الحوار الاجتماعي /أو حوار الطرشان..

الحوار الاجتماعي /أو حوار الطرشان..
السبت 26 يناير 2019 - 12:31

ينص الفصل الثامن من الدستور على مساهمة المنظمات النقابية والغرف المهنية والمنظمات المهنية في الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها دون مواربة أو لبس، غير أن الظروف والسياقات التي رافقت الحكومة بقيادة العدالة والتنمية، سواء في نسختها الأولى أو الحالية، ضربت صفحا بمضمون هذا الفصل في تحد وتصلب غير مفهوم.

ورغم عقد عدة اجتماعات مع المركزيات ذات الأكثرية التمثيلية النقابية قطاعيا أو مركزيا فإن الحصيلة تكون دائما خالية الوفاض؛ ذلك أن العرض الحكومي يتسم بالسريالية حينما يقصر الزيادة (400 درهم على دفعتين كتحسين للعرض؟) في قطاع محصور من الموظفين العموميين المحصورين في السلالم الدنيا إلى السلم العاشر دون الرتبة الخامسة، دون أن يشمل باقي السلالم ودون أن يشمل القطاع الخاص؛ وكأن الحكومة تقوم بعمل إحساني لمجموعة من المتسولين.

وهو الأمر الذي يجعلنا نصف تصور الحزب الذي يقود هذه الحكومة، رغم عدم تجانس مكوناتها، للسياسات العمومية، بمثابة عمل خيري؛ لا فرق حينما كان يقوم بحملته الانتخابية في البوادي أو المدن بإستراتجية اليد العليا خير من اليد السفلى؛ طبعا ليس تعففا وإنما استكبارا واستدراجا للمصوتين كي يضعوا أصواتهم في سلة الحزب. يكفي فقط أن نقوم بقراءة سوسيولوجية سريعة لمواقع القاعدة الناخبة للحزب، إذ يكفي أن أضرب مدينة سلا مثلا صادحا بالواقع، حيث الفقر والجريمة والانحراف تفضي إلى فوز الحزب بعدة مقاعد..

لقد دشنت حكومة السيد عباس الفاسي ما سمي مأسسة الحوار الاجتماعي، وحددت لذلك مواعيد زمنية يكون فيها التفاوض والتشاور عوض الاستفراد بالقرارات والتنفيذ الأحادي وإشراك النقابات ذات التمثيلية والباطرونا.

إن أهم ما ميز حكومة بنكيران وخلفه العثماني هو صم الآذان والاستهتار بقيمة الحوار الاجتماعي بكل ما يشكله من قوة رمزية والذهاب بجولات وصولات الحوار تارة قطاعيا وأخرى مركزيا إلى الاستنزاف، عسى أن ترضخ الشغيلة للعرض الحكومي البئيس. ورغم تدخل الملك بوضوح في ضرورة أن تجلس الحكومة للتحاور الجدي من أجل إيجاد مخرج للأزمة التي طال أمدها، والتي عمقت الشعور بالإحباط واليأس، ما أجج ويؤجج الساحة الاجتماعية على كل الاحتمالات؛ لم تبد الحكومة نية خالصة وإرادة سياسية حقيقية لتجاوز الاحتقان ووضع النموذج التنموي المبتغى على سكته الحقيقية.

لا يعقل أن كل القطاعات تصرخ، من التعليم إلى الجماعات الترابية والصحة والمحاماة…إذن ماذا تدبر هذه الحكومة؟..هذا السؤال يبقى مشروعا، خصوصا وفرنسا تئن تحت احتجاجات القمصان الصفر التي بدأت تنتشر انتشار النار في الهشيم إلى بلجيك وألمانيا وإسبانيا، وبيننا وبين جيراننا بضع مويجات من المتوسط.

أود أن أقول إن انسداد الأفق عند حكومة العثماني، وبالتالي انعدام الحلول للأسئلة الحارقة، سيجعلها لا تجيب فقط عن الزيادة في الأجر، وإنما في منسوب الحرية النقابية والمواطنة والكرامة، وإعادة سؤال توزيع الثروة إلى الواجهة.

*شاعر مترجم وباحث /الحسيمة

‫تعليقات الزوار

5
  • Peace
    السبت 26 يناير 2019 - 13:23

    بصراحة الحوار الاجتماعي و لابد منه, شيء بديهي جدا, و على كل الفاعلين الذين يمكن ان يكون لهم وقع اجابي على هذا الحوار ان ينخرطوا فيه, ليجدوا حلولا معقولة و توافق.

    انا لا يمكنني التطرق لكل المشاكل و الحلول في اطار الحوار الاجتماعي و لكن تطرقت سابقا لعدة مواضيع تدخل في هذا الباب. مثلا الرفع من الحد الادنى للاجور ا لى 3500-4000 درهم و هذا اضعف الايمان, الشركات الكبرى مثلا 5000 درهم, التعاونيات الصغرى في الارياف التي مازالت تقاوم الاستمرارية و فرض الوجود في السوق, يمكن ان يكون هناك توافق و التزام خاص بين العاملات و العمال و رب التعاونية, لان مثلا عاملة قروية من الاحسن لها ان تجد عملا 2000 درهم شهريا و موسميا, تساعد به اسرتها على المصاريف اليومية, احسن بلاش. و هناك ايضا التغطية الصحية ايضا مهمة و الوقاية حوادث الشغل و اللباس الوقائي الخاص بالعمل و التعويض على العطل و الخدمة خارج الوقت الاعتيادي كالليل و الاعياد و عطلة نهاية الاسبوع..بالاضافة التقاعد و الضمان الاجتماعي…

    الحوار الاجتماعي هو مجال ايضا واسع و غني و تدخل فيه عدة تخصصات.

  • rachid
    السبت 26 يناير 2019 - 22:08

    في الحقيقة ليس هناك أي حوار إجتماعي وإنما لقاءات للتسامر وتبادل أطراف الحديث.
    يجب أن تكون جلسات الحوار علنية و متاحة للمتابعة من عموم المواطنين أما أن تكون مغلقة يعلم الله ماذا يحدث فيها.
    لم نسمع أبدا عن حوار إجتماعي لمدة سبع سنوات والنتيجة منعدمة.
    القرارات التي تهم أصحاب المصالح ( اللوبي الإقتصادي) يتم البث فيها في حينه ويتم تنزيلها في الجريدة الرسمية أما مايهم عموم الشعب يتم إهماله أو يبقى مجرد شعارات يتم ترويجها في الخرجات الإعلامية ليس إلا.

  • med
    الأحد 27 يناير 2019 - 16:10

    أعتقد أنه لا يوجد هناك حوار بما تحمله الكلمة من معنى، وإنما هناك ضحك على الذقون ، النقابات تبيع وتشتري ، وتحاول الخروج بأقل الأضرار ، وأكثر الأرباح،
    وتسويق الوهم للمواطنين الذين ينتظرون نتائج الحوار بفارغ الصبر ،رغم أنهم يدركون في قرارة أنفسهم ،أن الثقة في حكومة pjd الثانية منعدمة ،وأن الثقة في النقابات كما علمتنا التجارب والسنون وهم كبير .

  • الحسن لشهاب
    الأحد 27 يناير 2019 - 22:02

    الحوار الاجتماعي ليس سوى دريعة تلوي به النقابات يد الحكومة ؟لكن المغاربة اذكياء يعرفون جيدا تلك المدارس التي تجرج منها النقابيين و السياسيين و كبار الاداريين التكنوقراطيين؟ لتي قال لهم السيد ابن كيران ،انتم السابقون و نحن اللاحقون،و عفى الله عما سلف،لكنهم باعوا كرامتهم الفكرية مقابل المال و الجاه و السلطة ،التي حتى و ان وفرت لهم الرفاهية ستأخد منهم الاخلاص لرب العالمين,,,

  • kawni
    الأحد 27 يناير 2019 - 22:22

    ليس هناك حوار اجتماعي ولا هم يحزنون الحكومة والنقابات يلعبان على عامل الوقت لارغام الشغيلة على تقبل الفتات والصدقة او لاشيء .

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات