في رمضان تكثر انحرافات التديّن

في رمضان تكثر انحرافات التديّن
السبت 25 ماي 2019 - 14:08

جميل أن ترى أفواج المصلين من الشباب والشيب تعمر المساجد وتحضر صلاة التراويح؛ لكن الأجمل هو أن ترى هذه الجموع تجسد روحانية شهر رمضان في سلوكها، وتلتزم بما يخدش صيامها وصلاتها، ولا يضيّق على الآخرين أو يزعجهم. من المفروض أن يدرك المصلون أنهم مطالبون بالتجرد من الأنانية والاستعلاء وهم متوجهون لأداء الصلاة بين يدي الله، ليظهروا له طاعتهم وامتثالهم لتعاليمه. ففي كل رمضان يزداد منسوب التدين، فتطفو إلى السطح كثير من الانحرافات التي لا يدرك سلبياتها ممارسوها .وقد وثّقت مواقع التواصل الاجتماعي عددا من تلكم الانحرافات التي تبدو لمرتكبيها أنهم يُحسنون صُنعا. ولعل الحملة الشرسة التي تتعرض لها نورا الفواري، صحافية جريدة “الصباح”، إثر نشرها مقالة عن فوضى صلاة التراويح تعد دليلا على المدى الذي بلغته سلبيات التدين فهْما وممارسة، وكثير منها يلحق الأذى بالآخرين. لهذا، نصيحتي لمهاجمي الصحافية ألا تأخذهم العزة بالإثم؛ فالدين جاء لخدمة الإنسان وتكريمه، والمؤمن لا يحْسُن إيمانه إلا إذا أحب لأخيه ما يحب لنفسه. فالمسلم المؤمن منفعة لأخيه كما جاء في الحديث النبوي الشريف “المؤمن إن ماشــيته نفعك وإن شـاورته نفعك وإن شاركته نفعك وكل شيء من أمره منفعة”. فأين هو الحب والتراحم والمنفعة في ممارسات كثير من المتدينين وإذايتهم لغيرهم؟ لنأخذ النماذج التالية :

1 ــ الصلاة في الشوارع وسكة الترامواي: كثير من المتدينين يعتقدون أن الصلاة تمنحهم الحصانة لخرق القانون وتضمن لهم الحماية من أي محاسبة وتعطيهم السلطة لتعطيل مصالح الناس. لم يدرك هؤلاء ولا الذين تأخذهم حمية الجاهلية أن الصلاة في عمقها “تنهى عن الفحشاء والمنكر”، ومنع وسائل النقل من عبور الطرقات والسكك بحجة أداء الصلاة هو فُحش ومُنكر. والصلاة في قارعة الطريق مكروهة باتفاق الحنفية والمالكية والشافعية، وقد تكون حراماً إذا كانت تضر الناس بمنعهم من المرور أو يعرض المصلون أنفسهم للضرر بالحوادث وغيرها. إن الدين في جوهره تراحم، ومن يقطع الطريق عن مستعمليه لأداء الصلاة يسيء إلى الدين قبل الإنسان، وينسى أو يتجاهل أن الرسول الكريم نهى الإمام عن الإطالة في الصلاة رحمة بالضعيف والمريض وذي الحاجة في أحاديث كثيرة؛ منها: “إذا أمَّ أحدكم النَّاس فليُخَفِّف؛ فإنَّ فيهم الصَّغير والكبير والضَّعيف والمريض، فإذا صلَّى وحْدَه، فليصلِّ كيف شاء”، و”إن منكم منفِّرين فأيُّكم أمَّ الناس فليُخفِّف فإن فيهم الكبير والسقيم وذا الحاجة”.

إذا كان على الإمام أن يراعي ظروف المصلين ويفترض أن منهم المريض والمسافر والضعيف، فإن الأوكد على المأمومين / المصلين على قارعة الطريق وسكة الترامواي أن يدركوا أنهم يمنعون حركة السير ويعطلون مصالح الناس ويمنعون المسافر وذي الحاجة من بلوغ مأربه، فيخالفون تعاليم الرسول الكريم قبل أن يخالفوا القوانين.

2 ــ رفع مكبرات الصوت لنقل صلاة التراويح: إن مكبرات المآذن وُضعت لرفع الأذان وإخبار الناس بدخول وقت الصلاة، والقيمون على المساجد الذين يستخدمونها لنقل صلاة التراويح يستخدمون هذه المكبرات في غير ما وضعت من أجله. وهم بهذا لا يفترضون وجود مرضى أو أطفال بحاجة إلى هدوء. لقد تجاهل القيمون على المساجد نهي الله تعالى لرسوله الكريم وعموم المسلمين بعدم الجهر بالصلاة (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها). فنقل الصلاة عبر المكبرات الخارجية للمساجد هو “جهر بالصلاة” المنهي عنه في الآية الكريمة، وهو أيضا يعكس طبيعة الرياء والتظاهر بالإيمان الزائد وإكراه الناس على تحمل وضع هم رافضوه. إن الله تعالى ليس بحاجة إلى مكبرات الصوت ليسمع صلاة عباده ودعاءهم، فهو أقرب إلينا من حبل الوريد ويعلم ما توسوس به النفوس، أما الناس في منازلهم فلهم أكثر من وسيلة لسماع تلاوة القرآن داخل بيوتهم. والإصرار على نقل الصلاة عبر المكبرات هو إصرار على إزعاج السكان واعتداء على سكينتهم.

‫تعليقات الزوار

14
  • ع الجوهري
    السبت 25 ماي 2019 - 14:31

    في رمضان تسلسل شياطين الجن ويفتح المجال لشياطين الإنس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم تستحي فقل ماشئت أو أنشر ما شئت صدق الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام

  • صلاة تحت الضغط .
    السبت 25 ماي 2019 - 14:45

    يكفي أن يشاع أن فلان أو علان من المقرئين سيأم الصلاة بمسجد من مساجد الأحياء الرئيسية ، حتى يحج المريدون من كل فج عميق جالسين في خشوع على طول جنبات المسجد ، والأرصفة . محتكرين فضاءا عاما ما كان ليغلق لو أقاموا نافلة التراويح في احياءهم المتخمة بالفقر والمساجد الفارغة على مدار العام .

  • لوسيور
    السبت 25 ماي 2019 - 16:47

    لتجدن المساجد كدست أسوأ مما كدست علب السردين..بل ان سيل المصلين بلغ شوارع المدينة رغم ان صلاة التراويح سنة يؤديها الفرد وليس صلاة جماعة وفيها يرتاح المصلي ثم يستأنف الصلاة ..ما عمري شفت الصلاة بالعطش كرجة
    هؤلاء الصلون ما اكثرهم حين تعدهم لماذا لايطالبون بغد الصلاة بمطالب عادلة..
    اين هي التقوى والخوف من الله …الخوف المؤكد هو الخوف من المخزن
    ظهر الحق وزهق الزواق والنفاق

  • موحند
    السبت 25 ماي 2019 - 16:55

    المغربي المسلم هو الوحيد في العالم الذي يؤمن بدين الاسلام ويعمل نقيض ما يؤمن به.
    مثلا هو يؤمن بان النظافة من الايمان والايمان من الاسلام ولكن نرى في الواقع بانه لا يعتني بظافة جسمه ومحيطه حيث تجد الازبال والنفايات والرواءح الكريهة اينما وليت وجهك. وحتى المسجد لم يخلو من الاوساخ والرواءح الكريهة وخاصة احذية المصلين.
    اضافة الى هذا فترى المغربي المسلم يمتهن الكذب والغش والاحتيال والدجل والنميمة واكل اموال الناس بالباطل. والمصيبة الكحلة بان الدولة وفي دستورها تتبنى الاسلام دين للمغاربة ولكن في الواقع نلمس الرشاوي والفساد وبيع الخمور والمخدرات واوكار الدعارة والتجارة في البشر. المغرب دولة النفاق والمنافقون بامتياز.

  • مغربي
    السبت 25 ماي 2019 - 17:27

    ظاهرة احتلال الملك العام خلال تراويح رمضان وخلال صلاة الجمعة لا يمكن أن تنتهي يوما ما لأن الخطباء والمقرئين هم من يشجع على ذلك.الخطباء والمقرئون شأنهم شأن الفنانين يبحثون عن العدد الأكبر من الجمهور للرفع من شعبيتهم وبالتالي من مداخيلهم. لذلك تجد المقرئ أو الخطيب يتباهى أمام زملائه بأن أفواج المصلين خلفه استمروا في التوافد حتى إغلاق جميع الشوارع والأزقة المحيطة بالمسجد. إذن هذه الظاهرة تعتبر مقياسا على تفوق المقرئ والخطيب ولذلك فهو سيشجع على احتلال الملك العام ولا يمكنه أن يقول للناس أن ذلك حرام أو مكروه.

  • زينون الرواقي
    السبت 25 ماي 2019 - 17:46

    استغرب كيف يكون المرء علمانياً ملحداً ثم يستعين بأحاديث نبوية لضرب خصومه المؤمنين وان لم يكن يؤمن بها أصلاً ؟ هل فعلاً تؤمن وتعتقد حقّاً أنه جميل أن ترى أفواجاً من الشباب والشيب تعمّر المساجد وتحضر صلاة التراويح ؟ ألا تنتقي من أحاديث الرسول وسيرة الإمام علي سوى ما يخدم خطابك لجلد المصلين بالقول والحديث المقدس الذي ترميهم به ؟ هل الدفاع عن الصحافية تطلب منك ارتداء قناع المؤمن الورع الذي يهتدي في طريقه بنور السنة والحديث النبويين الذين لطالما اعتبرتهما كوابح تفرمل تطور المجتمع وحداثته أم الان المسألة تدخل في باب فلسفة إعرف عدوك وسدد الضربة نحو كعب أخيل نقطة ضعفه التي تتجسد هنا في شلّه بالحديث وسيرة علي ؟

  • khalid
    السبت 25 ماي 2019 - 18:41

    3 – لوسيور

    قلت أن صلاة التراويح سنة ، ولكن لكي ترقى هذه الصلاة إلى درجة '' سنة '' يجب أن تستوفي شرط الممارسة من طرف الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا لم يحدث أن الرسول ولا من بعده أبو بكر الصديق رضي الله عنه أنهما أقيما صلاة التراوح خلال سواء الدعوة أو خلال فترة خلافة أبو بكر، والكل يعلم أن من مارسها هو سيدنا عمر، إذن الأمر يتطلب التمعن ، لم يكن يمارسها سيد الأمة لكي نسميها سنة ، ألسنا هنا أمام بدعة سيدنا عمر ؟

  • ع الجوهري
    السبت 25 ماي 2019 - 20:31

    إلى 6
    قيل سيأتي زمان يستدل المسلم والكافر بالقرآن
    إلى 2و5
    رمضان مهرجان محبي القرآن فكيف لا تتكلمون في مهرجان موازين عن احتلال الملك العام وتفتحون دلاقشكم في رمضان هل حلال على محبين موازين وحرام على المصلين فكيف تحكمون

  • khalid
    السبت 25 ماي 2019 - 22:05

    8 – ع الجوهري

    آتينا بشيء مفيد يدحض ما تتداوله الكتب الفقهية وكتب تاريخ الإسلام في هذا الأمر؛ أما العقم فلن يُفيدنا في شيء

  • الحسين
    السبت 25 ماي 2019 - 23:17

    أصبح الاستاذ يفتي لنا في الشريعة الإسلامية. ويستدل ب بأقوال لامام أبو حنيفة والشافعي سبحان الله العظيم.

  • ســـعـــيـــد
    الأحد 26 ماي 2019 - 16:14

    مقال موفق للغاية أستاذ سعيد .

  • ســـعـــيـــد . أ
    الأحد 26 ماي 2019 - 16:43

    6 – زينون الرواقي

    استغرب كيف يكون المرء علمانياً ملحداً ثم يستعين بأحاديث نبوية لضرب خصومه المؤمنين وان لم يكن يؤمن بها أصلاً ؟

    لا داعي للاستغراب ، فالأستاذ منطقي في رده إذ ألزم خصومه بما يلزمون به أنفسهم من حجج و أدلّة سواء من القرآن أو الحديث ، و هذا السبيل هو المتبع في فن السجال و المناظرة و هو ما ينبغي على خصوم الإسلاميين سلوله .
    مثلا ، إذا أراد المسلم أن يناظر المسيحي فيجب عليه أن يحتج بالأناجيل التي يؤمن بها لا بالقرآن أو الأناجيل التي لا تعترف بها الكنيسة .

  • كن عادلا
    الأحد 26 ماي 2019 - 17:40

    هذا يعني أنه لو التزم بالمساجد لما بعد رمضان مصلو رمضان فسنكوت أمام أزمة حقيقة، وهذا معناه أيضا أن المساجد الحالية – في بلدنا المسلم بالدستور- لا تسع كل المصلين – إذا التزموا بصلاة الجماعة… إشكالية خطيرة طرحها الأستاذ سعيد لكحل، لكن أطمئنه بأن تعطيل المصالح التي يتحدث عنها سينتقل بعد زهاء عشرة أيام من الغد من مصدر المساجد إلى مصدر الحانات والعلب الليلية وحملة السيوف والكريساج بالعلالي، ألا يتحملنا شهرنا كما يتحمل 11 شهرا الصنف الآخر؟؟؟ كن ديمقراطيا وعادلا أيها الكاتب المحترم في طرحك.

  • sifao
    الأحد 26 ماي 2019 - 23:31

    زنون الرواقي
    لو كنت على دراية بابسط قواعد السجال في علم الكلام لما استغربت من لجوء الكاتب الى الاحاديث والايات القرآنية لدحض ادعاءات المجادل ، دحض مقدماته ا من خلال ايقاعه او اسقاطه في تناقض داخلي ، اي بالعودة الى نفس المرجعية التي يعلل بها كلامه يُسمى "تبكيت "في لغة الجدل وهو بمثابة الضربة القضية التي تجعل المتكلم يقر بهزيمته

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 9

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين