافية للديمقراطية والحداثة، حتى وإن اعتمد هذه الأخيرة كآلية تكتيكية وليس قناعة استراتيجية للوصول إلى السلطة من أجل توفير المزيد من الشروط للتحكم في مفاصل الدولة والمجتمع في انتظار ما يمكن أن تتطور إليه الأحداث، حتى يستظهر ما يبطنه في استراتيجيته التي هي استراتيجية الإسلام السياسي السني، التي تروم إقامة دولة الخلافة على عموم البلاد الإسلامية في حدها الأقصى، وفي التحكم في مؤسسة العرش في حدها الأدنى، عندما تضعف هذه الأخيرة وتفقد شرعية وجودها، وينأى المجتمع عنها بعد أن ينسب إليها كل الاخفاقات في تدبير السياسات العمومية، وذلك بحكم المسؤولية السياسية للملك بصفته رئيسا للدولة، حتى وهو غير خاضع للمحاسبة، وهو ما يتنافى أيضا حتى مع الأنظمة الديمقراطية الرأسية.
وبالتالي، فدفاعه عن الملك بالشكل الذي يدعيه، وفي القرن الواحد والعشرين بما تشهده شعوب العالم بصفة عامة، والمغرب بصفة خاصة، من تحولا ت عميقة، ونزوع إلى الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية، لا يمكن اعتباره دفاعا على العرش، بل هو في عمقه يسعى إلى إضعافه في أفق تقويضه أو احتوائه، بعد أن يفقد المجتمع ثقته فيه نهائيا نتيجة ما يعيشه من إحباطات متكررة، وأوضاع اقتصادية وسياسية صعبة ترخي بظلالها على فئات اجتماعية واسعة أصبحت في غالبيتها مدركة، حتى وإن لم تعلن ذلك علانية وبشكل جهور، أن الملك بصفته رئيسا للدولة يتحمل القسط الوافر من المسؤولية حتى وإن لم يكن خاضعا للمساءلة القانونية والدستورية، وهو ما يمكن استنتاجه كذلك مما وصل إليه المجتمع من مراحل متطورة في وعيه الجمعي، الذي فقد الثقة في الوسائط والمؤسسات، وأصبح يتجه نحو رفع مطالبه إلى الملك مباشرة بصفته رئيسا للدولة.
إذن، في مثل هذه الأوضاع والظروف الدولية والوطنية، فإن من يريد أن يطور نظام حكمنا السياسي، ولا أقول الدفاع عن العرش، هو من يتجرأ بقول الحقيقة للحكام، وتنبيههم إلى ما هم عليه، وإلى ما يحيط بنا من أخطار تمس استقرارنا السياسي والاجتماعي، وأن لا خلاص إلا بتوفير شروط الانتقال إلى الملكية البرلمانية كمدخل من مداخل الانتقال إلى الديمقراطية، وليس الدفاع عن الحكم المطلق وما يصاحبه من فساد سياسي واقتصادي يشكل سمة ملازمة لأنظمة الحكم اللا ديمقراطية، سواء كانت ملكية أو جمهورية، التي تشكل البيئة الحاضنة لترعرع كل أنواع التفكير السلفي والخرافي.
كما أن الأستاذ بنكيران والرعيل الأول من جماعته، حتى وإن أبدوا هذا الدفاع المشكوك فيه عن الملك والعرش، بحكم الوعد الذي قطعوه على أنفسهم أمام شيخهم الدكتور الخطيب في هذا الشأن، إلا أن لا ضمانة مع المنتسبين إلى حزبهم من الشباب المتشبع بالفكر السلفي ومنهج النبوة، الذين يكفرون الحاكم والمحكوم، وكل من يخالفهم الرأي، ويعتبرون أنفسهم في حل من الوعد الذي قطعه أسلافهم من الرعيل الأول لحركة الإخوان المسلمين.
2. اليسار والمسألة الديمقراطية والملكية
صحيح أن اليسار بكل مكوناته قد عمل في مرحلة تاريخية على إحداث التغيير بالقوة، ومنه من تبنى نظرية العنف الثوري من أجل إنجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية، خاصة في أواخر الستينات ومرحلة السبعينات من القرن الماضي، التي كانت تشهد مدا واسعا للفكر اليساري ليس على مستوى المغرب فقط، بل على مستوى العالم، وهي المرحلة كذلك التي عمد الملك الراحل الحسن الثاني خلالها إلى تعليق العمل بالمؤسسات الدستورية، ليتحول على إثرها إلى الحاكم المطلق والمستبد بالشأن السياسي، مع كل ما رافق تلك المرحلة من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في حق معارضيه من التقدميين واليساريين، لكن ابتداء من أواخر السبعينات وحتى نهاية الثمانينات من القرن الماضي التي اتسمت بانهيار حائط برلين وانهيار الكثير من الأنظمة الاشتراكية عبر العالم، عمد الكثير من اليساريين المغاربة إلى إحداث مراجعات فكرية تؤسس لفعل سياسي جديد يقطع مع العنف الثوري كآلية لحسم السلطة، ويتبنى النضال الديمقراطي الجماهيري عبر ما يتيحه ما سمي آنذاك بالهامش الديمقراطي الذي أتى نتيجة للتضحيات التي قدمها المجتمع المغربي وفاعليه السياسيون من وسط وأقصى اليسار، وليس الإسلاميين أمثال الأستاذ عبد الإله بنكيران، الذي كان يضع وجماعته حينها يده في يد وزارة الداخلية ويقدم فروض الطاعة والولاء، والتعبير عن استعداد جماعته لوأد اليسار من الشارع واجتثاثه من الجامعات كما ورد في رسالته الشهيرة إلى وزير الداخلية المرحوم ادريس البصري سنة 1986.
بالإضافة إلى الوضع المأزوم الذي وصل إليه نظام الحكم في المغرب وما شهده من عزلة داخلية وخارجية توجت بمحاولتين انقلابيتين في ظرف سنة واحدة، ويمكن إضافة كذلك التطورات المأساوية التي شهدتها الأقاليم الصحراوية… كل ذلك أدى بالملك الراحل إلى إطلاق ما سمي آنذاك بالمسلسل الديمقراطي والاجماع الوطني، إيذانا بعودة المؤسسات الدستورية في أواسط السبعينات من القرن الماضي.
وقد توجت هذه المراجعات السياسية في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات بنقاشات حادة بين صفوف أغلب مكونات اليسار حول المسألة الديمقراطية التي تم اعتبارها خيارا استراتيجيا، واعتبار المرحلة مرحلة للنضال من أجل الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وبالتالي تبني الدفاع عن مجموع القيم الإنسانية التي تجد أصولها الفكرية والفلسفية في أنظمة الحكم الليبرالية والرأسمالية دون أن يغفل اليسار عن جوهر مرجعيته التي تحازب الفئات الشعبية المتضررة في المجتمع.
وفي سياق تبني القوى التقدمية واليسارية لاستراتيجية النضال من أجل الديمقراطية، كان لا بد من تغيير الموقف من المؤسسة الملكية بالنسبة للكثير من مكونات اليسار في اتجاه تبني موقف الملكية البرلمانية بديلا للملكية المطلقة، كمدخل من مداخل الانتقال إلى الديمقراطية وتطويرا لها، وليس دفاعا عنها، بما ينسجم ومطالب الشعب المغربي في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وذلك بعد أن اقتنع غالبية اليساريين المغاربة بكون الديمقراطية كآلية للحكم والسلطة ليست بالضرورة صفة ملازمة لنظام الحكم الجمهوري، كما الاستبداد ليس بالضرورة صفة ملازمة لنظام الحكم الملكي.
إذن، فمطلب الملكية البرلمانية عند اليساريين المغاربة هو نتيجة صيرورة تاريخية من التضحيات والمراجعات الفكرية والسياسية، تهدف إلى تطوير نظام حكمنا السياسي بما ينسجم ومتطلبات التغيير الديمقراطي، وليس تهجما على العرش والملك، أو دفاعا عنهما، كما يروج الأستاذ عبد الإله بنكيران وجماعته.
3. اليسار والموقف من الوحدة الترابية
مما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد كون اليسار الجديد، وفي مرحلة الصراع العنيف مع الملكية والنظام السياسي المغربي الذي كان قد علق العمل بجميع المؤسسات الدستورية وأعلن حالة الاستثناء التي مارس من خلالها أبشع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في حق معارضيه، وخاصة اليساريين منهم، وفي تعاطيه مع مشكل جهة الصحراء الغربية التي كانت ما تزال تحت الاحتلال الإسباني، تصدر مواجهة هذا المشكل ثلة من المناضلين الصحراويين الذين كانوا يدرسون في الجامعات والمعاهد المغربية وكان بعضهم ضمن صفوف مناضلي اليسار الجديد، الذي كان في الآن نفسه يشهد مدا جماهيريا واسعا، خاصة في الحقل الطلابي.
فكان موقف اليسار الجديد من قضية الصحراء موقفا انفعاليا أكثر مما هو عقلاني ومفكر فيه، وأن مساندته لجبهة البوليساريو في مراحل معينة لم تكن موقفا استراتيجيا يروم فصل الصحراء عن عمقها المغربي، بقدر ما كان موقفا تكتيكيا يروم تأسيس بؤرة ثورية في الجنوب لتشكل قاعدة خلفية في مواجهة النظام السياسي. وهو الموقف الذي أملته ظروف المرحلة وما كانت تشهده من صراع مرير مع نظام الحكم وما يتسم به من استبداد.
لكن وفي إطار تطور عملية الصراع السياسي في المغرب، والمراجعات السياسية التي أقدمت عليها جل مكونات اليسار في شأن نظام الحكم والمسألة الديمقراطية، كان من الطبيعي أن يطور اليسار موقفه من قضية الصحراء، وكان من رواد المنتقدين لانفراد الدولة في تدبير هذا الملف في إطار موقف هلامي قائم على مغربية الصحراء. وهو الموقف الذي لا يستحضر التعقيدات التي أوصلته الدولة إليها بتدبيرها السيء لهذا الملف، وبعد أن أصبح متداولا بين أروقة الأمم المتحدة.
فكان أول من عبر عن موقف مغاير ومتقدم في شأن هذه القضية هي حركة الديمقراطيين المستقلين عندما طالبت في صيف 1997 بالحل السياسي المتفاوض عليه على أساس لا غالب ولا مغلوبا، وبما يضمن حق الأقاليم الصحراوية في الحكم الذاتي في إطار جهوية سياسية تشمل باقي الجهات التاريخية في المغرب، وبما يخدم بناء وحدة المغرب الكبير.
وهو الموقف الذي تبناه المؤتمر الاندماجي لليسار الاشتراكي الموحد المنعقد بالدار البيضاء في سنة 2000 بعد أن أجريت عليه بعض التعديلات من طرف باقي المكونات الأخرى، وخاصة منظمة العمل الديمقراطي الشعبي. كما طورت بعض مكونات اليسار الأخرى كذلك موقفها من هذه القضية مطالبة بالحل السلمي المتفاوض عليه. هذا دون أن نغفل أن اليسار كان دائما في أدبياته يطالب بتحرير ما تبقى من الثغور المحتلة.
إذن، فموقف اليسار تاريخيا من الوحدة الترابية هو موقف ثابت، حتى وإن خضع في مراحل تاريخية معينة لحسابات تكتيكية أملتها ظروف الصراع العنيف مع نظام الحكم، ولا مكان للمزايدة عليه في هذا المجال من طرف الأستاذ عبد الإله بنكيران وجماعته، الذي أبدى عجزه حتى في إبداء الرأي في هذه القضية، عندما اقترح الملك محمد السادس صيغة الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية سنة 2003 وطالب الأحزاب بتقديم مقترحاتها في هذا الشأن.
خلاصة
إذن، فالأستاذ بنكيران، مع كل احتراماتي له، لا يدافع عن الملكية ولا على الملك، بل يدافع عن مبررات وجود جماعته ومرجعيتها المنافية لقيم الديمقراطية والحرية، التي لا يمكن أن تستمر وتتقوى إلا في إطار نظام حكم شمولي يستمد مشروعية حكمه من الله ومن أهل البيت، الذين ينتسب هو أيضا إليهم حسب تعبيره، مما يجعله وريثا شرعيا للحاكم باسم الله، وليس من الشعب الذي يجب أن يبقى ضمن إطار الرعية التي عليها واجب الطاعة للحاكم والمرشد أو الفقيه.
وما تهجمه على اليسار واتهامه بالكفر والإلحاد وخيانة الوطن سوى محاولة يائسة لإظهار ولاء زائف، على حساب تضحيات اليسار من أجل مغرب حر، ديمقراطي ومتعدد يقر بالحريات بما فيها حرية المعتقد وحق ممارسة الشعائر الدينية للمغاربة، مع التنصيص على فصل الشأن الديني عن الشأن السياسي حتى لا يترك المجال مفتوحا لأستاذنا الجليل وجماعته، أو غيره من السلفيين، للتوظيف السياسي لموروثنا الروحي والديني، واقحامه في الصراعات والأمور السياسية التي هي شأن دنيوي، وحتى لا يتحول هذا الإرث الروحي والديني المشترك بخصوصياته المغربية إلى مجال للمنازعات المذهبية والطائفية.
كلام صحيح في عمومه لكن لابد ان نستحضر ان بنكيران نفسه كان يساريا وينشط في الشبيبة الاتحادية سابقا ثم اخترق البيجيدي او الحزب"الاسلامي المحافظ"..من هنا يمكن تفسير كلام بنكيران عن اليسار بمعنى انه يريد القول انه لم يعد يساريا واصبح اسلاميا وهذا غير صحيح.. قلت انه اخترق البيجيدي متنكرا فقط ومازال محافظا على ايديولوجيته اليسارية المتصهينة والانقلابية.. وهذا الامر ينطبق على مجموعة من القادة في البيجيدي وحتى"مناضليه" او الاتباع.. فالخطر ليس من اليسار لان المغاربة لا يؤمنون بهذا الفكر بحكم طبيعتهم المحافظة ولكن تبين ان الخطر هو في اختراق الاحزاب الاسلامية او ما يسمى حزب الاخوان" من طرف يساريين وصهاينة امثال بنكيران لتشويه الاسلام والمسلمين وخدمة اجندة خارجية صهيونية.. وهذا هوتفسير دفاع بنكيران عن خلع حجاب ماء العينين المشكوك في هويتها ايضا.. كما ان اشارات بنكيران المتكررة للملك في خرجاته الاخيرة تؤكد انه اي بنكيران يسعى للفوضى بعد تلقيه الضوء الاخضر لانه نعرف ان هناك مرحلة ثانية من الربيع العربي تستهدف الانظمة الملكية بعد القضاء على كل الانظمة الجمهورية العربية…
تذكرني حكاية بنكيران وهو يتوصل بتقاعد استثنائي وفعلا استثنائي بكل المقاييس بعد ان آعفي من منصبه بشكل مهين ودون ان يحظى حتى باستقبال من منحه هذا التقاعد بقصة ذلك العميل الانبطاحي المتزلف الذي بعد ان أنهى مهامه القذرة ومثل بين يدي نابليون رفض هذا الأخير مصافحته ورمى له على الارض مالاً مقابل خدماته القذرة مخاطباً إياه : خذ مقابل عملك لكني ارفض ان أصافح وضيعاً مثلك .. بنكيران بعد ان أكلوا الشوك بفمه ومرّروا عبره أسوأ القرارات منذ استقلال البلد وبعد ان أيقن انه أصبح في قعر المزبلة وأن شعبيته أصبحت مجرد ذكرى أشبه بذكرى عذرية عجوز في التسعين وبحكم تكوينه في الفيزياء – حسب ما يحكى والله أعلم – خلص الى معادلة المفاضلة بين شعبية مفقودة ونبذ شامل وعارم وبين تسع ملايين ولو عن طريق التسول فاختار مد اليد ثم التصريح دون وجل او حياء أن كرامته منعته من قبول معاش بعد مغادرته رئاسة الحكومة !! متجاهلاً ان الكرامة أهدرت عند الاعفاء وبطريقة الاعفاء فكيف يقبل منّة استثنائية بعد كل هذا ؟ أم انه ادرك ان ثقب سفينة البيجيدي أخذ في الاتساع ففضل الفوز قبل غرق المركب ؟ ربما يكون مصيباً في حدسه ..
و شلا ما يتقال سواءا في هاذ الموضوع او مواضيع اخرى, و لكن كما يقول المثل المغربي الشهير "الهدرة كثيرة و سكات احسن" نمشي نقول شي حاجة يقول عليا حمقا او تتكذب او عندها شي غراض او خطيرة هاد خيتي او شي حاجة اكثر من هادشي, اللهم الانسان يسكت احسن. داكشي علاش اهل التصوف ما تيبغيوش كثرة الهدرة, تيخليوا الناس تهضر كيفما بغات, خصوصا السياسيين, فيهم قوة الهضرة.
يخال المتتبع للهجوم الشرس الذي تتعرض له سنوات حكم الاسلاميين أننا أمام رده حقوقية وأن الديمقراطية الشامخة قد ضربت في مقتل أو اختطفت ذات فجر والعباد نيام (مع الإعتذار لوصف عباد فلسنا عبيدا لكاءن يمشي يبننا ، أو مفروض تسليما من صنع الأسطورة والخيال) فما كان الاسلاميون إلا حصان طروادة وطوق نجاة ومربع أمان ، حال دون ثورة الجياع ثورة الشعب المقهور المداس ، كان صافرة طنجرة ضغط استعملت لتخفيف وقع زحف ربيع جارف ، كانت قبولا بالسيء هروبا من الأسوأ . استبدال رجال يجيدون التنظير والنهب وللحق التسيير ، برجال لايجيدون التنظير ولايجيدون النهب وللحق يستعففون ولكن أيضا ليس بينهم وبين التسيير إلا الخير الإحسان . جيىء بهم لسد فراغ وإطفاء بركان كانوا واجهة لأكل الثوم ، والغريب أنهم كانوا يقبلون .
سي الرياحي من المؤسف أن تبني تعليقك حول معضلة مثل جنوح فاعلين سياسيين يمينا و يسارا "مبدئيين" إلى المصلحة الشخصية الضيقة و ابتعادهم عن هموم الشعب و مطامحه، على نظرية المؤامرة..مؤامرة وهمية يتحالف فيها اليسار و الصهيونية و المخزن لتوريط الأحزاب الإسلامية فيما نعرف و ما لا نعرف!..لا أدري ما مشكلتك مع اليسار (بكل أطياف لونه) و لكن أن تذهب إلى حد اعتبار شخصا حربائيا مثل بنكيران كيساري مدسوس une taupe على "الإخوان" لتقويض حركتهم سياسيا و إديولوجيا فلا أدري ماذا أقول!..لربما غدا بهذا المنطق المؤامراتي حيث يجتمع اليسار و الصهيونية ستضع كل من قد "يعورها" منهم، ربما العثماني أو الرميد، في سلة "اليساريين المندسين" إضافة إلى الخصوم السياسيين و الإديولوجيين..كذلك من دفع السيدة ماء العينين (المغرر بها) إلى خلع حجابها فقط ل"الإساءة إلى الإسلام و الإسلاميين" (سمعت أنها متزوجة من يساري!)..يا أخي مهما كان انتماؤك أو هواك إسلامويا كان في إمكانك أن تتجنب الإنحدار إلى هذا المستوى لو فكرت مرتين..كتبت Peace في تعليقها "الهدرة كثيرة و السكات أحسن"، أتفق معها تماما..تحياتي و احترامي
كل هذا يضحك إلى البكاء أن يدفع هذا المبلغ لرجل أفلس في دراسته وحتى في بيع l'eau de javel
كل هذا ومرض السل سيئ االذكر يطرق أبواب أهلنا
كل هذا والرجل يصف المعارضين ب"جاو من الزلط" هو الذي ترعرع في la miseria
أقول لأولياء نعمة بن كيران ومن هم على شاكلته من آكل الجيف
أحترموا هذا الشعب المسكين