لا زال شبح “كوازيمودو” يتردد في ردهات ومسالك الكنيسة العتيقة، يسترق النظرات إلى الغجرية الفاتنة إسميرالدا ويتابع هيامها بـ”فيبوس” الحبيب الجبان ويستجمع قواه من أجل اختطافها إنقاذا لها من حبل المشنقة بتهمة السحر، ليهرب بها إلى كنسية نوتردام…
هي من ذكريات الصبا الجميلة. حيث كنا نتخاطف الكتب داخل الأسرة ومن بينها روايات طبعت أرواحنا الطرية إلى الأبد، على رأسها “البؤساء” و”أحدب نوتردام” إلى جانب “العبرات” و”النظرات” للمنفلوطي و”غادة الكاميليا” و”الشاعر”…
هذه الذكريات استفاقت اليوم على إثر الحريق المهول الذي ضرب كنيسة “نوتردام” فأطبق الحزن على العالم. ذلك أن قيمة هذه المعلمة تتجاوز فرنسا وتتجاوز المسيحية وتتجاوز الفن المعماري، لكي تشكل إلى جانب بنايات ومآثر أخرى تراث البشرية الذي لا يعوض…
سرت في العالم موجة حزن وتأثر مشروع. تحدث رؤساء الدول والفنانون والكتاب والمبدعون. تضامنوا وحزنوا ولهم الحق في ذلك ولنا الحق نحن الآخرون ولو أننا غير فرنسيين وغير أوربيين وغير مسيحيين، لكوننا ننتمي للبشرية ونحب تراث البشرية وفنونها المختلفة وشواهدها على العراقة وعمق الانتماء للحضارات المتعاقبة …
ذكرت كل ذلك وتداعت إلى ذاكرتي مجريات الدمار الذي لحق مآثر مملكة “تدمر” الرومانية في سوريا بفعل جرائم داعش، وما جرى من سرقة ونهب يفوق كل تقدير في متاحف بغداد بعد الغزو الأمريكي الخارج عن الشرعية الدولية، ومن نهب لمكتبة الشاعر أبي نواس في بغداد ومن دكٍّ لكنائس الموصل ومن تلف وسرقة للوحات المسمارية الأولى التي أعلنت دخول البشرية كلها مضمار الحضارة منذ آلاف السنين، ثم ما جرى خلال الحرب الأهلية في سوريا لمآذن دمشق من دك تحت الدمار وللجامع الأموي في حلب وسوق المدينة المسقف بها وكاتدرائية “أم الزنار” التي يعود تاريخها إلى فجر المسيحية في سنة 59 ميلادية وقلعة صلاح الدين وقلعة الحصن…، وما لحق تماثيل بوذا من تدمير على يد طالبان، ناهيك عما جرى في اليمن السعيد…
تذكرت كل ذلك، لا لأسحب مسؤولية العقلية القروسطوية المتخلفة التي تعادي العلم والمعرفة والفن والإبداع بيننا بدعاوى دينية والتي بررت وشاركت في الدمار الذي لحق بكل هذه المآثر، ولكن لأقف على الكيل بمكيالين حتى في لحظة التأثر أمام الكوارث التي قد تلحق المآثر التاريخية.
فإذا كان حريقٌ واحدٌ لمأثرة تاريخية حقيقية – نوتردام دو باري – قد أثار كل هذا الحزن المشروع، أفلا تستحق معالم حضارتنا في هذا الجزء الذي لنا من جغرافيا العالم، ألا تستحق حزنا مشابها من طرف أقوياء اليوم؟
ربما سيحدث ذلك حين يتوقفون عن خلق ودعم وتمويل الحركات الدينية القروسطوية التي كانوا هم الأصل في دعمها وتثبيتها بيننا باعترافهم هم أنفسهم.
أما الآن، فلنحزن على “كنسية نوتردام” ولنتمن لها إعادة الترميم في أقرب وقت.
مع أجمل التحيات لفيكتور هوغو ول”كوازيمودو”، الشخصية النبيلة الخالدة في روايته “أحدب نوتردام”.
16 أبريل 2019
الحضارة ليست ملكا لأمة دون غيرها، الحضارة ملك للإنسانية جميعا عربا وعجما مسلمين ويهودا ومسيحيين ووثنيين وملحدين وبدائيين.
انها فلسفة الوجود، واقانيم الروح التي تسري في أوصالنا.
بسم الله الرحمان الرحيم
كنيسة نوتردام في باريس ومكتبة أبي نواس في بغداد..وأين المسجد الأقصى بفلسطين المحتلة?!
فقط من باب الذكرى..
نعم حريق الكاتدرائية يذكرنا بحريق المسجد الأقصى الذي وقع سنة 1969 حيث كانت اسرائيل وراء الحريق الشهير..والذي أدينت من خلاله من قبل المنتظم الدولي وعرف استنكارا دوليا عارما.. وامتنعت من خلاله أربع دول لإدانت اسرائيل صاحبة الفعل الشنيع..وكان على رأس الممتنعين حينها الولايات المتحدة الأمريكية..الذي صادق رئيسها ترامب على تهويد هضبة الجولان السورية..فهل هناك محرقة أكثر من هذه..ولا أحد استنكر ما يحدث !
نعم..على أساس هذا الحريق اجتمع قادة الدول العربية والاسلامية في الرباط سنة 1969.. وتم تقرير إنشاء منظمة المؤتمر الاسلامين، والتي خمد صوتها قبل أن يخمد أجيج وهجيج النار المستعرة.
أريد التذكير عل الذكرى تنفع العرب والمسلمين وتفيقهم من سباتهم العميق..أنه في الوقت الذي تم الحزن على هذه الكاتدرائية.. فهناك حريق شب في غرفة الحرس بالمسجد الأقصى والذي جاء تزامنا مع احتراق كاتدرائية نوتردام فى باريس، حيث وقع أمام المصلى القبلى داخل المسجد الأقصى.
فهل هذا مجرد صدفة..!
أتفق مع الكاتب، فكما نأسف ونغضب لتدمير موروثنا الحضاري والعمراني على أيدي الحركات الإرهابية التكفيرية، ونستنكر ذلك، يتعين علينا التأسف والأسى لما حصل من دمار لنوتردام دوباري، فهي أيضا مَعْلمةٌ معمارية وروحية كبيرة وقديمة ولها مكانتها المرموقة لدى أهلها.. فما نحبه لأنفسنا ينبغي علينا أن نحبه لغيرنا، وما نكرهه لأنفسنا يتعين علينا كرهه للآخر المختلف عنا.. مقال السي صلاح في محله وفي وقته المناسب.
اتعجب حقا لبعض المغاربة و كيف يقدسون الاخرين بسهولة فهل هي عقلية غير عميقة و لا تريد الاجتهاد الفكري؟ كاتب المقال يمجد فيكتور هيغو و يتجاهل ان فيكتور هيغو هو فعلا شاعر ملحمي كبير (في الشعر الفرنسي و هذا شغله كما يقال) و لكنه ايضا منظر و مدافع عن الاستعمار باشعاره الملحمية–فهل قرأ الوديع كتابات هيغو السياسية و خطاباته حين كان نائب في البرلمان الفرنسي؟ و كيف كان يحث و يحرض على استعمار افريقيا و الانتيل و كيف كان يحمس الجيش الكولونيالي باسم التقدم و الحرية و غيرها من الشعارات الخداعة؟ يقول في احدى خطبه (و قد ذكرها الشاعر الزنجي ايمي سيزار في كتاب "خطاب عن الاستعمار"): ايها الجيش خذوا تلك الاراضي الفارغة التي وهب اياها الرب، انها لكم، هبة الرب لكم" الخ و في خطابات اخرى في منبر البرلمان يقول "مدنوا تلك الشعوب الوحشية و حاربوها لجعلها متحضرة متمدنة "الخ الخ…المغاربة لا يقرؤون و لا يريدون الاجتهاد فقك يعولون على الساهلة المهلة و عملية نقل/لصق لما ينتجه الاخرون و ببؤس كبير..
يرجي البحث على الانترنيت و كتابة مثلا victor hugo et le colonialsme, victor hugo colialiste
حين كنت ادرس بانجلترا كنت الاحظ انهم هناك لا يعرفون اصلا وجود فيكتور هيغو او غيره كما هو الحال عندنا بالمغرب…و لدي زيارتي لالمانيا : لا يعرفون متاب فرنسا بل لا يعتبرونهم اصلا و لا يستشهدون بهم اي يعتبرونهم شأن داخلي لدولة معينة مثل ما يمكن ان نتخيله مثلا عن كتاب و شعراء اليابان او الصين او تركيا الخ…انه التعبية و الاستعمار…بلا جدوى..يا ريث تكون جدوى و نفع و انتاج فكر مغربي قح مثلا و اصلي…يكفي في المغرب ادخال مرة مرة كليمات فرنسية خلال الحديث و الكلام او الاستشهاد بمثلا دولوز او فوكو الخ ليتخيل المرء انه منتم الى العصر و الحضارة و هذا خطأ بل يجب انتاج فكري خاص بالمغرب و حين ازور الدار البيضاء و الج مكتبة لا اجد فيها سوى كتب فرنسية و منشورة بفرنسا غالية الثمن و كلها كلاسيكية متجاوزة ما يجعلني دوما اطرح السؤال: اواه و لا شيئ عن المغرب؟ اليس في المغرب بشر لهم عقل و لغة؟ اندهش:قلة الكتب بل انعدامها: هل المغرب خاوي من الناس؟الا يفكرون؟ لا ينتجون كتبا للتعبير عن الالامهم و احلامهم و اوضاعهم؟
مقتضب من الكلمة التي ألقاها Victor Hugo بتاريخ 18 ماي 1879 أمام مجلس الشيوخ بصفته عضوا، وهي تعبر عن اتجاه اليسار الفرنسي، وسياسته الاستعمارية، وذلك بمناسبة ذكرى إلغاء العبودية :
« Cette affrique farouche n’a que deux aspects : peuplée, c’est la barbarerie , deserte c’est la sauvagerie ! (…) Allez peuples, emparez-vous de cette terre. Prenez-là ! A qui ? A personne ! Prenez cette terre à Dieu ; Dieu donne l’Afrique à l’Europe ! Prenez-là, non pour le canon, mais pour la charrue ; non pour le sabre, mais pour le commerce ; non pour la bataille mais pour l’industrie»
لا أدري من أين استلهم المغاربة فكرة جس السمن من ذيل الكبش يقتنون أضحية العيد، لكنني أعلم أن أشباه المثقفين، وأشباه المفكرين، وقبيلهم من دعاة الحداثة وحقوق الإنسان، تستهويهم "الذيالة"، وإن كانوا ملحدين !
زرت الكاتدرائية صيف 1978 وشدني وجوديا جمال معمارها وكثرة زوارها كما زرت كذاك معالم اخرى بنفس المدينة لا تقل جمالا وروعة كاللوفر و البلي دو فرساي وساكري كور وكتدرائية كنيسة مونمارت الخلابة و كنائس أخريات في ليون ووو لكن يمكن ان اقول أن الذين اهملوها هم المسؤولين عن فاجعتها. سؤال بسيط الا يحق لبعض منا والبعص منهم ان يتاسف يستنكر ما تقوم به دولة إسرائل في القدس وفي كنيس القيامة وماقامت به أمريكا في العراق ؟
هذه المعلمة تجلب وحدها 13 مليون سائح كل سنة , ونحن نتطلع الى جلب 10 سائح كل سنة لجميع انحاء المغرب مع احتساب كذلك الجالية المغربية !
تكملة لتعليق رقم 5 هناك كتب مغربية الفت في مجتلف المجالات ولكن هناك من يحاول طمس هذا الموروث المغربي العلمي لعدة اهداف لا مجال لذكرها على راسها في صالحهم ان يظل المغرب تابع وليس متبوع قضيت سنوات في انجاز بحث حول مصادر الكتب المغربية من بداية التاليف بالمغرب واعتمدت على مختلف الخزانات في المغرب من مخطوط ومطبوع ومرقون واشرت الى الضائع منها والتي وردت عناوينها في الكتب لعل من ياتي ويعرف ويبحث عن هذه الكنوز المنسية ولكن لا اهتمام ولا عناية ورسالتي في الرفوف لم تطبع بعد وهكذا يكون سبب قولك ان لا عقول في المغرب هناك عقول تهجر وعقول منسية وعقول طمست …والكلام يطول