تازة.. في رحابِ صوفيةٍ وطائفةٍ عيساوية

تازة.. في رحابِ صوفيةٍ وطائفةٍ عيساوية
السبت 15 يونيو 2019 - 13:57

بين زاويةٍ وأهل ذكرٍ ورمزيةُ ونصوصٍ وأشكالُ تعبير..

ظلت زاوية الهادي بن عيسى وصوفيتها بالمغرب جاذبة منذ بداية العصر الحديث، لمِا كانت عليه من نفوذ روحي رمزي ومريدين. ولعل مؤسسها 872- 932هـ هو بغموض وروايات لِما طبع حياته وزمنه من وقائع عدة، منها ما ورد من صراع بين زاويته ومولاي إسماعيل لمَا تكاثر مريدوها وألزم شيخها على مغادرة مكناس، وقيل إنه لما كان في طريقه إلى منفاه كانت معه قربة كلما نفخ فيها وهو يسير كلما كان سلطان البلاد ينتفخ، ما اضطره لطلب عودته فكان كلما اقترب عائداً تحسنت صحته.

ومعروف أن العيساوية متفرعة عن الشاذلية والجزولية كغيرها من الصوفية المغربية، وتقوم على وصية وأوراد وأحزاب وحضرة وليلة ثم موسم يبدأ إعداده أربعين يوماً قبل عيد المولد النبوي، ولعله يوم تجمع بمكناس حجاً لقبر الشيخ، وكثيراً ما يقوم “المقدمين” بالمدن ذات الطوائف بجمع تبرعات لهذا الغرض استعداداً لسفرهم. وعند تجمعهم يوماً قبل المولد النبوي تنصب خيامهم غير بعيد عن الضريح بمكناس، لتبدأ تجليات تراث وتصوف وأهازيج وغيرها…، قبل انطلاق حجهم وموكبهم بمختلف أعلام طوائفهم، مع ما يتقاسم حفلهم واحتفاءهم من عروض ومشاهد وتمثيل. هذا قبل تقديم الهدايا لشيخهم بعد صلاة العصر، وقبل إعلان بداية الموسم من قِبل أحد حفدة شيخهم.

وتعد قبيلة “مختار” بغرب المغرب، التي يعود أصل تسميتها لرواية ذات صلة بالهادي بن عيسى، هي الأكثر اعتناقاً وممارسة للطريقة العيساوية التي بغرائبيتها وتمثلاتها وواقعيتها، هي بحاجة لمزيد من التحليل والبحث بعيداً عما هو حكي ورواية وإرث شعبي، كثيراً ما يزيد من تسطيحها والتباسها بجعل ما فيها يتداخل بين دين وخرافة وذهنيات وتصوف وتراث وكائن سائد من عادات وتقاليد وغيرها.

وتذكر المصادر أن لأهل مكناس عناية خاصة بالشيخ الكامل، باعتباره اعتقادا لا يبلى قشيبه مع الزمن، وأنهم جعلوه بموسم كبير يعقد كل عيد مولد نبوي تحضره طوائف سائر مناطق البلاد، دون الإشارة إلى ما بات مخالفاً للطريقة لدى من يقول بالتبعية كسلوك وتجليات. ولعلها تجاوزات أثارت اهتمام السلطان المولى سليمان من خلال رسالته الشهيرة حول المواسم والبدع، والتي ورد فيها ما يتعلق بعيساوة وما كانوا عليه من حماقة وجهالة ولهو بتعبير الرسالة، محذراً من الإقبال عليها.

وقد تميز عيساوة في موسمهم بمحاكاتهم لحيوانات مفترسة بحيث يجعل العيساوي من نفسه ذئباً يعوي مع لباس يحاكي به حلية ذئب بذنب ملتو، ثم يدور على الناس طلباً للزيارة. ومنهم من يجعل نفسه جملاً فيرغو كرغاء الجمال ويجعل شيئاً بفمه يلوكه وريقه ينزل على صدره وعلى الأرض، ومنهم أيضاً من يجعل نفسه سبعاً وغيره. وإلى جانب ما يسجل من سلوك غير منسجم هناك طوائف عيساوية يشهد لها بسلامة نهجها أينما كانت، بل فيها من الفقهاء والعلماء والأتقياء والزهاد وأهل الخير والورع. ولعل من المفاهيم والتسميات التي تحكم الطريقة والتي لا تزال جارية هناك الشيخ والمقدم والقطب والسر، أضف إلى ذلك ما يعرف به الهادي بن عيسى أيضاً من “أحمر العين” و”شائب الدراع” و”فحل الفحول” و”ابن عيسى العربي”.

وقد حظي موضوع التصوف وطرقه بعناية عدد من المستشرقين فكان ما كان من بحث وتأليف، علماً أن ما جاء به هؤلاء لا يعني أنه كان موضوعياً وسليماً. ولا شك أن الصوفية المغربية وزواياها تشكل حلقة هامة في مسار تاريخ البلاد الثقافي، والتي لا تزال بحاجة لالتفات وإنصات علمي أوسع من قِبل باحثين ودارسين، فإليها يعود فضل عدد من الفقهاء والعلماء والحفظة وأهل الذكر والصلاح. ومن الزوايا الأقوى التي كانت بالمغرب إلى غاية بداية القرن الماضي، نذكر التيجانية والدرقاوية والناصرية والقادرية والوزانية والكتانية والعيساوية، وعندما نتحدث عن هذه الأخيرة فإننا نتحدث عن إيقاعٍ وتعبيرٍ وأسلوب حركةٍ ورمزيةِ إشاراتٍ وقولٍ خاصٍ، حيث كل شيء يبدأ بطيئاً ليختمر ويتصاعد إلى غاية حس بغيب روحي وفقدان توازن. وكانت العيساوية دوماً بحضن جعلها بما هي عليه من امتداد وتأثير وتجاوب وتأثيث متفرد يرتب أهم وأعمق وأجذب لون إيقاعي في المجتمع المغربي بلا منازع، بل كانت العيساوية بنوع من امتيازات واحترام بما في ذلك من ظهائر سلطانية تخص توقير شيوخها ومريديها ومقراتها.

إطلالة فقط حول زاوية الهادي بن عيسى دون إثارة ما هو محتوى وتاريخ وتفاعلات وأدوار نفسية واجتماعية وسياسية..، ودون تساؤلات تخص حساسية الموضوع اجتماعياً ثقافياً سياسياً وأمنياً، ارتأينا أنها بأهمية منهجية لتسليط بعض الضوء حول واحدة من أعرق الطوائف العيساوية بالمغرب، ويتعلق الأمر بالطائفة العيساوية التازية، باعتبارها تراثاً محلياً على درجة عالية من الرمزية والذاكرة خلال القرن الماضي إلى غاية الآن، من باب تعريف وتنوير معتمدين على ما توفر من وثائق ورواية شفوية، بقدر ما هي بغنى كبير وإشارات معبرة، بقدر ما تثبت ما كان عليه عيساوة تازة من تميز ونشاط ورمزية وقوة ومريدين، وبخاصة لدى حرفيي المدينة إلى جانب كل من تهامة ودرقاوة.

ويستشف من تقرير دومنثيري الفرنسي، الذي أتيحت له فرصة رصد تجليات احتفاء الطائفة العيساوية بتازة، من خلال تتبع عن قرب طوافها السنوي الروحي بالمدينة العتيقة خلال فترة الحماية وما ارتبط به من تعبير ومشاهد وسلوك وتراث ممتد. كان ذلك بساحة مشور المدينة رفقة الباشا هاشم السملالي والقائد امحمد. وللإشارة، فإن الطواف العيساوي التازي لهذه الفترة كان بإيقاع خاص مرتبط بصدى طبول وآلات “غيطة”، إضافة لِما هناك من إثارة تخص فسيفساء أعلام الزاوية بألوانها المتباينة المتمايلة، هذا رفقة جمعٍ واسعٍ من مريدين بأزياء خاصة وترتيب وتصفيف وبهاء بتأثير روحي ونفسي. ولعل المثير الغرائبي الذي ارتبط بهذا الموعد الروحي السنوي بتازة هو ما يُعرف بـ”الفْرِيسَة”، التي أثارت جدلاً واسعاً في صحافة هذه الفترة، مما دفع بسلطات الحماية إلى منعها نهائياُ بالمغرب عام 1934.

ومما ميز تقليد طواف عيساوة تازة السنوي، ارتباطه بوقفة مشور المدينة حيث كانت تحضر لحظة ما يُعرف بـ”الفريسة”، ففي أحد طوافات السنوات الأولى للحماية على المغرب حضر باشا المدينة وذبح شاة ووضعها رهن إشارة من عُرفوا بـ”الفَرَّاسَة” عن الطائفة، والذين تسارعوا إليها، وحاول كل واحد منهم أخذ نصيبه من لحم وأحشاء وعظام وجلد..، إلى جانب ما كان يُقَدَّم لهم من قطع لحم من قِبل متتبعين ومتفرجين من أعلى سطوح بيوت مجاورة، كما يتبين من خلال الأرشيف. لحظة كانت تتبع برقصات عيساوية وتعبير يجمع بين حركةٍ وجسدٍ وأنغام وإشارة وكلام على امتداد مسار الطواف، رفقة عازفين ومجموعات منتظمة في صفوف جنباً إلى جنب، وهم يرفعون أياديهم وينزلونها مشكلين بذلك هِلالاً، ويسيرون مرة إلى الأمام ومرة إلى الخلف، مع قفز وتفاعل على إيقاع عيساوي تراثي خاص وفق خطوات منتظمة مع سيرهم وسير تغيرات وانتقالات نغمهم.

وفي خضم تفاعلهم الاحتفائي الروحي السنوي كان عيساوة تازة يرفعون أياديهم بحركات مباغتة عنيفة مع تحريك رؤوسهم، وكان موكبهم يضم صفاً ممن يضرب على طبول، من ورائه آخر ممن يعزف على غيطة، وهم راكبون على فرسان مدربة بسروج لامعة. هكذا كان يتم السير إلى غاية بلوغ مقر الزاوية رفقة أعلام بألوان تحمل علامات وكتابات ونقوشا ورمزا وشعارات ذات تعابير خاصة، ومن ألوان أعلام عيساوة تازة هناك الأخضر والأحمر، مع أهمية الإشارة إلى أنها كانت مزينة بكرات نحاسية في رؤوسها وهِلالات لامعة من فضة.

وكان مسار موكب طواف عيساوة تازة بقدسية خاصة، وكل من يمر عبره ينبغي أن يكون حافي القدمين، وكثيراً ما كانت مخالفة التقليد تدفع مريدي الزاوية للتقدم إلى مرتكبها ونزع ما كان يحمل من مواد جلدية تعبيراً عن عدم رضاهم. ومما طبع طواف عيساوة تازة لهذه الفترة قلة من يتابعن الموعد من النساء، لكنهن غير ممنوعات منه بدليل ما كان يحصل بشكل معزول من قفز لامرأة مسنة نصف محجبة في لحظة من لحظات الحفل، معبرة لدقائق برقص أصيل عن تأثرها بإيقاع هذا الموعد الروحي، علماً أن النساء ممن يسهمن في تدبير أمور الطائفة من خلال “مقَدْمَاتْ”، يتكلفن بجمع ما يسمى بـ”زْيَاراتْ” عن نساء المدينة لتنظيم الطواف وتوفير كلفة سفر وهدايا رمزية لضريح الشيخ بمكناس، مع ما يميز أنشطة الطائفة العيساوية التازية من عدم اختلاط بين رجال ونساء خلافاً لما كان سائداً بغرب البلاد.

وحول مسار الطواف التازي السنوي يمكن الحديث عن انطلاقتين كانتا معمولا بهما منذ زمن، ولعل مسار هذا الطواف كان بعلاقة مع ما هو حرفي تجاري من مواقع في المدينة، وبأهم بيوت الأسر التازية الميسورة لجمع تبرعات وزيارات الزاوية. فطواف الصبيحة كان يبدأ من مقر الزاوية بدرب مولاي عبد السلام، الذي لا يزال قائما لحد الآن غير بعيد عن جامع تازة الأعظم وضريح سيدي عزوز، باتجاه زنقة القلوع، حيث ضريح سيدي عبد الله، إلى غاية المكان الشهير بـ”صب الماء”، الذي يتم الانتقال منه إلى باب الزيتونة ثم عبر زنقة سيدي بلفتوح إلى قبة السوق قلب المدينة، وعبر العطارين يتم التوجه من هذا المكان إلى زاوية سيدي امحمد بن سعيد الحلفاوي البرنسي بساحة أحراش، ليتم أداء صلاة الظهر بها والاحتفاء بقرب عيد المولد النبوي، علماً أن طواف عيساوة تازة كان يقام أسبوعاً قبل هذا الموعد الروحي الذي يحظى بمكانة خاصة عند المغاربة.

أما طواف المساء فكان يبدأ من هذه الزاوية ذات الموقع الرمزي بمدخل المدينة، باتجاه باب الشريعة ذات الرمزية الخاصة في تاريخ تازة، ومنها عبر مسجد الأندلس إلى ساحة المشور قبالة مدرسة بني مرين الحسنية، حيث كان يجرى ما يعرف عند عيساوة بـ”الفَرْسَة” التي انتهت عام 1934 بقرار من سلطات الحماية كما سبقت الإشارة لذلك. ومن “الفَرَّاسة” التازيين الذين اشتهروا بالعملية هناك البوذالي العلوي الذهبي الشهير بـ”خبو”، وهذا التعبير السلوكي المقزز كان يتم بساحة المشور لا غير، والناس هم من كانوا يقدمون “الفريسة” التي هي إما “عنزي” أو”غنمي”. طقوس سابقاً ووقفة احتفالية روحية رمزية لاحقاً منذ أواسط ثلاثينيات القرن الماضي، كان يتوجه بعدها طواف عيساوة تازة المسائي إلى زنقة سيدي علي الدرار، ثم زقاق الحاج ميمون، قبل أن يأخذ طريقه إلى درب الزاوية الجبشية، ومنها إلى زقاق الوالي، بحسب مكان استقبال الطواف وإكرامه والبيت الذي تطوع لهذه المهمة، وهو تقليد كان يختلف من سنة لأخرى بحسب الأسر التازية ورغبتها واستعدادها.

يذكر أنه قبل خمسينيات القرن الماضي كان طواف عيساوة تازة المسائي السنوي ينتهي في ضريح باب الريح، المعلمة التي كان يتم إنزال الأعلام على أسوارها وقراءة الفاتحة، قبل شد الرحال مباشرة لمن يكون على استعداد من المريدين باتجاه ضريح الشيخ بمكناس. فمن هذا المكان المطل على ممر تازة كان ينطلق الركب الأول، الذي لما كان يصل إلى وادي سبو على مقربة من فاس كان يقوم بنصب الخيام في انتظار ركب ثان قادم من تازة في اليوم الموالي. وعندما كان يلتحق الثاني بالأول كان يتم تنظيم ما يُعرف بخرجة عيساوة تازة الثانية، وعند الاقتراب من باب الفتوح كانت تبدأ دقة عيساوة إعلاناً بدخول موكب تازة لفاس. وعند بلوغ مكناس كان الوفد التازي ينزل ببيت أسرة “الدْريسِيين”، التي تنحدر من الشيخ الهادي بن عيسى، بدرب قرب ضريح سيدي قدور العلمي بالمدينة العتيقة، وقد استمر هذا التقليد والإقامة بهذا البيت لعقود، حيث كانت تقام به ليال عيساوية تازية على امتداد ثلاثة أيام متتالية، وفي اليوم الثاني لعيد المولد النبوي بعد صلاة العصر، وانطلاقاً من هذا البيت، كان يتم التوجه إلى قبر الشيخ من أجل الزيارة وقراءة الحزب.

وحول التراث العيساوي التازي ورمزية صوفيته وأعلامه بالمدينة، من المفيد الإشارة إلى علال الريح والمختار بن شلال، رحمهما الله، اللذين كانا “مقدمين” للطائفة بتازة قبل فرض الحماية على المغرب، والمختار بن شلال هذا هو جد الحاج التهامي النويكة العيساوي رحمه الله. وحتى تسمح له سلطات الحماية بممارسة نشاطه فرضت عليه عدم تدخله في السياسة، وهو ما تم قبوله حماية لزاوية عيساوة التي كانت مهددة بالزوال. وعلى امتداد سنوات الحماية انتقلت الزاوية إلى أسرة شيبوب، ولعلها من أسر تازة الأصيلة، فكان “مقدم” الزاوية منها إلى غاية استقلال البلاد، لتنتقل مهمة “مقدم” الزاوية إلى أسرة الغوتي التازية الأصيلة أيضاً إلى غاية سبعينيات القرن الماضي، لتأتي تجربة قدور الشواي كـ”مقدم” إلى حدود أواسط الثمانينيات، ثم الحاج التهامي النويكة “مقدما” للزاوية إلى حين وفاته 1986، ليتحمل هذه المهمة نجله الأكبر “المقدم” محمد النويكة إلى غاية اليوم على امتداد حوالي ثلاثة عقود.

وحول خصوصية عيساوة تازة داخل خصوصية الزاوية، يمكن الحديث عن إيقاع عيساوي متميز شهير بـ”المجرد”، وهو عبارة عن دقة أو موسيقى بدون تعبير ولا كلام أحياناً في إطار حضرة عيساوية تازية إلى حد ما. وفي الطواف العيساوي التازي السنوي من التميز نذكر أن هناك ما فوق خمسة ما يعرف عند أهل الشأن بـ”بوجناجن” (نحاس)، ثم ما بين ثلاثة إلى أحد عشر عازفا على آلة “الغيطة”، حيث يكون عدد “الغياطة” في الموكب التازي هو نفس عدد الأعلام كتقليد قديم. ومن تميزهم في الموكب ركوبهم على فرسان مدربة منسجمة مع الإيقاع، ويوجدون في العادة خلف موكب الطواف، الذي يرتب وفق تدرج، في مقدمته نجد الأعلام، ثم ما يعرف بـ”الحَضَّارَة” والطبالة و”بوجناجن”، ثم “الغياطة” بصدى تفاعلي يجمع الأول بالأخير من الحفل.

ولعل من تجليات تراث الطائفة العيساوية التازية وتفاعلها الروحي المحلي منذ عقود، وهو ما ينبغي استمراره حماية لذاكرة المدينة الثقافية وإرثها الرمزي اللامادي، “الحضرة” التي كانت تقام كل يوم جمعة من خلال ما يُعرف بالذكر و”التحير”، ثم “الليلة” التي عادة ما تنظم من قِبل أسر مريدين عيساويين أو أحد الذين يعانون من مرض ما أو من الأسر التي رزقت مولوداً جديداً..، وعادة ما تكون الليلة بإيقاع روحي خاص بدءاً مما يعرف بـ”الدخلة”، ولعله مكان يجتمع فيه “مقدم” الزاوية مع مريدين حاملين أعلاما غير بعيد عن بيت الحفل وهم يقرؤون”سبحان الدايم”، قبل استقبالهم بالتمر والحليب والشموع رغبة من أهل البيت في بركتهم ودعائهم..، لتتم قراءة الحزبين والانتقال للتحير على نغم طبولٍ وغيطةِ دقةٍ عيساويةٍ أصيلةٍ مؤثرة. ومن المفيد الإشارة إلى أن عيساوة تازة كانوا يحيون لياليهم مجاناً اللهم ما كان يُقبل من “تبرك” و”زيارة” لأسر ميسورة.

وشأنها شأن باقي طوائف سائر مدن ومناطق البلاد، كانت الطائفة العيساوية التازية، ولا تزال، تفضل إحياء حفلات بطبيعة روحية ابتهالية صوفية استعراضية انجذابية، الأسلوب الروحي الذي كان يحضر ما هو خاص من ليالي أسرية “الليلة”، ناهيك عن مساهمة عيساوة تازة في حفلات تراثية ومواسم ذات علاقة بشهر رمضان وعيد المولد النبوي وغيرهما. وكانت ليالي تازة العيساوية بتقاليد وقدسية خاصة نظراً لِما كان يطبع أداءها الروحي ودرجة تأثيرها وقبولها وتفاعلها، وما كان يملؤها من خُلقٍ وولعٍ وطهارةٍ وجمْعٍ مبارك. وتذكر رواية أحد المعنيين (إ- ب) أن جده من أصول مراكشية كان ضمن الطائفة التازية عازفاً على “القرقبات”، وفي حفل قبل بداية “ليلة” التمس “مقدم” الزاوية ممن هو غير طاهر بالانسحاب، ولما بلغت الليلة ذروتها خرج رجل ليسقط بباب البيت مغمى عليه، وظل طريح فراشه فترة كان فيها مريدو الزاوية يزورونه ويدعون له بالشفاء، فصارحهم بأنه لم يكن على طهارة، وأنه خجل من الاستجابة للنداء حتى لا يقال عنه شيئاً فحصل ما حصل.

وبقدر ما كانت تازة بمكانة وفعل وتفاعل تراثي عيساوي، بقدر ما كان يتقاسمها عيساوة ودرقاوة وتهامة (أهل وزان)، حيث إن الانتماء للزاوية كان أمراً روحياً واجتماعياً، لمِا كان لـ”المقدم” من دور في التعاون والتآزر وحل نزاعات المريدين… ومن مجموع 21591 من المريدين العيساويين بالبلاد إلى غاية ثلاثينيات القرن الماضي كان بتازة وحدها حوالي ألفي مريد أغلبهم من الحرفيين، وهو ما يؤكد أن المدينة كانت بدينامية حرفية معبرة، تكفي الإشارة في هذا الإطار إلى أن آخر حرفي عيساوي عن الدباغين بتازة هو قدور النويكة، الذي توفي في سبعينيات القرن الماضي. وحول مسألة خلف الزاوية في لقاء مع “المقدم” الحالي محمد النويكة أشار إلى أنه بالشكل الروحي أمر غير موجود، بينما شكلاً فحدث ولا حرج، مضيفا أن من لا شيخ له في التراث الصوفي المغربي لا واقع ولا مستقبل له. وعن موارد وقف الطائفة أشار إلى أن ما كان منذ مطلع القرن الماضي لم يبق له أثر، وما هو الآن محدود جداً، فضلا عما هو عليه من تعثر وتعقد.

ولعل طائفة عيساوة تازة برئاسة “المقدم” النويكة، باعتبارها مكوناً من مكونات الأثاث التراثي الثقافي الرمزي الأصيل بالمدينة على امتداد عقود من الزمن المغربي، هي واحدة من مجموع أربعين طائفة عيساوية أصيلة قائمة بالمغرب على إيقاع زمن صوفي ممتد، حافظة لأسس زاوية شيخها ولهوية تعبيرها الخاص ورمزيتها، ضمن واقع وتمثلات وعي وذاكرة وتراث لامادي. وعلى أساس قِدم الزاوية بتازة، فإن طائفتها هي بأرشيف وتراكم هام وموقع ورمزية خاصة في ذاكرة المدينة ووجدان أهلها، من خلال إسهامها وتجليات احتفائها وحمايتها لهذا الإرث الثقافي اللامادي المغربي، وما تعمل على ترسيخه من قيم تسامح وتآزر وتعاون وصلاح وخير وإحسان ومودة وتعايش، فضلا عما تحييه من ليال بطابع تراثي أصيل خاص وفق إيقاعها الموسيقي المتميز. ولعل ما هي عليه من وقع وعمق في هذا المجال جعلها ورشة خاصة بصناعة وإصلاح الآلات الإيقاعية العيساوية، وهو ما لا يوجد سوى في ثلاث مدن مغربية عتيقة أخرى هي فاس ومراكش وأزمور.

تبقى زاوية الهادي بن عيسى وطوائفها بالمغرب، بما في ذاك طائفة تازة التي حظيت باستقبال وتبرك وتكريم ملكي قبل سنوات، هي ما هي عليه من هويةٍ وتميز وأصولٍ وعمقٍ تاريخي مغربي، في زمن عولمة وتدفق قيمٍ وحوار ثقافات، فضلاً عما يتقاسمها من زمنٍ ونشأةٍ وأسسٍ وشيخٍ وفقهاء وعلماء وأهل ذكرٍ وحفظةٍ ورمزيةِ أضرحةٍ ونصوصٍ وأشكال تعبيرٍ ونشوةٍ وجذبٍ وحكيٍ ومشتركٍ.. عابرٍ لمكانٍ وزمان، وما أسهمت به ولا تزال من أدوار رمزية بتجليات عدة ومتداخلة على امتداد قرون خِدمةً للبلاد والعِباد.

*باحث بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين جهة فاس مكناس

‫تعليقات الزوار

11
  • علي ن امو
    السبت 15 يونيو 2019 - 16:18

    نشكر الكاتب على ما قدمه من معلومات حول ظاهرة عيساوة والحضرة في تازةومكناس الا انه لم يشر الى التعريف بهذه التسميات التي لها اصول امازيغية ف«اعيسي» تعني نبتة الكيف و«اعيساوي»تعني الشخص الذي قام بتدخين نبتة الكيف الى درجة القيام بسلوكات غريبة تخرجه عن السلوك المعتاد وهذا عبر عنه الكاتب«الفريسة»بالمعنى الامازيغي،وهذاالسلوك هذا النشاط كان سائدا قبل ان ياخذ طابعا دينيا صوفيا ..اذ ننصح الكاتب او اي باحث في تراث المغرب ان يستحضر المعطى الامازيغي في كل بحث والا كان بحثه ناقصا .واني اعرف الاستاذ النويكة وسعة صدره

  • Peace
    السبت 15 يونيو 2019 - 17:56

    " وقيل إنه لما كان في طريقه إلى منفاه كانت معه قربة كلما نفخ فيها وهو يسير كلما كان سلطان البلاد ينتفخ، ما اضطره لطلب عودته فكان كلما اقترب عائداً تحسنت صحته." ههههههه

    و الله الشيخ الكامل صعب فهمه, لانه شيخ الشعب و يختلط فيه كل شيء و لذلك سمي بالكامل و ايضا لجمعه هو نفسه بين الشريعة و الحقيقة وو لان مسقط راسي هو مدينة مكناس, فاعتبر محمد الهادي بن عيسى ابا روحيا و شيخي المقرب وهو ايضا يعتبرني ابنته, فكلما عسر علي امر, الا و وجد له حلا لي..

  • التازي
    السبت 15 يونيو 2019 - 18:59

    الصوفية المنحرفة لم تقدم شيئا غير تلميع صورة الاستبداد.. هذه المواضيع عافها الزمن.
    اكتبوا فيما يوقظ الشعوب من سباتها واستنهضوا هممها، أما شاكلة هذه المقالات فلا تسمن ولا تغني من جوع.
    نحن في حاجة إلى نخبة حقيقية..

  • تازي
    السبت 15 يونيو 2019 - 20:14

    التحية والتقدير لجريدة هسبريس وكلها توفيق بحول الله. فهي تكرمنا بمقالات قيمة تراثية من حين لاخر. والشكر الجزيل للاتاذ صاحب هذا المقال القيم التراثي المغربي الاصيل, وكتازي من مراكش اعرف ان عيساوة في تازة طائفة عريقة ونشيطة وذات ارتباط اسر تازية اصيلة قديما وحديثا. وكنت مند فترة الطفولة اتابع طوافها خلال عيد المولد النبوي من خلال موكي يمر بمختلف الازقة والدروب من خلال ايقاع خاص وقوي يعد من تراث تازة الاصيل. ومن جملة من اعرف ارتباطهم بهذه الزاوية والطائفة اسرة النويكًة الأصيلة ابا عن جد، فالجد كان عيساويا والاب كذاك والابناء حاليا. واعرف ان المقدم النويكًة مقدم الزاوية حاليا فيه اوصاف الانسان المتصوف العيساوي سواء من حيث السلوك او تاعيسويت المنغومة الحقيقية الصوفية. ويرجع له الفضل في الحفاظ على هذا التراث بتازة. وفي تازة عندما يحضر عيساوة النويكًة في الحفلات الكبرى فهذا شيء عظين لان الانسان يستمع بالتراث وببركة عيساوة والناس يعتقدون ان عندما يحضر عيساوة تكون البركة في الحفلات والاعراس ويسخر الله في كل شيء. تحية من مراكش الحمراء

  • ابن المغرب
    الأحد 16 يونيو 2019 - 00:04

    الشكر موصول الباحث المقتدرفي التاريخ عبد السلام انويكة إنه نهوض مبارك لأبناء تازة في المجالين التاريخي والتراثي حري بكل تقدير وإكبار خاصة بعد تأسيس مركز ابن بـــــري التــــــــــازي للدراسات والأبحـــــــاث وحماية التراث بمشاركة ثلة من ابناء المدينة البررة الباحثن المتمكنين والتراث العيساوي التازي يستحق البحث والتوثيق والـتاريخ لمحطاته ورجالاته واسره التازية المعروفة كأسرة شيبوب وانويكة والمالطي والغوتي وبقلول رحم الله الراحلين وأجزل البركة في الباقين ومن أروع رقصات عيساوة التازية رقصة اللَّبية نسبة إلى اللبوءة رفيقة الأسد وهي تتميز بأشكال وحركات فريدة من نوعها تكاد لا توجد إلا في مدينة تازة بتاريخيها العريق وتراثها الرمزي الزاخر ويمتد التراث العيساوي التازي إلى ما يفوق 150 سنة اعتمادا على المظان والصور والوثائق أما العمق التاريخي الحقيقي فيرجع إلى فترات سابقة على هذا التاريخ بكثيرتتزامن مع تأسيس فروع الطائفة العيساوية من طرف أتباع الهادي بن عيسى أما ماكان من صاحب التعليق التازي رقم 3 لقد سبقك يا أخي باحثون في هذه النقطة و إنها زاوية معالجة معروفة لكن هدف صاحب المقال مختلف تماما

  • شاعري
    الأحد 16 يونيو 2019 - 17:23

    مقال رائع جدا قرأته اكثر من مرة وشعرت باشياء في باطن وجداني تتحرك كابن تازة عشت فترة ازدهار عيساوة في فترة المقدم الحاج التهامي انويكة رحمه الله، ذلك الرجل الجميل الذي كان يظهر مبتسما جديا دائما في محله التجاري مقابل دكان الحاج الحلفاوي رحمه الله. وعيساوة تازة يعرفها توازة والدار التي كان يدخلها عيساوة في المتخيل التازي كان تعمر بالبركة والرزق وتيير الأمر. ولم تكن تقام اية حفلة في اسرة ميسورة وراقية في تازة بدون افتتاح عيساوة وليلة عيساوة. هذه هي الدار التازية والحفلة التازية في الماضي. والاحظ ان فرقة عيساوة في تازة هي الوحيدة التي لا تزال باصولها واعرافها وايقاعها وهيبتها التراثية الروحية المغربية الاصيلة. وهناك الفلكلور وفرقة غياتة وفرقة هيت البراني والتسول وبني وراين وهناك كثرة فرق واجواق المديح والسماع ولكن فرقة عيساوة هي فرقة عيساوة، لانها متشبتة بالتقاليد والعادات والاصالة ولها نخوة مغربية عيساوية خاصة، ولم يصبها ما اصاب المديح والسماع وغيره من الفلكلور من التجديد والتغيير من اجل المظاهر فقط. اشكر هسبريس على هذا المقال واشكر صاحبه

  • تراثي مكناسي
    الأحد 16 يونيو 2019 - 18:48

    الزوايا في بلادنا بركة الاولياء والصالحين واهل الدكر والخير والعابدين، والزوايا لها فضلها وفضل شيوخها ومحبيها ومريديها واتباعها واذكراها وتراثها واحتفالها وطقوسها ولياليها، والزوايا في المغرب وجدان وهوية في جميع الاحوال وكيفما كانت القراءات والمقاربات ووجهات النظر والتحليل والتأويل والنقد.. الزوايا ركن من اركان تاريخ المغرب كانت ولا تزال، فيها الزيارة والفكر والولع والذكر والطرب الروحي الرباني الخاص وحب الوطن والاوطان والدين. الزايا مزروعة في كل ركن من اركان المغرب بالوسط والجنوب والشمال والشرق والغرب. فيها التوحيد والمحبة وعشق المولى عز وجل، مع الزوايا وشيوخ الزوايا بركة لا تنضب مع النية الخالصة لله. والزوايات مقامات وايقاعات واشكال احتفال لا تبلى بل تتقوى في النفوس مع الزمن فهي طب القلوب ودوائها كما يقول اهلها. والزواية العيساوية تراث مغربي وهوية مغربية ومكناس بزاويتها العيساوية لها هوية خاصة وهيبة خاصة وتراث خاص. وهذا التراث لا يزال حيا من خلال طوائفها في كل ربوع المملكة، ومنها تازة التي لها مكان خاص في ذاكرة مكناس. مع الشكر

  • البوغاز
    الأحد 16 يونيو 2019 - 19:14

    من عروس الشمال طنجة نوجه الشكر لجريدتنا هسبريس اطال الله توفيقها وعمرها وجدية وقيمة موادها الصفية المفيدة للاجيال الجديدة. ومنها هذا المقال عن تراث عيساوة في المغرب وفي تازة تلك المدينة الجبلية الهادئة التي تسكن في قدم جبل تازكا الشهير. وتحية لفرقة عيساوة في تازة برئاسة المقدم المولوع محمد نويكة وتحية لدرب كناوة في تازة الذي كبرنا فيه على تعاسيويت والطبل والغيطة العيساوية العريقة. إن الذي اعجبني وذكرني في سنواتي الاولى بتازة هو تعاطي الحرفيين لتاعيساويت في تازة، والذي اجبني هو ما قاله المقدم نويكة وهذا صحيح أن الذي لا شيخ ولا زاوية له لا تراث ولا حاضر ولا مستقبل لعمله، وانه سينتهي في وقت من الاوقات الن كما يقال ما بني على الباطل يبقى باطل. مرة اخرى تحية لتازة العليا وللطائفة العيساوية. وشكرا لهسبريس

  • طب النفوس
    الأحد 16 يونيو 2019 - 20:04

    الشعوب التي لا ترات ولا تاريخ ولا تقليد عريقة لها في نظري المتواضع لا قيمة لها لان التراث الاصيل هو شبيه باساس الدار فالدار التي لا اساس من الحجر لها ربما صالحة للسكن ولكنها مهددة بالشقوق وربما اشياء اخرى. انا انسان عادي احب جميع الفنون وخاصة التي تطرب القلب والروح. وعندما اسمع الدقة العيساوية واصادفها في الحفلات رغم انها ليست الاصل مثل ما نجد في الزاوية، فانا ابدأ ارتجف لوحدي بقدرة قادر وكأن هناك شيء يرفعني الى الاعلى، وعندما اسمع الموسيقى العيساوية لا اتمالك نفسي وذاتي واشعر براحة كبيرة وما بعدها راحة. إن هذا التراث فيه ربما اشياء غريبة وعميقة لا يعرفها كل الناس، والحمد لله على غنى بلدنا بالايقاعات والاشكال التراثية من عيساوة وحمادشة ودرقاوة واهل وزان وفنون مراكشية اصيلة واكناوية وصحراوية وسوسية وجبلية واطلسية وغير ذلك. شكرا على اعطائي فرصة هذه الكلمة حول تراث بلادنا وترات اهل دار عيساوة الشرفاء والمقدمين.

  • فاسي
    الإثنين 17 يونيو 2019 - 18:38

    يا اخواني "السر اللي عند عيساوة ما بحالو سر" هذا يشعر به الاغلبية تقريبا، فذلك الايقاع العيساوى عندما نسمعه تهتز النفس له والعلم لله على التاثير الذي يخلفه هذا الايقاع في الانسان وخاصة المغاربة فالانسان المغربي سواء في المغرب عموما او فرنسا او كندا او الخليج او في افريقيا او امريكا عندما يسمع الدقة العيساوية يتحول الى انسان مغربي لا يمكن لنفسه سوى التاثر بايقاع عيساوة . والدقة والتراث العيساوى الوحيد الذي لم يعرف لا تجديد ولا اي شيء فهو لا يزال بطبعه وطبوعه واصالته وهذا ما يجعله محبوبا من طرف المغاربة عرب وامازيغ وحتى الاجانب الاروبيين منهم من يتأثر بايقاعه. شكرا لصاحب هذا المقال على ما افادنا به فهذا المقال صدقة جارية ليس فقط للعيساويين ولكن كذلك للناس اجمعين.

  • مشوري
    الثلاثاء 18 يونيو 2019 - 20:02

    اصبحنا نلاحظ في السنوات الاخيرة ان الاشكال الفنية والفلكلورية والروحية لم تعد تحترم الفوارق والاختلاافات بينها واصبحنا نجد فرقا ومجموعات موسيقيىة تقدم كل شيء تغني مثلا المدريح والسماع وفي نفس الوقت تغني الموسيقى الاندلسية والملحون والكناوة وعسياوة والقة المراكشية كل شيء تقريبا وهذا مضر بالفون المغربية الاصيلة فالمديح ليس هو الملحون وكما يقال لكل مقام مقال. لماذا هذه الفوضى في الموسيقى لان الناس يبحثون فقط على المقابل ولا يهم الجودة واحترام الاختلاف وهذا اساء للفرق الموسيقية الجديدة واساء للفن والترات والغناء هذا هو رايس المتواضع وشكرا لهسبريس المحترمة

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 3

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب