التواصل بين الآباء والمدرسة

التواصل بين الآباء والمدرسة
الجمعة 3 ماي 2019 - 23:05

للآباء الدور الكبير في التأثير على تكوين أطفالهم. ولقد أجمعت العديد من الدراسات والأبحاث الأوروبية والأمريكية على أن هذا التأثير له وقع إيجابي على العملية التعليمية لأبنائهم. وحتى يستغل هذا الدور استغلالا كاملا، لا بد من تحسيس الأطراف المعنية – الآباء والمدرسة – بأهمية المسؤولية التي يتحملها كل طرف.

ومن ثمَّ، فإن تواصل الطرفين شيء ضروري من أجل إنجاح المسار التعليمي للطفل. هذا التواصل، كما يتوافق عليه أغلب المختصين في هذا المجال بالديار الهولاندية، ينقسم إلى ثلاثة أنواع:

النوع الأول: تقوم المدرسة بإرسال معلومات للآباء. هذا يعني أن عملية التواصل تتم من جهة واحدة فقط، حيث إن المدرسة هي التي تحدد وقت، شكل وزمان المعلومة.

من الأمثلة الحية على هذا النموذج هو استدعاء الآباء إلى أمسية إعلامية، تحدد المدرسة موضوعها وتوقيتها، فيقوم مدير المؤسسة أو أحد أطرها بإلقاء العرض الإخباري أمام الحضور.

النوع الثاني: تقوم المدرسة بإرسال المعلومات للآباء، ويمكن للآباء الرد أو التعقيب عليها. في هذه الحالة، لا يمكن أن نتحدث عن تواصل؛ بل هي عملية تراكم للمعلومات من دون تعاون بين الطرفين؛ فالمدرسة في هذه الحالة تقدم فقط ما تراه من المعلومات مهما أو حلولا لمشاكل التلاميذ من وجهة نظرها، وما على الآباء إلا الانصياع للأمر الواقع. مما يولد لديهم غالبا شعورا بعدم الرضا.

النوع الثالث: الآباء والمدرسة يبحثان معا عن الجديد من المعلومات من أجل هدف واضح: تكوين الطفل / التلميذ. هذا النموذج يخلق تواصلا مستمرا ومتكافئا بين المدرسة والآباء؛ وهو ما يجعل الطرفان يتقاسمان المسؤولية المشتركة فيما يتعلق بالعملية التعليمية للطفل. ويعترف الطرفان ضمنيا بتخصص كل واحد منهما في ميدانه (التربية / التعليم).

السؤال المطروح فيما يخص هذا النموذج هو كيفية تنزيل هذا الشكل على أرض الواقع؟

البداية تكون طبعا باتفاق الفريق التربوي على الرؤية التي ترسمها المدرسة لتحقيق هذا النوع من التواصل، إيمانا منه واقتناعا بالمسؤولية المشتركة بينه وبين الآباء من أجل إنجاح العملية التعليمية للطفل.

هذه الرؤية يجب ترجمتها إلى الواقع ابتداء من اللقاء الأول الذي يجمع الآباء بالمدرسة، فيجب استغلال هذه الفرصة وتخصيص الوقت الكافي لها بالتعريف بالرؤية التي تنهجها المؤسسة تجاه الآباء فيما يخص التواصل، ومدى أهمية التعاون بين الطرفين من أجل مساعدة الطفل على النجاح في مساره الدراسي، وتشجيع الآباء على المشاركة وتحمل المسؤولية.

بعض نماذج التواصل في التعليم الهولاندي

بداية التواصل

يخصص اليوم الأول من السنة الدراسية في بعض المدارس للتعرف على البعض. هذا اللقاء، الذي يجمع كلا من الطفل والأبوين والمدرس، يفتح المجال للعناصر الثلاثة على إبداء رغباتهم وانتظاراتهم للسنة الدراسية كل من جانبه. ويتم التعرف من خلال هذا اللقاء على ميولات الطفل ومواهبه، كما يتم فيه الاتفاق على مجموعة من النقط؛ من بينها: كيفية التواصل بين المدرس والآباء طيلة السنة الدراسية، الواجبات المنزلية، دور الآباء، دور المدرس، دور الطفل، إلخ. ويتم نسخ ملخص لهذا اللقاء موقع من طرف الأطراف المعنية ويعد بمثابة التزام بما اتفق عليه.

برمجة هذا اللقاء واستدعاء الآباء والاتفاق على توقيته تتم قبل حلول عطلة الصيف، وهو لقاء فردي تخصص له حوالي عشرين دقيقة لكل طفل.

الأمسية الإعلامية في بداية السنة الدراسية

جرت العادة أن تخصص أغلب المدارس أمسية إعلامية للآباء وأولياء التلاميذ في الأسابيع الأولى من السنة الدراسية. في هذه الأمسية يفتح المجال للآباء للتعرف على كل الطاقم التربوي للمؤسسة، كل باختصاصه ومهمته. كما يتم التطرق فيه للأهداف والمستجدات المتعلقة بالسنة الدراسية. بعد ذلك يتم استدعاء آباء كل مجموعة على حدة للتعرف على البرامج والمناهج المستعملة في هذا الفصل. وهي فرصة طبعا لتعرف الآباء على بعضهم البعض.

الدروس المفتوحة

يتم استدعاء الآباء أيضا في عديد من المدارس لحضور بعض الدروس داخل الفصل صحبة التلاميذ، حتى يتم تقريبهم من الأجواء التي يعيشها أبناؤهم داخل المدرسة وأخذ فكرة واضحة حول كيفية التدريس. هذه الإطلالة حول ما يجري داخل القسم تساعد الآباء على مراعاة هذا النهج في البيت أيضا.

النتائج الدراسية

يتم استدعاء الآباء ثلاث مرات في السنة على الأقل لمناقشة النتائج الدراسية المحصل عليها من طرف التلميذ. طبعا بحضور المعني بالأمر، الطفل. ويتم تقييم الحصيلة والاتفاق من جديد على أهداف المرحلة المقبلة.

آباء / أولياء القسم

غالبا ما يستعين المدرس أو المدرسة بأحد الآباء أو اثنين، يتم اختيارهم في بداية السنة الدراسية. مساعدة الآباء تكون حول الأنشطة الموازية والخرجا والحفلات والأعياد والمناسبات. كما يقوم هؤلاء الآباء المساعدون بدور الوسيط ما بين المدرس وباقي آباء القسم المعني.

جمعية الآباء

تقوم الجمعية، المنتحب أعضاؤها، بتنسيق مع المدرسة بعدة أعمال؛ منها برمجة الأنشطة المدرسية الموازية، وتمويلها من المساعدات المادية التي يؤديها الآباء.

للمزيد من التوضيحات أو الرغبة في مواضيع أخرى متعلقة بنفس الموضوع، لا تترددوا في التفاعل عبر خانة التعليق.

‫تعليقات الزوار

8
  • عكاشة أبو حفصــــــــــــة٠
    الجمعة 3 ماي 2019 - 23:55

    ذكرتني استاذي في اطار التواصل بين الاباء والمدرسة ، عندما قصدت المؤسسة التي تدرس بها ابنتي . وكأب مطلق كنت أود معرفة مآل ابنتي الدراسي وتتبع أحوالها . قلت قصدت المؤسسة ، واستقبلت من طرف المسؤولة عن الادارة وتفهمت وضعتي على أن أزور ابنتي داخل أسوار المؤسسة وبمكتبها في وقت الاستراحة فقط مرة في الاسبوع واتفقنا على اساس بداية الاسبوع المقبل سيكون اول يوم للقاء ابنتي بما اني ممنوع من طرف ’ الحاضنة ’ . كان ذلك يوم جمعة وفي يوم الاثنين المقبل تحينت وقت الاستراحة لألقي النظرة على ابنتي من داخل مكتب السيدة المسؤولة، لكني تفاجئت بغلق باب المؤسسة في وجهي من طرف الحارس وبالأقفال – و الله على ما اقول شهيد – وكان منعي غير مبرر من طرف هذه المسؤولة .
    لم أتقدم بطلب ثاني عندما علمت ان الحاضنة هي من وقفت سدا منيعا أمام لقائي بابنتي ، اكتفيت بالمراسلة الكتابة عبر البريد على عنوان المؤسسة في انتظار التوقف النهائي بحصول ابنتي على شهادة الباكالوريا هذا العام .
    كان هذا عن التواصل بين الاباء والمدرسة .

    أقف هنا والسلام عليكم .

    عكاشة أبو حفصــــــــــــة.

  • كاد المعلم أن يكون رسولا ..
    السبت 4 ماي 2019 - 00:59

    مع تفشي الأمية وغياب المراقبة المستمرة من آباء يعتقدون أنهم بإرسال أبناءهم للمدرسة يكونون قد قاموا بالواجب المنوط بهم ، مع كل هذه المعطيات التي يكرسها الواقع تبرز ظاهرة ليست بالعامة ، ولكنها واقع على نذرته راءع وجميل . لرجال وسيدات من الأطر التربوية تتواصل مع التلاميذ خارج المقرر ، وخارج ساعات العمل المؤدى عنها ، في دور الشباب أو حتى في الأقسام الفارغة أحيانا . تزرع فيهم روح المبادرة وتنمي مواهبهم في الشعر والأدب والفن والمسرح . جنود يعملون بسخاء وبحب للمهنة والتلميذ ، أساتذة صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا . فبشرى لهم ألف بشرى وشكرا لهم ومن الأعماق .

  • Peace
    السبت 4 ماي 2019 - 10:11

    التواصل بين الاباء او اولياء الامور مهم, لكن لا يجب المبالغة فيه, لان هناك امور مهمة يجب اخذها بعين الاعتبار:
    اولا, التلميذ عليه ان يحس بانفصاله عن والديه و انه اصبح في سن عليه تحمل المسؤولية و انه شخص مستقل بذاته الى حد ما حسب سن التلميذ, و ليس انه محجور عليه, فالتواصل يكون مع التلميذ اكثر من ولي امره و انه هو مركز الاهتمام في المدرسة و ليس ابن من هو.
    ثانيا, ان كثرة التواصل مع الاباء يمكن ان تؤدي الى خلافات و كثرة النقاشات حول من المسؤول عن كذا و كذا او الى علاقة صداقة زائدة عن اللزوم مع بعض الاباء, مما قد يؤثر على علاقات التلميذ في المدرسة او التمييز بين التلاميذ.
    اذن يجب ايجاد حل وسط.
    مثلا في المانيا, يتم اسقبال و التلاميذ مع اولاياء امورهم في حفل تكون فيه المشروبات و الحلويات و السندويتشات صباحا في اول يوم في السنة الدراسية و يقدم التلاميذ عروضا موسيقي و فنية و هذا الحفل ينظم و يحدد موعده المؤسسة التعليمية حيث انه تقسم الادوار على التلاميذ القدامى و الاساتذة. هذا الحفل يستمر فقط ساعة و نصف او ساعتين على الاكثر, اثناءه يتم اعلام الاباء انه هناك موعد مسائي يحظره الاباء فقط للتعريف

  • Peace
    السبت 4 ماي 2019 - 10:32

    للتعريف بمرافق المدرسة و البرامج و المقررات و المنهجية التعليمية و كيفية التواصل مع الاستاذ و الادارة في حالة كانت هناك ضرورة لذلك او مشكل معين و بان هناك ايضا مساعد(ة) اجتماعية لحل النزاعات و ايضا ما يجب ان يفروه لابناءهم من ادوات مدرسية و ملابس الرياضة و الرحلات و الانشطة المبرمجة و من سيقوم بها او الجهات المتعاون معها او التي يتم تكليفها و تكلفتتها و موعدها تقريبا وووو و موعد الامتحانات واالنظام الاساسي للمدرسة وكل كبيرة و صغيرة متعلقة بهذا الشان..

    و بعد ذلك تكون دعوات للاباء انفرادية و جماعية على الاقل مرتين في السنة للتعرف على الاساتذة و لمناقشة المستجدات و سلوك التلاميذ وو نقط قوتهم و ضعفهم…. او يتم الاتصال بالاستاذ و اقتراح عليه موعد و التوافق عليه و مناقشة وضعية التلميذ..

  • بالراجع حسن
    السبت 4 ماي 2019 - 10:55

    بالنسبة للتواصل استاذي مصطفي ينطبق على الاباء المتوفربن على مستوى تعليمي متويط على الاقل. اما ومع تفشي ظاهرة الامية في اوساط العاءلات المغربية واخص بالذكر الجالية المقيمة باوروبا فهم يعتبرون ارسال الابناء الى المدرسة بديار اامهجر الى المدارس الاوروبية حرام وحتى الذي يمتلك مستوى لاباس به من التعليم يعتبر دراسة بعض المواد كالفلسفة والعلوم الدينية والموسيقى والرسم حرام شرعا مستندين على الايديولوجيات الساءدة المنتشرة في اوساط بعض الملتحين الذين ينشرون ثقافة الجهل اما الباقي فهم ناسين ثقافة التواصل بين الاباء والمدرسين حاءرون فقط في مراقبة ابناءهم هل ياكلون اللحم حلال ام لا

  • Peace
    السبت 4 ماي 2019 - 14:34

    بالنسبة لاصلاح التعليم في المغرب, فيجب اولا اصلاح المرافق المدرسية و توسعتها, مثلا لاقامة بعض الانشطة الموازية و خزانة و قاعة الاعلاميات و اختيار الاساتذة بعناية و تكوينهم جيدا و تهيئة ظروف عمل جيدة لهم مثلا السكن في البوادي و وسائل للتواصل وادوات العمل و قاعة للاساتذة…لتحفيزهم على العمل. بالاضافة الى النقص من الاكتظاظ في القسم و النقص من عدد الاقسام و الامستويات لكل استاذ(ة) و التنظيم الاداري الجيد للاوقات و الدوريات و تعويض الغياب و برمجة الانشطة و تقسيم الادوار…و بالنسبة للتلاميذ, فيجب الاخذ بعين الظروف الاجتماعية للتلميذ, مثلا اذا كان التلميذ من فئة هشة, فيجب ان تكون هناك امكانية كراء الكتب المدرسية و اعطاءه محفظة بالادوات المدرسية الضرورية و يمكنه المشاركة في الرحلات المدرسية و الانشطة بالمجان…و على الاستاذ ان يكون لبقا في التعامل مع الاباء الاميين مثلا او المحيط الذي يعمل فيه و يثقن دارجة الدوار, الذي يعمل فيه مثلا عليه اثقان الامازيغة في الدواوير الامازيغية ليتمكن من التواصل مع الاباء و التلاميذ, خصوصا في التعليم الابتدائي…

  • Peace
    السبت 4 ماي 2019 - 15:27

    هناك مسائل اخرى مرتبطة بالتعليم و هي النقل المدرسي و الاكل. يجب التضامن في اشياء كثيرة للنهوض بالتعليم العمومي و ليس ايجاد حلول فردية فقط و لكن بالتنظيم, مثلا اجاد وسيلة نقل لمجموعة من التلاميذ بثمن معين يكون في متناول كل اسرة و توزيع بطائق النقل المدرسي في بداية كل سنة, نفس الشيء بالنسبة للاكل, يكون المطعم المدرسي مفتوح للجميع, حتى الاساتذة و الاداريين و ليس للتلاميذ فقط, لكن تكون لهم قاعة و اطعمة خاصة بهم, طبعا يكون ثمن الغذاء اعلى, اما بالنسبة للتلاميذ يمكن ان يتسجلوا في المطعم بثمن اقل او بالمجان بالنسة لمن هم من فئات هشة, نفس الشيء بالنسبة للمبيت في الداخليات. لان في الدواوير النائية ليسوا كلهم في حالة عوز, هناك فقط مشاكل النقل و المبيت و الاكل..و كلهم محتاجين لهذه المرافق.

  • نورالدين بكار
    السبت 4 ماي 2019 - 23:00

    في بداية الامر اود ان اشكرك اخي مصطفى لتطرقك لهذا الموضوع الهام في الحياة المدرسية بصفة عامة فالتواصل بين المدرسة والاباء لها اجابيات مهمة في تربية وتعليم المتعلم الا انه للاسف هذا التواصل يمكن ان نقول منعدم داخل المدارس المغربية والاباء هم من يتحملون المسؤولية الكبرى في هذا الانعدام وكانهم يتخلصون من فلذاتهم لمدة معينة داخل اسوار المدرسة دون مراقبتهم او تتبعهم رغم ان ابواب المدرسة منفتحة عن كل زائر اليها ويمكن ان اعطيك نموذج لتواصل الاباء مع المدرسة يتجلى في وضع شكاية (ولدي داولو ادواتو ولدي ضربو واحد التلميذ ) هذه نمودج لتواصلهم مع المؤسسة وكوني مدير مدرسة ابتدائية اعيش هذه الحالات يومية وخاصة من الامهات اما الاب فلا تراه مدة دراسة ابنه الابتدائية اما اذا قمنا باستدعاءه فلا احد يجيب الا من رحم ربي وقد قمت بزيارتنا اخي مصطفى مع مجموعة من الاطر الادارية والتربوية لمدرسة BATAVIA بامستردام ووقفتم على الحالة التي تعيشها المدرسة المغربية من اكتظاظ وقلة الوسائل التعليمية فشكرا لكم مرة اخرى على اثارة هذا الموضوع تحياتي

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين