آفة اللغو السياسي في البرلمان المغربي

آفة اللغو السياسي في البرلمان المغربي
الأربعاء 19 يونيو 2019 - 18:35

إن المتتبع لجلسات برلماننا يصاب بالتوتر جراء آفة اللغو التي ابتلي بها المجلس، إذ بمجرد ما تفتتح الجلسة البرلمانية حتى تظهر سلوكيات قولية شاذة تشوش على الجماهير الشعبية من داخل بيوتها، ما يجعل المواطن ينفر من تتبع هذه الجلسات التي تعنيه بالدرجة الأولى، وما يجعلنا نطرح السؤال التالي: هل هذا التشويش مقصود- سواء من قبل المعارضة أو الأغلبية- أم هو تشويش عفوي تفرضه الممارسة السياسية؟.

إذا كانت الإجابة تكمن في التساؤل الأول فعلى نواب الأمة الإفصاح عن هذه القصدية التي لا تخدم الوطن وأبناءه، لأن آفة اللغو مهما حاولنا تبريرها فإنها لا تعكس سوى وضع مأزوم يتمثل في انحطاط مستوى الوعي السياسي عند ممثلينا واضطراب أفقهم السيكولوجي، خاصة في بعده التواصلي.

من الواجب –إذن-على نواب الأمة التركيز على مسألة الصدق السياسي والالتزام بأدبيات الحوار التي من شروطها احترام الآخر ومقارعة الحجة بالحجة، قصد الوصول إلى نتيجة منطقية تخدم الوطن والمواطنين، وتجلي المعمى والمغيب في الأداء الحكومي، بغية تجاوز النقائص وسد الثغرات.

أما إذا كان الجواب ثاويا في التساؤل الثاني، فلا بد من إشعار هؤلاء بأن هذه الممارسة العفوية إنما تنتمي إلى عصور سحيقة تبرأ منها ساسة العالم منذ ارتأى الحيوان الناطق التنكر لحيوانيته ومغادرة الطبيعة عبر قنطرة العقود الاجتماعية التي وسعت من عقله السياسي.

من هنا، يتحتم على النائب البرلماني احترام ذكاء المواطن المغربي، لا تكريس فعل التواصل الشعبوي بدعوى عفوية القول الخطابي، كالذي نلمحه في خطاب نوابنا.

لا يخفى أن كل آفة من هذه الآفات-أعني اللغو والارتجالية-إذا تسربت إلى الخطاب، أضرت به وبمختلف وظائفه خاصة الوظائف الإخبارية والتوجيهية، ما ينعكس سلبا على مشهدنا السياسي ويجعله ضربا من التخبطات العشوائية التي تفسد وظيفة الخطاب السياسي في بعدها التواصلي والتفاعلي، بحيث لا يجد المواطن مستندا حقيقيا للدعوة إلى تجديد الثقة في النواب؛ وبالتالي الكفر بجدوى الممارسة السياسية.

وهكذا فإن خرم القواعد المتعارف عليها في أبجديات الحوار والمناظرة والتواصل أثناء الممارسة السياسية يفضي إلى الشعبوية التي ينتج عنها تحجر الفكر واللغو السياسي، أو إلى التمويه الذي يتولد عنه النفاق السياسي الذي تنشأ عنه-هو الآخر- آفات مختلفة تؤدي إلى تعطيل رغبة المواطن في الإسهام الفعال في تخليق الحياة السياسية وتوجيه المشروع المجتمعي المغربي التحديثي بغية تحقيق رقي الوطن وتلبية مطالب وانتظارات المغاربة بمختلف شرائحهم.

*باحث في تحليل الخطاب.

‫تعليقات الزوار

1
  • Goed
    الأربعاء 19 يونيو 2019 - 19:18

    90% من البرلمانيين يفزون بشراء الأصوات والدولة تدعم ذالك لكي يتسلق السراق وتكتمل الفرجة لان السقف في المغرب مكون من ناهبي المال العام اي مجموعة السراق هم من يتحكمون في مصير الشعب المغربي والعصى والسجن لمن تمرد عن الفساد
    أما المشدات الكلامية في البرلمانات في الدول الديموقراطية شيء اءجابي

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 3

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب