معنى أن أصوم رمضان؟

معنى أن أصوم رمضان؟
السبت 11 ماي 2019 - 07:02

بعيدا عن الخطب المكرورة والمواعظ المجترة لجل من يتصدر المجالس لوعظ الناس، وخاصة خلال شهر رمضان الفضيل، وللأسف فيهم أساتذة جامعيون وفيهم حتى رموز بعض الحركات الإسلامية ممن ترفع شعار التجديد. ألم يكن المفروض فيهم، وانسجاما مع ذواتهم، أن تتجلى اجتهاداتهم التجديدية للنصوص الدينية في مواعظهم، فضلا عن تجديد خطابهم الديني وكذا تقنيات وعظهم وإرشادهم بما يواكب روح العصر؟ في هذا السياق، نورد مجموعة من الأسئلة تتعلق بشهر رمضان عموما وبفريضة الصيام على الخصوص. فهل معناه أن أحمل همه على بعد شهور من حلوله، وكلما اقترب ارتفعت درجة حرارته؟

للأسف، ليس بشأن كيفية تحقيق مقاصد الصيام الكبرى، بقدر ما يهم مصاريفه الإضافية مقارنة ببقية الشهور، كما أحمل هم ثمن الأضحية وتكلفة الدخول المدرسي، التي اعتاد الناس الربط بينها بشكل تعسفي، وكأنه شهر زيادة في الأوزان وليس شهر الزيادة في الإيمان وطلب التوبة والغفران؟

وهل معناه أن أقضي سحابة النهار في التنقل بين الأسواق من أجل التبضع وكأنني مقبل على مجاعة، وأقضي ليلي في ملء معدتي بمختلف الأطعمة والأشربة، كما لو أني أملأ كيس حنطة بمختلف أنواع الحبوب والبذور؟

أم هل معناه أنه شهر التكاسل عن العمل والتقاعس عن أداء الواجبات، وليس شهر شد الإزار والتشمير عن ساعد الجد والاجتهاد لبلوغ درجة الإحسان في العبادات والطاعات وكذا فيما على عواتقنا من مسؤوليات نتقاضى عنها أجورنا ونكسب بها أرزاق عيالنا سواء بسواء؟

أليس هذا الشهر هو المناسبة المثلى، بما يخيم على أجوائه من روحانيات، لتخلية النفس من كل ما هو مشين والإقلاع عن كل ما هو سيء، وتحليتها بكل ما هو سام أصيل، وتزكيتها بكل ما هو راق جميل؟

أم هل معناه أن أسهر الليل طولا وعرضا، وأنام النهار كله أو نصفه أو أزيد عليه قليلا، وفي سويعات الاستيقاظ القليلة، أكون فيها كأية قنبلة موقوتة، أو كأي لغم آخر ما تفتقت عنه العبقرية التدميرية، على أهبة الانفجار في وجه أي كان سبا وشتما وقذفا لأتفه الأسباب؟

أم هل معناه أن أمنع عن بطني الأكل والشرب وغيره من البليات كالتدخين مثلا، لأطلق العنان للساني بالبذاءة وفحش الكلام، قد لا يسلم منها إنس ولا جان؟ قمة الانحطاط الأخلاقي في شهر الصيام والقيام.

أم هل معناه أنه كلما ازداد بطني جوعا وظمأ أو رغبة في أية شهوة، ازدادت شراهتي للؤم والخصام؟ كم مرة يصل لدرجة الاقتتال، لمجرد اختلاف بسيط في الطريق قد يكون بغير قصد، أو ارتكاب خطأ غير متعمد، أو مراجعة أحد في أمر قضاه. حتى ليتساءل الواحد أيهما أولى بالنسبة لهؤلاء، أن يصوموا أو يفطروا بدل ارتكاب جرائم دموية في حق

بعضهم البعض؟ ألا يقال بأن الروح عند الله أعز وأرفع ما في الوجود؟

أي صيام هذا الذي لا يمنعني من كبح جماح نفسي، والتخلق بخلق الأنبياء والصالحين من صبر ومودة وأناة ولطف واحتساب وضبط للنفس وما إلى ذلك مما يدخل في باب “لعلكم تتقون” المقصد الأسمى من الصيام؟

وهل معناه أن أقضي اليوم كله الأصبع على الزناد استعدادا للضغط في أية لحظة وفي كل اتجاه، لمجرد نقاش عادي حتى مع أقرب المقربين، لربما أحد والدي أو صاحبتي أو بني؟ أم هل معناه أن أذهب إلى مقر عملي مصدر رزقي مكرها، منفعلا، متوترا وعابسا قمطريرا كأني أساق إلى مقصلة، قد أغادره فور الوصول إليه لأبسط سبب، فتتعطل مصالح المواطنين بذريعة الحفاظ على صحة صيامي وضمان قبوله؟ أي منطق هذا يتذرع به البعض، ما أنزل الله به من سلطان، والذي لا أساس له لا من كتاب ولا سنة ولا في سير الصالحين؟

وهل معناه أن أستهتر بأرواح الناس، فأضغط على دواسة البنزين إلى أقصى مدى، وأخرق قانون السير بدعوى ضرورة الإفطار بالبيت مع الأهل والأحباب؟ كوارث تقع في هذا الشهر، المفروض فيه أن يكون أقل الشهور حوادث وكوارث وفضائح وجرائم.

وهل معناه أن تظل المرأة من صبح الله إلى مسائه في المطبخ، تعد مختلف المأكولات والمشروبات، وتمضي الليل في غسل الأواني وتنظيف الموائد؟ أليست مناسبة لها بما أنه شهر الصيام، أن تتفرغ قليلا لنفسها وتتفقد ذاتها بتزكية روحها وتغذية عقلها؟

ألم يحن الوقت بعد لإعادة النظر في علاقتنا برمضان، لنوازي على الأقل بين تلبية حاجيات بطوننا، ومتطلبات عقولنا بالعلم والمعرفة، وتلبية حاجات أرواحنا بالعبادات والطاعات، وبالإقلاع عن العادات السيئة المتخلفة التي للأسف الشديد، تنشط خلاياها كثيرا في هذا الشهر الفضيل؟

*باحث

‫تعليقات الزوار

8
  • رمضان.
    السبت 11 ماي 2019 - 07:26

    علميا أنت تطلب المستحيل فلا يمكن لجاءع أن يكون صبورا أو يكون مجتهدا رمضان وكما عهدنا به شهر تكاسل ونرفزة بإمتياز من مطلع الشمس لغروبها خصوصا في الفترة الممتدة بين العصر وآدان المغرب .

  • Топ
    السبت 11 ماي 2019 - 07:49

    باقتضاب شديد وكما العادة اختلاف المفسرين لكلمة الصوم جعلت البشر يختلف حول المعاني والكلمات بسبب لغة البيان العربية التي أحدثت شرخا مفصليا بين ذاتها ومع نفسها.

    جاء في الآية العظيمة 26 سورة مريم/ ” اني نذرت للرحمن صوما فلن اكلم اليوم انسيا ”
    *فسر الطبري قوله تعالى: أن الكلام موجه للسيدة مريم ويقول لها اذا رأت أحد من بنى البشر يسألك عن وليدك فأخبريهم أنك صائمة ولن تكلم أحد من البشر.

    *قيل عن ابن عباس قوله تعالى ( إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا ) : يعني بالصوم الصمت وليس الامتناع عن الأكل والشرب والجنس كما كان يفعلها الأول

    *عن سليمان التيميّ : سمعت أنسا يقول ( إنِّي نَذَرْتُ للرَّحْمَن صَوْما وَصَمْتا) ، وقيل عن قتادة في الآية الكريمة : قوله (صَوْما) فإنها صامت من الطعام والشراب والكلام.
    والآن اختاروا صيامكم من الثرات الإسلامي واتركوا للناس حرية المعتقد
    وتقبل الإلاه صيامكم بأنواعه//:
    صام النبي صلَّى الله عليه وسلم 9 سنين من أصل 23 سنة من الدعوة

  • كاره الضلام
    السبت 11 ماي 2019 - 12:39

    اول شيئ تصدير مقالك يناقض فحواه اد ان رميك الوعاض بالتكرار و عدم التجديد ينطبق تمام على مقالك انت اد ان الدعوة الى الصوم الصحيح و ان رمضان ليس الاكل و السهر و انه مناسبة للاشباع الروحي الخ الخ هو الكلام المكرور الدي لا يقول الدعاة غيره مند قرون، فاين يا ترى يتجلى اختلافك عنهم؟
    تانيا التعريف الدي تعطيه للصوم ينبع من البداهة و النثال و ليس من الدين، يعني ان القول ان الصوم هو التعفف عن الشهوات و مراقبة الله تعالى طيلة اليوم و تغليب الروحانيات و فعل الخير الخ الخ هدا هو ما يجب ان يكون عليه الصوم بداهة و منطقيا و ليس ما عرف عن اهل الدين الدين مارسوه مند ظهور الاسلام، المرجعية الدينية الاسلامية لا وجدود فيها للصوم الدي وصفته و دلك الخشوع مجرد خيال، فالسيرة تقول لنا ان الروسول كان يقبل زوجاته و يباشرهن في يوم رمضان و يغتسل مع احداهن و هي حائض و كان يقاتل في يوم رمضان و يغنم من خصومه و كان يتزوج في رمضان،و نحن لا نعرف مادا تكون الشهوة ام لم تكن هده و مادا تكون المرجيعة الاسلامية ان لم تكن الرسول، فادت لا وعظك مجدد و لا مضمونه معقول

  • sifao
    السبت 11 ماي 2019 - 14:11

    اعتقدت ، لاول وهلة ، ان الامر يتعلق بمعنى جديد للصوم يتجاوز المعهود الذي ورثناه عن الفقهاء وكل من يعتبر نفسه ناطقا باسم الدين الصحيح ، لكن ، وبسرعة ادركت ان لا جديد يُذكر في الموضوع، اجترار لنفس الكلام الوعظي القديم الذي الفناه مع اقتراب الشهر ، كنت انتظر ان ينتقد بعض المظاهر الخشنة المصاحبة لرمضان وكذا اخطاره المختلفة على صحة الفرد والعلاقات الاجتماعية ، مثل انبعاث الروائح الكريهة من افواه الصائمين وتحريم العطور، وايقاظ النائمين باساليب بدائية رغم التقدم الحاصل في صناعة المنبهات الصوتية ، وكذا صوم المرضى وخطورة جفاف الجسم من الماء على الكليتين وطول مدة الصوم …الخ ، هذا هو الجديد الذي ننتظره ، ان يجتهد الجميع من اجل اقلمة الاظافر الخشنة والحادة للدين وجعله قابلا للتعايش مع التطورات المطردة لاساليب العيش والحياة الهادئة …كأن يُختزل الصوم في ايام معدودة ، ان يُسمح بتناول الماء والدواء متى كان ذلك ضروريا …وكذا كل الاجراءات التي تخفف على المؤمن مأمورية اداء فريضة الصوم ، التغيير ياسيدي يعني خلخلة وضع قائم نحو افق ارحب وافضل ، وليس استبدال "اغيول" بالحمار ، كما يقول المغاربة

  • كاره الضلام
    السبت 11 ماي 2019 - 16:19

    عوض ان تدعوا الناس حاولوا ان تفهموا طبيعتهم فالعبادة التي تدعونهم اليها مثالية و لو كانت ممكنة لما امتدت دعوتكم اياهم و طالت قرونا، و انتم اول من يعرف ان ما تدعون اليه الناس لا تطبقونه على انفسكم لانه ببساطة مستحيل و لكن عوض تفهم الطبع البشري تصرون على المثال و عوض تقبل البشر كما هم تحاولون لي عنق الفطرة بعناد غريب، حاولوا ان تفهموا ان الفرض الديني لا يطاق بدون دنيا و انتم امام امرين اما ان يتحايل الناس على الفرض بالمتع او يهجروه نرة واحدة، حاولوا ان تفهموا ان الخشوع سابق عل الشعيرة و هو سببها و ليس نتيجة لها، ليس الصوم الامثل هو الدي ينتج لنا الخشوع بل الخشوع هو الدي يدفع صاحبه الى احسان الصوم ، الخشوع مثل الالهام الفني السابق على العلمية الابداعية و مولدها و ليس عملية الابداع هي التي تعطينا الالهلم،و الخشوع اما ان يكون مع الانسان او لا يكون،من لديه حساسية روحية لا حاجة به الى دين اصلا و من يفتقد تلك الحساسية لا تجدي معه عبادة و لدلك ففعل الدعو عبثي اصلا لان العبادة لا تغير طباع الانسان فالخيلر خير دون دين و الخبيث خبيث مهما تعبد

  • من أنتم
    السبت 11 ماي 2019 - 17:10

    كلام معقول وكما نلاحظ هنا صيام وتقصير كدلك في الإدلاء بالتعليقات

  • نقطة نظام
    السبت 11 ماي 2019 - 18:00

    شخصيا أجد فريضة الصيام لا معنى لها وبالأخص الإمتناع عن شرب السوائل. إلاه الإسلام خلق الإنسان وفرض عليه شروطا تخالف فطرته التي خلقه عليها. جسم الإنسان يحتاج إلى الغذاء، والصائم الذي لا يشرب السوائل يعرض كليتيه إلى التلف وكذلك الأضرار على صحة الجنين والمرأة الحامل.
    يقولون أن الشياطين تكبل في رمضان وفي الواقع تكثر المشاجرات تنتهي في بعض الأحيان إلى غرف المستعجلات.
    يقولون أن رائحة فم الصائم تشبه رائحة المسك ولكنها في الواقع تشبه رائحة الفأر الميت
    ولا ننسى مردودية العمل.
    يدعون أن الصوم يشعر الغني بجوع الفقير إذن لماذا الفقير يصوم؟

  • toto alami
    السبت 11 ماي 2019 - 23:51

    الصوم انتهت صلاحيته في عصرنا. في العصور الوسطى كانت وظيفته ممتازة خاصة في الحرب والهجوم على الامم السالمة . اغلب معارك النبي كانت وسط رمضان . فالصوم في الصحراء القاسية تبين لقائد الجيش مدى اخلاص جنوده له ومدى تباتهم . فان يكون لك جيش مخلص مقبل غير مدبر ولو كان صغير خير من جيش من جيش ملاييني كالذي هاجم به هتلر روسيا.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة